كتبت صحيفة “البناء”: انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية والفلسطينية والعربية والدولية بالتقارير التي تدفقت من كيان الاحتلال عن قرب التوصل الى الاتفاق على وقف إطلاق النار مع لبنان، وعن وجود نص متفق عليه سوف يُعرَض على المجلس الوزاري المصغر في الكيان اليوم مساء، وسط توقعات نشرها الإعلام في الكيان وخارجه عن إعلان متوقع للاتفاق بين الرئيسين الأميركي والفرنسي، وسط تكتم في الجانب اللبناني، خصوصاً المفاوض الأول رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نفى ما نُسب إليه من بعض المؤسسات الإعلامية عن إنجاز الاتفاق، ولفت الانتباه توجيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة لانعقاد مجلس الوزراء مساء اليوم، فيما لجأ الجانب الأميركي إلى تأكيد التقدم في المسار التفاوضي، مع الحرص على الحذر على قاعدة تأكيد بقاء نقاط خلافية تنتظر الحسم، بينما كانت المواقف داخل الكيان تعبر عن تجاذبات تتصل بالموقف من مشروع الاتفاق وسط غموض بنوده، مع تأكيدات تقول إن المؤسسة العسكرية والأمنية كانت وراء القبول بصيغة لا تتناسب مع الطلبات الإسرائيلية انطلاقاً من الحرص على تماسك الجيش وعدم تعرّضه لخسائر كبرى ظهر أنها بانتظاره في ضوء طبيعة المعارك الدائرة على الجبهات البرية ونجاح المقاومة بإحباط محاولات تقدّم قوات الاحتلال ومنعها من التمركز والتثبت، مع الاعتراف بحجم المفاجأة التي تسبّب بها يوم اطلاق الصواريخ التي هزت الكيان أول أمس، وجاءت انسحابات قوات الاحتلال من محاور رئيسية للقتال، خصوصاً في جبهة القطاع الغربي ومحاور البياضة وشمع التي تكبّد فيها الاحتلال خسائر جسيمة، وسحب الوحدات الرئيسية من محاور دير ميماس القريبة من مدينة الخيام ومن مدينة الخيام نفسها، وقالت القناة 14 إن الجيش بدأ الانسحاب الذي ينصّ عليه الاتفاق قبل وضعه موضع التنفيذ.
التساؤل الرئيسي حول نتائج الاتفاق في حال صحة المعلومات المتداولة، يتصل بالوضع في غزة، ومدى تماسك محور المقاومة بعده ومقولة وحدة الساحات، وهنا كان لافتاً الكلام الصادر عن القيادي في حركة حماس أسامة حمدان الذي قال: نحن في محور المقاومة ننسق مع بعضنا ونتداول كل المعلومات والمعطيات ونتشاور في الخيارات، وأضاف: انه في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جبهة لبنان سنكون سعداء، لأن هذا انتصار للمقاومة، مؤكداً أن المقاومة الفلسطينية تثمن عالياً تضحيات حزب الله التي لا تنسى في سبيل الوقوف مع فلسطين، وخصوصاً غزة.
تبلّغ لبنان رسمياً اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه يلتزم الصمت حرصاً على إنجاح الاتفاق، فيما تتواصل الاتصالات المكثفة قبل الإعلان عن وقف اطلاق النار المتوقع عند الساعة العاشرة من قبل ظهر غد الاربعاء، وبدأت الأمانة العامة لمجلس الوزراء التواصل مع الوزراء لتأمين نصاب جلسة خاصة للتوافق رسمياً على اتفاق وقف إطلاق النار وبنصاب الثلثين. وكان الرئيس نبيه بري تواصل مع الرئيس نجيب ميقاتي وتمنى عليه إعلان الاتفاق من السراي باسم لبنان لكون حكومته تمثل حالياً صلاحيات رئاسة الجمهورية. واشارت مصادر الرئيس بري إلى ان الاربعاء سيعلن الاتفاق وسيتمّ ذلك بتوقيت متزامن بين لبنان والولايات المتحدة و»اسرائيل».
الى ذلك أفيد أن الرئيسين الأميركيّ جوّ بايدن والفرنسيّ إيمانويل ماكرون سيعلنان خلال الساعات المقبلة، وقفًا للعمليات العدائية بين لبنان و”إسرائيل” لمدة 60 يومًا.
