كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: تتسابق الجهود الدبلوماسية لتطويق التصعيد في جنوب لبنان، مع أوسع مروحة نيران أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل الأربعاء، رداً على اغتيال قيادي بارز فيه باستهداف منزل ببلدة جويا الواقعة شرق مدينة صور ليل الثلاثاء، وأسفر عن مقتل 5 أشخاص نعاهم «الحزب»؛ بينهم طالب عبد الله، وهو أرفع قيادي تغتاله إسرائيل في جنوب لبنان منذ بدء الحرب.
وجدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، دعواته إلى حل دبلوماسي بين إسرائيل ولبنان، وقال إن اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة سيكون له تأثير كبير في تخفيف التوترات. وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي في الدوحة إنه «ليس هناك شك لديّ في أن أفضل طريقة أيضاً للتمكن من التوصل إلى حل دبلوماسي للشمال مع لبنان، هو حل الصراع في غزة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وهذا سيخفف قدراً هائلاً من الضغط».
لكن «حزب الله»، في المقابل، توعّد بزيادة عملياته ضد إسرائيل. وقال رئيس المجلس التنفيذي لـ«الحزب»، هاشم صفي الدين، في كلمة مقتضبة خلال تشييع القيادي طالب عبد الله في الضاحية الجنوبية ببيروت: «العدو ما زال على حماقته ولم يتعلم من كل التجارب التي مضت حينما يعتقد أن اغتيال القادة يضعف المقاومة، لكن التجربة أثبتت أنه كلما استشهد من القادة ازدادت المقاومة ثباتاً ورسوخاً». وتابع: «جوابنا القطعي والحتمي بعد هذه الدماء الزاكية أننا سنزيد من عملياتنا شدة وبأساً وكماً ونوعاً، وسيرى العدو من هم إخوة وأبناء (أبي طالب)». وأضاف: «إذا كان العدو يصرخ ويئن مما أصابه في شمال فلسطين، فليجهز نفسه للبكاء والعويل».
أحد كبار قادة «الحزب»
وأكد الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه شنّ الضربة على بلدة جويا التي أسفرت عن مقتل طالب عبد الله مع 3 آخرين، واصفاً إياه بأنه «أحد كبار قادة (حزب الله) في جنوب لبنان»، وأضاف الجيش الإسرائيلي أن اغتيال القيادي عبد الله نُفذ بواسطة طائرة مقاتلة ألقت قنبلة على غرفة القيادة التي كان عبد الله فيها إلى جانب مدير مكتبه وناشطين آخرين، وأنهم قُتلوا جميعهم. بينما نعى «حزب الله» بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء «الشهيد المجاهد القائد طالب سامي عبد الله» مع 3 مقاتلين آخرين، قبل أن ينعى مقاتلاً خامساً توفي متأثراً بجراحه بعد ظهر الأربعاء.
وقضى الخمسة؛ وفق مصدر عسكري لبناني، في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة جويا الواقعة على بُعد نحو 15 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل. وقال المصدر إن عبد الله هو «القيادي الأبرز» في صفوف «الحزب» الذي يقتل بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد قبل أكثر من 8 أشهر.
ورد «حزب الله» على مقتل عبد الله بوابل من الصواريخ أطلقها على مواقع عدة في شمال إسرائيل. وأعلن في بيانات متلاحقة قصف 3 قواعد عسكرية، موضحاً أنه قصف «مقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات الجوية على الاتجاه الشمالي في قاعدة ميرون، بعشرات صواريخ (الكاتيوشا) وقذائف المدفعية»، كما قصف مقاتلوه مصنع «بلاسان» للصناعات العسكرية المختص في «تدريع وحماية الآليات والمركبات لصالح جيش العدو في مستوطنة سعسع بالصواريخ الموجهة، وأصابوه إصابة مباشرة»، كما قصفوا «مقر قيادة الفيلق الشمالي في قاعدة عين زيتيم بعشرات صواريخ (الكاتيوشا)»؛ وفق ما جاء في بيانات من «الحزب».
وأعلن «الصندوق الدائم لإسرائيل (كيرين كييمت)»، الأربعاء، أنه اندلعت 4 مراكز حرائق في أحراش مختلفة في الجليل إثر سقوط صواريخ عدة أطلقها «حزب الله». ورصد الجيش الإسرائيلي من جهته عبور أكثر من 150 قذيفة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل. وأعلن في بيانات عدة اعتراضه عدداً منها بينما سقطت غالبيتها في أراض مفتوحة وأدت إلى اشتعال حرائق. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مروحة النيران التي أطلقها «الحزب» هي «الكبرى في يوم واحد منذ بدء الحرب»، وشملت مناطق حيوية في القطاعين الشرقي والغربي.
معادلة بيروت – حيفا
غير أن تلك النيران لم تصل إلى حيفا، وفق ما قال الجيش الإسرائيلي؛ الذي كشف عن معادلة غير معلنة، تتمثل في قصف حيفا في حال قصفت بيروت. وقال الجيش إنه لا يتوقع أن يرد «حزب الله» على الاغتيال بإطلاق النار على منطقة حيفا؛ «لأن الاغتيال وقع في مدينة صور وليس في بيروت أو في مكان استراتيجي أو مركزي آخر في الدولة».
وشنّ الجيش الإسرائيلي إثر ذلك ضربات على جنوب لبنان، طالت منصتي إطلاق في يارون وحانين، و«بنى تحتية» في 4 مواقع تابعة لـ«حزب الله» استُهدف شمال إسرائيل منها، وفق البيان. وأفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية بعدم الإبلاغ عن وقوع إصابات في شمال البلاد. وبعد الظهر، استُهدفت بلدات ياطر وطلوسة ومركبا وحولا بغارات جوية.