الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: نواف سلام رئيساً مكلّفاً و”الثنائي” لم يسمّياه.. جوزاف عون يستعجل التأليف: أمامنا فرص كثيرة
الجمهورية

الجمهورية: نواف سلام رئيساً مكلّفاً و”الثنائي” لم يسمّياه.. جوزاف عون يستعجل التأليف: أمامنا فرص كثيرة

كتبت صحيفة “الجمهورية”: بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كخطوة أولى في مسار إعادة انتظام الحياة السياسيّة والدستوريّة، بوشرت أمس عملية إتمام الخطوة الثانية المتمثّلة بتأسيس البنيان الحكومي، حيث تجلّت المرحلة الأولى من هذا المسار بتكليف القاضي نوّاف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى، حيث حاز على 84 صوتاً.

مشهديّة مختلفة

القصر الجمهوري، كان بالأمس أمام مشهديّة استشارات نيابيّة ملزمة مغايرة لمثيلاتها في السابق التي كان اسم الرئيس المكلّف معلوماً، بحيث يستبق الإعلام حسمه قبل أن يتمّ تكليفه بصورة رسميّة. فمنذ بدء الإستشارات قبل ظهر أمس، اتّسمت بضبابيّة ملحوظة، لكنّها ما لبثت أن بدأت بالإنقشاع في فترة بعد الظهر لمصلحة القاضي سلام، حيث ظهّر مسار الاستشارات بصورة واضحة تقاطعاً واضحاً بين الكتل والإتجاهات النيابيّة بما فيها من تحالفات وتناقضات، على تسميته لرئاسة الحكومة.

معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» اكّدت أنّ حركة اتصالات مكثفة جرت على مدى الساعات الاربع والعشرين السابقة لموعد الاستشارات، وتواصلت خلال نهار أمس، لتوجيه دفّة التسمية لمصلحة القاضي سلام، وشاركت فيها أطراف عربيّة ودوليّة كان لها الدّور الأساس في إنجاز الإستحقاق الرئاسي، وكان لها التأثير الواضح على مواقف بعض الكتل والنواب المستقلين، ولاسيما الكتل والنوّاب غير المصنّفين سياديّين او تغييريّين، حيث نجحت في تعديل وجهة مواقفها من تسمية الرئيس ميقاتي التي كانت محسومة بشكل قاطع لمصلحته قبل ثمانٍ وأربعين ساعة، إلى تسمية القاضي سلام.

هل ثمة انقلاب؟

وقد اعتبرت مصادر «أنّ أطرافاً مصنّفة سياديّة وتغييريّة معارضة قد سارعت إلى التعامل مع نتائج الإستشارات المُلزمة كلعبة ربح وخسارة، نتج منها ما اعتبره انقلاباً على الواقع السياسي الحالي، منحت فيه لنفسها انتصاراً فولكلورياً يلاقي مصالحها وحساباتها، وأسقطت هزيمة سياسيّة على أطراف أخرى، وعلى وجه الخصوص «حزب الله»، إلّا أنّ هذا الإستعجال قرأت فيه مستويات سياسيّة استفزازاً متعّمداً لفئة من اللبنانيين، ومبالغة وتسرّعاً في تقدير الأمور، وخصوصاً أنّ الأمور، وإنْ كانت قد حسمت تكليف القاضي سلام تشكيل الحكومة، الّا انّها ما زالت في بدايتها، حيث أنّ أمامها في الساعات المقبلة مرحلة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي سيجريها الرئيس المكلّف، لينطلق بعدها مسار تشكيل الحكومة».

مسار واحتمالات

وإذا كانت مختلف الأوساط السياسية قد استبشرت خيراً بانتخاب الرئيس جوزاف عون، وتقاطعت في تقديراتها على الرغبة في انطلاقة ميسّرة للعهد الرئاسي الجديد، الّا أنّ الجو السياسي الذي رافق الاستشارات الملزمة، والنتائج التي انتهت إليها، بالإضافة إلى ما قيل عن رياح هبّت من مصادر مختلفة وجّهت التسمية في اتجاه معيّن، عكست توتراً تكثفت المساعي لاحتوائه. والعبرة كما يقول مسؤول سياسي كبير لـ»الجمهورية»، «ليست في تسمية الرئيس المكلّف، بل في كيفية تجاوزه المطبّات الماثلة في الطريق، سواء أكانت مطبات سياسية او ميثاقية، وعبوره بالتالي الى برّ التأليف».

المطبّ الشيعي

وعلى ما تلاحظ الأوساط السياسية، فإنّ في أفق المسار الحكومي بدأ يلوح مطبّ شيعي، عبّر عن نفسه بإحجام الصوت الشيعي بكليته، المتمثل بكتلة «التنمية والتحرير» وكتلة «الوفاء للمقاومة» ومعهما النائب جميل السيد، عن تسمية القاضي سلام.

