كتبت صحيفة “النهار”: على رغم الانحسار النسبي في وتيرة المواجهات التي شهدتها امس الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، حافظ الواقع الميداني على منسوب مرتفع من الحماوة وسط جولات متقطعة من عمليات القصف الصاروخي من جانب “حزب الله” على المواقع الإسرائيلية والقصف المدفعي الإسرائيلي على مناطق حدودية. وبدا واضحا ان الأسبوعين المقبلين قد يكونان الأخطر في مسار استشراف حجم وطبيعة المواجهات المتدرجة نظرا الى ما تردد على السنة مسؤولين إسرائيليين في الساعات الأخيرة عن “مهلة دولية” أخيرة لإسرائيل لفترة أسبوعين لانجاز حسم في غزة، الامر الذي يبقي الباب مفتوحا على مفاجأت تصعيدية قد تنسحب على “الجبهة اللبنانية” اقله لجهة المخاوف التي يبديها كثيرون من محاولات استدراج لبنان الى الحرب. ولكن المخاوف من الانزلاق الى الحرب لم تحجب تقدم ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون الى مرتبة متقدمة من الأولويات الرسمية والسياسية في هذه الفترة ربطا بالظروف السياسية الناشئة عن تداعيات الفراغ الرئاسي في استيلاد الفراغ تلو الاخر في اكبر مناصب الدولة والتي زادتها الأوضاع الخطيرة في الجنوب الحاحا لجهة التصدي الالزامي لاي فراغ لا تحتمل اثاره في قيادة المؤسسة العسكرية. حتى ان بعض المعنيين تحدث في ظل التحركات المتصلة بملف التمديد والظروف التي تملي اعتماده كحل اضطراري عن الاقتراب من أوسع تأييد سياسي لهذا الخيار ولو ان المعارضة الحادة له من جانب “التيار الوطني الحر” لا تزال تحول دون اكتمال الموافقات عليه لاخراجه من ضمن الحكومة بما يبقي احتمال إخراجه من مجلس النواب اكثر رجحانا.
تداعيات التصعيد
وانعكست خطورة المجريات الميدانية في الجنوب على ما اعلنه رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو بعد جولته امس في بيروت مع وفد على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك قبيل مشاورات مجلس الأمن الدولي حول القرار 1701 . وقال “اعربت عن قلقي العميق إزاء الوضع في الجنوب واحتمال وقوع أعمال عدائية أوسع نطاقا وأكثر حدة. كما شكرت الرئيسين بري وميقاتي على جهودهما من أجل استعادة الاستقرار خلال هذه الأيام الحرجة، بما في ذلك من خلال القنوات الديبلوماسية، وكذلك على الثقة التي وضعاها في آليات الارتباط التي تضطلع بها “اليونيفيل” لتجنب المزيد من التصعيد”. ولفت الى “إن أولويات اليونيفيل الآن هي منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان سلامة وأمن حفظة السلام الذين يحاولون تحقيق ذلك. إن القرار رقم 1701 يواجه تحديا في الوقت الراهن، إلا أن مبادئه المتعلقة بالأمن والاستقرار والتوصل إلى حل طويل الأمد تظل صالحة ويظل دورنا المحايد شديد الأهمية لناحية إيصال الرسائل الحاسمة للحد من التوترات ومنع سوء الفهم الخطير، بهدف تجنب أي تصعيد غير مبرر. لقد كان على حفظة السلام مواءمة عملهم مع الوضع، ولكن عملنا لدعم القرار مستمر”.
وفي معلومات “النهار” ان القائد العام لليونيفيل قال اثناء زيارته للرئيس بري انه “قلق جدا “ولا توجد عنده معطيات وافية عن مسار ما ستنتهي اليه الاشتباكات المفتوحة بين إسرائيل و”حزب الله” في الجنوب.
تزامن ذلك مع استمرار التوتر الشديد سائدا خطوط المواجهة الجنوبية حيث اعلن “حزب الله” عن “استهداف موقع المالكية بالأسلحة المناسبة وذلك أثناء قيام العدو الإسرائيلي بإعادة تحصينه”. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيليّة عن إطلاق صاروخين مضادين للدبابات من لبنان على مواقع عسكرية في الجليل الأعلى. وسجل قصف مدفعي اسرائيلي طاول اطراف بلدات طيرحرفا وحولا وهونين ورب ثلاثين. ايضا استهدفت منطقة رأس الناقورة واللبونة بقصف مدفعي عنيف. واستهدفت غارات وقصف مدفعي منطقة “الغابة” بين عيترون ومارون الراس وأطراف ميس الجبل لجهة وادي السلوقي، وخلة وردة عند اطراف عيتا الشعب.ولاحقا اعلن “حزب الله” استهداف نقطة تحشيد للجنود الاسرائيليين قرب موقع المرج وكذلك موقع بركة ريشا وأماكن التجمع العسكري المحيطة به ثم موقع رويسات العلم في مزارع شبعا المحتلة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ان مواقع الجيش الإسرائيلي في يفتاح و مرجليوت وعرب العرامشة وشوميرا و متات تعرضت لإطلاق صواريخ مضادة للدروع و قذائف الهاون من لبنان.
