كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: أفرز وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، واقعاً عسكرياً جديداً، سمح بتكريس محاور في المخيم، و«مربعات» أصبحت عبارة عن مناطق نفوذ داخله، رغم الدعوات لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل.
وخيّم الهدوء على مخيم عين الحلوة الأربعاء، بعد سريان تطبيق وقف إطلاق النار بإشراف وفد من هيئة العمل الفلسطيني المشترك بعد دخوله، الثلاثاء، رغم خروقات تسعى الأطراف لمعالجتها.
وكان وفد من هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان دخل إلى مخيم عين الحلوة عصر الثلاثاء لتثبيت وقف إطلاق النار. وانقسم العابرون إلى المخيم من ممثلي الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية واللبنانية، إلى مجموعتين، أولاهما برز فيها ممثلون عن «عصبة الأنصار» و«الحركة المجاهدة» ودخلوا إلى مناطق سيطرة المقاتلين الإسلامويين في حي الطوارئ، فيما وصل ممثلون عن الفصائل الوطنية إلى مراكز «الأمن الوطني الفلسطيني» و«حركة فتح» وكان برفقتهم أمين سر حركة «فتح» فتحي أبو العردات.
ولم يصمد اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل أكثر من ساعتين، حيث بدأ يتعرض لخروقات منذ الساعة الثامنة مساء الثلاثاء، حيث كانت تُسمع رشقات نارية وقذائف صاروخية بشكل متقطع. وسجلت خروقات ظهر الأربعاء، حيث سُمعت رشقات من الرصاص المتبادل بين المتقاتلين، في خرق للهدوء الذي شهده مخيم عين الحلوة منذ الفجر، حسبما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
وأفيد بأن قيادة الأمن الوطني أصدرت تعليماتها بوقف إطلاق النار، ولفتت «الوكالة الوطنية» إلى أن التحقيقات مستمرة لتسليم كل من يثبت تورطه بمقتل القيادي بحركة «فتح» أبو أشرف العرموشي وعدد من مرافقيه يوم الأحد.
محاور ومربعات أمنية
وفي ظل الخروقات التي تشير إلى «عدم تثبيت كامل لإطلاق النار»، قالت مصادر في المخيم لـ«الشرق الأوسط» إن اتفاق وقف إطلاق النار «كرّس محاور جديدة لم تكن قائمة في المخيم في السابق»، محذرة من «خطورة هذا الواقع العسكري والأمني الذي يحيل المخيم إلى مناطق نفوذ متعددة تشبه مناطق النزاعات في سوريا».
وقالت المصادر إن المحاور المستحدثة «قسّمت المخيم إلى مربعات أمنية عائدة لقوى متصارعة، وتثبت سيطرتها على أحياء، وهي قسمت المخيم أكثر مما هو مقسم»، محذرة من أن هذا الواقع الميداني «يشلّ حركة الناس ويسمح للجهات المتطرفة باستخدام مجموعات أخرى من خارج المخيم تتسلل إليه، كما يسمح بانضمام مجموعات من المغرّر بهم من داخل المخيم إلى قوى متطرفة»، مشيرة إلى أن هذا الواقع «ستنتج عنه تحصينات وتكريس لمناطق نفوذ، وتعزل المخيم وتنهي سلطة أمنية موحدة داخل المخيم تكون مسؤولة عن أمنه بالتعاون مع السلطات اللبنانية».
وكانت الاشتباكات في مخيم عين الحلوة بدأت ليل السبت الماضي بين عناصر من حركة «فتح» وعناصر من مجموعات إسلامية، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص وسقوط أكثر من 60 جريحاً. وتسببت بأضرار جسيمة بالممتلكات والبنى التحتية داخل المخيم، وترك العديد من سكان المخيم منازلهم تحت وطأة الاشتباكات التي أدت أيضاً إلى احتراق عدد من المنازل والسيارات داخل المخيم وفي محيطه، وطالت شظايا القذائف والرصاص الطائش مدينة صيدا، وألحقت أضراراً بعدد من المباني والمؤسسات.
وبعدما تسببت المعارك بإقفال طرق في مدينة صيدا، جال الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد في سوق صيدا التجارية حيث التقى الأهالي وأصحاب المحال والعاملين فيها، واطمأن على أوضاعهم في ظل الأحداث في مخيم عين الحلوة في صيدا والتي أثرت على المدينة بشكل كبير، حيث نتجت عنها أضرار مادية واقتصادية ومعنوية في المدينة على اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء.
المطارنة الموارنة
وإثر التطورات الأخيرة، توقف مجلس المطارنة الموارنة خلال اجتماعه الشهري الدوري الذي عقده برئاسة البطريرك بشارة الراعي «بقلق أمام ما تشهده مدينة صيدا ومخيم الفلسطينيين في عين الحلوة من اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بين فصائل فلسطينية، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى وإلى إقفال المدينة وترويع أهاليها». ودعا الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية إلى «اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة، تضع حداً نهائيا لتفلت السلاح في المخيم»، متمنيا العودة إلى الأمن الشرعي وحده.