كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين في عملية وصفها «حزب الله» اللبناني بأنها عملية «نوعية – مركبة»، في تطوّر لافت في الحرب المستمرة بين الطرفين، وفي تناغم واضح مع التصعيد الإسرائيلي في رفح، وعدم اتضاح صورة المفاوضات التي تجري حيال الهدنة في غزة.
وكثّف «حزب الله» من عملياته خلال ساعات النهار، حيث أعلنت «المقاومة الإسلامية» في بيانات متفرقة عن تنفيذ المقاتلين «هجوماً جوياً بمسيّرات انقضاضيّة استهدفت ضبّاط وجنود العدو في أثناء وجودهم في باحة ثكنة يفتاح، وفي الوقت نفسه استهدفت طائراتٌ أخرى إحدى منصّات القبّة الحديدية المتموضعة جنوب ثكنة راموت نفتالي، وأصابتها إصابة مباشرة أدت إلى إعطابها».
وبعد نحو الساعة والنصف من الهجوم الجوي بالمسيّرات على ثكنة راموت نفتالي، عاد «حزب الله» وأعلن عن استهداف «تجمّع جنود العدو داخل الثكنة، بصاروخ موجّه إضافة إلى ثكنة زبدين في مزارع شبعا».
وأعلن الحزب عن استهدافه بعد «التجهيزات التجسسية في موقع السماقة في تلال كفرشوبا، مشيراً في بيان آخر إلى أنهم استهدفوا جنود العدو بعد رصد ومتابعة في موقع الراهب، وفي أثناء تحركهم داخل إحدى الدشم بالأسلحة الصاروخية الموجهة».
وكان «حزب الله» قد نفذ عملية مركبة مماثلة في شهر أبريل (نيسان) الماضي، استهدفت مراكز إسرائيلية في عرب العرامشة، أدت إلى إصابة 18 جريحاً في صفوف العسكريين.
وأتت عمليات الثلاثاء، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي، صباحاً، عن مقتل جنديين إسرائيليين يبلغان 31 عاماً، من قوات الاحتياط، في هجوم بطائرة دون طيار شنه «حزب الله» مساء الاثنين، ليعود بعدها الحزب ويعلن أنه «نفذ هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية استهدف تموضعاً لجنود العدو الإسرائيلي جنوبي المطلة وأصابت نقاط استقرارهم، وتمّ تدمير آلياتهم وإعطابها وأوقعتهم بين قتيل وجريح».
وشهد يوم الاثنين تدهوراً أمنياً بعد أيام من الهدوء الحذر على جبهة الجنوب، بعدما استهدف الطيران الإسرائيلي خلال النهار مدينة بعلبك وإقليم التفاح وجبل الريحان، قبل أن يعود ويشن قرابة العاشرة والنصف مساء، سلسلة غارات على مرتفعات وأودية إقليم التفاح وجبل الريحان، مستهدفاً المناطق نفسها التي طالها صباحاً، لا سيما أطراف جرجوع، محيط نبع الطاسة، عين عقماتا، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة كذلك إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه بلدة كفركلا.
وخلال ساعات النهار، حيث ساد الهدوء الحذر في جنوب لبنان، نفذ الطيران الإسرائيلي غارة على بلدة الخيام – حي وادي العصافير، وأخرى على بلدة عيتا الشعب.
ورغم هذا التصعيد يرى رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما)، رياض قهوجي، أن المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل لا تزال ضمن طبيعة المواجهات بين الطرفين منذ بدء الحرب بينهما، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «القتيلان سقطا في مستعمرة المطلة على الحدود المباشرة مع لبنان، وشهدت قصفاً منذ اليوم الأول للمواجهات، بحيث إن (حزب الله) يلتزم بقواعد الاشتباك التي وضعها لنفسه على عكس إسرائيل التي لا تلتزم بأي قواعد اشتباك، إنما يبدو واضحاً أنها تهدف إلى التصعيد».
ويشير في الوقت عينه إلى أن العمليات التي يقوم بها الحزب تستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية وليست مدنية، وإن كان الجيش الإسرائيلي يتصدى لها في كثير من الأحيان، إنما تنجح في أحيان بإسقاط قتلى كما حصل في مستعمرة المطلة.
من جهة أخرى، وصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» مقتل سبعة مسعفين في استهداف لجنوب لبنان، الشهر الماضي، بـ«الهجوم غير القانوني على المدنيين»، داعية واشنطن إلى تعليق بيع الأسلحة إلى إسرائيل. وقالت المنظمة غير الحكومية في بيان إن «غارة إسرائيلية على مركز إسعاف في جنوب لبنان في 27 مارس (آذار) 2024 هي هجوم غير قانوني على مدنيين ولم تُتخذ فيه كل الاحتياطات اللازمة».
وأضافت: «إذا كانت الغارة متعمدة أو نفذت باستهتار، فيجب أن يُحقَّق فيها على أنها جريمة حرب مفترضة». وأعلن الجيش الإسرائيلي حينها أنه استهدف «مجمعاً عسكرياً» في بلدة الهبارية، «تم القضاء» فيه «على قيادي إرهابي كبير ينتمي إلى تنظيم «الجماعة الإسلامية»، الفصيل المقرب من «حماس»، «وإرهابيين آخرين» كانوا برفقته.
لكن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قالت إنها «لم تجد أي دليل على وجود أهداف عسكرية في الموقع». وأكدت أن الغارة استهدفت «مبنى سكنياً كان يؤوي جهاز الطوارئ والإغاثة التابع لجمعية الإسعاف اللبنانية، وهي منظمة إنسانية غير حكومية».
ونفت الجماعة الإسلامية إثر الغارة أي ارتباط لها بالمسعفين، فيما أكدت الجمعية ألا ارتباطات لها بأي جهة سياسية لبنانية.
ورأت «هيومن رايتس ووتش» أن «اعتراف» الجيش الإسرائيلي باستهداف المركز «يشير في حدّه الأدنى إلى عدم اتخاذ الجيش الإسرائيلي كل الاحتياطات الممكنة للتأكد من أن الهدف عسكري، وتفادي الخسائر في أرواح المدنيين»، ما يجعل «الغارة غير قانونية».
ونقلت المنظمة عن رئيس جهاز الطوارئ والإغاثة وأقارب القتلى وزملائهم أن الضحايا السبع، أكبرهم لم يتجاوز 25 عاماً، كانوا جميعهم متطوعين في المركز منذ أواخر 2023، موضحة أن شقيقين «توأم» (18 عاماً) في عداد الضحايا.
وأضافت: «أقارب القتلى، وجمعية الإسعاف اللبنانية، والدفاع المدني، أجمعوا على أن الرجال السبعة كانوا مدنيين وغير منتمين إلى أي جماعة مسلحة»، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي قد تشير إلى أن اثنين على الأقل من القتلى هما ربما من «مناصري» الجماعة الإسلامية.