وبمعزل عن الأجواء الاحتفالية لدى المعارضات السيادية والتغييرية، فإنّ المتفق عليه في الأوساط السياسية انّ الواقع السياسي الداخلي قد دخل اعتباراً من يوم أمس في مرحلة جديدة، يقف فيها في نقطة الوسط بين الأزمة ولا أزمة. وهو وضع لم يكن متوقعاً رئاسيّاً، حيث يُخشى من تأثيرات تترتب عليه في الوقت الذي يحرص رئيس الجمهورية على تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، تبدأ ورشة إعادة إنهاض لبنان ووضعه على سكة الانفراج».

الميثاقية!

وإذا كان من الصعب التكهّن أو تحديد مجريات مرحلة ما بعد التكليف وأي وجهة ستسلكها الأمور في مرحلة التأليف، او ترجيح ما إذا كانت الحلبة السياسية تتقدّم نحو الدخول في اشتباك سياسي، فإنّ مصادر وسطية بارزة رفضت ان يُعتبر تكليف القاضي سلام انتصاراً لجهة سياسية بعينها، كما رفضت ما سمّته «المنطق الإستعلائي الذي ساقه البعض». وقالت لـ«الجمهورية»: «هذا خطأ كبير ومكلف جداً، يرتكبه من يقول بوجود رابح وخاسر، ويعتبر انّ في الإمكان الإخلال بالتوازنات الداخلية السياسية وعزل طرف اساسي أو تجاوزه، خصوصاً في تشكيل الحكومة».

وفيما بدا أنّ ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» قد لوحّا بالميثاقية، ليس في استشارات التكليف التي لم يمنحا فيها اصواتهما للقاضي سلام، فحسب، بل في التأليف، مع إبقاء الباب مفتوحاً على كلّ الاحتمالات بما فيها رفضهما المشاركة في الحكومة، برزت في موازاة ذلك بعض الأصوات من جانب المعارضة تقول بإمكان توفّر الميثاقية لحكومة سلام من خلال إشراك شخصيّات شيعيّة في الحكومة من خارج الثنائي.

على أنّ هذا الأمر، إنْ تمّ، كما تقول مصادر سياسية، معناه الدخول في اشتباك لا أحد يعرف حجمه او مداه. وهذا التوجّه لا يتلاقى معه رئيس الجمهورية ويرفضه، والأمر نفسه ينسحب على الرئيس المكلّف»، فيما تجنّبت مصادر «الثنائي» مقاربة هذا الاحتمال، ورفضت التوصيفات التي قالت بوجود مطبّ شيعي أمام الحكومة، واكتفت بالقول رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «لا يوجد أي موقف شخصي من الرئيس المكلّف. فقد جرت الاستشارات النيابية الملزمة وانتهت إلى ما انتهت اليه، وبتنا أمام مسار مفتاحه بيد الرئيس المكلّف، يعني بصريح العبارة، الكرة في ملعبه، وفي ضوء ما يبدر عنه يُبنى على الشيء مقتضاه».

وقالت مصادر مطلعة على أجواء الثنائي لـ«الجمهورية»، «إنّ ما سُمّي مطبّاً شيعياً، يتحدّد ما إذا كان سيترسخ أكثر أو يُزاح من الطريق، في الحوارات والنقاشات التي يفترض أن تحصل بينهما وبين الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة، سواء في الإستشارات غير الملزمة أو بعدها».

الاستشارات

وكان رئيس الجمهورية قد أجرى الاستشارات النيابية الملزمة في فترتي قبل الظهر وبعده أمس، واعلن المدير العام للقصر الجمهوري في ختامها «انّ رئيس الجمهورية جوزاف عون أجرى الاستشارات النيابية، وبعد ان تشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تمّ استدعاء القاضي نواف سلام رسمياً لتشكيل الحكومة الجديدة».

يُشار إلى أنّ سلام موجود خارج لبنان، على أن يعود اليوم إلى بيروت، ليتمّ تكليفه تشكيل الحكومة، بعدما نال 84 صوتاً من النواب، فيما نال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي 9 اصوات، فيما امتنع عن التسمية 35 نائباً. وقال الرئيس جوزاف عون في ختام الاستشارات: «أتمنى ان يكون التأليف سلساً وفي أسرع وقت، لأن فرصاً كبيرة تنتظرنا».

الثنائي

ولفت في المواقف ما قاله رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» بعد لقاء الكتلة مع رئيس الجمهورية: «لقاؤنا مع فخامة الرئيس كان من اجل أن نعرب عن أسفنا لمن يريد ان يخدش إطلالة العهد التوافقية».

