كتبت صحيفة “نداء الوطن”: مرّ عيد البشارة هذا العام على اللبنانيين وسط استقرار في الوضع السياسي، ولا استقرار في الوضع الأمني جنوباً، حيث استمر القصف الإسرائيلي على المناطق الحدودية، في ظلّ تكثيف عمليات إطلاق الصواريخ من قبل “حزب الله” باتجاه مواقع الجيش الإسرائيلي.
ولكن “البشارة” هذه المرة، كانت لغزة، بعدما صادق مجلس الأمن الدولي على قرار يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار في رمضان، من دون أن تستعمل الولايات المتحدة حق الفيتو، في تغيير يُعتبر الأول من نوعه لموقف واشنطن من حكومة بنيامين نتنياهو وممارساتها في القطاع.
القصف على الجنوب
إذاً على الجبهة الجنوبية، استمر القصف الإسرائيلي على المناطق الحدودية ومعاقل حزب الله في الجنوب منذ ليل الأحد، حيث أغارت الطائرات الحربية على مبنى في منطقة ميس الجبل، زعم الجيش الإسرائيلي أنه تابع لحزب الله وفي داخله عناصر من الحزب.
ونفذت القوات الاسرائيليّة مساء الاثنين، غارة جديدة على منطقة رأس الظهر في ميس الجبل، كما واستهدفت ضربة أخرى منزلاً غير مأهول غرب بلدة طيرحرفا، فيما توجهت فرق الاسعاف إلى المكان للتأكد من خلوه.
وسقط عدد من القذائف مترافقة مع رشقات رشاشة عند الأطراف الشرقية لبلدة بليدا قضاء مرجعيون. كذلك، استهدف القصف المدفعي الإسرائيليّ المنطقة الواقعة بين بلدتَي حولا وميس الجبل وأطراف بلدة الناقورة.
ردود الحزب
في الغضون، ردّ حزب الله على القصف الإسرائيلي، مستهدفاً موقع بركة ريشا بالأسلحة الصّاروخيّة، موقع المالكية بقذائف المدفعية، موقع زبدين في مزارع شبعا، ومقرّ كتيبة ليمان المستجد بقذائف المدفعية.
جعجع في ذكرى الآلام
ومن معراب، جدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تأكيده أننا “نعيش مع غزّة في طريق جلجلة وآلام وعذابات لا تنتهي، حيث الأولاد والنساء يموتون يومياً بطرق مختلفة، ان قتلاً ام جوعاً ام مرضاً ام تشريداً، ام تيهاً في أرض غزة ضيقة المساحة والواسعة كثيراً لجهة استيعابها آلام وعذابات وجلجلة أكثر من مليوني إنسان يعيشون فيها. كما أننا نعيش الجلجلة والآلام مع شعب السودان الذي يُعاني أكثر ممّا نشهده مع شعب غزة، ومع شعب أوكرانيا الذي يرزح منذ اكثر من سنتين تحت النار، في حرب لم تعد تنتهي، وبأفق تقريباً مسدود”.
وفي الوضع الداخلي، أسف جعجع “لأننا بتنا نعيش في أرض من دون نظام، دولتنا مخطوفة، قرارنا بيد غيرنا، ومع فريق يسمح لنفسه بزجنا في أخطر حرب غصباً عن إرادة شعب بأكمله، فهو قادر على ايقاف العدالة حين يشاء، كما حصل في قضيّة المرفأ، وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية في حال لم نتجاوب مع مطالبه، وهو ايضا قادر على التحالف مع الفساد، شمالا ويمينا، لتغطية مشروعه غير اللبناني وللسيطرة على الدولة”.
بو حبيب والهفوة
وفي حديث تلفزيوني، أكد وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب أنّ ما قاله عن استعداد لبنان للدخول في الحرب مع اسرائيل كان هفوة او “غلطة” بسبب الظروف التي أحاطت مقابلته في انطاليا.
وإذ أشار الى أن “حزب الله جاهز للحرب”، جَزَم أن “الجيش اللبناني لن يحارب لا اسرائيل ولا غير اسرائيل، ولكن إذا اجتاحت إسرائيل لبنان فنحن مجبرون على الدفاع عن أنفسنا”.
وتابع بو حبيب: “لا نستطيع التكلّم باسم حزب الله وبدوره. حزب الله لا يأخذ إذناً منّا للدخول في أي حرب”، مشيراً إلى أنّ كل الأوراق التي وصلت لبنان هي مطالب اسرائيليّة.
ونفى بو حبيب علمه بزيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا الى الإمارات، مشيراً الى أن “هناك عدداً كبيراً من الأسرى اللبنانيين في الإمارات، وقد عملنا على هذا الملف سابقاً، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق بين حزب الله والإمارات، لأننا لا نستطيع إعطاء الإمارات أي شيء، كما لا يمكننا أن نمون على حزب الله”.
