كتبت صحيفة “نداء الوطن”: لا يزال صدى عبارات التخوين بحق المؤسسة العسكرية، من فئة خارجة عن القانون، مرتمية في عمق فكر ونهج ولاية الفقيه، ومتمردة على كل ما له علاقة بالشرعية، محط اهتمام الرأي العام اللبناني والسياسي على حد سواء، نظراً إلى خطورتها.
هذه التصرفات الشاذة، التي تُحركها قيادات «الحزب» على الرغم من البيانات الصادرة من بعض نوابه والداعية إلى احتضان المؤسسة العسكرية، باتت ممجوجة ومستهلكة إعلامياً، وما عادت تنفع بعد سنوات من التحريض على الدولة ومواقفها السيادية.
ولعل رد «الحزب» على وزير الخارجية يوسف رجّي، والذي لا يألو جهداً في المحافل الدولية إلا ويحاول الضغط لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي، خير دليل على تأكيد هذه المعطيات.
فقد رد «الحزب» على التصريحات الأخيرة لـ رجّي، التي اتهم فيها «حزب الله» بالتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، واعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب إبراهيم الموسوي أنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها وزير الخارجية «حزب الله»، إذ كان من المفترض أن يركز على إدانة الجرائم الإسرائيلية المستمرة ووضعها أمام المجتمع الدولي، بدلاً من توجيه اتهامات ضد «الحزب».
«العين محمرّة»
التهاون النسبي الحاصل في بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بالشرعية، وعدم تحديد جدول زمني لتسليم سلاح «الحزب» في جنوب وشمال الليطاني، يضع المسؤولين أمام امتحان حقيقي وجدي هذه المرة كما تقول مصادر دبلوماسية. تضيف «العين بلّشت تحمرّ» من جراء النعومة الحاصلة في التعاطي مع ملف السلاح، والإفراط في اعتماد الأطر الدبلوماسية لإقناع «الحزب» بتسليم سلاحه، فيما الاتفاق الذي وقَع عليه بواسطة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يلزمه بتسليمه فوراً بدءاً من جنوب الليطاني. وتعتبر المصادر، أن «الحزب» من أصحاب السوابق في التفلّت من الالتزام بالقرارات الدولية، على غرار ما حصل بعد حرب 2006، يومها وبعد موافقته على القرار 1701 التفّ عليه واستكمله بانقلاب سياسي.
انطلاقاً من هذه المعطيات تحذر المصادر الدولة اللبنانية، من المضي قدماً في اتباع سياسة التمييع في التزاماتها، نظراً لما سيترتب عليها من تبعات اقتصادية قد تعيق ملف إعادة الإعمار، وأمنية من خلال تجدد الحرب والتي ستكون مدمرة هذه المرة. وتختم المصادر بالإشارة إلى أن فترة السماح للدولة في تنفيذ التزاماتها تشرف على الانتهاء، وعليها الإسراع في تشكيل اللجان الثلاث لإحراز تقدم في ملف ترسيم الحدود البرية، لأنه في حال انتهت فترة السماح للدولة من دون تحقيق أي تقدم عندها ستكون العواقب وخيمة.
وفيما تثبت المؤسسة العسكرية يوماً بعد يوم أنها الضامن الوحيد للشرعية، وتنفيذ القرارات الدولية، أغلقت وحدة من الجيش ثلاثة معابر غير شرعية في منطقة القاع، ومنطقتَي المشرفة والدورة – الهرمل.
اعتماد آلية التعيينات
في المقابل يواصل رئيس الجمهورية جوزاف عون، مساعيه لفرض هيبة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية حيث أكد في إفطار بعبدا السنوي على أهمية الوحدة والشراكة تحت سقف الدولة لتحرير الأرض، وقال «أما أن يكون رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن، فأدركت أن هذا يعني ويقتضي، أن أكون أنا وأنتم جميعاً هنا، تحت هذا السقف بالذات، سقف دولتنا ووطننا وميثاقنا، لأن وحدتنا هي أغلى ما نملك وأعظم ما نملك». إشارة إلى أن خلوة جمعت الرئيس عون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام ناقشوا فيها الوضع جنوباً والمساعي الدبلوماسية المبذولة لتحرير الجنوب.
