كتبت صحيفة “الجمهورية”: تَتجِه الانظار اليوم الى الدوحة، تَرقّباً لاجتماع المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية المهتمّة بالشأن اللبناني، وما يمكن ان يصدر عنه من النتائج التي تتعلّق بمستقبل الاستحقاق الرئاسي في ضوء الحراك الذي يقوم به الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وكانت الرياض والدوحة من آخر محطاته وليس آخرها، حيث سيشارك الرجل في اجتماع اليوم عارِضاً على المجتمعين ما توصّلَ إليه من خلاصات واقتراحات للحل بعد استطلاعه مواقف الافرقاء اللبنانيين في زيارته الاخيرة للبنان، ومن ثم محادثاته مع الرئيس ايمانويل ماكرون، ثم مع القيادتين السعودية والقطرية.
وعشيّة اجتماع ممثلي “لقاء باريس الخماسي” في ثاني اجتماع له بعد تشكيله في السادس من شباط الماضي في الدوحة، بدعوةٍ من الجانب القطري، توجّه السفير السعودي وليد البخاري أمس من بيروت الى الدوحة للمشاركة في اللقاء الى جانب المستشار في الديوان الملكي الوزير نزار العلولا الذي يترأس الوفد السعودي.
وفي المعلومات ان الاجتماع المنتظَر سيضمّ أيضاً السفيرة الاميركية في بيروت دوروتي شيا الى جانب مسؤولين من وزارة الخارجية الاميركية والسفيرة الفرنسية آن غريو، الى جانب الموفد الرئاسي الخاص الى لبنان الوزير السابق جان ايف لودريان، لكن أي مصدر في السفارتين الاميركية والفرنسية لم يعلن رسمياً عن توجههما إلى الدوحة.
اللقاء المُنتظر
وقبل ساعات على اللقاء المنتظَر غابت المواقف الرسمية، ولم تنشر أيّ من وسائل الاعلام القطرية او اي دولة أخرى من أطراف المجموعة الخماسية أيّ خَبر عن الاجتماع سوى ما نُشِر عن انّ لودريان سيغادر الدوحة بعد اللقاء عائداً الى بلاده للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قبل ان يزور لبنان مجدداً في موعدٍ رَجّحته أوساط مهتمة ما بين 24 و27.
طاولة الحوار قبل الدوحة فهل يَنسفها اللقاء؟
وفي غياب المعلومات بقيت السيناريوهات الخاصة بحصيلة مهمّته مَدار مجموعة من التكهنات غير المَبنية على أي معطيات ثابثة، ولذلك ما زالت الأوساط تتداوَل بما كان مطروحاً قبل “لقاء الدوحة الخماسي”. وإن لم يؤدّ اللقاء الى مبادرة جديدة في شكلها ومضمونها وما يمكن ان تتناوله، فإنّ الحديث سيبقى عند مشروع طاولة الحوار التي سيدعو إليها لودريان ومكان انعقادها في ساحة النجمة ام في عين التينة او على ارض فرنسية في قصر الصنوبر ومن يترأسها لودريان او بري ؟
لا اتفاق متوقّعاً
وعلمت “الجمهورية” انّ المجتمعين في قطر ستتجاذبهم وجهات نظر متضاربة حيال الاستحقاق الرئاسي، ما سيحول من دون خروجهم بموقف موحد. فالموقف السعودي ما زال مُحايداً فيما الجانب الفرنسي يتمسّك بمبادرته القائمة على معادلة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ونواف سلام رئيساً للحكومة مع احتمال القبول بتعديل اسم الاخير، فيما الحانبان الاميركي والقطري يميلان الى قائد الجيش جوزف عون، امّا الموقف المصري فهو في وَضعِ انتظار غير مهمل للموقف السعودي من جهة وللموقفين الاميركي والقطري من جهة ثانية، الأمر الذي سيمنع المجتمعين من التوصّل الى اتفاق، ما سيَدفعهم لِتَرك الامر لحوار بين الافرقاء اللبنانيين سيعمل لودريان على ترتيب انعقاده عند زيارته الثانية لبيروت بعد اجتماع الدوحة مباشرة او بعد تعريج الى باريس.
