كتبت صحيفة “الجمهورية”: لم يتبيّن بعد الخيط الابيض من الخيط الاسود في مسألة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية الى الحوار لسبعة ايام تليها جلسات نيابية متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، فيما أُعلن انّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيكون في لبنان الاثنين المقبل.
أكدت مصادر مطلعة على الاتصالات لـ«الجمهورية» ان الاهتمام الآن ينصَب على زيارة لودريان الذي سيقوم من موقعه بجولة لقاءات واتصالات موازية. وكشف هذه المصادر ان لا قرار بعد بالدعوة الى الحوار لا سلبا ولا ايجابا وان الامور لا تزال في مرحلة رصد الاجواء والمواقف عبر الاعلام ولم تصل بعد الى مستوى اتخاذ القرار. واوضحت انّ بري لا ينتظر اجوبة رسمية من احد في اعتبار انه لم يوجه دعوات رسمية الى أحد. واستبعدت حصول خرق رئاسي قريب، داعية الى انتظار نتائج زيارة لودريان الثالثة.
زيارة لودريان
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن قريبين من لودريان امس انّه «سيكون في لبنان الإثنين» المقبل. وقالت ان مهمته القيام بـ«محاولة جديدة لحلّ الأزمة السياسية المستمرّة في هذا البلد منذ عشرة أشهر». وأعادت الوكالة التذكير بأنه سبق له ان «اقترح أن يجتمع جميع الفاعلين السياسيين اللبنانيين في أيلول للتوصّل إلى «توافق» يسمح بإنهاء الشغور الرئاسي المستمرّ منذ نحو عام».
وتردد في أوساط نيابية ان الموعد الجديد وان لم يكن رسمياً حتى اللحظة فهو الأقرب الى ما كان البعض في أجوائه وخصوصا من كانوا على تواصل مستمر مع السفارة في بيروت وباريس.
«تحالف الطيونة»
في غضون ذلك دافع رئيس تكتل «لبنان القوي»، النائب جبران باسيل خلال عشاء «هيئة قضاء البترون» امس عن مشروعي «التيار الوطني الحر» للامركزية الادارية والمالية الموسعة والصندوق الائتماني، وقال: «اتهموا السوري والاسرائيلي بسرقة البلد وهدمه ومنعوا النفط والغاز 30 سنة، تسلموا مالية الدولة وعندما انهارت قالوا لن نغير حاكم مصرف لبنان». واضاف: «كأن الجميع متفقون على استمرار الفراغ الرئاسي وبهذا الدستور سيكون هناك فراغ لسنوات، يريدون أن يفرضوا علينا رئيس تمثيله ضعيف ولا يتحدثون إلا بالمحاصصة ونقول للفريق المعارض تعالوا لنضع برنامج ومواصفات، وأنا خائف من أن نكون قد عدنا الى تحالف الطيونة لتطيير الفرصة والرئاسة والمعارضة كأنها تخدم من دعا للحوار». وتابع: «ما حدا يجرب يردّنا على الحرب، نحنا منرفض الحرب ومنمنعها، الحرب بتعني هجرة جماعية». وعلق باسيل على خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الاخير، فقال: «لم نسمع منهم كلمة عن النازحين بخطاب سنوي مدّته ساعة! «بس مسبّات» وكأنه لا يوجد جريمة متجدّدة في حق الكيان اللبناني ووجوده». واعتبر أنه «عندما نتوصل مع الفرنسيين الى صيغة تشاور وتحاور محدود بالبرنامج والزمان والشكل وينتهي بجلسات مفتوحة تؤمّن حصول الانتخاب، يقوم رئيس المجلس بالدعوة إلى حوار تقليدي في مجلس النواب، ويقول انها مبادرة منه وعن صيغة ملتبسة تحت الضغط للجلسات المتتالية، وكأنّ هناك نيّة لتطيير الفرصة، وفي المقابل المعارضة ترفض الحوار في المطلق وتعتبره ابتزازاً لجلسات الانتخاب، وكأنّها تقدّم خدمة لصاحب المبادرة لتطيّر الجلسات المفتوحة».
«الوفاء للمقاومة»
واعلنت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة النائب محمد رعد «أننا نتعاون مع الآخرين ونعمل بجدّ وإخلاص واثقين بأنفسنا وبشعبنا ورافضين كل شكلٍ من أشكال الضغوط أو الارتهان أو الابتزاز، منفتحين على ملاقاة أي جهدٍ أو مبادرة حواريّة واقعيّة تُساهم في توفير فرص التوصل إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي كما كان عليه تجاوبنا مع مبادرة السيد لودريان، ومع دعوة دولة الرئيس نبيه برّي التي أطلقها مؤخراً في ذكرى جريمة تغييب سماحة الإمام موسى الصدر وأخويه». وأكدت الكتلة ان «الخطوة الأولى للشروع في طي صفحة الأزمة الراهنة تقضي بإنجاز الاستحقاق الرئاسي عبر التوافق الذي يشكّل أرسخ قواعد الدستور الذي جرى التفاهم على صيغته في اتفاق الطائف». كذلك اكدت «التمسّك بمعادلة الحماية الوطنيّة التي عكستها بيانات الحكومات المتوالية منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني إلى يومنا هذا، لما أثبتته من جدوى واضحة في مواجهة العدو الصهيوني المحتلّ وإنجاز التحرير والتصدي للغزوة الإرهابيّة التكفيريّة وحفظ حق لبنان في استثمار موارده في البحر والبر، وفرض توازن الردع الذي كبح جماح العدو الصهيوني عن التطاول على أمن لبنان واستقراره».
الموازنة
في غضون ذلك انطلقت جلسات مناقشة موازنة العام ٢٠٢٤ للمرة الاولى منذ سنوات طويلة ضمن المهلة الدستورية. وفي معلومات لـ«الجمهورية» من مصدر حكومي ان الموازنة التي تتضمن رسوماً وضرائب جديدة مدولرة رسمياً لن تأخذ وقتا طويلا وهي ستقر في جلسة مجلس الوزراء المقررة مطلع الأسبوع المقبل. ولفت المصدر الى انّ هناك من يعتبر ان هذه الموازنة هي فقط لملء الخزينة ولا تُعير اهتماما كبيرا للبنود الاصلاحية، فيما يعتبر وزير المال يوسف الخليل وفريق اعداد الموازنة انها تتضمن ٣ مشاريع قوانين اصلاحية غير مسبوقة ابرزها خطة الحكومة للتعافي.
وقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي لـ«الجمهورية» ان هذه الموازنة حتى الآن لا يمكن اعتبارها اصلاحية في انتظار الانتهاء منها ومن ارقامها».
وحول منصة «بلومبيرغ» الالكترونية اوضح الشامي «انها ستُدار من مصرف لبنان وانها خطوة جيدة تنظم عملية البيع والشراء بين مصرف لبنان المركزي والمصارف وليس بالضرورة ان ترفع سعر الدولار انما يمكن ان تخفضه، وهي خطوة جيدة قانونية وشفافة تحل مكان منصة صيرفة».
منصة «بلومبيرغ»
وفي هذا السياق اكد مرجع اقتصادي ومالي لـ«الجمهورية» ان منصة «بلومبيرغ» التي طالبَ بها حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وتمّ اقرارها في مجلس الوزراء أمس، تحقق عوامل عدة:
– تفرض تعاملاً جديداً شفافاً ويخضع للمقاييس الدولية.
– تمنع الاعتماد على سوق «الكاش»، وتعزز من رقابة المصرف على مصدر ومسار الدولار وهوية المتعاملين به، بما يمنع التبييض المحتمل الذي قد يعرّض لبنان الى عقوبات. علماً ان منصوري كان اخضع كل عمليات شراء الدولار التي يقوم بها المصرف لزوم تأمين الحاجات الضرورية والرواتب لإجراءات الهيئات الرقابية في مصرف لبنان.
– تساهم المنصة في الحد من تهرب التجار الكبار من الضرائب، لأنها تطّلع على مسار وحجم التحويلات جراء التصدير والاستيراد.
– تمنع المضاربات، وتخضع المتعاملين للرقابة.
– تضبط سعر صرف العملة وتمنع التفلّت، لوجود عرض وطلب متوافرين في الاتجاهين.
واعتبر المرجع ان كل ذلك يبقى ضمن الاجراءات التنظيمية للتخفيف من المخاطر، لكن الحل الجوهري للوضع المالي يكمن في الاصلاحات المطلوبة تشريعيا وحكوميا.
صندوق النقد
على الصعيد المالي والنقدي يصل الى بيروت منتصف الأسبوع المقبل وفد من المسؤولين الكبار في صندوق النقد الدولي للاطلاع على مصير بعض الاصلاحات التي تعهّد بها لبنان بعد أكثر من عام وخمسة أشهر على الإتفاق الذي تم توقيعه في 9 نيسان 2022 في قصر بعبدا على مستوى الموظفين الكبار.
وقالت المصادر إن الوفد سيلتقي برئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي المكلّف ملف المفاوضات مع الصندوق ووزير المال يوسف الخليل والموظفين الكبار، بالإضافة الى لقائه الأول مع النائب الاول لحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وأعضاء جمعية مصارف لبنان ومسؤولين ماليين ونقديين.
