الرئيسية / صحف ومقالات / الجمهورية: مصر لوقف العدوان وانتخاب رئيس توافقي… واشنطن لتسوية عاجلة… لبنان يرفض شروط إسرائيل
الجمهورية

الجمهورية: مصر لوقف العدوان وانتخاب رئيس توافقي… واشنطن لتسوية عاجلة… لبنان يرفض شروط إسرائيل

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: المشهد اللبناني منضبط على ثلاثة اتجاهات؛ الاول، أملٌ يبديه الاميركيون في احتمال بلوغ تسوية قريبة على جبهة لبنان. الثاني، ترقّب شامل المستوى الرسمي والسياسي في لبنان، لما يُحكى عن اتصالات وحراكات خارجية لإنضاج تسوية سياسية، مع ميل واضح إلى التشاؤم. واما الثالث، فيتبدّى في تصعيد كبير تدفع اليه إسرائيل، يضع الميدان العسكري امام احتمالات خطيرة.

9 او 16 قتيلاً؟

الواضح الوحيد في هذا المشهد، هو تصعيد العدوان وفق ما سمّتها إسرائيل المرحلة الثانية من عدوانها، التي كثفت فيها استهدافاتها للمناطق اللبنانية وغاراتها الجوية التدميرية للبنى المدنية والسكنية، ولا سيما في الضاحية الجنوبية، يقابله تكثيف «حزب الله» لاستهدافاته بالصواريخ والمسيّرات الانقضاضية لمواقع وقواعد الجيش الإسرائيلي ومستوطنات الشمال ومدن العمق الإسرائيلي، وطالت بالأمس بصورة لافتة، مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية وهيئة الاركان العامة وغرفة ادارة الحرب في تل ابيب. فيما اعترفت منصات إعلامية اسرائيلية بمقتل 9 جنود إسرائيليين في كمين لـ»حزب الله» حين محاولتهم التقدّم في اتجاه مثلث التحرير بين عيترون وعيناثا وبنت جبيل، في وقت قدّرت منصّات اخرى أنّ عدد القتلى يتجاوز الـ16 جندياً.

إدارة من بُعد!

على مستوى الحراكات، لا شيء واضحاً حتى الآن في الميدان السياسي، والصورة رسمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بتأكيده ثبات الموقف اللبناني على التمسّك بالقرار 1701 وتنفيذه بكل مندرجاته بلا زيادة او نقصان، وعدم تلقّي أيّ مقترحات حلول بصورة رسمية من أيّ مصدر خارجي، أميركي او غير أميركي، ليُبنى على الشيء مقتضاه. فيما أبلغت مصادره إلى «الجمهورية» قولها: «انّ التسريبات التي يجري ضخّها في الإعلام، وخصوصاً من قِبل الإسرائيليين، لا يعتبر لبنان نفسه معنياً بها، باعتبارها غير صالحة للنقاش أساساً، وليست من النوع الذي يفتح الأفق المسدود، ويفضي إلى تسويات ووقف لإطلاق النار وفق منطوق القرار 1701».

وبمعزل عمّا إذا كانت هذه التسريبات وهمية في ما أشاعته من ايجابيات، او من شأنها أن تؤسّس إلى تفاهمات جدّية لاحقة تعجّل في التسوية ووقف اطلاق النار، فإنّ الأجواء الواردة من الولايات المتحدة الاميركية، وفق ما تؤكّد لـ»الجمهورية» مصادر رسمية، لا تشي باقتراب المسؤولين الأميركيين المعنيين بحراكات واتصالات التسوية من سقف التفاؤل الجدّي حيال تسوية قريبة، ما خلا تمنيات أبداها الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين باستغلال الأطراف فرصة اعتبرها مؤاتية الآن لبلوغ تسوية سياسية بين إسرائيل و»حزب الله»، تفضي إلى تهدئة الجبهة الحدودية وإعادة السكان إلى بيوتهم على جانبي الحدود.

