بعد أكثر من 8 سنوات على بدء عهد الشغور السياسي في بعبدا، سيصل العماد ميشال عون إلى القصر المهجور. بأكثرية نيابية ساحقها أمنتها الإتصالات واللقاءات سيشق الرئيس طريق العهد الجديد، فيما تنتظره معارضة لا تقل ضراوة ربما تبدأ المؤشرات عليها اليوم
في الثالث والعشرين من تشرين الثاني 2007، خرج الرئيس إميل لحود من قصر بعبدا، ليبدأ عهد الشغور الذي دام 8 سنوات و11 شهراً و8 أيام. اليوم، سيشغل القصرَ الجمهوري في بعبدا رئيس “مستحق”، هو العماد ميشال عون
ومنذ اليوم، ستبدأ معركة إعادة تكوين السلطة التنفيذية، في ظل صعوبة تأليف حكومة جديدة، من المتوقع أن يُكلّف الرئيس سعد الحريري برئاستها.
وسيكون أداء بري اليوم مؤشراً على قدر المرونة الذي سيتمتع به. وسيتوقف كثيرون عند ما إذا كان رئيس المجلس سيرافق رئيس الجمهورية المنتخب إلى بعبدا، وفق التقليد المتّبع، أم أنه سيمتنع عن ذلك، في رسالة سلبية منه إلى العهد الجديد الذي لم يكن شريكاً في إطلاقه .
في الأيام الثلاثة الماضية، اكتمل المشهد الانتخابي، بعدما حسم رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط خياره إلى جانب عون، بأكثرية ساحقة من كتلته الانتخابية، كذلك الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديموقراطي اللبناني، اللذان أكدا أن أصوات نوابهما ستصب لمصلحة عون. فيما تركزت الاتصالات في الساعات الفاصلة عن موعد الجلسة النيابية، لضمان حصول عون في الدورة الأولى على أكثر من 86 نائباً (ثلثا أعضاء مجلس النواب). في المقابل، قرر المرشح “المنافس” لعون، النائب سليمان فرنجية، الانسحاب من المعركة، من خلال تمنّيه على من يؤيّدونه التصويت بورقة بيضاء. لكنه أكد أن قراره هذا ليس انسحاباً، لأن “الورقة البيضاء هي مجرد موقف”. وقد صدر هذا الموقف بعدما تأكد من أن نتائج الانتخابات الرئاسية باتت محسومة لمصلحة عون من جولة الصندوق الأولى، ولأنه يعلم بأنه حتى لو صوّت له كل المعارضين لعون، فإنه لن يستطيع أن يحوز عدد الأصوات التي حصل عليها عام 2014 رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (48 صوتاً). إذ وبحسب الإحصاءات، من المحتمل أن يحصل فرنجية على نحو 20 صوتاً، هي أصوات 3 نواب من كتلته، و13 نائباً من كتلة التنمية والتحرير، بالإضافة إلى الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي، وبعض النواب الآخرين .
وفيما كان الرئيس برّي قد أكد أن “الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس اختتمت عام 2014، وأن جلسة الاثنين ستفتتح مجدداً بدورة أولى يكون نصابها الثلثين، والعدد المطلوب لفوز أي مرشح هو 86، الثلثان أيضاً، أكد برّي لبعض سائليه أنه في حال “إصرار التيار الوطني الحر على أن الجلسة ستُفتتح بدورة ثانية (العدد المطلوب للفوز هو 65 نائباً فقط)، فإن رئيس المجلس سيرفع جلسة الانتخاب ويدعو إلى عقد جلسة للمجلس النيابي لشرح الدستور، تسبق جلسة الانتخاب. ولتفادي هذا الاشتباك، كثف حزب الله اتصالاته مع حلفائه، ما أدى في النهاية إلى صدور مواقف مؤيدة لانتخاب عون عن كل من الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان. حتى النائب عاصم قانصوه، الذي كان أشد المعبرين عن الاعتراض على وصول عون إلى بعبدا في فريق 8 آذار، أعلن أمس أنه سيصوّت للجنرال. كذلك رفع الرئيس سعد الحريري وتيرة ضغوطه على النواب المعترضين على انتخاب عون، لمحاولة ثنيه عن موقفه. وأجرى رئيس “تيار المستقبل” اتصالاً بالنائب عقاب صقر وطلب منه الحضور للمشاركة في انتخاب عون، فلبّى صقر طلب الحريري ووصل مساء أمس إلى بيروت بعد أكثر من خمس سنوات على “فراره” من لبنان .
من جهة أخرى، أكدت أوساط تكتل التغيير والإصلاح أن خطاب القسَم الذي سيلقيه الرئيس المنتخب سيكون “نوعياً ومفصلياً وفريداً من نوعه، وسيكون عصارة تجربة العماد عون السياسية ويعكس الواقع والتوقيت الذي تحصل فيه الانتخابات ويسمي الأشياء بأسمائها بواقعية مع لمحة وجدانية.
وأشارت الأوساط الى أن “بياناً سيصدر قريباً في شأن قبول استقالة حكومة الرئيس تمام سلام، وأن عون لن يقبل التمهل في تشكيل الحكومة بل هو يريد الإسراع في إعادة تكوين السلطة، أولاً التنفيذية ومن ثم التشريعية عبر قانون الانتخاب والانتخابات النيابية”.