اضاف: «مرّة جديدة يكمن البعض من أجل التفكيك والتقسيم والشرذمة والالغاء والاقصاء عنوة وكيدية وتربصاً. نحن خطونا خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية، وكنا نأمل ان نلاقي اليد التي طالما تغنّت بأنّها ممدودة فإذا بها تقطع. والآن نقول بكل بساطة وبكل هدوء اعصاب، انّ من حقهم ان يعيشوا تجربتهم، ومن حقنا ان نطالب بحكومة منيثاقية، لأنّ أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها على الاطلاق. وبكل الاحوال نحن سنواكب الخطوات ونترقّب ونمضي بكل هدوء وحكمة حرصاً على المصلحة الوطنية. وسنرى أفعالهم من اجل إخراج المحتل من ارضنا من كل حبة تراب من أرضنا، وسنرى جهودهم لاستعادة الاسرى وسنرى جهودهم لإعادة الاعمار وسنرى كل الجهود من اجل التنفيذ الصحيح للقرار 1701 بما يحفظ الوحدة الوطنية والتوافق الوطني وبما لا يهدّد العيش المشترك في هذا البلد».

واما «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها الرئيس بري، فقال النائب ايوب حميد بعد لقائها الرئيس عون: «تمّت تهنئة الرئيس جوزاف عون بثقة المجلس النيابي. آملين ان يكون عند ثقة اللبنانيين جميعاً، وان تكون هناك إيجابية، وانّ الكتلة لم تسمّ اياً من الأسماء المطروحة، لأنّه لا يجوز ان يكون هناك تناقض بين الميثاق والعيش المشترك».

ميقاتي يشكر

إلى ذلك، قال الرئيس ميقاتي في بيان «مع صدور نتائج الاستشارات النيابية أجريت اتصالاً برئيس الحكومة المكلّف الدكتور نواف سلام الموجود في لاهاي، وتمنيت له التوفيق في مهمّته الجديدة بتشكيل حكومة تتلاقى مع المبادئ والأسس التي حدّدها فخامة الرئيس في خطاب القَسَم وتواكب تطلعات اللبنانيين التواقين الى استكمال مسيرة بناء الدولة وتعزيز سلطتها على كل الاراضي اللبنانية».

وقال: «قناعتي أنّ هذا البلد لا يُحكم الّا بالاعتدال والتوافق، بعيداً عن الإقصاء والتشفي. وقد اثبتت كل التجارب الماضية أن لا بديل عن التوافق، وان نهج التحدّي ادّى الى اضاعة الكثير من الفرص الإنقاذية. وكلي أمل ان تكون المرحلة الجديدة إنقاذية بكل معنى الكلمة، وان تحمل للبنانيين الخير والسلام وراحة البال. صحيح أنّ التحدّيات التي تواجهنا كبيرة، لكن إرادة شعبنا أقوى، ووحدتنا وقدرتنا على الصمود هما خلاصنا. كما تجاوزنا الحروب والأزمات معًا، سننهض معًا من جديد».

حضور عربي وأميركي

سياسياً، برز في الساعات الأخيرة ما بدا انّه استكمال لمسار تفعيل وتزخيم الحضور العربي في لبنان بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وكانت لافتة في هذا السياق ما أُعلن عن توجّه لدى دولة الامارات العربية المتحدة نحو إعادة فتح سفارتها في بيروت.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات «أنّ وفدًا إماراتيًا رفيع المستوى موجود في لبنان حاليًا لإجراء ترتيبات لإعادة فتح سفارة الإمارات في بيروت، وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على إغلاقها.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية «إعادة فتح السفارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية الشقيقة، وحرص دولة الإمارات على دعم جهود الاستقرار والتنمية في البلاد، والتزام دولة الإمارات العميق بمساعدة الشعب اللبناني وتقديم كافة أشكال الدعم له في مختلف المجالات».

وضمن هذا السياق، وصل وفد أميركي عسكري للقاء الرئيس جوزاف عون برئاسة قائد المنطقة الوسطى الجنرال كوريلا مع قائد القوات الدولية ورئيس لجنة المراقبة لتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار والسفيرة الاميركية في بيروت.

وأفيد بأنّ البحث تناول الوضع في الجنوب والاجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش و»اليونيفيل» ولجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وخلال اللقاء الوفد الاميركي أكّد لرئيس الجمهورية استمرار دعم واشنطن للجيش اللبناني.

كما تندرج في هذا السياق، الزيارة العاجلة التي قام بها الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط الى بيروت، حيث التقى الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي.

وعلى صعيد عربي آخر، تلقّى الرئيس بري اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، هنأه فيه لمناسبة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، واعرب عن أمله بأن يشهد لبنان استقرارًا وازدهارًا بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون. وأكّد موقف العراق الداعم لأمن لبنان الشقيق واستقراره، ولكل الخطوات التي تعزز الاستقرار لتجاوز آثار الحرب الأخيرة وتداعياتها.

بدوره، توجّه الرئيس بري «بالشكر للعراق بشخص رئيس الحكومة والمرجعية الرشيدة والشعب العراقي على وقوفهم الدائم الى جانب لبنان في مختلف الحقبات، ولاسيما في المرحلة الراهنة باحتضان العراقيين لأشقائهم النازحين اللبنانيين خلال الحرب العدوانية الاسرائيلية الاخيرة على لبنان».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *