هل من الممكن بالفعل الوصول إلى كواكب خارج مجموعتنا الشمسية للإقامة على سطحها؟ وكيف سيتحقق ذلك؟
عرض لنا مؤلفو قصص الخيال العلمي وصانعو الأفلام تصورات لا حصر لها عن انتشار البشر في مختلف أرجاء الكون، (مثل فيلم “انترستيلر”، بين النجوم) إلى حد دفع البعض للاعتقاد بأننا سننجح لا محالة في السفر والعيش في الفضاء.
ولكن مع الأسف، لا تزال أمامنا عقبات فنية لا يستهان بها، مثل قوانين الفيزياء، كما نفهمها، وهذه العقبات علينا أن نتغلب عليها أولًا قبل أن نبدأ في استعمار عوالم جديدة خارج مجموعتنا الشمسية والمجرة التي تنتمي إليها.
ومع ذلك، لاحت في الأفق، في السنوات القليلة الماضية، مبادرات تطوعية أو ذات تمويل خاص، مثل تلك التي طرحتها مؤسسة “تو زيرو فاونديشن”، و”بروجيكت إيكاروس”، و”بريكثرو ستارشوت”، والتي تأمل جميعها في أن تقربنا بضع خطوات من استكشاف الكون.
ولعل اكتشاف كوكب في حجم كوكب الأرض يدور حول أقرب نجم من الأرض (وهو كوكب بروكسيما سنتوري) قد أحيا الآمال المتعلقة بإمكانية وجود حياة على كوكب آخر غير كوكبنا.
وسيُطرح موضوع المركبة الفضائية المعدة للسفر بين النجوم في المؤتمر الذي سينظمه موقع “بي بي سي فيوتشر” تحت عنوان “أفكار ستغير العالم” الذي سيعقد في مدينة سيدني في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
فهل من الممكن بالفعل السفر إلى مجرات أخرى؟ وما نوع المركبات التي سنحتاجها للوصول إلى هناك؟
أين سنذهب؟
وبالأحرى، أي مكان لن نذهب إليه؟ إذ يتجاوز عدد النجوم في الكون ذرات الرمل على الأرض، وتشير التقديرات إلى أن مليارات ومليارات من هذه النجوم لها ما بين كوكب واحد إلى ثلاثة كواكب لكل واحد منها، وذلك في المنطقة التي تسمى “منطقة غولديلوكس”، التي يسمح الطقس فيها بوجود ماء سائل على سطحها، أي أنها كواكب ليست شديدة البرودة ولا شديدة الحرارة.
وبما أننا لازلنا نخطو أولى خطواتنا نحو استكشاف الكون، فإن المرشح الأفضل هو أقرب نظام نجمي لنظامنا الشمسي، وهو “ألفا سنتوري” الذي يتكون من ثلاثة نجوم، ويبعد 4.37 سنة ضوئية عن الأرض.
وقد اكتشف علماء الفلك في المرصد الأوروبي الجنوبي هذا العام، كوكبًا في حجم كوكب الأرض يدور حول نجم “بروكسيما سنتوري”، أو ما يعرف باسم النجم القزم الأحمر، وهو أحد نجوم النظام النجمي “ألفا سنتوري”.
وتتوقع أرمسترونغ، في المستقبل أن تكون المحطات الفضائية عبارة عن أقاليم حيوية ضخمة، تزخر بالحياة العضوية، لا تشبه تلك الصناديق المعدنية الباردة، كما هو الحال اليوم.
هل يمكن أن ندخل في سبات عميق طيلة الرحلة حتى نصل إلى هناك؟
من بين الحلول المطروحة لمواجهة إشكالية إبقاء رواد الفضاء على قيد الحياة طيلة زمن الرحلة، التي ربما تمتد لفترات أطول من عمر الإنسان، هناك اقتراح يتمثل في تجميد رائد الفضاء ليدخل في سبات عميق، أو دخوله في حالة من البيات الشتوي، أو شكل آخر من أشكال التوقف المؤقت للحياة، (وهو موضوع يبحث في تبعاته فيلم المسافران “باسنجرز”، الذي سيعرض قريبًا).
وقد تشهد تلك الأجساد والرؤوس المحفوظة بالتجميد التي تملأ ثلاجات مؤسسة “ألكور لحياة أطول”، على مدى تفاؤل البشر، الذين تعدهم المؤسسة بإمكانية التوصل يومًا ما إلى طريقة آمنة لتجميد أجسادهم بعد الموت، وإعادتهم للحياة عندما تتوفر الوسيلة التقنية المناسبة في المستقبل.
ولكن حتى الآن لم يتوصل أحد إلى هذه الوسيلة التقنية بعد.
وتكشف بعض الأفلام، مثل فيلم “انترستيلر” (بين النجوم)، والكتب مثل “سفن إيفز” لنيل ستيفنسون، عن اقتراح آخر، يتمثل في إرسال أجنة مجمدة في رحلات الفضاء تلك لتبقى على قيد الحياة رغم المصاعب التي ستواجهها، كونها لن تحتاج إلى طعام أو شراب أو حتى إلى التنفس.
ولكن هذا سيوقعنا في معضلة “البيضة والدجاجة”، فمن سيرعى هؤلاء الصغار عندما يصلوا إلى وجهتهم؟
وبالنظر إلى ما سبق، هل من الممكن أن نسافر حقًا بين النجوم؟
ربما هذا لن يحدث في حياة كل من بلغ السن المناسب ليقرأ هذا المقال، ولكن ثمة أسبابًا تدعونا للتفاؤل بإمكانية السفر عبر النجوم على المدى البعيد.
تقول أرمسترونغ: “منذ بداية وجود البشر على الأرض، كنا ننظر دومًا إلى النجوم، ونعلق بها آمالنا ومخاوفنا وهمومنا وأحلامنا”.
ولكن مع بداية إنطلاق مشروعات تتناول الجوانب الهندسية للسفر إلى النجوم، مثل مبادرة “بريكثرو ستارشوت”، تقول آرمسترونغ: “لم يعد الأمر مجرد أحلام، بل دخل طور التجارب”.
بي بي سي