كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: استأنف «حزب الله» معركة قصف التجهيزات الإلكترونية الإسرائيلية التي حاول جيشها إعادة ترميمها وتثبيتها على المواقع الحدودية، حيث استهدف رافعات كانت تحاول رفع أعمدة تتضمن تجهيزات إلكترونية، وسط توتر متصاعد في المنطقة الحدودية دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري للتحذير من «مخاطر توسع نيران الحرب الإسرائيلية في المنطقة».
ولم تهدأ الجبهة الجنوبية منذ صباح الثلاثاء، حيث شمل القصف المتبادل القطاعات الثلاثة؛ الشرقي والأوسط والغربي، واستخدمت فيه القوات الإسرائيلية المدفعية الثقيلة وصواريخ أطلقتها المسيّرات، فيما استخدم «حزب الله» الصواريخ الموجهة وقذائف الهاون. ونشر إعلام الحزب مقطع فيديو يظهر استهداف رافعة ضمن أربع رافعات وجدت في أحد المواقع الحدودية لإعادة تثبيت أجهزة إلكترونية بديلة عن تلك التي دمرها الحزب في وقت سابق.
ومنذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استهدف الحزب 105 أعمدة تتضمن تجهيزات إلكترونية منتشرة على 42 موقعاً إسرائيلياً في المنطقة الحدودية، وأطلق على العملية اسم «فقء عيون العدو»، حسبما جاء في مقاطع مصورة في الأسبوع الأول للقصف. ومنذ الأسبوع الماضي، حاول الجيش الإسرائيلي إعادة تثبيت الأعمدة والتجهيزات، وهو ما دفع الحزب لتجديد استهدافها، بدءاً من يوم الأحد حين استهدف جرافة محمولة على شاحنة تمهيداً لإجراء تجهيزات لوجستية جديدة في المنطقة.
تحرك «اليونيفيل»
وحذّر رئيس بعثة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان أرولدو لاثارو، الثلاثاء، من ارتفاع حدّة التصعيد في جنوب لبنان. والتقى لاثارو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، وقال: «أعربت عن قلقي العميق إزاء الوضع في الجنوب واحتمال وقوع أعمال عدائية أوسع نطاقاً وأكثر حدّة».وأوضح أن «أولويات (اليونيفيل) الآن هي منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان سلامة وأمن حفظة السلام الذين يحاولون تحقيق ذلك». وأعلنت «اليونيفيل»، الأحد، إصابة أحد عناصرها برصاصة من دون أن توضح ملابسات الحادثة، وما إذا كانت ناتجة من التصعيد. كما أصيب عنصر آخر بجروح في 29 أكتوبر (تشرين الأول) جراء قصف قرب قرية حولا الحدودية بعد ساعات من إصابة المقر العام للقوة بقذيفة.
وحذر بري خلال لقائه مع لاثارو «من تمادي العدو الإسرائيلي في تصعيد عدوانيته مستهدفاً تكراراً المدنيين والإعلاميين والمسعفين، متجاوزاً في اعتداءاته عمق الجنوب اللبناني، فضلاً عن تهديداته للعاصمة اللبنانية بيروت، مما يزيد مخاطر توسع نيران الحرب الإسرائيلية في المنطقة خلافاً للمواقف الدولية والعربية الداعية إلى الالتزام بالشرعية الدولية المتمثلة بالقرار الأممي 1701 وقواعد الاشتباك»، حسبما جاء في بيان صادر عن رئاسة مجلس النواب.
أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فأثنى خلال لقائه مع قائد «اليونيفيل»، «على الجهود الشاقة التي تبذلها اليونيفيل في هذه المرحلة الصعبة في سبيل تخفيف التوتر والحؤول قدر المستطاع دون تفاقم الصدام العسكري القائم على طول الخط الأزرق وعبره، الذي هو نتيجة للاستفزازات الإسرائيلية وخرقها لمندرجات القرار 1701». وجدد تأكيد «تمسك لبنان ببقاء هذه القوات في الجنوب وبعدم المس بالمهام وقواعد العمل التي أنيطت بها، والتي تنفذها بالتعاون الوثيق مع الجيش».
«هيومن رايتس ووتش»
ومنذ بدء التصعيد، قتل أكثر من مائة شخص في لبنان، بينهم مقاتلون من «حزب الله» و«حركة حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«سرايا المقاومة»، إضافة إلى 11 مدنياً، في المعارك المندلعة في المنطقة، من ضمنهم امرأة وحفيداتها الثلاث في استهداف إسرائيلي لسيارة كانت تقلهن للابتعاد عن مناطق يطولها القصف قرب المنطقة الحدودية في جنوب لبنان في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ودعت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الثلاثاء، إلى التحقيق في الضربة التي أودت بحياة الجدة وحفيداتها في جنوب لبنان، عادة أنّ الاستهداف قد يرقى إلى «جريمة حرب». وقال الباحث في الشأن اللبناني في «رايتش ووتش» رمزي قيس، في بيان، إن «الهجوم الذي شنته القوات العسكرية الإسرائيلية يظهر استخفافاً متهوراً بحياة المدنيين»، عاداً أنّ مقتل الفتيات الثلاث مع جدّتهن يعد «انتهاكاً لقوانين الحرب، ويتعيّن على حلفاء إسرائيل، بينهم الولايات المتحدة، الرد على ما يبدو بمثابة جريمة حرب عبر المطالبة بالمساءلة عن هذه الضربة غير القانونية».
وبناءً على تحقيقات أجرتها، لم تجد «رايتس ووتش»، «أي دليل على وجود هدف عسكري في محيط» السيارة المستهدفة. وقالت إنه حتى وإن كان هناك هدف عسكري، فإن «استهداف سيارة تقل مدنيين… يجعل من الضربة غير قانونية»، متهمة الجيش الإسرائيلي «بالفشل في التمييز بين المقاتلين والمدنيين».