كتبت صحيفة “نداء الوطن”: أين رياض سلامة؟ سؤال كان الشغل الشاغل بالأمس للرأي العام اللبناني، بعدما ثبت أنّ الحاكم السابق لمصرف لبنان متوارٍ عن الأنظار، وسط معطيات متضاربة عن أسباب تواريه.
في موازاة ذلك، منيت المنظومة التي كان سلامة حتى أمد قريب محاسبها المركزي بخيبة موصوفة، تمثلت بإخفاقها في عقد جلسة نيابية تشريعية بسبب عجزها عن تأمين نصابها بذريعة الضرورة، فتبين أن لا ضرورة لها على الاطلاق. كما تبيّن أن أحد أسباب عدم عقد الجلسة هو الشقاق المستمر بين «التيار» وحركة «أمل» والذي لم يردمه بعد الغرام المستعاد بين جبران باسيل و»حزب الله».
ونبدأ بتواري سلامة: حتى ظهر أمس، لم تجد الجهات الأمنية الحاكم السابق للمركزي، كي تتولى تبليغه بجلسة يجب أن يحضرها في 29 آب الجاري. وترددت معلومات عن اختفاء أثر سلامة في اليومين الماضيين واستحالة تحديد موقعه الالكتروني المتصل بهاتفه الخلوي، وفق مصدر أمني. ورجحت مصادر عدة سيناريوات تطرح عن إمكان خروج سلامة من البلاد الى جهة مجهولة، أو دخوله في صفقة تعاون مع الولايات المتحدة أو القضاء الاوروبي. أما مصادر أخرى فرأت أن سلامة مستمر في مفاوضة جهات محلية نافذة لضمان عدم توقيفه إذا حضر جلسة 29 آب، لكن دون ذلك صعوبات في ظل مذكرات الانتربول لاعتقاله والعقوبات الاميركية التي حاصرته بقوة «بل حاصرت من يؤمّن له الحماية»، وفقاً لمصدر مطلع.
ومن محاسب المنظومة، الى المنظومة نفسها. فهي لم تتمكن من تأمين نصاب الجلسة التشريعية أمس، وبلغ عدد النواب الذين حضروا إلى ساحة النجمة 53 نائباً ينتمون الى كتل «التنمية والتحرير» و»الوفاء للمقاومة» و»اللقاء الديموقراطي» و»الإعتدال الوطني» و»التوافق الوطني»، إضافة الى نواب مستقلين. وقاطع الجلسة نواب تكتليّ «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية»، و»الكتائب» و»التجدد» وبعض نواب «التغيير».
وأبلغت أوساط المعارضة «نداء الوطن» أنّ المنظومة «تلقت صفعة كبيرة بعدم اكتمال النصاب في الجلسة التشريعية، وبالتالي على هذا الفريق أن يفهم أنه لا يستطيع أن يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، وفي الوقت نفسه، يخالف الدستور بأن يشرّع كأن البلد بألف خير». وقالت: «هكذا فعلوا في الشغور السابق ويعتقدون أنّ بامكانهم تكراره اليوم من أجل أطول فترة ممكنة من هذا الشغور، وهذا لن يحصل هذه المرة». وأكدت أنّ المعارضة «متشددة جداً ولن تتراجع عن مواقفها الثابتة برفض مرشح الممانعة ورفض أي تسوية على هذا الصعيد».
وخلصت الى القول إنّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «تراجع خطوتَين الى الوراء: الأولى، برفضه المشاركة في الجلسة التشريعية، وكأن المفاوضات بينه وبين «حزب الله» متعثرة. والثانية، بتأكيده أنه لا يزال يتقاطع مع المعارضة على جهاد ازعور، وفي ذلك تعبير عن أنّ الثقة بينه وبين «الحزب» لم تكتمل بعد».
معيشياً، يقترب الصيف من نهايته، لتقترب مواسم الدراسة والشتاء في ظل نقص حاد في الأموال المطلوبة لمواجهة هذه الاستحقاقات. فوزارة الأشغال تشكو نقصاً في الموارد لمواجهة تداعيات هطول الأمطار والثلوج على البنى التحتية، ووزارة التربية تؤكد أنها لا تملك ما يكفي من مال لاستحقاقات السنة الدراسية والجامعية، فضلاً عن أزمة الكهرباء التي توقفت معاملها أمس الأول لتعود الى العمل تدريجياً على وعد دفع مستحقات شركات التشغيل والخدمات مما تبقى من حقوق السحب الخاصة البالغ 125 مليون دولار من أصل 1,13 مليار، مع تشدد إضافي من مصرف لبنان في شأن اعتمادات الكهرباء. ففيما وعد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بتأمين دولارات للأدوية والقوى الأمنية والعسكرية ورواتب القطاع العام هذا الشهر، تتهمه وزارة الطاقة بعدم تنفيذ اتفاق بين الطرفين كان يمكن أن يؤمن 4 الى 5 ساعات تغذية يومياً، بزعم وجود ما يكفي من ليرات الجباية لشراء دولارات بها عبر مصرف لبنان، والأخير يرفض. إلا أنّ البنك المركزي يرد الاتهام، مؤكداً أنه يرفض المساس بما تبقى في الاحتياط الالزامي البالغ 7,7 مليارات دولار فقط (بما في ذلك القيمة السوقية الحالية لسندات اليوروبوندز التي في حوزته ويستطيع تسييلها إذا أراد). وتؤكد مصادر متابعة أنّ أزمة شح الدولار ستتفاقم أكثر، ولا سيما على صعيد ما تحتاج اليه كهرباء لبنان ومستحقات القروض الدولية، خصوصاً مستحقات داهمة للبنك الدولي لم تتأمن بعد، والتي عقد من أجلها اجتماع حكومي خاص أمس لم يصل الى نتيجة.