كتبت صحيفة “البناء”: امتلأت الصحف وقنوات التلفزة في كيان الاحتلال بالنقاشات والتحليلات المتصلة بزيارة عضو مجلس الحرب بني غانتس إلى واشنطن وبرنامج لقاءاته مع نائبة الرئيس كمالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، واستبعاد سفارة الكيان عن ترتيبات الزيارة، وسط إجماع على اعتبار الزيارة تحدياً للشراكة بين غانتس وبنيامين نتنياهو في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى، وتمهيداً لدور سياسي قادم لغانتس على حساب هذا التحالف، ما سبب غضباً ظاهراً لنتنياهو عبرت عنه تعليماته لوزارة الخارجية بالتضييق على الزيارة وعدم تقديم أي تسهيلات للوفد المرافق لغانتس. بينما وصف مقرّبون من نتنياهو الزيارة بالخيانة في ظرف الحرب وتوجيه ضربة لمفهومي الوحدة والقرار السيادي، بينما اعتبرت تعليقات أخرى الزيارة رسالة أميركية تحذيرية لنتنياهو وسعي لإفهامه بأن خيارات واشنطن متعددة إذا لم يأخذ بالاعتبار الرغبات الأميركية سواء في العملية العسكرية أو المسار التفاوضي. وقال معهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي إنّ قرار القيادة العليا في الإدارة الأميركية لقاء عضو “كابينت الحرب”، بيني غانتس، يشير إلى “سعي واشنطن للتعبير عن خطورة تصرفات “إسرائيل” في الحرب على غزة، ولا سيما في ما يتعلق بالوضع الإنساني، واليوم التالي للحرب”..
وفي جانب موازٍ من مسارات التصدّع في مؤسسات الكيان العسكريّة، كشفت القناة 14 الإسرائيلية إعلان عدد كبير من المسؤولين في قسم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري استقالاتهم، على الرغم من استمرار الحرب في قطاع غزة، ومن ضمنهم الرجل الثاني في القسم وضباط آخرون.
ومن أبرز المتقاعدين – وفقاً للقناة – الرجل الثاني في القسم والناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام الأجنبي والدولي ريتشارد هاكيت، كما قدّمت 3 من المسؤولات استقالاتهن بدعوى أن الأمور العملياتية والشخصية لا تسير على ما يرام، وبسبب عدم تقدّمهن في السلم الوظيفي.
على جبهة البحر الأحمر أعلن الجيش اليمني نجاحه باستهداف سفينتين جديدتين من لائحة “ممنوع من العبور”، واحدة إسرائيلية وأخرى أميركية، وقد نقلت وكالة “رويترز” عن شركة أمبري للأمن البحري، أنه “تم استهداف سفينة حاويات تابعة لـ”إسرائيل” ترفع علم ليبيريا على بعد 88 ميلاً من عدن”، بينما تزايدت المخاوف من انقطاع المزيد من كابلات الإنترنت في قاع المياه في مضيق باب المندب بعدما تأكدت إصابة ثلاثة منها، فيما نفت حركة أنصار الله نيتها استهداف الكابلات، مبدية استعدادها للتنسيق لتسهيل مهمة إصلاح أي كابلات متضرّرة بنتيجة العسكرة التي فرضها الأميركيون على منطقة البحر الأحمر.
على جبهة لبنان مزيد من العمليات النوعية للمقاومة، كان آخرها منتصف الليل برشقات صاروخيّة على منطقة الجليل الغربي أدت الى انقطاع الكهرباء، بعد استهداف مستعمرة مرغليوت أسفر عن قتلى وجرحى باعتراف إعلام جيش الاحتلال. ويتزامن التصعيد من جانب المقاومة مع وجود المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين في بيروت ، وقيامه بجولة لقاءات كان أهمها لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكد هوكشتاين “دعم بلاده الحل الدبلوماسي لإنهاء التصعيد على الحدود الجنوبية”، وأوضح أن “أي هدنة في غزّة ليس بالضرورة أن تمتدّ تلقائياً الى لبنان”، وتابع “نعملُ لهُدنةٍ في غزة، ونسعى لتمتد التهدئة من غزة الى لبنان، ومهمتنا هي تسويةٍ دبلوماسيةٍ في لبنان”.
وفيما تتأرجح المفاوضات على خط القاهرة – باريس بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي على وقع اشتداد حدة المواجهات الميدانية على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، خطفت الأضواء الزيارة المفاجئة والسريعة للموفد الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين إلى لبنان، في محاولة جديدة لفصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة، قبيل التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق ما علمت «البناء»، حيث طرح هوكشتاين عرضاً يحمل حلاً يعتمد تجزيء الملف الحدودي، أي تثبيت ما تم الاتفاق عليه من النقاط الذي يتحفظ عليها لبنان وتأجيل النقاط الأخرى ومزارع شبعا الى وقت لاحق. لكن أهم ما قاله هوكشتاين هو أن وقف إطلاق النار في غزة ليس بالضرورة وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية، ما ينطوي على تهديد باستكمال العدوان الإسرائيلي على لبنانـ وفق ما لفتت أوساط سياسية لـ»البناء».
واستهل الدبلوماسي الأميركي نشاطه بزيارة عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وللمستجدات السياسية والميدانية. وبعد اللقاء الذي استمرّ زهاء ساعة ونصف قال هوكشتاين: “انا هنا من أجل الحث للوصول الى حل دبلوماسي ينهي العمليات الحربية على الحدود بين لبنان و”إسرائيل””. وأضاف: “إن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بالعمل من أجل الوصول الى حل طويل الأمد من خلال مسار سياسي. وهذا ما يمكن أن يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم، والأمر نفسه على الجانب الآخر من الحدود”.
وأضاف: “إن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار هو غير كافٍ وكذلك الحرب المحدودة لا يمكن احتواؤها، وأن الوضع الأمني على طول الخط الأزرق يجب أن يضمن أمن كل طرف، أن الولايات المتحدة الأميركية تؤمن بأن الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لوضع حدّ للعمليات الحربية القائمة وبالتالي الوصول الى الاستقرار الطويل الأمد، ومن حق الجميع العيش بأمان واستقرار”. وشدّد هوكشتاين على أن “ما نقوم به ليس جهداً أميركياً منفرداً. إننا نعمل مع شركائنا في العالم لخلق فرصة تعزز الاستقرار والازدهار للبنان وشعبه ومؤسساته ولاقتصاده”.
وأشارت مصادر إعلامية الى أن “هوكشتاين طرح خلال لقاءاته الرسمية توحيد الرؤية لتطبيق الـ1701 وتثبيت النقاط السبع على الخط الأزرق حالياً ليعاد لاحقاً البحث في النقاط الأخرى العالقة من نقطة الـ «B1» في الناقورة الى الغجر”.
وقبيل مغادرته لبنان، التقى هوكشتاين قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة، ثم كليمنصو والتقى رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، وانتقل الى السراي الحكومي، وبحث مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأوضاع العامة وتطبيق القرار 1701، ثم توجّه الى مجلس النواب حيث التقى ممثلين عن كتل المعارضة وهم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل والنائب جورج عدوان والنائب ميشال معوض.
وعلمت “البناء” أن هوكشتاين سمع من المسؤولين اللبنانيين الموقف نفسه الذي سمعه في السابق، بأن على “إسرائيل” تطبيق القرار 1701 أولاً وأن توقف عدوانها على لبنان، وتنسحب من الأراضي اللبنانية المحتلة بشكل كامل دون قيد أو شرط وفق القرارات الدولية. وشدّد المسؤولون اللبنانيون على أن الحل لضمان الأمن على الحدود وفي المنطقة هو وقف العدوان على غزة، وبالتالي إن الطلب من حزب الله وقف العمليات العسكرية وجبهة الإسناد لغزة والانسحاب من الحدود باتجاه الليطاني قبل وقف الحرب على غزة غير منطقي. والحل يكون بوقف إطلاق النار في غزة ثم باقي الجبهات.