وعشيّة اجتماع الدوحة، كان لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل تغريدة لافتة عبر تويتر، قال فيها: “على فكرة، أيّ تدخّل خارجي مرحّب به ليساعدنا، ومرفوض اذا اراد فَرض علينا خيارات لمصلحته؛ وأيّ حوار مرغوب اذا كانت النتيجة سريعة، ومَرذول اذا كان لإضاعة الوقت ولم يكن مربوطاً بأجندة واضحة وبزمنٍ محدّد والأهمّ بجَلسة انتخاب نهايته مهما كانت نتيجته… اذا نجح، الجلسة تجسّد التفاهم، واذا فشل، فديموقراطية التصويت تحسم الخلاف”.
من جهته، تطرق رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، في كلمة له ضمن لقاء تخلّله عشاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إلى موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية، فقال: “تداولتُ مع صاحب الغبطة طويلاً في موضوع الإنتخابات الرئاسية، المسألة لا حَلّين لها وإنما حل واحد. وبكل صراحة “ما يعَزّبو قَلبُن”، وليتوقفوا عن الإنتظار والاستجارة بفرنسا والذهاب إلى قطر والقاهرة والعودة بعدها إلى لبنان. لهذه المسألة حل واحد بسيط طبيعي منطقي دستوري، وهو أن يقوم النواب في مجلس النواب بانتخاب رئيس”.
ملف النازحين
وعلى صعيد قضية النازحين السوريين وتشكيل الوفد الوزاري لزيارة دمشق، علمت “الجمهورية” انّ وزيرَي الشؤون الاجتماعية والمهجرين هيكتور حجار وعصام شرف الدين سيزوران دمشق للقاء نَطيرَيهما السوريين للبحث في آلية عودة النازحين، وانّ وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اتصل بنظيره السوري فيصل المقداد واتفقا على لقاء قريب بينهما، يتناول البحث خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين الى ما يكون قد تم التوصّل إليه من اتفاقات بين الوزراء المختصين حول موضوع عودة النازحين السوريين.
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين قد رَدت ببيان، أمس، على ما تردّد من عدم رغبة بوحبيب بتَرؤس الوفد الوزاري الى دمشق للبحث مع السلطات السورية، فقالت: “إن دور وزير الخارجية فيما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان هو التواصل والقيام بالاتصالات الديبلوماسية والسياسية مع الاشقاء العرب، خصوصا السوريين وسائر الدول الصديقة، وهو الأمر الذي يقوم به حاضراً ومستقبلاً، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة، وسيتابعه باستمرار. أما المسائل التقنية، فتعود صلاحية متابعتها للوزراء والاجهزة المختصة، كُلّ ضمن اختصاصه، بما يتكامل ولا يتعارض مع الشق المُناط بوزير الخارجية والمغتربين”.
مصرف لبنان
وعلى صعيد قضية مصرف لبنان، وفيما ينتظر ان يُقدّم نواب الحاكم الاربعة استقالاتهم اليوم، ليكلّفهم وزير المال تَسيير أعمال المصرف ريثما يتم تعيين حكم جديد خلفاً للحاكم رياض سلامة الذي تنتهي ولايته نهاية الشهر الجاري، قالت اوساط مطلعة لـ”الجمهورية” انّ الغموض لا يزال يَكتنِف المسار الذي ستأخذه الأمور في المصرف المركزي، معتبرة انّ الفترة الفاصلة عن 31 تموز تبقى مفتوحة على أكثر من احتمال. واوضحت انّ الهامش يمتد بين إعادة إحياء خيار التمديد لسلامة بحجّة الظروف الاستثنائية وبين استقالة نوابه الأربعة ثم تكليفهم بالاستمرار في إدارة المرفق العام الأمر الذي يخفّف من وطأة المسؤولية عليهم، أو عدم استقالتهم وتولّي النائب الأول وسيم منصوري تلقائياً صلاحيات سلامة بعد مغادرته.
