كتبت صحيفة “الأخبار”: بالقدر نفسه الذي يثير فيه الأداء الجوي لحزب الله مزيداً من الأسئلة الصعبة في إسرائيل، لا تتوقف التساؤلات الاستنكارية والاستفهامية حول جدوى سياسة الاغتيالات التي تتّبعها القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، و«ما إذا كانت تعزّز أمن إسرائيل ومستوطني إصبع الجليل والجولان خصوصاً»، وفق صحيفة «هآرتس»، مشيرة إلى أن «منظمات مثل حزب الله يبدو أن لديها القدرة على تعويض الرتب العليا في القيادة، والأكثر من ذلك، توفّر الاغتيالات وقوداً لمزيد من التصعيد». ورأت أن «اغتيال أعضاء كبار في حزب الله لا يغيّر في الوضع الاستراتيجي، بل أصبح بديلاً عن الإنجازات الاستراتيجية ويُستخدم كمسكّن للمطالبين بشن حرب شاملة في الشمال».ولا ينفصل هذا النقاش عن النقاش الساخن الآخر المتعلق بتحميل المسؤوليات عن فشل الجيش من غزة إلى جنوب لبنان، مع تبلور قناعة تامة بصعوبة الفصل بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، خصوصاً بعد التأكيدات المتكررة على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن وقف الحرب في غزة شرط لوقف جبهة الإسناد في لبنان.
واعتبرت المحلّلة السياسية في «يديعوت أحرونوت» أرييلا رينجل هوفمان أن «الصحيح هو أن ما لم تتمكّن إسرائيل من القيام به حتّى الآن خلال الأشهر الطويلة من القتال في غزّة، من المشكوك فيه للغاية أنها ستتمكّن من القيام به في لبنان، ورغم أن وزير الدفاع يؤاف غالانت، هدّد بأن الدبابة التي خرجت من رفح ستدخل إلى الليطاني، إلا أن نصرالله، الذي تحدّث (أول من) أمس وردّ على غالانت، اقترح عليه، وهو محق، أن يتأكد مما فعلته رفح بهذه الدبابة». وأضافت: «إذا كانت المعركة في لبنان، كما يقول نصرالله نفسه، نتيجة لما يحدث في غزة، فيجب على الحكومة الحالية أن تتوصل إلى الترتيب الذي يعيد المحتجزين، وينهي الحرب في الجنوب ويعيد الهدوء إلى الشمال».
في الأثناء، كان مفوّض شكاوى الجنود السابق اللواء إسحاق بريك يفرد ما يشبه جردة حساب تضمّنت وصفاً مختصراً لكيفية مساهمة هرتسي هاليفي في انهيار جيش الاحتلال وفشله في الاستعداد للحرب المستقبلية، «وهو الدور الرئيسي لكل رئيس أركان».
وكتب بريك في «معاريف» أن هاليفي «لم يطالب بإعداد سلاح الجو، والقواعد، ومدارج طائرات الجيش ضد الصواريخ الدقيقة والمُسيّرات التي ستُطلق على القواعد، ما قد يضر بقدرة الطائرات على الإقلاع لمهامها أو الهبوط»، كما أنه «لم يهتم بترتيب القوات البرية ولم يخطط لزيادتها بعد تقليص ست فرق في السنوات العشرين الماضية، وهذا النقص لا يسمح بالانتصار في غزة، فهل من الممكن القتال في ست ساحات في الوقت نفسه؟». وبحسب بريك، فقد «أهمل هاليفي تماماً تحضير الجبهة الداخلية لحرب إقليمية، ولسيناريو تدمير مستوطناتنا على الحدود الشمالية وحرائق عشرات آلاف الدونمات من حزب الله الذي أطلق عشرات الصواريخ والقذائف والمُسيّرات، فيما ليست لدى الجيش الإسرائيلي حلول لهذا الأمر. (لذا) فكّر في ما سيحدث في حرب إقليمية عندما يطلق الإيرانيون وحلفاؤهم آلاف الذخائر على إسرائيل كل يوم؟»، مشيراً إلى أن رئيس الأركان «لم يفهم حتى يومنا هذا خصائص الحرب التي تغيّرت تماماً عن الحروب السابقة، ولذلك لم يشتر آلاف المُسيّرات الهجومية التي تُصنع في إسرائيل وتُباع في الخارج». وخلص بريك إلى أن «القيادة العليا للجيش الإسرائيلي تحت قيادة هرتسي هاليفي اتّسمت بالغطرسة وعدم قبول المسؤولية قبل الحرب، ما أدى إلى أسوأ فشل في تاريخ دولة إسرائيل، وهجوم حماس على الضفة الغربية وغلاف غزة».
ميدانياً، واصل حزب الله عملياته التي يزاوج فيها بين الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، ومساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، ردّ أمس على القصف المدفعي والغارات الجوية التي طاولت المواطنين والقرى الجنوبية، فشنّ هجوماً جوياً بسرب من المُسيّرات الانقضاضية على المقر المستحدث لقيادة كتيبة المدفعية التابعة للفرقة 146 جنوب كابري، مستهدفاً أماكن القيادة وتموضع أطقم وضباط إدارة النيران ومرابض المدفعية و«أصابهم بشكل مباشر وأوقعهم بين قتيل وجريح».
وعلى الأثر، تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة اثنين آخرَين بجروح خطيرة جراء انفجار مُسيّرة في منطقة كابري في الجليل الغربي.
ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على بلدتي الجبين وراميا، استهدف حزب الله مبنيَين يستخدمهما جنود العدو في مستعمرة شتولا بالصواريخ الموجّهة، ما أدى إلى اندلاع النيران فيهما ووقوع من في داخلهما بين قتيل وجريح. كما استهدف مبنيَين يستخدمهما جنود العدو في مستعمرة مسكفعام رداً على اعتداءات العدو على بلدتي يارين وطيرحرفا.
وفي إطار مساندة المقاومة في غزة، استهدف حزب الله التجهيزات الفنية المستحدثة في موقعَي المالكية وحدب يارين، وتجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع حانيتا، وانتشاراً للجنود في محيط ثكنة زرعيت بصاروخ بركان. كما استهدف موقعَي الرمثا في تلال كفرشوبا وزبدين في مزارع شبعا.