كتبت صحيفة “نداء الوطن”: من بيروت الى نيويورك، كانت حركة التطورات أمس أشبه بازدحام مروري بلغ ذروة غير مسبوقة. وفي هذا الازدحام اختلط بعض الاستحقاقات ببعضها الآخر، ولا سيما استحقاقي الانتخابات الرئاسية وتمديد عمل القوة الدولية الموقتة العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، عاماً جديداً. فهل يؤشر هذا الازدحام المثقل بالعسر الى يسر، أم أن هذه الاستحقاقات مقبلة على فصول جديدة من التعقيدات، كما هو حالها اليوم؟
البداية من بيروت حيث بدت إطلالة الرئيس نبيه بري في الذكرى الـ45 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا محمّلة بالرسائل الداخلية المعطوفة على الجولة المقبلة في مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. وكان لافتاً أن رئيس البرلمان الذي اقتحم الاستحقاق الرئاسي باقتراح مثير للجدل، لم يأتِ في كلمته المطوّلة على ذكر مرشحه للرئاسة الأولى رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، علماً أنه لم يتوقف يوماً منذ أن رشحه لهذا المنصب عن تكرار التزامه هذا الخيار الذي أصبح بعدها خيار «حزب الله» ولا يزال.
وما قاله بري في الاستحقاق الرئاسي: «تعالوا في شهر أيلول الى حوار في المجلس النيابي لرؤساء الكتل النيابية وممثليها، لمدة حدّها الأقصى سبعة أيام، وبعدها نذهب الى جلسات مفتوحة ومتتالية، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية».
وأول رد فعل على اقتراح بري جاء من «القوات اللبنانية». فقالت مصادرها لـ»نداء الوطن» إن «منطق المقايضات بالنسبة الى»القوات اللبنانية» مرفوض. المطلوب هو تطبيق الدستور وليس المقايضة. أي أعطوني حواراً وخذوا جلسات مفتوحة. الدستور يقول بجلسات انتخابية مفتوحة، وعلى الرئيس بري تطبيق ما يقوله الدستور، وليس انتزاع حوار عن طريق الابتزاز. إن المقايضة مرفوضة رفضاً تاماً. المطلوب الذهاب الى دورات انتخابية متتالية».
كذلك علق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على اقتراح رئيس البرلمان، فقال: «كان شرطنا للمشاركة في الحوار أن يفضي إلى توافق أو تنافس ديموقراطي، وما سمعناه اليوم من الرئيس برّي جيّد وإيجابي».
ومن بيروت الى نيويورك، كانت «جلجلة» تمديد ولاية قوة «اليونيفيل» لمدة عام تدشّن مرحلة جديدة من عملها التي كرس لها مجلس الأمن حرية التنقل والعمل لتنفيذ القرار 1701. وفي المقابل، انكشف الفشل الذريع لديبلوماسية «المنظومة» وعجز وفدها الرسمي الى نيويورك. وظهر ذلك جلياً في تعليق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المرحب بقرار التمديد الذي «لحظ بنداً أساسياً طالب به لبنان ويتعلق بقيام «اليونيفيل» بعملها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية وفق اتفاقية المقر». لكن مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة جان مراد كانت في كلمتها أمام المجلس في واد آخر عندما سألت: «لماذا اللجوء في القرار الحالي للغة تشبه الى حد كبير القرارات المعتمدة، وفقاً للفصل السابع؟».
في موازاة ذلك، وفي قراءة أولية لـ»حزب الله»، أن «أميركا وفرنسا استجابتا المطلب الإسرائيلي»، معتبراً أنه «فشل كبير للبنان رغم بعض الجهود التي بذلت في الآونة الأخيرة».
وهكذا مدّد مجلس الأمن ولاية «اليونيفيل» بغالبية 13 صوتاً مع امتناع روسيا والصين. واستعاد قرار المجلس في جزء كبير منه صياغة اعتمدت قبل عام حول حرية تنقل عديد هذه القوة البالغ نحو عشرة آلاف جندي، واعترضت عليها حكومة تصريف الأعمال و»حزب الله «.
ويدعو القرار كل الأطراف إلى «ضمان احترام حرية تنقل «اليونيفيل» في كل عملياتها وحرية وصولها إلى الخط الأزرق وعدم عرقلتها». وأكد «أن «اليونيفيل» لا تحتاج إلى تصريح أو إذن مسبق للقيام بمهام تفويضها»، و»يُسمح لها بتأدية عملياتها بشكل مستقل»، لكنه شدد على ضرورة «التنسيق مع حكومة لبنان».
وليلاً، أعلنت «اليونيفيل» في بيان أن قرار التمديد «يؤكد من جديد تفويض «اليونيفيل» بإجراء عملياتها بشكل مستقل مع الاستمرار في التنسيق مع الحكومة اللبنانية، في ما يتعلق بالسيادة اللبنانية». وقال: «يبقى الهدف النهائي للقرار 2695، كما هو حال القرار 1701، وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل طويل الأمد للنزاع».
وفي الازدحام المروي للأحداث أيضاً مواقف اطلقها أمس كبير مستشاري الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين قبل مغادرته بيروت، إذ قال رداً على سؤال: «اعتقد انه بعدما بدأت أعمال الحفر والاستخراج حان الوقت لمراجعة الإطار الذي وقع نتيجة الترسيم البحري والعمل على الترسيم البري أيضا». وأضاف: «زرت الجنوب لأرى بعيني الخط الأزرق والمناطق المحيطة وأفهم وأدرك المزيد عما نحن في حاجة اليه لكي نستطيع ان نحقق النتيجة».
وقبل أن يغادر هوكشتاين لبنان بساعات، وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الى مطار رفيق الحريري الدولي آتياً من دمشق. وعشية محادثاته اللبنانية، قال: «سنحض مختلف الأفرقاء على التّوصّل إلى تفاهمات تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة». وأضاف: «انّ قادة لبنان هم من يجب أن يقرّروا بشأن انتخاب رئيس للجمهوريّة».