في إطار ورشة الإصلاح الإداري التي أطلقتها الحكومة، حضرت الآلية وغابت التعيينات، خصوصاً بعدما كان متوقعاً تعيين حاكم لمصرف لبنان هذا الأسبوع، فيما تشير مصادر إلى عدم حسم الاسم ويحتاج إلى المزيد من الوقت لإنضاج التوافق.
وبعد جلسة الأمس، أعلن رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اعتماد آلية التعيينات التي عمل عليها مجلس الوزراء. ولفت إلى أنها تعتمد على المؤهلات العلمية والإدارية، الكفاءة والجدارة والنزاهة، على أن يصار إلى اعتماد مبدأ المناصفة في وظائف الفئة الأولى من دون تخصيص أي وظيفة لأي طائفة كما تنص المادة 95 من الدستور. ودعا سلام موظفي القطاع العام الفئة الثانية تحديداً إلى استغلال الفرصة للترفيع إلى الفئة الأولى، وأيضاً الشابات والشباب لتقديم ترشيحهم للوظائف القيادية العليا في القطاع العام، من منطلق أن الدولة بحاجة إلى كفاءات ولدم جديد لا سيما دم الشباب.
وفي هذا السياق، علمت «نداء الوطن»، أن الوزراء المحسوبون على «القوات اللبنانية» طالبوا بأن تكون الآلية عالية الشفافية بحيث تكون نتائجها موضوعة أمام الحكومة والرأي العام، وبعيدة عن المماطلة والعرقلة من قبل المشاركين كوزير التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية، وهذا يعني أنه إذا أراد أحدهما عدم المشاركة أو في حال لم ينتدب أحداً مكانه يسير الإجراء من دون انتظار لمنع العرقلة. وأصرّوا على أن تكون هناك مهلة زمنية محددة بثلاثة أشهر من بدء عملية التوظيف إلى نهايتها وصولاً إلى تعيينهم في مجلس الوزراء لتجنّب المماطلة.
رفض استخدام الذهب لدفع الودائع
اقتصادياً، لفتت مواقف نائب حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري في حديثه لـ «نداء الوطن» تطرق من خلاله إلى الكثير من الملفات الاقتصادية العالقة. منصوري الذي حقق خطوات ليست بسيطة، من خلال إيقافه تمويل الدولة، وتثبيت سعر صرف الليرة وتأمين استقرار نقدي، أكد إنجاز دراسة وضعية الودائع، بحيث أصبح سهلاً رسم خطة واقعية لإعادتها. ولا ينسى أن يذكّر دائماً بأن على الدولة أن تدفع ديونها لمصرف لبنان كي يتمكّن بدوره من دفع توظيفات المصارف لديه، لتتمكن بدورها من دفع الودائع. كما يرفض استخدام الذهب لدفع الودائع، لكنه يؤكد وجود إمكانية للإفادة من هذا الذهب، ويكشف عن عروضات في هذا المجال.
قضائياً، أصدر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار قراراً بمنع وزير الاقتصاد السابق، أمين سلام، من السفر، بعد الكشف عن ملفات فساد خلال توليه الوزارة. وقد بدأت الشبهات في تشرين الثاني 2023، إثر تحقيق حول ابتزاز شركات التأمين، حيث اتُّهم شقيقه كريم سلام بتهديد شركة «المشرق» للتأمين بسحب ترخيصها، ما لم تدفع مبالغ مالية مقابل دراسات إلزامية عبر شركة يملكها مستشار الوزير فادي تميم، بقيمة وصلت إلى 300 ألف دولار. كما تبين أن الوزير استغل أموال لجنة الرقابة على هيئات الضمان لتمويل نفقات مكتبه ونفقات شخصية، حيث بلغت المصاريف الشهرية 70 ألف دولار. إضافةً إلى ذلك، أبرم عقداً مشبوهاً مع شركة ماليزية بقيمة 640 ألف دولار لتقديم تدريب تقني لمدة أسبوعين فقط.