كتبت صحيفة “نداء الوطن”: بعدما انقضت خمسة أيام من أيلول الحالي، بدا واضحاً أنّ الانقضاض على فرصة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في عملية دستورية، انطلق بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي تقدم مصالح فريق الممانعة على التزام الدستور. ثم أتت زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان في اليوم التالي لتقول إن طهران تضع ثقلها في «وحدة الساحات» وليس في وحدة اللبنانيين لإنجاز هذا الاستحقاق. فكيف تبدو آفاق المرحلة المقبلة، خصوصاً في ضوء موقف المعارضة الذي رفض أي تهاون أمام مناورات فريق الممانعة للالتفاف على الدستور؟
تجيب عن هذا السؤال أوساط بارزة في المعارضة عبر «نداء الوطن»، فتقول: «هناك حراك دولي كبير في الموضوع الرئاسي، وهذا من الأسباب التي دفعت بري الى مبادرة أيلول كي يجنّب نفسه تجرّع الكأس المرّة على هذا الصعيد. كما أنّ هناك حراكاً قطرياً وأميركياً وسعودياً، نقل المبادرة من اليد الفرنسية الى مكان آخر. وبالتالي، هناك ضغط كبير من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، في مرحلة تشدد ديبلوماسي ظهر في أكثر من مكان وآخره في قرار التمديد لـ»اليونيفيل»، وقبل ذلك في اجتماع اللجنة الخماسية، وهو يظهر حالياً في الوضع السوري وفي انهيار الليرة والموقف الواضح لحاكم مصرف لبنان بالإنابة. وبالتالي، ما بين مطرقة الانهيار وسندان الضغط الدولي والاميركي تحديداً، والمبادرات القطرية بالتواصل مع السعودية والتشديد على المسائل الأساسية، تشعر جماعة الممانعة أن «لا شيء ماشي».
ولفتت الى أنّ الرئيس بري «يحاول الذهاب الى وضعية لا يكون معها فريق الممانعة قدم تنازلاً كاملاً، بل تراجع مثلاً 90 درجة بدلاً من 180 في محاولة لفتح أفق ما، لكن المعارضة تقفل الطريق أمام هذه المحاولة برفض الذهاب الى أي وضعية غير دستورية لانتخاب رئيس للجمهورية» .
وخلصت الأوساط الى القول: «هناك شيء ما يحصل. ومن ذلك، موجة ضد الممانعة غير قادرة على الالتفاف عليها ما يعيدها الى المربع الأول».
وكان لافتاً تحرك السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، حيث شدّد على الأولويات التي تضمّنها البيان الشهير للجنة الخماسية لأجل لبنان في تموز الماضي. وفي مقدم هذه الأولويات «إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت»، كما جاء في بيان السفارة السعودية بعد استقبال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي السفير.
وفي انتظار وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت في 11 الجاري، علمت «نداء الوطن» أن الموفد الأمني القطري سيزور لبنان في العشرين من الجاري لإجراء اتصالات بالمسؤولين والقيادات السياسية تتناول تطورات الاستحقاق الرئاسي.
في المقابل، لا يزال الرئيس بري يحاول تسويق مبادرة «الحوار لأسبوع» و»الجلسات المتتالية « لانتخاب رئيس الجمهورية هذا الشهر.
وسألت «نداء الوطن» النائب ملحم خلف، وهو نقيب سابق للمحامين في بيروت عن اقتراح «الجلسات المفتوحة»، كما طرحه بري؟ أجاب: «إنّ المادة 49 من الدستور واضحة وجليّة، إذ تدعو إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية، إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية بغالبية تتألف من ثلثي مجموع أعضاء مجلس النواب، أي 86 في الدورة الأولى بينما يتمّ الإكتفاء بالغالبية المطلقة من أعضاء مجلس النوّاب في الدورة الثانية، كما حصل مع الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون الذي انتخب في الدورة الرابعة من جلسة الإنتخاب. وتجدر الإشارة إلى أنّ المادة المذكورة تتحدث عن أكثرية الثلثين وليس النصاب في الدورة الأولى وعن أكثرية مطلقة، أي 65 نائباً، في الدورة الثانية والتي تليها. ثمّ أن المادة 74 تشدّد على أنّه إذا خلت سدّة الرئاسة فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون».
وهل هناك خفايا أو خبايا أو»أرانب» في دعوة برّي إلى «جلسات مفتوحة»؟ قال خلف: «إسألوا برّي».
وفي خلاصة هذا المشهد، فإن الدستور يقول فقط بجلسة واحدة مفتوحة بدورات عدة وليس في «جلسات» التي تعني هرطقة دستورية بامتياز، والدوران في حلقة مفرغة.