كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: بين إفطار بعبدا الجامع الذي يؤكد على وحدة اللبنانيين وتضامنهم تحت شعار “وحدتنا أغلى ما نملك”، وبين إقرار آلية التعيينات الإدارية على قاعدة “الكفاءة والجدارة وليس المحسوبية”، وبين انطلاق ورشة إقرار المشاريع الإصلاحية في جلسة اللجان المشتركة في المجلس النيابي يوم الإثنين القبل، يشق لبنان طريقه نحو التعافي الاقتصادي المنتظر، واستكمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرارات الدولية المرتبطة به. وفي هذا السياق علمت “الأنباء الإلكترونية” من مصادر موثوقة أن الرسالة التي بعثت بها المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغس إلى الرئاسات الثلاث والتي تضمنّت دعوة للإسراع في تشكيل ثلاث لجان من عسكريين ومدنيين، بهدف إحراز تقدم في ملفات الانسحاب الإسرائيلي وترسيم الحدود وإعادة الأسرى، كانت محور الخلوة الثلاثية التي جمعت الرؤساء الثلاثة قبل الإفطار الرمضاني الجامع الذي أقامه الرئيس عون في القصر الجمهوري، إضافة الى أهمية إعادة الهدوء والاستقرار إلى الحدود الشرقية والشمالية – الشرقية”. وأشارت المصادر إلى مضمون كلمة رئيس الجمهورية الذي قال، “هذا ليس خطابا. هذه بعض كلمات من قلب”، تؤكد حجم التحديات التي يواجهها لبنان والتي تتطلب توافقا وتضامنا وطنيا، وأهمية هذا الإجماع في شق طريق المستقبل وبناء لبنان الجديد.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أقام غروب أمس إفطارا رمضانيا جماعا في قاعة 25 أيار بحضور الرئيسين نبيه بري ونواف سلام، والرؤساء الروحيين للطوائف الإسلامية والمسيحية، ورؤساء سابقين ووزراء ونواب. وخلال الإفطار قال رئيس الجمهورية: “غالباً ما كنت أتوقف عند عبارتين اثنتين: “لا شرعية لأيِ سلطةٍ تناقضُ ميثاقَ العيشِ المشترك، ورئيسُ الجمهورية هو رئيسُ الدولة ورمزُ وحدةِ الوطن. وأصارحكمُ الآنَ القول، بأنني كنت دوماً أُسائلُ نفسي، عن أبعادِ هاتين العبارتين. ماذا تعنيان في العمقِ والجوهر. وماذا تقتضيان مني أولاً، ومنا جميعاً. حتى تصورتُ هذا المشهد. وتخيلتُ هذه الصورة. ففهمتُ كلَ المقصود. وأدركتُ كلَ المعنى. بل أكادُ أجزمُ بأنّ الوحيَ الميثاقي والدستوري بهما، قد نزلَ في لحظةٍ كهذه اللحظة، وفي زمنٍ كهذا الزمن”.
وقال: “هكذا أدركتُ أنّ شرعيةَ أيِ سلطةٍ في لبنان، لبنانَ الكيانِ والوطنِ والدولة، هي في أن نكونَ معاً. أن نحيا معاً وأن نُحيي حياتَنا معاً. أن نُصلي معاً وأن نصومَ معاً ونفطرَ معاً. أن نقاومَ معاً. وأن ننتصرَ معاً. أن نفرحَ زمناً، أو نحزنَ للحظةٍ معاً. وأن تكونَ معيّتُنا هي ترياقُنا، لنمسحَ حزنَ اللحظة، ونؤبّدَ فرحَ كلِ لحظةٍ معاً. وفي كلِ الأحوال وشتّى الأزمان، أن نبقى معاً. أما أن يكونَ رئيسُ الجمهورية هو رمزُ وحدةِ الوطن، فأدركتُ أن هذا يعني ويقتضي، أن أكونَ أنا وأنتم جميعاً هنا تحت هذا السقفِ بالذات. سقفُ دولتِنا ووطنِنا وميثاقِنا لأنّ وحدتَنا هي أغلى ما نملكُ وأعظمُ ما نملك هي قوتُنا وحصانتُنا ومِنعتُنا وقدرتُنا، هي سلاحُنا الأمضى وثروتُنا الأغنى وخيرُنا الأبقى. بوحدتنا، هنا، نحفظُ وطنَنا من كلِ عدوانٍ وأطماع”.
