الرئيسية / صحف ومقالات / النهار: هل “يستدرج” توقيف سلامة الانكشاف السياسي؟
النهار

النهار: هل “يستدرج” توقيف سلامة الانكشاف السياسي؟

كتبت صحيفة “النهار”: بسحر ساحر، انقلبت وجهة المشهد اللبناني بعد يوم واحد من توقيف حاكم مصرف لبنان سابقاً رياض سلامة، وحل هذا الحدث بتداعياته وما يثيره من تساؤلات واحتمالات في صدارة الاهتمامات والمتابعات نظراً إلى ثقل “الإرث” المالي والمصرفي كما السياسي الذي يواكب توقيف من يوصف بأنه صندوق أسرار مرحلة امتدّت طوال ثلاثة عقود.

نظرياً، سيكون يوم غد الجمعة، اليوم المفصلي الحاسم في رسم وجهة المسار القضائي الذي تسلكه عملية توقيف سلامة ومن ثم الإدّعاء عليه وبعدها مباشرة التحقيق الموسع معه وصولاً إلى الشروع في محاكمته، ما لم يدفع بالأدلة والوثائق والدفوع التي تمكنه من قلب هذا المسار، باعتبار أن فترة التوقيف الاحتياطي التي إتخذ المدعي العام التمييزي جمال الحجار قراره في ظلها تمتد إلى أربعة أيام منذ الثلاثاء الماضي.

وإذ تتابعت المراحل القضائية أمس بادعاء النائب العام المالي على سلامة، بدا السؤال الكبير الذي دار في أروقة السياسة كما في كواليس القضاء هو، هل ستقف العملية عند ملاحقة سلامة وحده أم ستتسع إلى طبقة سياسية عريضة تعاملت معه طوال حقبة قياسية في تشابك سياسي – مصرفي – مالي يحمّله معظم الخبراء والأوساط الخارجية والداخلية تبعات الإنهيار الكارثي الذي ضرب لبنان؟ وتالياً هل تتطور عملية التحقيق والملاحقة القضائية وتفضي الى بدايات توسع بحيث لا تعود مقتصرة على الاتهامات الموجهة إلى سلامة وتقود إلى “انكشافات سياسية” ضجت البلاد بفضائحها ولم تتطور مرة الى مساءلة لا قضائية ولا برلمانية؟

وفق المناخات والمعطيات السائدة حتى البارحة، لم تكن ثمة مؤشرات توحي بأن الأمر سيتجاوز التحقيق الحصري مع سلامة في ملفات تنحصر فيها الاتهامات بمسؤوليته الحصرية. ولكن المتابعين للمسار لا يسقطون احتمالاً، ولو ضئيلا، بأن تتطور الأمور في حال تبين أن الملف المثار للتحقيق سيقود إلى فتح ملفات أخرى مترابطة بما يقود الى مراحل تشابك المسؤوليات المالية المصرفية التي كان يتولاها سلامة والمسؤوليات السياسية علماً أن “توريط” السياسيين يتعلق في المقام الأول بملفات الفساد التي افضت الى الانهيار.

في السياق القضائي إذن، إدّعى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، على سلامة أمس بجرائم “الاختلاس وسرقة أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع”. وجاء الإدعاء بعدما ختم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار تحقيقاته الأولية مع سلامة، وأودعها جانب النيابة المالية، وقد أحال القاضي ابراهيم الحاكم السابق مع الادعاء ومحاضر التحقيقات الأولية إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، طالباً استجواب سلامة وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه سنداً لمواد الادعاء المشار إليها. وسيبدأ القاضي حلاوي اعتباراً من اليوم، الاطلاع على الملفّ على أن يحدد موعداً لاستجواب سلامة الجمعة أو الاثنين المقبلين. وأوضح الحجار أن “ملف الموقوف احترازياً الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة سيسلك مجراه القانوني وسيتم تحويله إلى قاضي التحقيق”، ولم يجزم الحجار ما إذا كان التحقيق مع سلامة سيبدأ اليوم. وأشارت المعلومات إلى أن الملف سيتحول إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي على أن يبت بأمره سواء بمذكرة توقيف وجاهية أو اخلاء بكفالة مع ترجيح التوقيف.

