كتبت صحيفة “الأنباء” تقول: لا تقدم ولا معطيات جديدة حول إحتمالية وقف إطلاق نار قريب في لبنان، فالمؤشرات السياسية والعسكرية غير مشجعة ما يبعد أي آمال محتملة بوقف الة القتل الإسرائيلية وسياسة الأرض المحروقة. وبالمقابل، يمكن وصف التسريبات الإسرائيلية حول إتفاق وقف النار بـ “بالونات إختبار”، فالعدو يرفع سقوف المطالب وحزب الله مستمر في الميدان بمعادلة الإيلام.
وفي السياق، لم يبدِ الرئيس وليد جنبلاط أي تفاؤل للخروج مما أسماه بـ “الحرب المفتوحة” بين إيران وإسرائيل في لبنان، قائلاً: “كفانا حروباً بالواسطة، منذ أيام الفلسطينيين مروراً بأيام النظام السوري”. كلام جنبلاط جاء في مقابلة مع جريدة “الأخبار”، وتساءل: “من قال إن الحرب ستتوقف، بإستثناء بعض الشائعات التي نسمعها من هنا وهناك حول وجود مفاوضات، لم أسمع شيئاً جدّياً في هذا الشأن، وليست لديّ معطيات بأن الحرب ستنتهي قريباً”.
وبالمقابل، نقل موقع “أكسيوس” عن المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين عن وجود “فرصة للتوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريباً ومفعمون بالأمل”، قابلته مصادر لجريدة “الأنباء” الإلكترونية بتأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم وجود معطيات حول زيارة هوكستين، إلى بيروت.
الى ذلك، أتت زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من كتلة اللقاء الديمقراطي إلى عين التينة، للتأكيد على إستمرار التواصل في خضم الظروف الراهنة، حيث تم البحث في مستجدات الحرب وموضوع النزوح ووقف إطلاق النار وأهمية انتخاب رئيس وتطبيق القرار 1701.
تصعيد وضغط عسكري
وتابع العدو الإسرائيلي أمس الضغط العسكري على لبنان، وعلى عدة مستويات، فكثّف الغارات التدميرية على الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق مختلفة في لبنان، حيث أغار على منطقة العبادية، مستهدفاً منزلاً في منطقة بين بعلشميه وضهور العبادية ما أدى الى سقوط شهداء وجرحى.
كذلك، إستهدف طيران العدو الإسرائيلي منزلا تقيم فيه عائلة نازحة في بلدة جون في إقليم الخروب أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، وتضرر شبكات التوتر العالي والمتوسط التابعة لمعامل الطاقة الكهرومائية العائدة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وخروج معمل جون (شارل حلو) عن الخدمة مؤقتاً”.
وتعليقاً على ما جرى في العبادية، شجب أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن الإستهداف، معتبراً أنه “ليس العدوان الأول ولن يكون الأخير.. والمعركة طويلة ومستمرة”، مشدداً على “إحتضان أهلنا من النازحين مع مراعاة شروط الإقامة”. وأكد أبو الحسن أن “الدولة وأجهزتها الأمنية والبلديات ستبقى المرجعية الأولى”.
صفقة نتنياهو – ترامب؟!
وإذ بدا التصعيد سيّد المعركة، فإن الأنظار كلها تتجه إلى واشنطن اليوم حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن الرئيس المنتخب دونالد ترامب في زيارة تقليدية تجمع الرئيس المنتهية ولايته مع الرئيس الجديد، إذ أن الإدارة الحالية تمر في حال من المراوحة لا تتيح لها الضغط على حكومة العدو لوقف إطلاق النار، فيما يعوّل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على ترامب لمتابعة تحقيق أهدافه في فلسطين ولبنان وسط مخاوف من الإطار المبهم حتى اللحظة والذي سيتبعه ترامب بتنفيذ وعوده بوقف الحروب في المنطقة وتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
تسريبات خطيرة
وعلى وقع التصعيد الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، كشفت تقارير إسرائيلية مؤشرات خطيرة حول احتمال قيام العدو بعقد صفقة لإنهاء الحرب مع حركة حماس وحزب الله، بشرط الإعتراف بسيادة إسرائيل على مستوطنات في الضفة الغربية.
وبحسب إعلام العدو، فإن نتنياهو يتجه لوضع برنامج تدريجي، يبدأ بفرض السيادة الإسرائيلية على بعض المناطق التي يوجد فيها إجماع بين اليمين الحاكم والأحزاب الليبرالية المعارضة بشأنها، كغور الأردن، والمجمع الاستيطاني الواقع بين القدس وبيت لحم، ومن ثم التفاهم مع ترامب إنطلاقاً من تصريحات سابقة قال فيها: “مساحة إسرائيل صغيرة جداً، ويجب توسيعها”.
ومن جانب آخر، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر التقى ترامب في فلوريدا الأحد الماضي لبحث شؤون الحرب، قبل أن يتوجه إلى واشنطن لإجراء محادثات مع بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. وذكر الموقع أن ديرمر نقل رسائل من نتنياهو لترامب حول خطط إسرائيل بشأن قطاع غزة ولبنان وإيران خلال الشهرين المقبلين قبل تولي الرئيس المنتخب منصبه في كانون الثاني المقبل.
وتأتي هذه المعطيات والتسريبات بعد يوم على عقد القمة العربية- الإسلامية في الرياض، وما نتج عنها من مقررات، وبحسب المراقبين خلصت إلى توجيه رسالة واضحة لحدود أي تسوية مرتقبة في المنطقة، مع التشديد على وقف النار الفوري والوقوف يوجه أي محاولات تصفية للقضية الفلسطينية.
فإذا صحت التسريبات حول فرض سيادة العدو الإسرائيلي على الضفة الغربية، قد نكون أمام مشهد إطلاق رصاصة الإعدام على الحق الفلسطيني بأرضه، “بوعد ترامب”، خصوصاً أن غزة دُمرت ولم تبق أرض لتبنى عليها دولة فلسطينية إلتزماً بالقرارات الدولية. ومن ناحية أخرى، ماذا سيكون الثمن الذي سيدفعه لبنان بالمبارزة الإيرانية- الإسرائيلية على أرضه لإنجاز الصفقة الكبرى، ما يؤشر إلى أن المعركة طويلة!
داخلياً، لا يزال وضع النازحين هرباً من العدوان الاسرائيلي وخصوصاً إلى منطقة الجبل، موضع متابعة واهتمام من الرئيس وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط، حيث أفيد عن اجتماع عقداه مع وكلاء داخلية الحزب في الجبل وتم التأكيد على بعض الضوابط بخصوص النزوح بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وضرورة تعاون القوى المعنية بالنزوح بما يتلاءم مع واقع المناطق المضيفة.
في الغضون، يعود السؤال الكبير حول الكلفة الاقتصادية التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي على لبنان وما تكبّده من أضرار، حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى أنها تجاوزت مبلغ 10 مليارات دولار وهذا الرقم تجاوز ضعف الخسائر التي تسببت بها حرب تموز 2006، لكن الوضع حينها كان أفضل بالنسبة للبنان وعلاقاته العربية، حيث بادرت دول الخليج قاطبة إلى المساهمة في إعادة إعمار ما هدمته الحرب وتحويل الايداعات إلى مصرف لبنان لمساعدة الاقتصاد اللبناني على التعافي، وهذا ما هو غير متوفر اليوم.