وتضيف المصادر عينها، تبعاً للأجواء الاميركية، أنّه على الرغم من قول هوكشتاين، الذي عقد في واشنطن اجتماعاً مفصّلاً مع وزير الشؤون الاستراتيجية في اسرائيل رون ديرمر، بأنّه مفعم بالأمل، يمارس تكتماً شديداً على مواضيع البحث، وهو إذ أوحى بأنّه يتعيّن الذهاب إلى اللبنانيين، لم يعيّن موعداً محدداً لزيارته بيروت، تاركاً هذه الزيارة احتمالاً قائماً، ربما إلى ما بعد اكتمال ملف التسوية الذي يعدّه، وخصوصاً انّه لم يشر من قريب او بعيد إلى امتلاكه، ما يمكّنه من إحداث خرق إيجابي.

وبحسب المصادر عينها، «فإنّ ما ينبغي التوقف عنده في موازاة ذلك، هو تأكيد كبار المسؤولين الأميركيّين على التعجيل بالتسوية على جبهة لبنان، وتبعاً لهذا الاستعجال، فإنّ بعض الأوساط الأميركية المواكبة لمهمّة هوكشتاين، تشدّد على أنّ الوساطة الاميركية تعتبر انّ الوقت بات ضاغطاً والتسوية تستوجب أن تسبق الوقت، وتجزم بتواصل وشيك بين هوكشتاين والمسؤولين في لبنان، وليس بالضرورة عبر زيارة مادية، بل يمكنه (أي هوكشتاين) أن يدير الأمر من بُعد». (ضمن هذه الاجواء، لا تستبعد مصادر مواكبة للحراكات إمكان اتصال هوكشتاين برئيس مجلس النواب نبيه بري ليعرض عليه ما يسمّى مشروع التسوية).

لقاء بايدن – ترامب

هذه الاجواء، تترافق مع تعويل كل المعنيين المحليين والخارجيين على لقاء الرئيس الاميركي جو بايدن مع الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الذي عُقد أمس في البيت الابيض، وما سيتقرّر فيه على صعيد الملفات التي تعني الادارة الاميركية، ومن ضمنها ملف المنطقة بصورة عامة ولبنان بصورة خاصة، في ظل الجهود التي تُبذل خصوصاً من الادارة الاميركية، لبلورة تسوية سياسية توقف العدوان الاسرائيلي على لبنان.

الـ1701 هو السقف

وبحسب ما يؤكّد مصدر سياسي مواكب لحركة الاتصالات لـ«الجمهورية»، فإنّ «ما تحاول أن تسوّقه اسرائيل من تسريبات وشروط حول التسوية، لا يشكّل الحدّ الادنى الذي يمكن ان يوافق عليه لبنان. حيث انّها تعكس بوضوح أنّ اسرائيل ذاهبة بشروطها إلى الغاء القرار 1701 وخلق معادلة جديدة وواقع جديد في لبنان، تكون فيه اسرائيل جزءّاً من آلية الرقابة والتنفيذ للقرار الأممي، وهذا معناه إخضاع لبنان على نحو أسوأ من اتفاق 17 ايار».

ولفت المصدر إلى «أنّ موقف لبنان نهائي لجهة وقف اطلاق النار، وحل يقوم على التطبيق الكامل والشامل للقرار 1701. وبمعزل عن أي مستجدات او طروحات فإنّ كرة الحل في الملعب الاسرائيلي بالانصياع للقرار 1701، بالتالي فإنّ لبنان لن ينزل تحت هذا السقف المتفق عليه اساساً مع هوكشتاين».

واشار المصدر إلى «أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ثابتان على هذا السقف، وسيؤكّدان على هذا الموقف مجدداً أمام هوكشتاين، سواء إنْ حضر إلى بيروت او عبر أي قناة أخرى. ومعنى ذلك أنّ الشروط التي تطرحها اسرائيل لوقف اطلاق النار، وتحاول ان تحشد دعماً دولياً معها، مرفوضة جملة وتفصيلاً، ولدينا ما يؤكّد أنّ الاميركيين لا يماشونها، ويعتبرونها تعقيدات معطلة ومؤخّرة للتسوية. ومن هنا فإنّ تأخّر حضور هوكشتاين إلى بيروت قد يكون مردّه إلى عدم وصوله حتى الآن إلى صيغة نهائية للتسوية من شأنها أن تحظى بمقبولية الجانب اللبناني عليها».