لا انعكاسات مالية

وأكدت مصادر مالية مسؤولة لـ”النهار” أن لا تأثير لتوقيف سلامة على الوضعين الاقتصادي والنقدي، فهو خارج الموقع والليرة التي كانت تهتز خوفاً من غياب دوره في مصرف لبنان صارت خارج الخدمة نسبياً، ووقع المحظور الذي كان يخافه الجميع، فيما السياسات التي يمارسها المركزي حالياً تجاه ضبط سعر الصرف، وشفط السيولة والتضخم، كافية مبدئياً لتحصين الاستقرار مرحليا، وتمرير الأزمات.

وتستبعد هذه المصادر تأثير توقيف سلامة على الملفين النقدي والمصرفي لاعتبارات عدة. إذ بالنسبة لإمكان ارتفاع سعر صرف الدولار، تشير الى أنه نتيجة السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان أخيراً، انخفضت الكتلة النقدية بأكثر من 25% منذ بداية عام 2023، لتصل إلى 57 تريليون ليرة حاليا. أما الاحتياطات الأجنبية للمصرف المركزي، فسجلت فائضاً فاق المليار و800 مليون دولار منذ آب (أغسطس) 2023، لتصبح 10,388 مليارات دولار في مقابل كتلة نقدية دون الـ 700 مليون دولار”، وتالياً لا خوف مطلقا على سعر الصرف.

تحرك أوروبي

اما في الملف السياسي، فثمة ترقب لاجتماع مرتقب في الساعات المقبلة بين المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا في الرياض في حضور السفير السعودي وليد البخاري، للبحث في الملف الرئاسي اللبناني.

وفي هذا السياق نقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصادر ديبلوماسية أن الساحة الأوروبية ستشهد تحركات للمساعدة في بلورة حل يؤمن وقف النار في غزة وبين “حزب الله” وإسرائيل في اسرع وقت نظراً إلى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني المقبل وانصراف النخب السياسية الأميركية للاعداد لها، وستملأ القيادات الأوروبية هذا الفراغ حتى بداية السنة المقبلة.

وكشفت أن الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيب بوريل سيقوم قبل مغادرة منصبه بزيارة الى لبنان في أيلول الجاري للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في آخر التطورات على الساحة الداخلية والإقليمية لمساعدة لبنان على تخطي أزماته. كما تتحرك دول أوروبية لعقد مؤتمرات دولية لمساعدة غزة ولبنان على تخطي ازماتهما، وقد دعت إسبانيا إلى مؤتمر على نطاق وزاري من اجل غزة ولبنان منتصف الشهر الجاري ستشارك فيه الدول الأوروبية والعربية والدولية ومنظمات دولية وعربية.

وسيعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش انعقاد القمة الفرنكوفونية في باريس في 4 و5 تشرين الأول (أكتوبر) مؤتمراً للبحث مع الدول المشاركة في الوضع اللبناني من كل جوانبه والمساعدة في إخراج لبنان من محنته، من خلال اتفاق لوقف النار بين لبنان وإسرائيل وتحديد شروطه كما تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية بعد سنتين من الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة تقوم بالاصلاحات الضرورية لاعادة تكوين مقومات الدولة اللبنانية.

الجنوب

وسط هذه الأجواء حافظ الوضع الميداني في الجنوب على نسبة عالية من التوتر وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدة قبريخا قضاء مرجعيون وعلى أطراف بلدتي عيناتا وكونين واستهدفت غارة وادي الحجير. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرات حربية قصفت منصات لإطلاق الصواريخ في منطقتي كونين وقبريخا. كما استهدفت مسيرة إسرائيلية أطراف بلدة بني حيان بصاروخ لم ينفجر، ما أدى إلى اندلاع حريق في المكان. وشن الطيران الحربي عصرا غارة على بلدة حولا.

وسقطت شهيدة وأصيب خمسة مواطنين في قصف إسرائيلي استهدف الأحياء السكنية لبلدة قبريخا وأطراف بلدات طلوسة، بني حيان، القنطرة ووادي السلوقي. وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن الاستهداف الإسرائيلي لبلدة قبريخا بالقصف المدفعي، أدى إلى استشهاد سيدة وإصابة شخصين آخرين بجروح من بينهما طفل يبلغ من العمر 12 سنة. كما اعلن في بيان آخر أن الغارة على بلدة حولا أدت إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح.

وأعلن “حزب الله” استهداف مقرّ عسكري إسرائيليّ في بيت هيلل ومواقع مدفعية في ديشون. كما استهدف جنوداً إسرائيليين في ثكنة زرعيت وموقع رويسات العلم ‏في تلال كفرشوبا وموقع حانيتا وموقع المرج.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *