كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: خرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باحتفالية من مبنى “المركزي” بعد 30 عاماً من وصوله إلى موقعه، على وقع الموسيقى ووداع حميم من الموظفين، بينما يصل نائبه وسيم منصوري الثلاثاء إلى الحاكمية حاملاً شروطاً وخطة عمل تمهد لتطبيق الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي من لبنان.
وبموازاة إعلان منصوري عن شروطه التي يتضامن معه فيها النواب الثلاثة الآخرين لحاكم “المركزي”، وشاركوه المؤتمر الصحافي، كان سلامة يغادر مكتبه في مبنى المصرف المركزي وسط ترحيب وموسيقى وزفّة وداعية من قبل الموظفين.
وقال سلامة: “أودعكم، لكن قلبي باقٍ معكم. مصرف لبنان صمد وسيبقى صامداً”، في إشارة إلى الجدل الذي أثاره في الفترة الأخيرة بعد الانهيار النقدي في البلاد، والدعاوى القضائية التي يتعرض لها شخصياً في لبنان والخارج.
وحَسَم منصوري قرار تسلم حاكمية “المركزي”، تطبيقاً لقانون النقد والتسليف اللبناني الذي ينصّ في مادته الـ25 على أن يتسلم الحاكم الأول مقاليد الحاكمية في حال الشغور، وذلك بعد تضارب في التقديرات وتلويح بالاستقالة، وإعلان النواب الأربعة عن شروطهم لتسلم الحاكمية بعد انتهاء ولاية سلامة في 31 يوليو (تموز).
ومن المقرر أن يتولى منصوري مؤقتاً منصب الحاكم بعدما لم تفلح القوى السياسية شديدة الانقسام في تعيين خليفة لسلامة على الرغم من أن البلاد تمر بأسوأ أزمة مالية منذ أربع سنوات. وجاءت إثر ضغط من قوى المعارضة التي حثته على تطبيق القانون.
غير أن الموافقة على تسلم مهامه، أرفقها بشروط وضعها أمام الحكومة والبرلمان، إضافة إلى خطة عمل أعلنها في مؤتمر صحافي عقده الاثنين في مقر مصرف لبنان، وقال فيه إن القيادة الجديدة للبنك المركزي تخطط لفرض قيود صارمة على “متى يمكن للبنك المركزي إقراض الحكومة”، “لم يعد خياراً، والتدرّج باتخاذ القرار يحتاج إلى قانون وسيسمح قانون إقراض الحكومة بدفع رواتب القطاع العام والتشريع المطلوب يسمح بتنشيط الإدارة وتأمين الأموال للدواء”. وأكد أن الحلّ الوحيد لأزمة حاجة الحكومة للدولار يكمن في إصلاح المالية العامة، “فالمسألة ليست نقديّة والحلّ ليس في المركزي إنّما في السياسة المالية للحكومة”.
وقال منصوري إنه يتعين على السلطات أيضاً التخلص التدريجي من منصة “صيرفة” التي يديرها مصرف لبنان، وأوضح أن “تحرير سعر الصرف وتوحيده يجب أن يتمّ بالتدرج حفاظاً على الاستقرار”، لافتاً إلى أن “هذا القرار يُتّخذ بالتوافق مع الحكومة”، مشيراً إلى “أننا تواصلنا مع القوى الأمنية والقضاء للقضاء على التلاعب بسعر الصّرف”، مشدداً على أن “ما يُعزّز الاستقرار النقدي هو القانون الذي ستطلب الحكومة إقراره”.
وقال منصوري: “نحن أمام مفترق طرق”، مضيفاً: “الاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظلّ إمكانات (المركزي) المحدودة يعني أنّه لا بدّ من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل، ولن يتمّ التوقيع على أي صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”.
وأشار إلى أنّ “وقف التمويل للحكومة لا يمكن أن يتمّ بشكلٍ مفاجئ، ويجب أن يحصل تعاون قانوني متكامل بين الحكومة ومجلس النواب و”المركزي” ضمن خطّة متكاملة تكفل أن تُعاد الأموال”، مردفاً: “ننظر إلى فترة انتقاليّة قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون”.
ودعا الحكومة إلى تنفيذ إصلاحات تشكل قانون “الكابيتال كونترول” وقانون لإعادة الهيكلة المالية وميزانية الدولة لعام 2023 في غضون ستة أشهر، قائلاً إن هذه هي “الفرصة الأخيرة” للبنان لسن التغييرات.
وتعد الشروط التي أعلنها منصوري، متطابقة إلى حد كبير مع شروط “صندوق النقد الدولي” لإصلاح الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، حسبما قالت مصادر مالية لـ”الشرق الأوسط”، لكن تطبيقها يحتاج إلى مواكبة تشريعية وحكومية.
* ميقاتي يؤيد مطالب منصوري
وأيّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مطالب نائب الحاكم الأول لمصرف لبنان المركزي وسيم منصوري الذي يتسلم منصب حاكمية مصرف لبنان مؤقتاً بدءاً من الثلاثاء، قائلاً إن مطالبه تتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشروعات الإصلاحية التي أرسلتها الحكومة للبرلمان، وتحديداً مسألة اقتراض الحكومة بالعملة الأجنبية.
وقال ميقاتي في مستهل جلسة الحكومة التي عقدت بعد ظهر الاثنين: “منذ بدء الحديث عن الموضوع كنت أقول: إننا لا نقبل بحصول شرخ، ولكن هناك أولويات من الضروري أخذها بعين الاعتبار حسب تسلسل المواد في قانون النقد والتسليف”. وأضاف: “لما تعذر تعيين حاكم جديد، أجريت محادثات طويلة مع نواب الحاكم، خاصة مع النائب الأول، الذي، حسب القانون، هو الذي سيتولى منصب حاكمية مصرف لبنان”.
وأشار ميقاتي إلى أنه دعا منصوري لحضور الجلسة “ليعرض لمجلس الوزراء الأفكار التي يريد مناقشتها ويطالب بها”. وأكد أن “ما يطلبه يتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشاريع الإصلاحية التي أرسلناها إلى مجلس النواب، وهو يطلب إقرار تشريع يجيز للحكومة الاقتراض بالعملة الأجنبية من مصرف لبنان”.
وفي حين رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “ما سمعناه اليوم من النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يبشّر بالخير”، قال عضو تكتّل الجمهوريّة القوية النائب غياث يزبك تعليقاً على مغادرة سلامة موقعه: “3 عقودٍ والمركزي في ظل المنظومة وسلامة من دون سلامة. انهارت خلالها الليرة والمصارف وسُرقت الودائع، اليوم المركزي من دون سلامة والكارثة ستتعمق كائناً من كان الوريث”. وأضاف: “الوطن يحتاج أولاً إلى رئيس وحكومة وسيادة ونية صادقة بالإصلاح، وغير ذلك إمعان في التخريب”.
الرئيسية / صحف ومقالات / الشرق الأوسط: سلامة يغادر حاكمية «المركزي» باحتفالية: «مصرف لبنان سيبقى صامداً».. منصوري يتسلم مهامه محملاً بشروط وخطة عمل
الوسومالشرق الأوسط