ولفتت الأوساط السياسية لـ”البناء” الى أن “زيارة هوكشتاين الآتي من “إسرائيل” تهدف الى مزيد من الضغوط على لبنان وحزب الله لتحقيق المصالح الإسرائيلية من خلال التهديد بالحرب الشاملة على الجنوب وعلى لبنان، وليس من أجل المصالح اللبنانية».
لكن نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم حذّر من أنه “إذا ارتكب الاحتلال أي حماقة بحق لبنان فستكون هزيمته نسخة مطوّرة عن هزيمة تموز وستكون مدوّية للاحتلال وانتصارًا مدويًا للمقاومة”، مضيفاً: “أوقفوا العدوان على غزة تتوقف عندئذ الحرب في المنطقة. ومن أراد أن يكون وسيطًا معنا عليه أن يتوسط أولًا لوقف العدوان على غزة”.
وأشار الشيخ قاسم في كلمة له في احتفال حزبي، إلى أن “لدينا منطلقات من جنوب لبنان لدعم فلسطين، والمنطلق الأول هو الواجب الإنساني الديني والأخلاقي، ومنطلقنا الثاني لدعم فلسطين هو وجود مصلحة حقيقية مباشرة للبنان ولكل دول المنطقة كي لا تتوسّع “إسرائيل” لتحتل أراضينا”. ولفت إلى أن العدو لا يحتاج إلى ذريعة لكي يعتدي؛ بل يحتاج إلى الظرف المؤاتي. وعندما تكون المقاومة جاهزة تمنع عنه هذا الظرف وتردعه. وقال: “لمن لا يقتنع بما نقوم به من واجب نذكّره بمخططات الاحتلال السابقة للتوطين، وهو يواصل البحث عن الظرف المناسب لذلك”. وإذ أكّد أنّ المقاومة هي التي تمنع العدو من تنفيذ مخططاته، دعا الجميع إلى أن يكونوا في هذا الخندق، وقال: “يلوموننا لأننا في محور الشرف والكرامة والقناعة نقوم بنصرة المستضعفين وتحرير الأرض، ويهدّدوننا بالعدوان ونهدّدهم بالثبات والمقاومة”.
بدوره، أشار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الى انّ “تصدّينا للعدوّ الإسرائيليّ هو من أجل حماية أهلنا حتى لا يتحوّل جنونه ساعة يُريد لأنّ يُباغتنا”، معتبراً أنه “أسقطنا عنصر المفاجأة لديه وأثبتنا أننا جاهزون ومتربّصون له وبه وأعلنّا تضامننا بهذه الجهوزية مع المظلومين والمقهورين في غزة”. وخلال حفل تكريميّ في بلدة الخرايب، قال رعد: “صحيح أن هذه الحسابات تتطلّب تضحيات ودماء وآلاماً لكن مُنتهى هذه التضحيات هي النّصر المؤزّر، إن شاء الله”، معتبراً ان “مواجهتنا مع العدوّ الإسرائيلي في هذه المرحلة هي مواجهة دقيقة وتتّسم بحساسيّة فائقة لأنّ حساباتها معقّدة وأيّ جموح أو جنوح أو تكاسل يمكن أن يُفضي إلى النتائج غير المحسوبة وغير المرغوبة، لذلك نحن نُضحّي ونبذل الدماء والأرواح ونعرف إلى أين نمضي وسنصل في نهاية المطاف إلى ليّ ذراع العدوّ وسننتصر عليه بإذن الله سبحانه وتعالى”.