وأوضح المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، أن “وقف إطلاق النار في لبنان أولوية بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن”، في وقت يتزايد فيه الحديث عن قرب وقف إطلاق النار بين حزب الله و”إسرائيل”. وأوضح أن “الاتصالات بشأن التوصل لوقف إطلاق نار بين “إسرائيل” وحزب الله مستمرة لكن لا تطور يمكن الحديث عنه”، مضيفًا “المبعوث أموس هوكشتاين عاد إلى واشنطن بعد نقاشات بناءة ونحتاج إلى مواصلة العمل للحصول على وقف إطلاق النار”. وكشف البيت الأبيض “أننا وصلنا إلى نقطة في نقاشاتنا تدفعنا للاعتقاد أن المباحثات تسير بطريق إيجابي جدًا”.
وتتضمن مسوَّدة اتفاق وقف إطلاق النار فترة انتقالية مدتها 60 يومًا ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، بينما ينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل حزب الله أسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني. وتتضمّن المسوّدة أيضاً لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات.
وتوقّع مسؤولون إسرائيليون أن يتمّ التّوصل إلى هذا الاتفاق خلال أيام. صرّح المتحدث باسم حكومة العدو الإسرائيليّة ديفيد مينسر قائلًا: “نتحرك في اتجاه اتفاق، لكن هناك بعض القضايا الّتي لا تزال عالقة وتحتاج للمعالجة”، من دون تقديم تفاصيل إضافية. هذه التصريحات جاءت بالتزامن مع إعلان السّفير الإسرائيليّ لدى واشنطن، مايكل هرتسوغ، أن إسرائيل قريبة جدًا من التّوصل إلى اتفاقٍ مع لبنان، مشيرًا إلى أن ذلك قد يحدث خلال أيام قليلة.
وأفاد موقع “واللا” الإسرائيلي بأن المجلس الوزاري الإسرائيليّ المصغّر للشؤون السّياسّية والأمنيّة (الكابينت) سيجتمع اليوم الثلاثاء للمصادقة على الاتفاق، مما يشير إلى تقدم في المفاوضات الجارية رغم التعقيدات التي قد تحول دون الإعلان الرسمي.
وفي سياقٍ متصل، نقلت هيئة البثّ الإسرائيليّة عن مسؤولٍ إسرائيلي قوله: “تمّ تحقيق تقدّم كبير على طريق وقف إطلاق النار في الشمال، والأمر أصبح أقرب من أي وقتٍ مضى”، مضيفًا أن الاتفاق قد يعلن في الأيام المقبلة إذا لم تحدث مفاجآت.
أما في ما يتعلق بالدور الأميركيّ، أوضحت صحيفة العدو “إسرائيل اليوم” أنه بعد توقيع الاتفاق، سيكون على الجيش الإسرائيليّ أن يكمل انسحابه من جميع الأراضي اللبنانية خلال 60 يومًا. خلال تلك الفترة، ستكون هناك قوّة عسكريّة أميركيّة في المنطقة لفرض انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وضمان بقاء حزب الله في منطقة ما وراء نهر الليطاني.
وأعرب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن رفضه لوقف إطلاق النار، ودعا إلى الاستمرار في الحرب على لبنان. وأكد بن غفير أن التوصل لاتفاق مع لبنان يعد “خطأ كبيرًا” و”تفويتًا لفرصة تاريخيّة لاجتثاث حزب الله”، مطالبًا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاستمرار في الحرب حتى تحقيق “النصر المطلق”. وقال بن غفير: “حزب الله ضعيف ويتوق إلى وقف الحرب”.
أما رئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس، فأكدّ أن أي تسوية في لبنان يجب أن تسمح بحرية العمل للجيش الإسرائيلي هناك، وفق ما نقلت صحيفة معاريف. وشدّد غانتس على أن حرية العمل العسكري يجب أن تكون ضد التهديدات المباشرة أو ضد تعزيز حزب الله قوته من جديد، مما يعكس مخاوف “إسرائيل” من إعادة بناء قوة الحزب في المستقبل.