واعلن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف الصحافيين اللبنانيين اول من امس في بلدة يارون . وأشار بو حبيب إلى أنَّ، “القصف الإسرائيلي المتعمد والمباشر لموكب الصحافيين انتهاك للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب موصوفة”.
وفي سياق المواقف والتهديدات الإسرائيلية قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتيناهو أن “هدفنا أولا وقبل كل شيء هو الانتصار الكامل على حماس وعودة مختطفينا وبعدها سنتعامل مع الشمال”. واضاف “أوعزت للجيش للاستعداد لجميع السيناريوات للتعامل مع حزب الله”. وقال: “الجبهة الشمالية تشهد تبادلا كثيفا للضربات وتعليماتي للجيش هي الاستعداد لأي سيناريو”.
لا نصاب
على صعيد ملف الشغور في قيادة الجيش الذي ترقب كثيرون اثارته ولو من خارج جدول الاعمال، أرجئت جلسة مجلس الوزراء التي كان من المقرر انعقادها امس في السرايا لعدم اكتمال النصاب وتم تحديد الموعد المقبل للجلسة يوم الاثنين. ونتيجة لذلك، عقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقاء تشاوريا مع الوزراء الحاضرين. وأفادت المعلومات ان ميقاتي وخلال الاجتماع الجانبي مع الوزراء أبلغهم بأن التمديد لقائد الجيش لن يحصل إلا بالتوافق وهو ليس بوارد الذهاب بالموضوع على قاعدة التحدي. وقالت مصادر وزارية ان رئيس الحكومة ابلغ الوزراء ان الامانة العامة لمجلس الوزراء اعدَّت دراسة قانونية ودستورية موسعة بشأن الحلول القانونية التي يمكن اعتمادها لتفادي الشغور المرتقب في القيادة العسكرية. وأشارت الى ان الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية أنجز دراسة قانونية دستورية ليل اول من امس تقترح حلولاً للشغور المرتقب في القيادة العسكرية وذلك بناء على تكليف سابق من مجلس الوزراء.
وأفادت معلومات ان اجتماعا عقد في الساعات الماضية بين المعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري علي حسن خليل والسيد حسن نصرالله علي الخليل والرئيس نجيب ميقاتي خصص للبحث في موضوع التمديد لقائد الجيش .
وفي سياق جولتها على القوى السياسية لبحث إمكانية تشريع اقتراح التمديد لرتبة عماد لمدّة سنة، زار امس وفد من “كتلة الجمهورية القوية” رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، وبدا واضحا ان الفريقين متفقان تماما على تجنب الشغور في منصب قيادة الجيش واعتماد التمديد مع تعيين رئيس للاركان . وأوضح النائب غسان حاصباني ان “الوضع القائم استثنائي ولبنان بحاجة إلى أن تبقى هذه المؤسسة مستقرّة دون أي خلل للإستمرار بالدفاع عن الأراضي اللبنانية وتأمين الأمن على الحدود وعدم اهتزاز قراراتها ومواقفها، لذا مستعدّون لأخذ خطوات استثنائية في هذا المجال ونعي أن هناك حراكاً على مستوى مجلس الوزراء لمحاولة التمديد لقائد الجيش، إلّا أنّه في حال عدم حصول ذلك، في فترة زمنية معقولة، يبقى التشريع هو المدخل الأسلم والوحيد للحفاظ على المؤسسة إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن قيادة الأركان، التي علينا النظر بها وأن يعمل على تعيينها بالآليات الدستورية المناسبة”. كما ان النائب هادي ابو الحسن اكد ” الترحيب بالطرح والفكرة من خلال تقديم اقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش، الذي يتلاقى مع طرح اللقاء الديمقراطي القديم، عبر اقتراح قانون كنّا قد تقدّمنا به للتمديد للضباط العامين، واقتراح قانون آخر برفع سن التقاعد لكلّ الرتب العسكريّة من رقيب حتّى عماد لمدة سنتين، وللأسف لم يتمّ إقرار أو مناقشة أي من الإقتراحين سابقاً، واليوم نحن منفتحون على هذا الإقتراح وكنا نتمنّى أن تكون الأولوية لملء الشغور هي انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، ليتم بعدها تعيين قائد الجيش . بما أنَّ هذا الأمر متعثّر حتى الآن ومتعذّر، سنسهل الأمر للتمديد لقائد الجيش وسيكون لنا موقف أمام هيئة مكتب المجلس وفي المجلس النيابي، كما تمَّ النقاش حول ضرورة تعيين أعضاء المجلس العسكري، إذ لا يجوز أن يكون قائد الجيش دون مجلس عسكري مكتمل”.