كتبت صحيفة “البناء”: تبلور محور الاستقطاب الحاد بين واشنطن وأنقرة حول سورية في الملف الكردي، مع كلام متقابل لوزيري خارجية أميركا أنتوني بلينكن وتركيا حاقان فيدان، وقد أكد ما سبق وقاله في انقرة “إن دور قوات سورية الديمقراطية بقيادة الأكراد «حيوي» لمنع عودة تنظيم «داعش» إلى سورية بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد. وأضاف «أن الأولوية هي لمنع عودة داعش والدور الحيوي لضمان عدم حدوث ذلك هو لقوات سوريا الديمقراطية»، بينما تحدث فيدان في حوار لم يخف خلاله أن تركيا بمثابة دولة منتدبة على سورية، عندما أجاز لنفسه التحدث عن طبيعة الدستور الجديد والحكومة وسواها من القضايا التي يفترض انها مسائل سيادية سورية، فقال إنه لا يمكن لتركيا بأي شكل القبول ببقاء قوات سورية الديمقراطية لأنها مجرد واجهة لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً بالنسبة لتركيا والذي يشكل استئصاله أحد أسباب الاهتمام الرئيسية لتركيا بالملف الأمني في سورية.
الملف الكردي العالق بين تركيا وأميركا لم يحجب التوغل الإسرائيلي المتمادي في الأراضي السورية، والذي ربطت تل أبيب إعادة النظر فيه بنشوء سلطة جديدة شرعية ودستورية في دمشق. وهو ما يفترض أن يحدث بعد انتخابات نيابية وفق دستور جديد، لن تتم قبل سنتين وفقاً لرزنامة القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي بدأت مناقشات آليات تطبيقه خلال زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق ولقائه بقائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لكن رهانات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على تعويض خسائره في غزة ولبنان بصورة نصر في سورية، لم تتحقق فجاءت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة معاريف تمنح الائتلاف الحاكم في أي انتخابات مقبلة 50 مقعداً فقط بدلاً من 64 مقعداً يحوزها حالياً، ونجح حزب الليكود بكسب 3 مقاعد إضافية من طريق حلفائه الذين خسروا كثيراً من مقاعدهم، بينما كان لافتاً الكلام اليائس من نجاة الكيان من تداعيات الحرب الذي صدر عن عضو مجلس الحرب السابق بيني غانتس المنتقل إلى صفوف المعارضة، بقوله «إننا على حافة الانتقال من حرب واجهنا فيها أعداء «إسرائيل» إلى حرب أهلية».
في لبنان تتصاعد حماوة الطبخة الرئاسية وسط تفاؤل حذر تجاه فرص التوصل الى انتخاب رئيس جديد في جلسة 9 كانون الثاني المقبل، أي بعد ثلاثة أسابيع، ويجري التداول في الأوساط السياسية بتشاور بين الثنائي الوطني المكوّن من حركة أمل وحزب الله، ممثلا برئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وعدد من التكتلات المستقلة، فيما تحدثت تقارير صحافية عن دعم الوزير السابق سليمان فرنجية لترشيح النائب فريد الخازن الذي يزور معراب اليوم، مع وجود ثلاثة أسماء مرشحين بارزين في التداول، قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام الياس البيسري والسفير السابق في الفاتيكان جورج خوري.
بانتظار موعد الجلسة النيابية المقررة في التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، سوف تتكثف الجولات ونقل الرسائل اعتباراً من هذا الأسبوع لانتخاب رئيس توافقي. وفيما أفيد أن التنسيق على قدم وساق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تشير المعلومات إلى زيارة مرتقبة لنائب رئيس حزب القوات جورج عدوان إلى عين التينة، وسط تأكيد مصادر سياسية أن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني لم تنضج بعد، ومردّ ذلك غياب التفاهمات المحلية حولها حتى الساعة، فضلاً عن أن الأمور على المستوى الخارجي أيضاً لم تنضج بعد، مع تشديد المصادر على أن قائد الجيش العماد جوزاف عون الأكثر حظاً اليوم وهو يحظى بتأييد ودعم أميركي سواء من الإدارة الأميركية الحالية والإدارة المنتخبة، مع إشارة المصادر إلى ضرورة تلقف الفرصة السانحة اليوم وانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.
وفيما يتّجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى إعلان انسحابه من السباق الرئاسي خلال إطلالة مرتقبة له، تردّدت معلومات نقلاً عن مصادر مقربة أنه أبلغ كل من يعنيه الأمر أنه سيكون داعماً لترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية أو النائب فريد هيكل الخازن اذا حصل على تأييد الكتل السياسية كافة، هذا ومن المتوقع أن يزور الخازن اليوم رئيس حزب القوات سمير جعجع.
وأكد النائب جورج عدوان أمس، أن “إذا لم تنضج جلسة 9 كانون الثاني يجب أن تنضج بعدها بأقرب وقت لكن تأخيرها لأسبوعين لن يكون جيداً”. ورأى أن “رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمامه خياراً مهماً والسؤال هل سيختار رئيساً قوياً؟”. وأوضح أن “جلسة 9 كانون لم تنضج بعد لأسباب داخلية وخارجية، ولكنها لم تسقط حتى الآن”.
إلى ذلك، يصل بيروت غداً وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي للقاء عدد من المسؤولين السياسيين في سياق المساعي القطرية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وترتيب العلاقة مع سورية، كما يقوم رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس بزيارة رسمية الى لبنان اليوم وليوم واحد وسيصل السراي الحكومية عند الساعة الاولى الا ثلثاً من بعد الظهر حيث تقام له مراسم الاستقبال الرسمية ثم يعقد محادثات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يليها لقاء صحافي مشترك.
ومن روما، أطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة مواقف خلال لقائه السفراء العرب المعتمدين في ايطاليا، حيث شرح الظروف التي يعيشها لبنان والجهود التي أدت إلى حصول توافق على وقف إطلاق النار، معتبرا “أن التحدي الأساسي يتمثل في إلزام اللجنة المكلفة متابعة هذا الملف اسرائيل بوقف خروقها وسحب قواتها من الاراضي اللبنانية”. وقال: “نحن ننتظر تنفيذ هذه التدابير بضمانة أميركية – فرنسية، ولكن لا نرى التزاماً إسرائيلياً بذلك”. أضاف: أن جيشنا بدأ توسيع انتشاره في الجنوب ومعنوياته عالية جداً، وهو يعمل على بسط سلطة الشرعية اللبنانية، ولكي لا يكون هناك سلاح خارج السلاح الشرعي. ونحن في هذا السياق نعوّل على استمرار دعم الأشقاء والأصدقاء الجيش على الصعد كافة لتمكينه من القيام بدوره كاملاً”. وعن ملف رئاسة الجمهورية قال: “صحيح أن حكومتنا تقوم بأقصى ما يمكن لإدارة شؤون الدولة وتتعاون مع كل المؤسسات الدولية، ولكن المطلوب أن ينتخب رئيس جديد للجمهورية لكي يكتمل عقد المؤسسات الدستورية. والأنظار متجهة الى جلسة التاسع من كانون الثاني، على امل ان تفضي الى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة تقوم بالإصلاحات المطلوبة”. وعن الملف السوري قال: “علينا أن نحترم إرادة الشعب السوري، ونتمنى له كل الخير، كما نتطلع الى علاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل ومصلحة الشعبين”.
وكان رئيس الحكومة عقد محادثات رسمية مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مساء أول أمس، في مقر رئاسة الحكومة الايطالية في روما.
وأكد ميقاتي في المنتدى السياسي السنوي لرئيسة الوزراء الإيطالية “أن التنفيذ الشامل لتفاهم وقف إطلاق النار ووقف الانتهاكات الاسرائيلية له أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين إلى بلداتهم وقراهم. وهذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم وهي الولايات المتحدة وفرنسا “.
وقال: “إن العدوان الإسرائيلي على لبنان، زاد معاناة شعبنا وأدى الى خسائر فادحة في الأرواح، كما ألحق أيضاً أضراراً جسيمة بالبنى التحتية والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي. وأدّى النزوح الجماعي لآلاف اللبنانيين إلى نشوء أزمة إنسانية غير مسبوقة، مما يستدعي اهتماماً ودعماً فوريين من المجتمع الدولي. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار لدعم عملية إعادة الإعمار”.
وأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن اتفاق إيقاف العدوان هو اتفاق تنفيذيّ مستمدّ من القرار 1701 ويرتبط بجنوب نهر الليطاني حصراً، ونحن كحزب الله نتابع ما يحصل ونتصرف بحسب تقديرنا للمصلحة، ومقاومة حزب الله مستمرة إيماناً وإعداداً”. وأعلن الشيخ قاسم أن “ضمن برنامج عمل الحزب، إعادة الإعمار بمساعدة الدولة، والعمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني”.