وجزم بو حبيب ألّا زيارة مرتقبة له الى سوريا، كما وأكد أنه ليس مرشّحاً رئاسيّاً، وقال: “وصلت الى عمر أريد أن ارتاح، وأصلّي لإنتخاب رئيس كي أرتاح”.
مجلس الأمن وقرار غزة
ومساء الإثنين، تبنى مجلس الأمن الدولي، قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت لتسمح بتمرير القرار من دون فيتو.
واعتبرت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة أنّ وقفاً لاطلاق النار في غزة يمكن أن يبدأ فقط “مع الافراج عن أوّل رهينة”، في حين أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي ان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لمجلس الامن الدولي يطالب فيه بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لا يعني “تغييراً للموقف السياسي”.
وأوضح جون كيربي أن واشنطن التي سبق أن عطلت العديد من مشاريع القرارات المماثلة، لم تؤيد هذا القرار لأنه كان يفتقر إلى عناصر “أساسية” مثل إدانة حركة حماس.
أما إسرائيل، فقد أكّدت أن امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض لإحباط قرار تبنّاه مجلس الأمن يضرّ بالمجهود الحربيّ وجهود إطلاق سراح الرهائن، ويمنح حماس الأمل في أن الضغوط الدولية ستسمح لها بقبول وقف إطلاق النار بدون إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
واكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه وفي حال تراجعت الولايات المتحدة عن موقفها المبدئي، فإنه لن يرسل الوفد الذي أعلن أنه سيذهب إلى واشنطن بناء على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن.
الولايات المتحدة عادت وأعربت عن “خيبة أملها الشديدة” لقرار نتنياهو بإلغاء زيارة الوفد إلى واشنطن.
وقال كيربي: “نشعر بخيبة أمل شديدة لأنهم لن يأتوا إلى العاصمة واشنطن ليتسنى لنا إجراء نقاش وافٍ معهم بشأن البدائل الحيوية لهجوم برّي على رفح” في جنوب قطاع غزة.
غالانت والحرب
بدوره، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت من واشنطن، قبل اجتماع مع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن إسرائيل لن توقف حربها في غزة طالما لم تفرج حركة حماس عن الرهائن، وقال: “ليس لدينا مبرّر أخلاقي لوقف الحرب ما دام هناك رهائن في غزة”.
مؤيدو القرار
ولاقى قرار مجلس الأمن تأييداً عربياً ودولياً واسعاً، حيث رحبت فرنسا بالقرار، معتبرةً ان “الأزمة لم تنتهِ بعد”، حسبما قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، مؤكداً ضرورة العمل للوصول الى وقف دائم لإطلاق النار.
واعتبر السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور أن تصويت مجلس الامن الدولي على قرار لوقف إطلاق النار يجب أن يشكّل “نقطة تحوّل” في إنهاء الحرب في غزة، وينبغي أن يكون مؤشّراً إلى ضرورة إنهاء هذا العدوان، “هذه الفظائع الّتي تطالُ شعبنا”.
حركة حماس، رحبت بدورها بقرار مجلس الأمن الدولي، مؤكدةً استعدادها للمضي قدماً في عمليّة تؤدّي إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين.
ودعت الى التوصل لقرار وقف دائم لإطلاق النار يترافق مع إنسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى بيوتهم”.
لبنان رحّب بدوره بقرار مجلس الامن، عبر رئيس حكومة صريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي اعتبر في بيان ان هذا القرار يشكل خطوة اولى في مسار وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والذي لم يسجل التاريخ الحديث مثيلاً له. ولفت الى أن العبرة تبقى في التزام إسرائيل بمندرجات هذا القرار الذي من شأنه أن يُؤمّن أرضيّة مقبولة لاغاثة الفلسطينيين وعونهم.
ومن الدول المؤيدة أيضاً لقرار مجلس الأمن: المملكة العربية السعودية، مصر، كذلك الرئاسة الفلسطينية ومنظمة التحرير، الأردن، سلطنة عُمان، الكويت.
وأيد أيضاً الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل القرار.
غوتيريش والتنفيذ
أما الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش فقد طالب بتنفيذ أول قرار يصدره مجلس الامن الدولي ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، لأن الفشل سيكونُ أمراً لا يغتفر، على حدّ قوله.
واشنطن تحذّر تل أبيب
وفي ما خصّ الهجوم الإسرائيلي على رفح، أعلنت الولايات المتحدة أنّها ستجدُ السُّبل لتحذير اسرائيل من شنّ الهجوم، رغم إلغاء زيارة الوفد الإسرائيليّ، وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماثيو ميل: “نرى أن هذا النوع من الغزو واسع النطاق سيكون خطأ”، وبلينكن سيبحثُ موضوع رفح مع وزير الدفاع الاسرائيليّ يوآف غالانت.