كتبت صحيفة “البناء”: رمى الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي بثقله وتراجع القطري فتحوّل يوم أمس إلى يوم رئاسي محموم، وتبدلت مواقف كتل ونواب مستقلين، وتمّ حشد كل عناصر التأثير النيابي لجمع 86 نائباً ينتخبون قائد الجيش العماد جوزف عون من الدورة الأولى بدون أصوات الثنائي الوطني ممثلاً بكتلتي التنمية والتحرير والوفاء المقاومة، بعدما حرّر الثنائي حلفاءه من أي التزام، فأعلن نواب وكتل ممن كانوا يتشاركون الخيار الرئاسي مع الثنائي انضمامهم إلى موجة تأييد انتخاب قائد الجيش، حيث تحدّث النائب فيصل كرامي باسم كتلة التوافق الوطني بتأييد انتخاب العماد عون للرئاسة، بينما انسحب الوزير السابق سليمان فرنجية من السباق الرئاسي معلناً تأييده لانتخاب عون، ومثله فعل الوزير السابق زياد بارود الذي كان ينوي ستة نواب التصويت له، وبقي عدد من النواب المستقلين يرفضون انتخاب عون ويعتبرون ذلك مخالفة دستورية غير مقبولة يتقدّمهم النائب ملحم خلف، وتمسّك التيار الوطني الحر بالسباحة عكس التيار، مؤكداً رفضه مخالفة الدستور؛ بينما أعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان تأييد التوافق الوطني لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بصفته ضرورة وطنية مستعجلة. وتحوّلت العملية السياسية والانتخابية كلها نحو التساؤل عن الموقف النهائي للثنائي الذي أكد أنه سوف يكون موحداً ويصوّت بطريقة متطابقة، لكنه متمسّك بالتوافق الذي لم يتحقق بعد.
بالمقارنة مع انتخاب العماد ميشال سليمان يقول مصدر متابع للمسار الانتخابي، إن الاتفاق تمّ على اسم قائد الجيش ميشال سليمان كرئيس للجمهورية ضمن سلة تفاهمات لبنانية لبنانية تمّت في اجتماعات رعتها قطر في عاصمتها الدوحة. وتضمّنت التفاهمات الاتفاق على قانون انتخاب جديد، والاتفاق على شكل الحكومة الجديدة، والثلث الضامن فيها، بينما القضايا التي تحتاج إلى التوافق اليوم أشدّ أهمية، سواء ما يتصل بمفهوم السيادة الوطنية ومواجهة العدوان الإسرائيلي وتطبيق القرار 1701 كاملاً خصوصاً في ما يخصّ الانسحاب من مزارع شبعا المحتلة، أو تثبيت حقوق لبنان النفطية والعودة إلى استثمارها، أو ما يتصل بإعادة الإعمار بعد الحرب العدوانيّة التي شنها الاحتلال سنة وشهرين على لبنان، وصولاً إلى الحاجة لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف بصورة غير انتقائية خصوصاً لجهة البنود الإصلاحية المعلقة. وقال المصدر إذا أراد الخارج الدولي والعربي الحلول مكان فريق لبناني في صناعة التوافق بعدما قام بحشد هذا الفريق لانتخاب العماد عون فإن على هذا الخارج أن يتولى الإجابة على هذه الأسئلة ليتمكن من إنجاز المهمة وإنهاء الاستحقاق.
عقد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان سلسلة من الاجتماعات مع عدد من العمد والمسؤولين الحزبيين ووضعهم في صورة ما آلت إليه التطورات على أكثر من صعيد، وموجهاً بمضاعفة العمل في ظل الأوضاع التي تمر بها بلادنا.
وأكد حردان خلال الاجتماعات، موقف الحزب الثابت، بضرورة ملء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى وكلّ مؤسسات الدولة، وذلك انطلاقاً من تمسّكه بخيار الدولة، وهو خيار لا يستقيم إلا باكتمال كافة مؤسّساتها الدستورية وفي مقدّمتها رئاسة الجمهورية.
ورأى أنّ الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، نتيجة التحديات والأخطار الخارجية، تستدعي خلق بيئة توافقية تضع في أولوياتها تثبيت الاستقرار وترسيخ السلم الأهلي، وهذا ما حرص عليه دائماً دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري وجسّده بالدعوة لانتخاب رئيس للبلاد في التاسع من كانون الثاني 2025.