كما شدّد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق على أن “المقاومة استعدت لكل احتمالات التصعيد لتصنع نصراً هو أعظم من نصر تموز 2006، كما أنها استعدّت لرفع آثار العدوان وإعادة الإعمار حتى تعود البيوت المدمّرة أجمل مما كانت”.
وكانت الجبهة الجنوبية سجلت المزيد من الأحداث الأمنية، إذ أعلن الإعلام الحربي في حزب الله أنه “أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية في منطقة وادي قطمون مقابل رميش، قام مجاهدو المقاومة الإسلامية باستهدافها بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيها إصابات مباشرة”. كما أعلن انه “أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية من لواء غولاني بالتسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية من جهة خربة زرعيت مقابل بلدة راميا اللبنانية قام مجاهدو المقاومة الإسلامية بتفجير عبوة ناسفة كبيرة بالقوة المتسللة ثم استهدفوها بعددٍ من قذائف المدفعية وحققوا فيها إصابات مباشرة”. وفي بيان آخر، أعلن حزب الله قصف ثكنة زرعيت ومحيطها بأسلحة المدفعية”.
وأعلن الإسعاف الإسرائيلي “اننا نتعامل مع 3 إصابات بعد إطلاق صاروخ من لبنان نحو مرغليوت في الجليل الأعلى”، وتحدّثت وسائل إعلام اسرائيلية عن قتيل و7 جرحى بينهم 2 بحالة خطيرة و4 متوسطة و1 طفيفة جراء إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه مرغليوت.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، مساء أمس بـ”انقطاع الكهرباء على نحو واسع في الجليل الغربي عقب إطلاق رشقة صاروخية كثيفة من جنوب لبنان”.
وكانت قوات الاحتلال أطلقت النار في الهواء وعلى مسافة قريبة من مزارعين كانوا يرشّون المبيدات على مزروعاتهم في محيط بلدة الوزاني قضاء مرجعيون. وطال القصف الفوسفوري والدخاني الجهة الشرقية لبلدتي حولا ومركبا المشرفتين على وادي هونين ومستعمرة مرغليوت. كما قصفت قوات الاحتلال بالقذائف الفوسفورية منطقة بئر المصلبيات على مدخل بلدة حولا الشمالي قضاء مرجعيون. واستهدفت الأحياء السكنية لبلدة مركبا. وأغار الطيران الحربيّ على خلة وردة المتاخمة لبلدة عيتا الشعب وعلى أطراف بلدة شيحين وبلدة أم التوت بالقطاع الغربي. وهرعت فرق الدفاع المدني التابعة لجمعية كشافة الرسالة الإسلامية الى مكان الغارتين وتبين أن لا إصابات في الأرواح.
وزفّت المديرية العامة للدفاع المدني – الهيئة الصحية في بيان، ثلّة من عناصرِها الذين ارتقوا بعدوانٍ صهيوني مباشر استهدف مركز الدفاع المدني في بلدة العديسة الجنوبية بعد ظهر اليوم الاثنين ٤ آذار/ مارس ٢٠٢٤. والشهداء هم:
الشهيد المُسعف حسين محمد ابراهيم من بلدة العديسة – جنوب لبنان، مواليد 1970.
الشهيد المُسعف علي حسن سويدان من بلدة عدشيت القصير – جنوب لبنان، مواليد 1962.
الشهيد المُسعف عباس أحمد حجيج من بلدة عدشيت القصير – جنوب لبنان، مواليد 1993.
وتابع البيان “وقد ارتقى الشهداء الثلاثة بغارةٍ إسرائيليةٍ مباشرة على مركز الدفاع المدني – الهيئة الصحية في العديسة، تقصّد خلالها العدو إيقاع أكبر قدرٍ من الخسائر، في اعتداء هو الثالث من نوعه على مراكز الدفاع المدني خلال هذه الحرب، رغم كل المواثيق الدولية التي ترعى حماية الفرق الطبية والإسعافية حتى خلال الحروب”.