غبار إسرائيلي

إلى ذلك، تتفق تقديرات المحللين على أنّ ضخ الإيجابيات من قبل اسرائيل لا يستند الى ارضية صلبة، بل انّ الهدف منها هو إثارة المزيد من الغبار في مسار التسوية والإرباك المسبق لأي جهود او حراكات في اتجاهها، وتقييدها بشروط وتعقيدات.

وبحسب هذه التقديرات فإنّ إسرائيل تقبل بتسوية سياسية بشروطها، والتقدّم الذي يتحدث عنه المستوى السياسي فيها، قد لا يعني التقدّم مع لبنان، بل محاولة القول بأنّه تقدّم في اتجاه اقتراب الموقفين الأميركي والاسرائيلي من نظرة واحدة إلى التسوية النهائية التي تريد اسرائيل ان تُفرضها على لبنان. ومن هنا فإنّ اسرائيل، وكما يبدو، تستبق حراكات التسوية بالقول انّها راغبة في حل سياسي تكون هي صاحبة الكلمة النهائية فيه».

وتضيف تلك التقديرات، أنّ اسرائيل تسعى كما هو واضح الى مراكمة اوراق ضاغطة على لبنان، وما اعلان المستوى العسكري فيها توسيع العملية البرية في لبنان والتصعيد الكبير الذي بدأته بوتيرة اكثر عنفاً واتساعاً في عملياتها العسكرية ضدّ لبنان، سوى محاولة للضغط على لبنان للقبول بتسوية بشروط اسرائيل (الإعلام الاسرائيلي تحدث عن اقتراح لسريان هذه التسوية اعتباراً من 20 تشرين الثاني الجاري، وجوهرها إبعاد «حزب الله» إلى شمال الليطاني، ومنع إعادة تسليحه، وضبط الحدود بين لبنان وسوريا بوساطة روسية، ومنح اسرائيل حرّية الاستطلاع الجوي في اجواء لبنان، والحق بالتعامل مع اي خرق وشن هجمات داخل لبنان كلما وجدت حاجة لذلك). كل تلك الشروط يرفضها لبنان جملة وتفصيلاً.

باريس على الخط

الى ذلك، أكّدت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لـ»الجمهورية»، أنّ باريس على خط الحراكات الجارية للتعجيل في وقف اطلاق النار على جبهة لبنان، وتركيز حلّ ديبلوماسي يوفّر الأمن والاستقرار على جانبي الحدود».

ولفتت المصادر الى خطوات باشرت فيها باريس لتوفير الدعم الحقيقي للجيش اللبناني، وتعزيز قوات «اليونيفيل». وضمن هذا السياق يأتي تأكيد فرنسا استعدادها لتعزيز عديد وحدتها العاملة في اطار قوات حفظ السلام في الجنوب اللبناني».

ورداً على سؤال لم تدخل المصادر في لعبة المواقيت وتحديد مواعيد زمنية لبلوغ التسوية، وقالت: «مصلحة كل الاطراف بالوصول الى تسوية سياسية تنهي الحرب في اقرب وقت ممكن، وفرنسا وشركاؤها يعملون في هذا الاتجاه، مع التشديد على أنّ الشرط الأساس للتعجيل في وقف الحرب هو مبادرة كلّ الاطراف إلى تنازلات تخدم الحل الديبلوماسي وتعجّل في وقف اطلاق النار».

الشروط الإسرائيلية

في سياق متصل، كشفت معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» أنّ «سفيراً اوروبياً عكس امام مسؤولين كبار أجواءً لا تميل إلى التفاؤل بقرب بلوغ تسوية على جبهة لبنان، حيث أنّه قال ما حرفيته «إنّ هناك حراكاً يجري بين العواصم، وهناك أفكار يتمّ تداولها، لكنّها لم ترق بعد إلى أن تشكّل أساساً لحل. ولا نزال نسمع من «حزب الله» انّه مستمرٌ في الحرب وجاهز لها لفترة طويلة، وفي الوقت نفسه نسمع من الجانب الاسرائيلي مواقف متناقضة بين توجّه للتعجيل في التسوية وبين توجّه في الآن نفسه لتوسيع المناورة البرية. ما يعزز الخشية في هذه الأجواء من أن ينحدر الوضع العسكري إلى مزيد من الاشتعال والتصعيد بما لا يخدم مصلحة أي من اطراف الحرب القائمة». وفُهم من كلام السفير عينه أنّه يلمّح الى الطروحات الاسرائيلية التي زامنتها اسرائيل بتصعيد في الميدان العسكري، تتفق كل التقديرات على أنّ الهدف منه هو فرض واقع ميداني ضاغط على «حزب الله» ولبنان للقبول بالشروط الاسرائيلية».