واعتبر رئيس «القومي»، أنّ المجلس النيابي اللبناني أمام امتحان يتمثل في انتخاب رئيس للجمهورية يحظى على أغلبيّة وازنة ويكرّس الوفاق الوطني المجسّد باتفاق الطائف، ويثبّت السلم الأهلي، ويتابع مسيرة الثوابت اللبنانيّة خاصة لجهة تحديد العدو وحق مقاومة هذا العدو والتصدّي لأطماعه ومواجهة أخطاره.
وقال: إنّ الكتل النيابية اللبنانية والنوّاب المستقلين مدعوّون جميعاً إلى الاضطلاع بواحدة من أهمّ مسؤوليّاتهم، والمتمثلة بإنهاء حالة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية، تمهيداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على تثبيت صمود لبنان وإخراجه من أزماته.
وختم: إنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي إذ يتمنّى أن تنجح جلسة الغد في إنجاز الغاية المرجوة منها، يتطلع إلى توافق وطني حول رئيس للجمهورية يصون ثوابت لبنان، ويتعاون معه الجميع لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين.
وسجّل المشهد الرئاسي تطورات دراماتيكية عشية جلسة المجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية، بعدما حسمت أغلب الكتل النيابية خياراتها عقب اجتماعات واتصالات مكثفة دخل على خطها الموفد السعودي يزيد من فرحان الذي حضر إلى بيروت للمرة الثانية خلال أيام، ما عزّز حظوظ فوز قائد الجيش العماد جوزيف عون وإمكانية حصوله على 86 صوتاً، فيما انسحب الوزير السابق سليمان فرنجية من السباق الرئاسي لصالح دعم قائد الجيش كما أعلن الوزير السابق زياد بارود سحب ترشيحه.
وفي حين لفتت مصادر سياسية مطلعة لـ»البناء» إلى أن «الحراك الخارجي الأميركي – السعودي يضغط إلى حد كبير باتجاه انتخاب قائد الجيش لتأمين الـ86 صوتاً كبديل عن تعديل الدستور، وقد تم إقناع الكثير من الكتل النيابية ونواب كتلة التغييريين والمستقلين لكن لم يتم تأمين ثلثي مجلس النواب. والمشاورات الداخلية والخارجية مستمرة محورها عين التينة لإنضاج الطبخة الرئاسية والوصول إلى إجماع على قائد الجيش مع خريطة طريق للمرحلة المقبلة». ولفتت المصادر إلى أنه «ليس من الضروري أن يتم انتخاب عون في جلسة اليوم، بل ربما يتم عقد الدورة الأولى وبحال لم يتمّ انتخاب عون سيعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة لإفساح المجال أمام التوافق وتأمين الـ86 صوتاً لفوز عون».
وأعلنت قوى المعارضة دعمها قائد الجيش العماد جوزيف عون لمنصب رئيس الجمهورية اللبنانية والاقتراع له لأنه المرشح الذي يحظى بقدر كبير من التوافق، بعد الاجتماع الموسّع لقوى المعارضة، الذي حضره رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل والنواب: فؤاد مخزومي، أشرف ريفي، ميشال معوض، وضاح صادق، ميشال دويهي، مارك ضو، أديب عبد المسيح، نديم الجميل، سليم الصايغ والياس حنكش، وعن «القوات» النواب: ستريدا جعجع، غسان حاصباني وجورج عقيص.
وكشف النائب جورج عدوان عن «حصول اجتماع إيجابي بين القوات اللبنانية وقائد الجيش العماد جوزيف عون حصلنا فيه على أجوبة على أسئلتنا تتعلق بتطبيق الدستور والقرارات الدولية. لكنه أشار إلى «أننا لا نضمن حصول العماد عون على 86 صوتاً ولكن ما نريده وسنعمل عليه هو أننا في كل الدورات سنصوّت للعماد». فيما أشار النائب سامي الجميل، الى أننا «لم نصل إلى 86 صوتاً على أمل فكفكة بعض العقد».