وعلى المستوى اللبناني، جدّد وزير الخارجّية عبد الله بوحبيب التزام لبنان بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وقال إن لبنان مستعد للوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في القرار المذكور أعلاه. وهذا يعني حرفياً، وأنا أقتبس: “لن يكون هناك سلاح دون موافقة الحكومة اللبنانية، ولا سلطة غير سلطة الحكومة اللبنانية”. ويتطلب تحقيق هذا الهدف شرطين ضروريين:
1 – وقف فوري لإطلاق النار.
2 – انتشار قوات مسلحة لبنانية إضافية جنوب نهر الليطاني.
وبمجرد تحقيق ما سبق وبالتعاون مع قوات اليونيفيل، سيكون لبنان قادراً على بسط سلطته على أراضيه”.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، في تصريح لوكالة “رويترز”، إلى أنه “لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء تنفيذ الهدنة المقترحة من الولايات المتحدة”. وأشار إلى أن “الهدنة التي ترعاها واشنطن ستراقب تنفيذها لجنة مكونة من 5 دول”. وأضاف بوصعب “الهدنة تقوم على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب وانتشار الجيش اللبناني خلال 60 يوماً”.
وسط هذه الأجواء، رأس رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية اجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب. وبعد الاجتماع تحدّث أبو صعب وقال: برأيي ما يحصل حالياً هو أننا اقتربنا من الساعة التي سيكون فيها الحسم بموضوع وقف إطلاق النار هذا الاسبوع الذي نحن فيه أو في الـ10 ايام المقبلة، نحن متفائلون، لكن لا يمكن الجزم مع شخص مثل نتنياهو، الشيء الوحيد الذي يمكن ان يجعل نتنياهو يغير بالرغم من كل الذي يحصل هو الميدان، وفي الميدان تبين أن نتنياهو يدفع أثماناً كبيرة. وقال أبو صعب: “لقد وافقت “إسرائيل” على وجود فرنسا لأن الرئيس بري لم يقبل الا بوجودها في اللجنة، لأنه كان متفقاً مع الوسيط الاميركي خلال زيارته الى لبنان على اللجنة بوجود اميركا وفرنسا وكان موقف الرئيس بري ان ما اتفقنا عليه هو ما اتفقنا عليه، هو فرنسا في هذه اللجنة، واما في موضوع حرية التحرك نحن نتكلم عن القرار 1701 كاملا، والقرار 1701 لا يعطي لـ”إسرائيل” حرية التحرك في لبنان”.
في الميدان، التصعيد سيد الموقف بين “إسرائيل” وحزب الله، حيث تنقلت الغارات والانذارات الاسرائيلية للضاحية الجنوبية والجنوب وقرى البقاع، مسقطة شهداء وجرحى. واغار الطيران الحربي الإسرائيلي مستهدفاً أبنية سكنية في حارة حريك وبئر العبد في والحدث والشويفات والغبيري.
وفي صور، أسفرت ثلاث غارات شنتها المسيرات الإسرائيلية على المدينة الى سقوط 10 شهداء بينهم عسكري في الجيش اللبناني وجرح 17 شخصاً، نقلهم الدفاع المدني وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي والصليب الأحمر إلى مستشفيات صور.
ونفذ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات طالت مناطق متفرقة، كما قامت قوات من الجيش الإسرائيلي منذ الصباح بتفجيرات في محيط مسجد الخيام شمالي البلدة، وسط قصف مدفعي ترافق مع رشقات رشاشة في أحياء البلدة.
كما نفذت تفجيرات في محيط ديرميماس على مجرى نهر الليطاني. وفي النبطية، أغارت مسيّرة إسرائيلية على بلدة يحمر الشقيف، ما أدّى الى وقوع شهيد. كما أغار الطيران الحربي على منزل في بلدة جناتا – قضاء صور، مما أدى إلى اضرار جسيمة، وغارتين على البازورية.
وتعرضت بلدات يحمر الشقيف والجبل الأحمر بين حاروف وشوكين وزبدين صباحاً لغارات اسرائيلية وسجلت ايضاً غارات على ارنون وكفرتبنيت وحرج علي الطاهر ومحيط قلعة الشقيف وغارات على مجرى الليطاني بين زوطر وديرسريان وبين شوكين وميفدون واطراف كفرصير و3 غارات على عين قانا في إقليم التفاح.