وأكدت مصادر بعثة الصندوق في بيروت لزوّارها في الساعات الماضية ان البحث سيتناول مصير الإصلاحات الموعودة ولا سيما منها القوانين التي تعثر صدورها على رغم من المناقشات التي تناولت أكثر من صيغة لكل منها منذ سنوات عدة تحتسب معها بدايات الازمة المالية والنقدية، وخصوصا مجموعة المشاريع واقتراحات القوانين الخاصة بقانون «الكابيتال كونترول» كما بالنسبة الى خطة «التعافي المالي»، بما فيها تحديد حجم الخسائر ومصير الودائع و»إعادة هيكلة المصارف» وما هو مطروح من إجراءات لمواجهة الوضع المنهار ولا سيما المساعي المطلوبة لتوحيد سعر الصرف المنتظر من خلال السعي الى اعتماد المنصة الجديدة «بلومبرغ» بدلاً من منصة «صيرفة».
النازحون
على صعيد آخر وفيما سيعقد مجلس الوزراء الاثنين المقبل جلسة مخصصة لمناقشة ملف النازحين السوريين بعد تسجيل موجة نزوح جديدة، شددت مصادر وزارية على وجوب ضبط الحدود الشمالية الشرقية سريعاً بالتفاهم مع الجانب السوري.
ودعت المصادر عبر «الجمهورية» إلى تشكيل وفد وزاري لزيارة دمشق بلا اي تأخير من أجل البحث مع المسؤولين السوريين في سيل ضبط الحدود وإعادة النازحين. واكدت أهمية تطبيق ورقة التفاهم التي سبق وضعها مع الطرف السوري، مشيرة الى انّ دمشق ملتزمة بهذه الورقة على رغم من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها. واوضحت انه يتم توقيف وإعادة نحو 150 نازحا يوميا، كمعدل وسطي، اما مجمل الذين تم القبض عليهم في آب فقد بلغ 8000 نازح، في حين أوقف وأعيد الى سوريا 22 الفاً منذ بداية السنة.
وأعلن الجيش اللبناني في بيان أمس أنه «في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدات من الجيش بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي محاولة تسلل نحو 1200 سوري عند الحدود اللبنانية السورية».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر أمني إن كثيرين يأتون «للعمل هنا جرّاء الأوضاع الاقتصادية في بلادهم». وأوضح أن الحدود السورية اللبنانية «غير مضبوطة، وأي أحد يستطيع عبورها، ولا يمكن نشر عناصر من الجيش فيها بكاملها».
«ما يشغل بالنا»
وكان ميقاتي قال في مستهل جلسة مجلس الوزراء امس: «مع اقتراب العام الثالث من عمر الحكومة، كلنا أمل ان يكتمل عقد المؤسسات الدستورية ويتم انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ لبنان الصيغة والكيان، لا تستوي العدالة السياسية فيه إلا بتكامل مكوناته الوطنية». واكد «اننا نصرّف الاعمال ولا نتصرف بالوطن. نحن نتحمل المسؤولية ولا نصادر السلطة، ولا نريد ان نكون بديلاً لاحد. تحمل المسؤولية ليس مسألة سهلة، ويشهد الجميع على أننا نقاوم ونسعى قدر المستطاع لتجاوز هذه المرحلة الصعبة». وشدد على «أولوية الاسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية». وقال: «نعرب عن تأييد الدعوة الى الحوار البرلماني وتشجيع تلاقي القوى السياسية للتشاور والبحث الجاد الذي يُفضي الى الاسراع في انتخاب رئيس». وشكر «الاخوة العرب واللجنة الخماسية والدول الصديقة لسعيهم الدائم الى مساعدة لبنان للخروج من أزماته السياسية والاقتصادية». وقال: «ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية. وما يبعث على القلق أن اكثرية النازحين الجدد من فئة الشباب. الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللاً حاداً يضرب، بقصد او بغير قصد، تركيبة الواقع اللبناني».
خطر على لبنان
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار الى أن «أي ضغط سلبي على سوريا سيؤدي إلى عدم استقرارٍ في أي موقع في العالم مرورًا بلبنان ووصولًا إلى أوروبا». وقال حجار، في حديث لوكالة «سبوتنيك» الروسية، انّ «موضوع النزوح السوري الجديد خطر على لبنان وسوريا وقد يكون سبباً لعبور إرهابيين يخلقون أزمات أمنية بالداخل اللبناني».
وشدد على أن «المجتمع الدولي مسؤول عن موجة النزوح السوري الجديدة والحصار الأميركي والأوروبي سبب رئيسي لتجويع شعب سوريا ودَفعه الى الهرب عبر المنافذ المتاحة، وأهمها لبنان».
البيسري وآل ثاني
من جهة ثانية استقبل المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري صباح أمس سفير دولة قطر الجديد في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل ثاني آل ثاني على رأس وفد في زيارة تَعارف، وعرض معه الأوضاع العامة وسبل التنسيق بين السفارة القطرية والمديرية العامة للأمن العام. وتمنى اللواء البيسري للسفير القطري التوفيق في مهماته الجديدة.