أضاف عون: “بوحدتنا هنا، نستعيدُ كلَ حقوقِنا ونحررُ كلَ أرضنا ونستعيدُ كلَ أسرانا. بوحدتنا هنا، نحققُ ازدهارَ شعبِنا واستقرارَ مجتمعِنا واستقلالَ بلدِنا. بوحدتنا هنا، نُعيدُ بناءَ ما تدمّر. ونضمنُ ألا نسمحَ بالدمارِ مجدداً أو دورياً. بوحدتنا هنا، نزرعُ الفرحَ في عيونِ أبنائنا والأملَ في نفوسِهم. فنحصدَ مستقبلاً يليقُ بالتضحيات والشهادات. ويُشبهُ لونَ تلك العيون. بوحدتِنا هنا، نقومُ بعد أيِ كبوة. وننتصرُ بعد أيِ نكسة. ونبلسمُ أيَ جرحٍ حتى يبرأ. ونبتسمُ لكلِ غدٍ، إيماناً منا بأنه سيكونُ أفضل. بوحدتنا هنا، لا تكونُ جماعةٌ منا مكلومة. ولا حقوقَ لنا مهضومة. ولا فئةَ عندنا مظلومة”.
وتابع: “وإذا ما سهَوْنا لحظةً عن هذا الأساسِ في رزنامتِنا الأرضية، تأتي عنايةُ السماءِ من فوق، لتوحّدَ زمنَ الصومِ المقدس، بشهرِ رمضانَ الفضيل. لتذكرَنا بأنّ الصومين سبيلان إلى غايةٍ إيمانيةٍ واحدة. فصومُ المسيحي هو التمهيدُ للقيامة. والحديثُ الشريفُ يؤكدُ للمسلم، أنه “إذا دخلَ رمضانُ، فُتحت أبوابُ الجنة”، هكذا يذكّرنا ربُ السماواتِ والأرض، وهو “المذكّر”، بأننا واحدٌ. وأننا موحِّدين وموحَّدين إلى الأبد”.
آلية التعيينات الإدارية
أقر مجلس الوزراء آلية التعيينات الإدارية وطلب المباشرة بالعمل بها، وأوضح رئيس الحكومة نواف سلام بعد الجلسة، أن “شعارنا هو بناء دولة القانون والمؤسسات”، مؤكدًا ألّا دولة من دون إدارة ونحن نسعى لأن تكون المؤسسات وإداراتها نزيهة وتحمي مصالح المواطن وتؤمن الخدمة العامة بأعلى درجات الجودة لا بخدمة المناطق والمذاهب والطوائف بل تقوم على الكفاءة والجدراة وليس على المحسوبية”.
وأشار إلى أن “آليّة التعيينات التي تعتمد على 9 مبادئ منها الأولوية والتنافس من خلال توفير الفرص العادلة للمرشحين ومبدأ تكافؤ الفرص، التنوع والشمول والمساءلة وعدم تضارب المصالح، وعلى المرونة والمشاركة من خلال تضمين خبرات متنوّعة من الأكاديميين”.
أضاف، أن “آلية التعيينات تعتمد المناصفة في وظائف الفئة الاولى دون تخصيص مركز لطائفة معينة، مشددا على ضرورة معالجة التوظيف العشوائي في السنوات الماضية”، وتابع: “لقد شكلنا لجنة لإصلاح القطاع العام، مشيرًا الى أنّ آلية التعيينات ترتكز على التعيين من داخل الملاك ومن خارجه وداعيًا موظّفي القطاع العام في الفئة الثانية للتقديم إلى الفئة الأولى فالدولة بحاجة إلى دم الشباب.”
مرقص
وزير الإعلام بول مرقص قال بعد الجلسة مجلس، استبقينا على دور الوزير في آلية التعيينات. لافتًا إلى أن الوزير المعني يقترح قائمة بأسماء المرشحين من خارج الملاك والقرار محفوظ لمجلس الوزراء، وأن الآلية تجيز التعيين من خارج الملاك من خلال تحديد الكفاءات من قِبل الوزير المعني بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون التنمية الإداريّة”.
واضاف: “المهل قصيرة لكي لا تأخذ آليّة التعيينات وقتاً طويلاً، واللجنة المكلّفة ستجري مقابلة مع كلّ مرشّح على حدى وتنظّم محضراً. وسلطة الوصاية يعود لها أن تقترح تمديد أو تجديد ولاية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة على مجلس الوزراء”.
كما أعلن أنه “لم يتمّ إلغاء شهادة “البريفيه” بعد، وأن مجلس الوزراء لم ينظر في الأمر حتى الآن”
وفي هذا السياق علمت الأنباء أن مجلس الوزراء سيعقد اليوم جلسة في قصر بعبدا وعلى جدول أعمالها تعيين حاكم جديد لمجلس الوزراء.