كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: أسفر القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان عن تدمير عشرات الوحدات السكنية، وأخلت عشرات البلدات الحدودية من السكان، كما حرمت الكثير من تلاميذ بلدات المنطقة الحدودية من التوجه إلى مدارسهم وسط تصعيد متواصل، طال بلدة تسكنها أغلبية مسيحية في الجنوب قُصفت للمرة الأولى.
وقالت مصادر ميدانية في الجنوب لـ«الشرق الأوسط»: إن عشرات الوحدات السكنية دُمرت بشكل كامل، تتصدرها بلدات كفركلا التي تعرض فيها نحو 150 منزلاً لتدمير أو إصابات أخرى، وهي بلدة مواجهة لمستعمرتي المطلة ومسكاف عام بشكل مباشر، تليها بلدات ميس الجبل التي تدمر قسم كبير من الحي الغربي فيها، كذلك بلدة عيتا الشعب، وبلدات عيترون، ومروحين والظهيرة، بينما تم تدمير وحدات سكنية أيضاً في بلدات حولا، وبليدا، ومارون الراس والخيام، ولكن بنسبة أقل.
وقالت المصادر: إن القصف الذي استهدف المنازل بشكل تدميري تصاعد في الشهر الأخير، حيث أسفرت بعض الضربات عن تدمير أحياء سكنية بالكامل، جراء غارات جوية ثقيلة.
وقالت المصادر: إن تلك البلدات باتت شبه خالية من السكان، بحيث لم يبقَ في معظمها أكثر من 10 في المائة من السكان، وهي البلدات الموجودة على الشريط الحدودي مباشرة، في حين تعيش البلدات الواقعة على الخط الثاني من الشريط توتراً كبيراً، وأخليت بنسبة 25 في المائة، مشيرة إلى أن تلك البلدات تتعرض أطرافها لقصف متواصل بالمسيّرات والمدفعية وغارات المقاتلات.
ولم تخلُ منطقة حدودية من القصف المتواصل، حيث طال القصف ما يقارب الـ41 قرية في تلك المنطقة، إضافة إلى قصف آخر طال بلدات العمق في الداخل بشكل متقطع. وسُجّل الأربعاء قصف بغارات جوية استهدفت بلدة القوزح في قضاء بنت جبيل التي تسكنها أغلبية مسيحية لقصف، للمرة الأولى، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وتتواجد في قضاء بنت جبيل قرى يسكنها مسيحيون مثل القوزح، ورميش، وعين ابل، ودبل، ويارون وعلما الشعب، وكانت الأخيرة، إضافة إلى رميش، عرضة لقصف دائم، في حين لحقت أضرار بكنيسة في يارون جراء الضربات الإسرائيلية.
وأعلن «حزب الله» الأربعاء استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية، مثل موقع البياض ومواقع أخرى في مزارع شبعا والجليل الغربي، في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتراض مسيّرة في الجليل الأعلى. وأفادت وسائل إعلام لبنانية بقصف إسرائيلي متقطع تعرضت له أطراف حامول، والضهيرة، وعلما الشعب وطير حرفا في القطاع الغربي، فضلاً عن قصف مدفعي لراشيا الفخار. وواصل الجيش الإسرائيلي قصف ذخائر الفوسفور الأبيض على الأحراش الحدودية بغرض إحراقها.
إقفال مدارس
وحرمت الاشتباكات الحدودية الكثير من تلاميذ المنطقة الحدودية الجنوبية من التوجه إلى مدارسهم مع القصف الإسرائيلي المتكرر للقرى والبلدات الجنوبية، في حين تبحث وزارة التربية والتعليم العالي عن بدائل مع استمرار أزمة النزوح. وتوجهت الوزارة إلى التعليم عن بعد واستحداث مدارس للاستجابة الطارئة للحاجة المتزايدة للطلاب الذين وجدوا أنفسهم في موقف صعب يهدد مستقبلهم. وزار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي إحدى المدارس في صور؛ لمتابعة تنفيذ برنامجي التعلم عن بعد والتعليم الحضوري للتلاميذ المنتقلين قسراً والنازحين من مناطقهم والملتحقين حضورياً في مدارس ومعاهد حكومية. وأكد الحلبي لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، أن السلطات اللبنانية تبذل أقصى ما لديها وسط الظروف الحالية مع محاولة تأهيل الكوادر لمواكبة التعليم عن بعد لوجيستياً ومهنياً. وقال: «نحن في ظل الظروف الأمنية الحالية، عرفنا حال طلابنا وتلاميذنا، وهذه أهمية الإحصاء والتطبيق اللذين قمنا بهما. أصبحنا نعرف موقع كل تلميذ، سواء نزح يمكننا إلحاقه بمدرسة والبعض التحق بمدارس الاستجابة للأزمة، ومنهم من يقيمون بمنازلهم وبدأنا في تعليمهم عن بعد». وأضاف: «على هذا الأساس زودناهم بالتجهيزات الإلكترونية اللوحية، وللأساتذة حواسيب محمولة. والذي يحتاج إلى تدريب ندرّبه، هذا أقصى ما يمكن القيام به ضمن الظروف القائمة، وإذا تطور الوضع الأمني بشكل أكبر، يبنى على الشيء مقتضاه». والتقى الحلبي خلال زيارته المعلمين الذين أكدوا استمرارهم في أداء واجباتهم نحو الطلاب رغم عدم تأهيلهم على أساليب التعليم عن بعد. وقال حسين جواد، رئيس رابطة التعليم الأساسي: «نحن دائماً جاهزون للقيام بواجبنا التعليمي تجاه طلابنا، ولكن في حالة التعليم عن بعد، فالمعلمون في حاجة إلى التدريب، فليس جميعهم مؤهلون للقيام بهذه المهمة». وأضاف: «ننتظر استكمال الخطوة التي قام بها وزير التربية، بتوزيع الحواسيب المحمولة على المعلمين، وإعداد دورة تدريبية سريعاً على التعليم عن بعد». وجدد المعلمون مطالبتهم في الظروف الحالية برواتب جديدة؛ وهو ما سيساهم في توقف الإضرابات المتكررة من قِبل أساتذة التعليم الرسمي بشكل أساسي، بالإضافة إلى صرف البدلات التي جرى الاتفاق مع الوزارة على صرفها شهرياً.