كتبت صحيفة “النهار”: مع أن الايحاءات الاستباقية لوصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت كانت ترجح أن تكون مهمته وزيارته “وداعيتين” نظراً إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن نبرة هوكشتاين ومضمون محادثاته كما مواقفه العلنية عاكست كل ذلك، بل عكست مضيّه في محاولة متقدمة للجم الحرب ولو وسط تعاظم الشكوك في جدوى هذه المحاولة تحت نيران التصعيد الحربي الجنوني الذي تتراكم معه المجازر التي تخلفها الغارات الإسرائيلية في قلب المناطق المأهولة. وبدا لافتاً في المحادثات التي أجراها هوكشتاين مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي أنه لم يطرح أي صيغة يستشف منها تعديل القرار 1701 أو الاتجاه إلى قرار أممي جديد يدمج القرارين 1701 و1559 كما قيل، بل طرح التفاوض حول التزام آليات محدّثة لتنفيذ القرار الأول بما يكفل تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة تحت السلطة الكاملة للجيش المعزّز عديداً وعتاداً واليونيفيل، وانسحاب “حزب الله” بالكامل من المنطقة، كما الشروع في مفاوضات ترسيم الحدود البرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.
ولعلّ ما عزّز الانطباعات عن مضيّ هوكشتاين في مهمته بين بيروت وتل ابيب أن الرئيس بري التزم تحفظاً شديداً حيال المحادثات مكتفياً بالإيحاء أنها كانت إيجابية فيما فُهم من مناخاتها أن “شيئاً ما يجري طبخه والعمل عليه” بما يعني أن للمهمة متابعة.
ونقلت شبكة “سي أن أن” في هذا السياق عن مسؤول اميركي “أن جهودنا تركز على الاستفادة من الضغط العسكري الإسرائيلي في لبنان لفرض تطبيق القرار 1701”.
نبرة اللوم
ولم تخلُ نبرة هوكشتاين في بيانه العلني من لوم للفريقين المعنيين بالحرب، إذ لفت إلى “أننا أمضينا أحد عشر شهراً نحاول أن نحتوي الأزمة ولم نتمكن من حلّها، والحلّ كان ممكناً ولكن تم رفضه وخرجت الأوضاع من السيطرة”.
وأعلن “أن ربط مستقبل لبنان بنزاعات أخرى في المنطقة لم يكن وليس في مصلحة الشعب اللبناني”، موضحاً “أن القرار 1701 كان ناجحاً في إيقاف الحرب في العام 2006 ولكن علينا أن نكون صريحين: لم يقم أي أحد بأي شيء لتطبيقه خلال كل هذه السنوات وهذا يجب أن يتغير لأن التزام الطرفين بالـ1701 لا يكفي، وأنا عدت اليوم إلى بيروت لأقوم بمباحثات مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني ورؤساء وقادة سياسيين آخرين، وبصراحة أي شخص يمكن أن يلعب دوراً أساسياً لوضع لبنان على طريق جديدة من القوة والاستقرار وأيضاً الإزدهار الاقتصادي”.
وشدد على “أن العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته إذا قاموا بأخذ الخيارات الشجاعة والصعبة والضرورية والمطلوبة في هذا الوقت لمصلحة كل الشعب اللبناني”. وكشف هوكشتاين أن “أميركا تريد إنهاء هذه المواجهة وهذا النزاع بأسرع وقت ممكن وأننا نعمل مع الحكومة اللبنانية ومع الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى صيغة تضع حداً لهذا النزاع ولينتهي النزاع نهائيا”. وقال: “التزامنا هو أن نحل هذا النزاع استناداّ وبناءً للقرار 1701، أستطيع أن أجري المحادثات ليس حول تغيير 1701، فالقرار هو ما هو، وهذا ما نتطلع إليه كأساس لوضع حد لهذا النزاع، ولكن ما يجب القيام به بالإضافة الى ذلك، التأكد من تطبيقه وتنفيذه بطريقة عادلة ودقيقة وشفافة، وأعتقد أن ذلك يأتي من الثقة التي يجب أن تعطيها الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية للشعوب على جانبي الحدود، وأيضاً المجتمع الدولي”.
أيضاً، أجرى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط جولته الرسمية في لبنان، وأكد أن “الجامعة تقف إلى جانب لبنان في هذه المحنة”. وقال: “القرار 1701 محوري وينبغي تنفيذه حرفياً وفي أسرع وقت، ولا نسمح بالقسوة التي عوملت بها اليونيفيل في جنوب لبنان”. وأكد أولويات محددة “أهمها وقف إطلاق النار فوراً وإنتخاب رئيس للبلاد”. وقال: “ضروري أن يحصل لبنان على ضمانات بأن لا تعاود إسرائيل هجماتها. كما نرفض أي تدخلات أجنبية على الأرض اللبنانية”
جلسة اللجان
ووسط هذه الأجواء يعقد مجلس النواب جلسة عامة قبل ظهر اليوم لانتخاب أميني سر وثلاثة مفوضين وأعضاء اللجان النيابية.
الجلسة الحكمية للمجلس كان يمكن أن تكون روتينية لاستبدال بعض النواب في اللجان من دون تغييرات جذرية، لكن ظروف انعقاد هذه الجلسة ستكون مختلفة، خصوصاً وأن مجلس النواب بقي مقفلاً أشهراً طويلة على الرغم من تعرض لبنان لحرب ضروس، بالإضافة إلى توقف جلسات انتخاب رئيس الجمهورية منذ أكثر من سنة. ولم تتبلغ أي جهة حزبية أو كتلة نيابية أي توجه نحو إجراء أي
تغيير في تركيبة اللجان وتوازناتها.
بعد القصف مجازر
اما على الصعيد الميداني والحربي وبعدما شن الطيران الحربي الإسرائيلي مساء الأحد سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب استهدفت فروع “القرض الحسن”، ارتكب صباح أمس مجزرة بحق الأطفال والنساء في حي النبي انعام في مدينة بعلبك، حيث استهدفت مسيَّرة منزل المواطن علي عبدو عثمان، ضمن حي، بيوته متقاربة ومأهولة بالسكان، ما أدى إلى تدمير المبنى وإلحاق أضرار في البيوت المجاورة، واستشهد ستة أطفال ونساء من عائلة عثمان، وأصيب 8 مواطنين في الحي بجروح. كما تسببت غارة على بلدة الخرايب بسقوط 4 شهداء و7 جرحى. وسقط شهيدان وجريح في غارة على بلدة يحمر وغارتان على سحمر وزلايا، وارتكبت مجزرة أخرى مساءً في غارة على المروانية في صيدا حيث سقط سبعة شهداء. ومساء أمس اطلقت صواريخ من لبنان نحو تل ابيب. وبدا لافتاً أن اذاعة الجيش الإسرائيلي نقلت عن مصدر عسكري أن العملية البرية في جنوب لبنان ستنتهي بعد أسابيع ليعود سكان الشمال إلى منازلهم.