حول برنامج عمل حزب الله في المرحلة المقبلة أوضح قاسم أن “برنامج العمل الذي سنعمل عليه ونكون شركاء أساسيين في بناء الدولة، أولاً: تنفيذ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني، ثانيا: إعادة الإعمار بمساعدة الدولة المسؤولة عن الإعمار والتعاون مع كل الدول والمنظمات والأشقاء والأصدقاء الذين يرغبون في مساعدة لبنان على الإعمار، ثالثاً: العمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني لتنطلق عجلة الدولة، رابعاً: المشاركة من خلال الدولة ببرنامج إنقاذي إصلاحي اقتصادي اجتماعي، مبنيّ على المواطنة والمساواة تحت سقف القانون واتفاق الطائف، وفي مواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين، خامساً: الحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية، طبعاً نحن لدينا عدة قضايا إشكالية تحتاج إلى حوار، ما هو موقف لبنان من الإحتلال الإسرائيلي لأرضه؟ نريد أن نتحاور حتى نوحّد وجهة نظرنا كيف نواجه الاحتلال ونحرر الأرض ولا نتعايش مع استمرار الاحتلال، كيف نقوّي الجيش اللبناني ليكون دعامة حماية لبنان؟ ما هي استراتيجية لبنان الدفاعية للاستفادة من المقاومة والشعب سنداَ للتحرير، هذه أسئلة وغيرها تحتاج إلى حوار بين اللبنانيين”.
وأعلن السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن “القوى السياسية في لبنان ما زالت تتحاور في ما بينها، ولكن المؤشرات إيجابية وهناك التزام واضح ورغبة حقيقية بإنجاح جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني”.
وقال موسى في حديث تلفزيوني إن “اللجنة الخماسية توافقت سابقاً على مواصفات الرئيس التي وضعتها بالتشارك مع القوى السياسية وأضيفت بعض الأمور اليوم على المواصفات والرئيس يجب ان يكون ملتزماً بتطبيق وقف اطلاق النار ومتابعة ملف اعادة الإعمار”.
وأضاف: “دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لنا لحضور جلسة انتخاب الرئيس إشارة الى أن هناك جدّية وهناك رغبة للخروج من هذه الجلسة برئيس للبنان”.
كما اعتبر أن “على القوى اللبنانية أن تتحرك سريعًا وألا ترهن قرارها الى اي متغيرات والسفيرة الأميركية أكدت مرارًا على ان الادارة الاميركية ملتزمة بانتخاب رئيس في أسرع وقت”.
على خط آخر، قال النائب وليد البعريني أمام زوّاره إن “تكتّل الاعتدال الوطني يعدّ اقتراح قانون شامل للعفو العام سيقدّمه إلى مجلس النواب، وسيطالب الرّئيس نبيه بري بتحديد جلسة تشريعية عاجلة يُدرج اقتراح القانون على جدول أعمالها للتصويت على إقراره. وهو اقتراح من شأنه أن يعطي كل إنسان حقّه ضمن القانون وبعيدًا من الظلم”.
وأضاف:” إنّنا أمام متغيّرات متسارعة تحتّم علينا التقاط الفرص البنّاءة والمفيدة للبنان، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبالتالي إعادة انتظام العمل في شتى المؤسّسات”.
إلى ذلك حثّ البطريرك الماروني بشارة الراعي “المسيحيين على الانخراط في العمل الوطني السياسي في سورية”. مشدداً على أنه “لا بدّ من مدّ اليد لجميع المكوّنات السوريّة للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهميّة بناء سورية على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز دينيّ أو طائفيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ”. وحيّا الراعي “مطارنة وأبناء أبرشيّاتنا المارونيّة الثلاث في كلّ من حلب ودمشق واللاذقيّة، وإلى سائر الكنائس الكاثوليكيّة والأرذوكسيّة والإصلاحيّة الزاهرة في سورية. إنّ سورية هي مهد المسيحيّة المتجذّرة فيها منذ بدايتها. وبالتالي عاش المسيحيّيون فيها بإخلاص لها، وأعطوها من صميم قلوبهم لحماية العيش المشترك والعدالة والسلام والحريّة وحقوق الإنسان”.
وفي الشان اللبناني، شدّد الراعي على أهمية التوافق بين الكتل النيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المزمع عقدها في التاسع من كانون الثاني المقبل. وأكّد مرافقة هذه الجهود بالصلاة لتحقيق الخير للبنان واللبنانيين، متمنيًا أن يكون الرئيس المنتخب الأنسب لتحقيق السلام العادل والمستدام في لبنان وسورية”.