كتبت صحيفة “البناء”: تزامنت الغارات التي شنتها طائرات جيش الاحتلال على صنعاء والحديدة في اليمن مع وجود وفود أممية ما أدى الى إصابة بعض الفرق العاملة معها. وتأتي الغارات ترجمة لما سبق وأعلنه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من حملة عسكرية قال إنها تهدف إلى معاقبة اليمن على استهدافات اليمن عمق الكيان والسفن المتوجهة إليه، وقال نتنياهو: إن ما ينتظر اليمن هو مصير غزة ولبنان وسورية وإن ما ينتظر قادته هو القتل كما تم اغتيال القادة اسماعيل هنية ويحيى السنوار في فلسطين والسيد حسن نصرالله في لبنان، حتى يتوقف اليمن عن استهدافاته التي بدأت قبل أكثر من أربعة عشر شهراً تحت عنوان نصرة غزة. والجواب اليمني لم يتأخر فقد قال قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي إن اليمن يمضي في قراره ولن يعدل خياره وإن على الكيان الاستعداد للمزيد، داعياً الشعب اليمني الذي يحيي في الميادين والساحات كل جمعة نصرته لفلسطين ويجدّد التزامه بخيار إسناد غزة ومقاومتها ـ لأن يعبر اليوم بطريق واضحة عن الاستعداد لتحمّل تبعات الحرب المفتوحة التي أعلنها نتنياهو على اليمن. وقالت مصادر يمنية إن اليمن لم يستخدم بعد كل أوراقه، من إمكانية استهداف بنى مدنية وسكانية داخل الكيان بما في ذلك محطات الكهرباء والمطارات ومنصات الغاز وخزانات النفط، إلى القواعد الأميركية والقطع الحربية الأميركية وناقلات النفط وصولاً إلى إقفال مضيق باب المندب أمام التجارة العالمية وتجارة النفط خصوصاً.
في المنطقة خطفت الأضواء الأحداث الدمويّة التي شهدها الساحل السوري وبعض مناطق حمص ودمشق وريفها وريف حماة، بعد تظاهرات احتجاجيّة ضمت الآلاف إثر تداول تسجيل مصوّر تضمّن قيام جماعات مسلحة بالاعتداء على مقام دينيّ للطائفة العلوية، كما شهدت دمشق تظاهرة حاشدة في أحياء مسيحية تندّد ببعض التصرفات التي استهدفت مظاهر احتفالية بعيد الميلاد في حماة. وقد حازت الأحداث اهتماماً دولياً وإقليمياً وتأكيدات على ضرورة حفظ السلم الأهلي والعيش المشترك بين مختلف فئات الشعب السوري ودعوة السلطات الجديدة في دمشق الى حفظ أمن كل السكان في أنحاء سورية من كل الطوائف والأعراق، وتأكيد أن صورة النظام الجديد ترسم من خلال كيفية التعامل مع المسألة الطائفية وتهدئة العصبيات الطائفية التي تهدد السلم الأهلي.
لبنانياً، كان الحدث مجدداً في الجنوب، حيث بلغت انتهاكات جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار سقفاً جديداً، تمثل بالتوغل الى وادي الحجير الذي لم يدخله عام 2006 خلال حرب تموز حيث انفجرت دباباته. وكان واضحاً أن هذا التوغل هو طلب لصورة نصر انتقامي من الهزيمة في تموز 2006، كما كان واضحاً أن الاحتلال يتصرّف وكأن الاتفاق غير موجود، وهو واثق أن لجنة الإشراف بلا قيمة، مستخفاً بما تستطيع فعله قوات اليونيفيل وما يمكن للجيش اللبناني فعله أيضاً. وتسبّب هذا التوغل بحالة غليان شعبي وسياسي، وصدرت تحذيرات من عدد من قادة حزب الله من أن هذا التمادي قد يرتب تغييراً في طريقة تعامل المقاومة مع الانتهاكات المتمادية والمتكررة منذ وقف إطلاق النار الذي بقي حبراً على ورق.
وبينما خيّم الجمود على المشهد السياسي والرئاسي الداخلي بفعل عطلة عيد الميلاد للطوائف التي تتبع التقويم الغربي، تركز الاهتمام الرسمي على الأوضاع الأمنية والعسكرية في الجنوب في ظل الخروق المتمادية للعدو الإسرائيلي والاختراقات الجغرافية التي نفذها باتجاه القنطرة – وادي الحجير والتي لم يستطع طيلة فترة الحرب الأخيرة ولا حتى في عدوان تموز 2006 أن يصل الى هذه المنطقة، فيما يؤشر الى أن العدو يستمرّ باعتداءاته وكأن الحرب لا زالت مستمرة ولا اتفاق لوقف إطلاق النار، ما يؤشر أيضاً الى أن جيش الاحتلال سيستغل كامل فترة الهدنة لتنفيذ بنك أهداف واسع عسكرياً وأمنياً في الجنوب ومناطق أخرى أكان في الجو أو البر وقد لا ينسحب من الأراضي اللبنانية التي احتلها مؤخراً حتى بعد انتهاء مدة الهدنة، وفق ما أشارت صحيفة هآرتس بأنه «إذا لم ينجح الجيش اللبناني في السيطرة الكاملة على جنوب لبنان نهاية الفترة الزمنية المحددة لوقف إطلاق النار فسيتعين على الجيش الإسرائيلي البقاء في الجنوب»، فيما أفيد أن جيش الاحتلال أبلغ لجنة مراقبة وقف النار أنه قد يمدّد بقاء قواته في جنوب لبنان، ما يؤشر الى أن الوضع في الجنوب سيدخل مرحلة جديدة سيوضع اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار ومعه القرار 1701 في مكان حرج، إذا ما تدخّلت المقاومة لمواجهة العدوان الإسرائيلي بنسخته الجديدة، وفق ما تشير مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء»، والتي تشير الى أن الأمر «يستدعي تحركاً عاجلاً من الدولة والجيش اللبناني ومع لجنة الإشراف الدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، أما بحال لم تمتثل «إسرائيل» للضغوط الدولية أو إن لم تمارس الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة الضغوط اللازمة فإن لبنان يكون قد ألقى الحجة على الأمم المتحدة وأصبحت إسرائيل تتحمل مسؤولية التداعيات المحتملة، وتكون قد منحت الشرعية للمقاومة أو لأهالي القرى المحتلة والمعتدى عليها عبر حركة شعبية بالتدخل للدفاع عن أهل الجنوب وقراهم ومدنهم وممتلكاتهم».
وفي سياق ذلك، شدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، في تصريح على «أن توغل قوات العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية وصولاً إلى وادي الحجير، يشكل تطوّراً شديد الخطورة وتهديداً جدياً لإعلان الإجراءات التنفيذية للقرار 1701 وتقويضاً للصدقية الواهنة للجنة المشرفة على تنفيذه». أضاف: «إن هذا التطور الذي يظهر تعاطياً إسرائيلياً خارج أي التزام أو إجراءات، وكأن لا وجود لأي تفاهم أو التزامات، يوجب على الدولة اللبنانية حكومة وجيشاً وجهات معنية، إعادة تقويم الموقف بصورة فورية، ومراجعة الأداء الحالي الذي أظهر فشلاً ذريعاً في الحدّ من الإمعان الإسرائيلي في استمرار الأعمال العدائية على المستويات كافة بما فيها التوغل في الأراضي اللبنانية وقتل واعتقال المدنيين اللبنانيين».
بدوره، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم في بيان، أن «ما أقدم عليه العدو الإسرائيلي اليوم بالدخول الى منطقة وادي الحجير هو احتلال لأجزاء إضافية من الاراضي اللبنانية، والأخطر أنه اعتداء على السيادة اللبنانية في ظل اتفاق وقف إطلاق النار برعاية دولية صاحبة حضور وتأثير». وأكد في بيان، أن «ما يجري منذ لحظة وقف العدوان واضح وهو برسم الدول الراعية والمجتمع الدولي الذي عليه ان يتحمل مسؤولية لوضع حد لتفلت العدو وما يمكن ان تدفع اليه هذه العدوانية، وإذا ما استمرت الانتهاكات على هذا المستوى، فذلك يعتبر احتلالاً ومن حق لبنان بمستوياته الرسمية والشعبية الدفاع عن سيادته وكرامته الوطنية».
وعلمت «البناء» أن الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش والرئيس نبيه بري أجروا سلسلة اتصالات مكثفة بلجنة الإشراف الدولية وقيادة قوات اليونفيل وسفراء بعض الدول الأجنبية والعربية في لبنان مطالبين بالضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها».
ومساء أمس، أعلنت قيادة الجيش في بيان، «انسحاب قوات تابعة للعدو الإسرائيلي من القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير – الجنوب بعد سلسلة اتصالات أجرتها اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار Mechanism)) فيما عمل الجيش على إزالة سواتر ترابية كانت قد أقامتها لإغلاق إحدى الطرق في وادي الحجير، وأعاد فتح الطريق». ولفت البيان الى ان «قيادة الجيش تتابع الوضع بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار».
وكانت جرافات إسرائيلية أقامت سواتر ترابية بين وادي الحجير ووادي السلوقي. وسمعت اصوات انفجارات في المنطقة. وكانت تقدمت آليات جيش الاحتلال عبر وادي الحجير جنوباً، حيث قامت بعمليات تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة خلال تقدّمها. كما قامت بخطف المواطن حسام فواز من بلدة تبنين، خلال توجهه الى مركز عمله في مركز الكتيبة الاندونيسية التابعة لـ»اليونيفيل» في بلدة عدشيت القصير – قضاء مرجعيون. لكن بعد ساعات، افيد ان «اليونيفيل» تسلمت والصليب الأحمر اللبناني فواز بعد اختطافه.
وأطلق جيش العدو الرصاص بالأسلحة الرشاشة من مارون الراس باتجاه مدينة بنت جبيل، وسُجّل تحليق منخفض للمسيرات في المنطقة. وعلى الأثر، أقفل الجيش اللبناني الطريق المؤدية إلى وادي الحجير، بدءًا من مركزه عند جسر قعقعية الجسر. كما توجّهت دورية تابعة لـ»اليونيفيل» إلى مفرق القنطرة، حيث تتمركز قوة إسرائيلية. وإثر التوغل الإسرائيلي بشكل مفاجئ باتجاه بلدة القنطرة، نزح منها الأهالي إلى بلدة الغندورية. وفي سياق متصل، طلبت بلدية مجدل سلم من المواطنين عدم سلوك طريق السلوقي – وادي الحجير نحو النبطية بما فيها المتفرّعات من بلدة قبريخا بسبب الظروف الأمنية المستجدة.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان ان «العدو الإسرائيلي يواصل تماديه في خرق اتفاق وقف إطلاق النار، والاعتداء على سيادة لبنان ومواطنيه وتدمير القرى والبلدات الجنوبية. في هذا الإطار، توغلت قوات تابعة للعدو الإسرائيلي بتاريخ 26 / 12 / 2024 في عدة نقاط في مناطق القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير – الجنوب، وقد عزّز الجيش اللبناني انتشاره في هذه المناطق، فيما تتابع قيادة الجيش الوضع بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار».
الى ذلك، شدّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، خلال الاجتماع الاستثنائي الـ46 لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون في الكويت، لبحث المستجدات في سورية ولبنان على «دعم كل ما يعزّز أمن لبنان وسورية واستقرارهما». وقال: إن «الهجمات الإسرائيلية على سورية انتهاك صارخ للقوانين الدولية»، مضيفاً «نشيد بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية الموقتة كما نشيد بالحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وندعو لتكريس لغة الحوار».
بدوره، أكد وزير خارجية الكويت عبد الله علي اليحيا، في الاجتماع «دعم بلاده الكامل لسيادة لبنان ووحدة أراضيه ورفض التدخل الخارجي»، مشدداً على أنه «يجب وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وسورية والأراضي الفلسطينية».
في الملف الرئاسي، أشارت مصادر إعلامية عربية نقلاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الى «اننا تلقينا الدعم المطلوب من «الخماسية» والآن علينا القيام بواجباتنا». ولفتت المصادر نقلاً عن بري، الى انه على الكتل النيابية تحمل واجباتها وتأمين النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس، واردف «سأبقي جلسة البرلمان مفتوحة بدورات متتالية لحين انتخاب رئيس للجمهورية».
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أن «قائد الجيش العماد جوزاف عون غادر لبنان إلى المملكة العربية السعودية، تلبية لدعوة من نظيره السعودي رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الأول الركن فياض بن حامد الرويلي. وسيتناول البحث التعاون بين جيشَي البلدين وسبل دعم المؤسسة العسكرية، بخاصة في ظل التحدّيات التي تواجهها حاليًّا».
وفي أول تواصل رسمي لبناني مع النظام السوري الجديد، أجرى الوزير بوحبيب اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري أسعد حسن الشيباني هنأه فيه بمناسبة تعيينه وزيراً للخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، متمنياً له التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة. وقد أعرب أيضاً عن تمنياته له بالنجاح في فتح صفحة جديدة للدبلوماسية السورية في المحافل الإقليمية والدولية. كما اغتنم بوحبيب المناسبة ليؤكّد تمسّك لبنان بوحدة سورية، وسلامة أراضيها، واستقلالها، وحق شعبها بتقرير مصيره، وتطلّع لبنان الى أفضل علاقات الجوار مع الحكومة الجديدة في سورية، بما يخدم مصالح الشعبين والجمهوريتين. كذلك أعرب عن رغبته بزيارة سورية، فرحّب الوزير الشيباني بالزيارة. وقد توافق الوزيران على ضرورة عقد لقاء مطلع العام المقبل، للبحث في الأمور والقضايا المشتركة.
وأعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، أنه «بتاريخ 26 / 12 / 2024، أثناء تنفيذ دورية للجيش مهمة استطلاع في منطقة وادي الأسود في خراج بلدة ينطا – راشيا عند الحدود اللبنانية – السورية، أطلق مسلحون مجهولون من الجانب السوري النار على الدورية فردّ عناصر الدورية على مصادر النيران، ووقع اشتباك أصيب خلاله أحد العسكريين، ونُقل إلى أحد المستشفيات للمعالجة». وأكدت المديرية، أن «الوحدات العسكرية المنتشرة في القطاع اتخذت تدابير أمنية مشددة، وتجري المتابعة اللازمة للحادثة».