كتبت “الشرق” تقول: الغليان يلف لبنان ويزنّره من الشمال والجنوب. فسوريا مشتعلة وعاد التصعيد الى ميدانها في الايام الماضية. بعدها انفجر الوضع في الاراضي المحتلة مع اطلاق حركة حماس عملية “طوفان الاقصى” النوعية التي باغتت الاسرائيليين وألحقت في بشرهم وحجرهم والعسكر، خسائرَ فادحة معنوية ومادية وبشرية، دافعة السلطات الى موقع الدفاع والى اعلان حال الطوارئ ومن ثم اعلان حالة الحرب… والسؤال الذي فرض نفسه سريعا في الداخل كان التالي: هل سيبقى لبنان في منأى عن هذا الغليان كلّه؟ والى اي مدى يمكن ان يصمد من دون رئيس للجمهورية وفي ظل شرخ سياسي عمودي وانهيار اقتصادي مالي مخيف؟ فالنزوح يمزّقه من جهة، وقد بات يتخذ اشكالا امنية، ومن جهة ثانية الخشيةُ كبيرة من ان تفتح جبهة لبنان على مصراعيها .
هذا ما بدأت بوادره امس من خلال استهداف حزب الله يتبنى استهداف 3 مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا هي موقع الرادار وموقع زبدين وموقع رويسات العلم بأعداد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة. وسرعان ما ردت اسرائيل بالمثل على هذا الهجوم الموضعي فقصفت محيط مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، كما استهدفت مسيرة خيمة حزب الله مقابل موقع زبدين ودمرتها، فاعاد الحزب نصب اخرى على الفور.
وفي كفرشوبا اصيب طفلان بجروح بمختلف في انحاء جسديهما، بسبب شظايا الزجاج المبعثر من جراء القصف الاسرائيلي على البلدة، وتم نقلهما الى مستشفى مرجعيون الحكومي للمعالجة. وإحدهما ما زالت طفلة رضيعة.
ولاحقا اعلن الجيش الاسرائيلي اسقاط مسيرة قادمة من لبنان، كما اطلقت مسيرة اسرائيلية صاروخ جو ارض في محلة الخريبة خراج بلدة راشيا الفخار قضاء حاصبيا.
بيان الجيش
صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي: “بتاريخ 8 – 10 – 2023، قصفت وحدات عسكرية تابعة للعدو الإسرائيلي بالمدفعية والدبابات خراج بلدات شبعا وحلتا وكفرشوبا والهبارية، بعد إطلاق قذائف وصواريخ من إحدى المناطق الجنوبية باتجاه مواقع للعدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية المحتلة. وقد أدى القصف المعادي إلى وقوع جرحى من بين المواطنين ونُقلوا إلى أحد المستشفيات للمعالجة.
في موازاة ذلك، ينفذ الجيش اللبناني اعتبارًا من تاريخ 7 – 10 – 2023 انتشارًا في المناطق الحدودية ويقوم بتسيير دوريات، كما يتابع الوضع عن كثب بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان”.
تهديد وإخلاء
وافادت وسائل إعلام إسرائيلية بإطلاق صواريخ القبة الحديدية قرب كريات شمونة على حدود لبنان.
كما اوعز وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت بالاستعداد لإخلاء المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، كما امر غالانت بتسليم أسلحة وذخائر لسكان البلدات القريبة من لبنان وقطاع غزة.
اعلن مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة بأننا “طلبنا من دول عدّة إبلاغ حكومة لبنان أنّنا سنحمّلها مسؤولية أي هجوم لـ”حزب الله” على اسرائيل في سياق دعم عملية “طوفان الاقصى” التي تنفذها فصائل المقاومة في قطاع غزة.
الموقف الاميركي
واعلن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن عبر “CNN” بأن “هذا أسوأ هجوم تتعرض له اسرائيل منذ عام ١٩٧٣، ولدينا تقارير عن أسر اميركيين لدى حماس، كما ان هناك تقارير عن قتلى ومفقودين أميركيين في معركة “طوفان الاقصى” ونعمل على التأكد من صحة ذلك.
وشدد بلينكن على أن عرقلة مسار العلاقات السعودية – الإسرائيلية قد تكون جزءا من دافع الهجوم على إسرائيل. واكد بأننا “نبذل كل ما في وسعنا لضمان عدم نشوء جبهة أخرى في الصراع بما في ذلك مع حزب الله في لبنان”.
“الحزب” يواكب
وكان “الحدث” الفلسطيني هيمن على النشاط السياسي المحلي. ففي المواقف من “طوفان الاقصى”، كان اول المعلقين حزب الله، الذي ابدى كل استعداده للدعم معلنا انه ينسق مع “المقاومة الفلسطينية”، وذلك بالتزامن مع معلومات عن ارسال الجيش الاسرائيلي تعزيزات واسعة الى الحدود مع لبنان، تحسّباً لأي طارئ. وقال الحزب في بيان “ندعو شعوب أمتنا العربية والاسلامية والاحرار في العالم الى إعلان التأييد والدعم للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة التي تؤكد وحدتها الميدانية بالدم والقول والفعل”. وأكّد ان “قيادة المقاومة الاسلامية في لبنان تواكب التطورات الهامة على الساحة الفلسطينية عن كثب وتتابع الاوضاع الميدانية بإهتمام بالغ وهي على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج وتجري معها تقييما متواصلا للاحداث وسير العمليات”. واعتبر ان العملية “ورسالة الى العالم العربي والاسلامي والمجتمع الدولي بأسره خصوصا أولئك الساعين الى التطبيع مع هذا العدو أن قضية فلسطين قضية حية لا تموت حتى النصر والتحرير”.
بوركت السواعد
من جانبه، كتب المرشح الرئاسي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عبر “اكس”: لا بدّ لقوّة الحق أن تنتصر على الظلم مهما طال الزمن. بوركت سواعد المقاومين أصحاب الأرض.
لعدم توريط لبنان
في المقابل، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عبر “أكس” أن أهم شيء عدم توريط اللبنانيين بتحمّل ما ليس بطاقتِهم، بعد كل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها.
فرملة الجهود؟
وفي انتظار ما اذا كان الوضع الجنوبي سيبقى هادئا ام سيتجه نحو ما لا تحمد عقباه ونحو ما لا قدرة للبنان المنهار على تحمّله، لا تستبعد مصادر ديبلوماسية عبر “المركزية” ان تؤثر هذه التطورات على الجهود الدولية المبذولة لاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة حيث قد تفرملها الى حين اتضاح مسار المشهد الاقليمي، مِن الاراضي المحتلة الى سوريا وصولا الى تركيا والعراق… وقد انكفأت اي حركة ظاهرة على الضفة الرئاسية.