تناقض اسرائيلي

وإذا كان لبنان مستعجلاً بكل مستوياته على إنهاء الحرب، الّا أنّ الصورة لا تبدو مختلفة في الداخل الاسرائيلي، حيث لوحظ امس ارتفاع وتيرة التهديد على لسان وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال: «إننا لن نتخلّى عن حق اسرائيل في العمل ضدّ أي عمليات مسلحة من لبنان، ولن نوقف اطلاق النار في لبنان، ولن نسمح بأي تسوية دون تحقيق اهداف الحرب، ولن نقبل بأي تسوية لا تشمل نزع سلاح «حزب الله» وانسحابه الى ما وراء الليطاني».

يتناقض ذلك مع ارتفاع الاصوات المنادية بالتسريع بالتسوية السياسية. وقالت القناة 12 العبرية «إنّ الأيام قبل إنهاء التسوية هي الأكثر حساسية، لأنّه يحتمل حدوث سوء حسابات يؤدي الى تصعيد بدل تسوية». وفي موازاة ذلك، تحذيرات يعرضها الإعلام الاسرائيلي من «أنّ «حزب الله» قادر على إطلاق 200 صاروخ يومياً، ويتّجه نحو حرب استنزاف لوقت طويل جداً، وهو قادر على تنفيذ ذلك. ونحن أقل قدرة منه لهذه الحرب لأننا نطمح للعودة إلى الوضع الطبيعي وترميم الاقتصاد والمجتمع. ولا شك انّه مع مرور الوقت فإنّ إنجازات اسرائيل تنخفض وإنجازات «حزب الله» ترتفع. فهو يقاتل بشكل مختلف في هذه الحرب مع مسيّرات ومحلّقات، ولا يمكننا إزالة التهديد الذي تشكّله الصواريخ بالقتال حتى نفادها، لذلك يحتاج الامر الى تسوية».

وزير الخارجية المصري

وفي سياق الحراكات، تندرج زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي قام بزيارة قصيرة الى بيروت امس، التقى خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون.

وقال عبد العاطي انّه نقل رسالة تضامن من الرئيس عبد الفتاح السيسي مع لبنان وشعبه، مؤكّداً دعم مصر للبنان في هذه الظروف واستعدادها لتلبية الحاجات الإنسانية والصحية».

وادان عبد العاطي العدوان الاسرائيلي، وشدّد على أنّ الاولوية هي لوقف اطلاق النار من دون شروط والحفاظ على الاستقرار الداخلي، مشيراً الى اتصالات شبه يومية تهدف الى وقف النار وممارسة الضغوط على اسرائيل.

وشدّد على ضرورة انتخاب رئيس توافقي للجمهورية في لبنان ضمن ملكية لبنانية وطنية، مؤكّداً على الرفض الكامل لأي إملاءات خارجية وقال: «لا تملك أي دولة او جهة خارجية أن تملي على اللبنانيين من يكون رئيسهم المقبل».

ملف النزوح

من جهة ثانية، وفي موازاة الأعباء الكبرى التي يرخيها ملف النازحين، والمعاناة التي تجتاحهم على غير صعيد، عقد رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» النائب تيمور جنبلاط اجتماعاً، في كليمنصو، أمس، مع رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، يرافقه نائبه جان مخايل والمراقب المالي في مجلس الجنوب ياسر ذبيان، بحضور عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، أمين السر العام في «التقدّمي» ظافر ناصر، مسؤول مكتب التنمية الاقتصادية والاجتماعية في «التقدّمي» وئام أبو حمدان ومستشار النائب جنبلاط حسام حرب.

وخلال الاجتماع، تمّ البحث في ملف النزوح والحاجات المطلوبة للنازحين، لا سيما على أبواب فصل الشتاء، وسبل التنسيق مع مجلس الجنوب لدعمهم، لا سيما في الجبل.

وشكر جنبلاط لـ«حيدر الجهود المبذولة من قبل مجلس الجنوب لإغاثة النازحين ودعمهم».

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *