كتبت صحيفة “نداء الوطن”: ما قاله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس في المبادرة الفرنسية التي يقودها الموفد الرئاسي جان ايف لودريان، هو الأول من نوعه، بحسب ما رأى مواكبون لمواقف سيد بكركي. فقد وجّه الراعي انتقاداً مباشراً لما انتهت اليه المبادرة، خصوصاً بعد السؤالين اللذين وجههما لودريان الى النواب اللبنانيين في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، وطلب منهم الاجابة عنهما قبل نهاية الشهر الحالي. فعلّق الراعي قائلاً: «في هذه الأيام تسمعونهم يتكلمون على سؤال وجواب ولقاء وحوار. فالحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت في جلسة انتخابية دستورية ديموقراطية. والمرشحون موجودون ومعروفون».
وهكذا، لم يعد خافياً، أنّ موقف رئيس الكنيسة المارونية بلغ حدّ «من فاض به الكيل»، ويعكس حجم المأزق الذي بلغه الاستحقاق. وبدا كلام الراعي بمنزلة توقيع البيان الأخير للمعارضة الذي حمل تواقيع 31 نائباً. وفي هذا البيان ورد أنه «أصبح جلياً، عدم جدوى أي صيغةِ تحاورٍ مع «حزب الله» وحلفائه. فاعتماده على الأمر الواقع خارج المؤسسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة اليها عندما يضمن نتائج الآليات الديمقراطية بوسائله غير الديمقراطية فرضاً وترهيباً وترغيباً والغاءً».
وأضاف الراعي في عظته: «إلى متى، يا معطّلي انتخاب رئيس الجمهورية، تخالفون الدستور، وتهدمون الجمهوريّة، وتعطّلون الحياة الإقتصاديّة والماليّة، وتبعثرون السلطة، وتفقّرون الشعب وتهجّرونه إلى أوطان غريبة؟ خافوا الله ولعنة التاريخ»!
وتزامن هذا التطور في موقف رأس الكنيسة المارونية، مع تداعيات «الهجوم» الذي شنّه «حزب الله» إعلامياً على المملكة العربية السعودية، فيما كان وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان يزور المملكة الخميس الماضي. وقد توّجت الزيارة بأن استقبله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتمثلت حملة «الحزب» على السعودية في مقالات نشرتها وسائل إعلام موالية لحارة حريك، إضافة الى موقع «العهد» الالكتروني الناطق الرسمي باسم «حزب الله».
وتبين بعد زيارة مساعد وزير الخارجيّة الإيراني لمنطقة شمال آسيا وغرب أفريقيا مهدي شوشتري لبيروت الجمعة الماضي، أنها ذات صلة بالتهجم الاعلامي لـ»الحزب» على الرياض. وفي معلومات لـ»نداء الوطن» أنّ هدف زيارة الديبلوماسي الايراني شرح مواقف طهران المستجدة والأسباب التي تدفعها لطلب وقف الحملة. وفعلاً، بادر موقع «العهد» الى حذف بعض المواضيع المتصلة بالحملة بدءاً من السبت الماضي. وترافق تدبير «العهد» مع استقبال الأمين العام لـ»حزب الله « السيد حسن نصرالله لشوشتري.
وتساءلت أوساط متابعة لملف العلاقات بين طهران والضاحية الجنوبية «هل صحيح أن ايران تدخلت كي يزيل موقع «العهد» مواد تتناول الهجوم على المملكة ؟»، وأضافت: «لا أحد يصدّق أن هجوم «الحزب» يحصل من دون موافقة ايران». واعتبرت أن غاية زيارة الديبلوماسي الايراني هو القول «إن ايران تريد أن تتظاهر بالتدخل، والقول أيضاً إنها بالكاد تمون على «حزب الله».
وخلصت هذه الأوساط الى الآتي: «اذا لم يتراجع «حزب الله» عن موقفه رئاسياً بطلب من ايران، معنى ذلك انه لن تكون هناك رئاسة في لبنان، وان الأمور ستبقى على ما هي عليه. إن المطلوب هو تدخل ايراني لدى «الحزب» من أجل ان يتراجع عن موقفه لملاقاة القوى الاخرى في منتصف الطريق. واذا لم يحصل هذا الأمر سيبقى الشغور كما هو حالياً».