على صعيد متصل، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الغارة التي شنتها “إسرائيل” الشهر الماضي على فرق صحافية في حاصبيا في جنوب لبنان “هجوم متعمد على الأرجح ويشكل جريمة حرب واضحة”. يأتي ذلك بعد تحقيق نشرته صحيفة الغارديان البريطانية كشف عن أن “إسرائيل” استخدمت ذخيرة أميركية لاستهداف وقتل 3 صحافيين في جنوب لبنان في هجوم استهدفهم في 25 تشرين الأول المنصرم.
وشددت اليونيفيل على أن “مثل الهجمات التي تستهدف القوات المسلحة اللبنانية في الأراضي اللبنانية، تشكل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 والقانون الإنساني الدولي، والذي يحدّ من استخدام العنف ضد أولئك الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية”.
وأكد أن “دور القوات المسلحة اللبنانية يظلّ حيوياً من أجل التنفيذ الكامل للقرار 1701 (2006)، وهو أمر ضروري لإنهاء العنف المستمر بين حزب الله و”إسرائيل””.
في المقابل، أعلن الحزب “استهداف قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا المُحتلّة بالصواريخ”. وقال إنّه استهدف قاعدة شراغا شمالي مدينة عكا وجنود اسرائيليين عند مثلّث دير ميماس – كفركلا. واستهدف “تجمّعا لقوّات الجيش الإسرائيلي في مستوطنة ميرون بصليةٍ صاروخية”. كما استهدف “تجمعا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في مستوطنة أفيفيم بصلية صاروخية”. وقال: استهدفنا مجموعة إسرائيلية تحصنت في أحد المنازل عند الأطراف الجنوبية لبلدة البياضة. وأعلن حزب الله أنّ مقاتليه استهدفوا مستوطنة شتولا، بصليةٍ صاروخية.
توازياً، قال المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمة له في مناسبة أسبوع التعبئة إن “قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال نتنياهو غير كاف ويجب إصدار أحكام إعدام ضد قادة “إسرائيل””. وأشار إلى أن “جبهة المقاومة اليوم توسعت ويوم غد ستتوسع أكثر، العدو لم يحقق انتصاراً في غزة ولا في لبنان ولن ينتصر في هاتين المنطقتين”.
وتابع: “قصف العدو لمنازل المدنيين في قطاع غزة ولبنان ليس انتصاراً وهو لن يحقق الانتصار فيهما، وما قام به هو جرائم حرب وقرار المحكمة الجنائية الدولية غير كافٍ ويجب إصدار حكم إعدام بحق القادة المجرمين”.
وشدّد وزير خارجية إيطاليا أنتونيو تاجاني على أنه يجب وقف إطلاق النار في غزة ولبنان. كما قال: “نحث على انتخاب رئيس في لبنان وندعم الجيش اللبناني”، معتبرًا أن “الاعتداء على قوات اليونيفيل في لبنان غير مقبول”.
إلى ذلك تعقد جلسة للهيئة العامة يوم الخميس المقبل للبحث في عدد من اقتراحات القوانين منها ما هو معجل ومكرر ومنها ما هو جاهز وقد ارتأت هيئة مكتب المجلس حصر جدول الأعمال بمواضيع قليلة جداً نظراً للأوضاع القائمة ونظراً لأهمية إقرار قوانين ملحّة تتعلق بالأمن والجيش والقضاء والقوى العسكرية من هنا تمّ اختصار جدول الأعمال بخمسة مواضيع. وقال أبو صعب: “بموضوع الأجهزة الأمنية وقيادة الجيش والقيادات الأخرى هناك أكثر من اقتراح منها ما حصل السنة الماضية، واتكلم عن نقاش داخلي، لكن نحن لا نقرر فمن يقرر هي الهيئة العامة، لا يمكن لنا ان نعتمد نفس الذي حصل السنة الماضية أي التمديد لفترة سنة لاشخاص معينين. هناك ظلم يقع على عدد كبير من العمداء الذين نحرمهم فرصة أخرى، وبالتالي سنقوم بعقد عدة لقاءات قبل يوم الخميس مع ممثلين عن الكتل لنرى كيفية الوصول الى صيغة يتم التوافق عليها لأن هناك عدة صيغ مقدمة”.