وجدّدت كتلة «اللقاء الديمقراطي» موقفها بتأكيد انتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، وأعلن كل من تكتل «التوافق الوطني» وكتل «الاعتدال الوطني» وكتلة «المشاريع» دعم عون. كما أعلن النواب المستقلين والتغييريين الذين اجتمعوا في دارة النائب غسان سكاف في بيان، الاقتراع للعماد عون. وأعلن النواب الياس جرادي وجان طالوزيان وفيصل كرامي التصويت لعون. فيما لم يعلن التيار الوطني الحر موقفه النهائيّ من التصويت في جلسة اليوم. ووفق مصادر التيار لـ»البناء» فإن الأمور غير محسومة وسيظهر موقف التيار في صندوقة الاقتراع خلال الجلسة، ولن يكون إلا في إطار الدستور والقوانين. وأشار النائب هاغوب بقرادونيان، الى أننا «سننتظر حتى ساعات الصباح لاتخاذ قرار بناءً على ما قد يحدث من تطورات قبل الجلسة ونسعى لتوافق أوسع».
وحتى منتصف ليل أمس، لم يحصل عون على ثلثي المجلس النيابي بانتظار المشاورات التي يديرها الرئيس بري لتأمين توافق مع باقي الكتل النيابية لا سيما كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القويّ.
وأوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله في تصريح له حول ما ينشر منسوباً إلى مصادر الثنائي فيما خص انتخابات الرئاسة، بأن «موقفنا نعلنه غداً (اليوم) في صندوق الانتخاب، وكل ما يُنشر من معلومات قبل الاقتراع لا نتبناه وسنصوّت وفق ما ينسجم وقناعتنا الوطنية».
ولفتت معلومات «البناء» الى أن الثنائي أمل وحزب الله قد يصوّت في الدورة الأولى بأوراق بيضاء بحال لم تثمر المشاورات التي استمرت طيلة يوم أمس حتى منتصف الليل على الخطوط كافة لا سيما مع الفرنسيين والسعوديين والتيار الوطني الحر وأطراف أخرى في محاولة للتوافق على معالم المرحلة المقبلة لتسهيل انتخاب عون وتشكيل حكومة جديدة وملفات أخرى.
وأعلن النائب أيّوب حميد «أننا مع التوافق في ما يخصّ الانتخابات الرئاسيّة ولن يكون هناك موقف بالمطلق»، مشيرًا إلى أنه «ستكون هناك دورات مُتتالية في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي».
وبعد اجتماع كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس بري في عين التينة، قال حميد: «لكل أمر مقتضاه وأكدنا ضرورة التوافق»، وأكد «أننا والإخوة في حزب الله موقف واحد موحّد».
وأعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سحب ترشيحه من السباق الرئاسي، مشيرًا إلى أنَّه يدعم قائد الجيش العماد جوزيف عون.
وقال في بيانٍ: «أمّا وقد توفّرت ظروف انتخاب رئيس للجمهورية يوم غد (اليوم)، وإزاء ما آلت إليه الأمور، فإنني أعلن عن سحب ترشيحي الذي لم يكن يومًا هو العائق أمام عمليّة الانتخاب». وأضاف: «إذ أشكر كلّ من اقترع لي، فإنني – وانسجامًا مع ما كنت قد أعلنته في مواقف سابقة – داعم للعماد جوزيف عون الذي يتمتّع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الأولى»، وتمنّى فرنجية «للمجلس النيابي التوفيق في عملية الانتخاب، وللوطن أن يجتاز هذه المرحلة بالوحدة والوعي والمسؤولية».
وأفيد بأن مستشار رئيس المجلس النيابي السياسي النائب علي حسن خليل التقى الموفد السعودي الأمير يزيد الفرحان في مقرّ إقامته في اليرزة.
وكان المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان عقد سلسلة لقاءات مع رؤساء الكتل النيابية، أبرزها رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي أكد وفق المعلومات بأن حزب الله لن يقف عائقاً أمام إجماع اللبنانيين على اسم رئيس للجمهورية، وذلك بحضور مسؤول العلاقات العربية والدولية في حزب الله السيد عمار الموسوي. وقد جرى خلال اللقاء استعراض الأوضاع السياسيّة الراهنة على الصعيدين المحلي والإقليمي بالإضافة إلى الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
كما التقى لودريان في البياضة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ورئيس «القوات» في معراب.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن أمله في سلام مستدام مع بدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جنوب البلاد بموجب اتفاق وقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية. وقال إن «وقف إطلاق النار صامد بين «إسرائيل» وحزب الله، بعد أكثر من شهر على بدء تنفيذه».
وأضاف: «رأينا بالأمس أن أكثر من ثلث القوات الإسرائيلية انسحبت من لبنان. أعتقد أن وقف إطلاق النار يمكن أن يشكّل جسراً نحو سلام مستدام».