لكنّ الاوساط كشفت أيضاً انّ هناك من لا يزال يدرس إمكان ابتكار “فتوى” تقضي بأن يتم تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان بالتفاهم مع “التيار الوطني الحر”، على أن يوقّع الوزراء الـ24 مرسوم تعيينه من دون عَقد جلسة للحكومة.
وأبلغت الاوساط المطلعة نفسها الى “الجمهورية” انّ الارتفاع المفاجئ في سعر الدولار خلال عطلة الاسبوع بعد استقرار نسبي، هو مُريب واصطناعي ولا يرتبط بعوامل موضوعية. واستغربت ان يحصل الارتفاع مساء السبت تحديداً، حين كانت السوق هادئة، مشيرة الى انّ التفسير الأكثر واقعية هو انّ هناك مَن رَنّ جرس إنذار للتنبيه الى انّ مغادرة رياض سلامة حاكمية مصرف لبنان في نهاية تموز ستترك تداعيات نقدية بدأت طلائعها بالظهور، وانّ الأفضل التمديد له بأي شَكل لأنه الأقدر في هذه المرحلة على ضبط الدولار.
رياض سلامة: العمل على منصة SAYRAFA مستمر
وأعلنت وحدة الاعلام والعلاقات العامة في مصرف لبنان، في بيان، انه “بناءً للمادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف يؤكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان العمل على منصة SAYRAFA مستمر كالمعتاد على القواعد نفسها المعتمدة لدى مصرف لبنان منذ آذار 2023”. واكد سلامة انّ “كل الاخبار المتداولة عن بعض المصارف في عدم التزامها في ما يَخصّ هذا الموضوع عارية عن الصحة”، موضحاً انّ “مصرف لبنان مستمر في السياسة نفسها بتلبية كل الطلبات التي تَرد عن المصارف طالما هي ضمن الأصول المرعية”.
مواقف
وفي المواقف التي شهدتها عطلة نهاية الاسبوع، أشار البطريرك الراعي في عظة الاحد من الديمان الى انّ “الجميع في لبنان والخارج يَشتكون من الفساد السياسيّ والماليّ والإداريّ والتجاريّ والأخلاقيّ حتى فقدان الحياء البشريّ، وموت الضمير الإنسانيّ والوطنيّ، والإستعباد لأصنام السلطة والأشخاص والمال والسلاح والمصالح الشخصيّة والفئويّة، حتى تعطيل انتخاب رئيس للدولة وتدمير المؤسّسات الدستوريّة”، معتبراً انّ “هذه كلّها جريمة نكراء بحقّ الدولة ومؤسّساتها وبحق الشعب اللبناني. وليعلم جميع المعنيّين أنّهم مُدانون من الله والناس. ومهما فعلوا ونَشطوا في عمليّات الهدم منذ شغور سدّة الرئاسة وقبلها، فإنهم لن يبلغوا مشتهاهم، وفي وجههم قوّة إيمان شعبنا اللبنانيّ الطيّب وأخلاقه وصموده ودفاعه عن قدسيّة الوطن من دون أيّ سلاح”.
الفساد المستشري
وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خلال قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت: “حبّذا لو يَحذو مسؤولونا حَذو آباء المجمع الرابع الذين عالجوا مسائل كانت تواجه الكنيسة، وأصدروا قوانين أحدها قانوناً يمنع الرشوة والحصول على المناصب والوظائف الكنسية بواسطة المال”. وسأل: “كم يبلغ عدد الموظفين المحسوبين على الزعماء في بلدنا، ومنهم كثيرون لا يعرفون الطريق إلى مراكز عملهم، ولا يقومون بأيّ عمل مقابل ما يتقاضون؟ الفساد المستشري في المؤسسات العامة بحاجة إلى اقتلاع من الجذور، لأنه من غير المقبول أن يَتحكّم أزلام الزعماء بحياة الناس، فيمتنعون عن تسهيل معاملاتهم من أجل تحصيل رشوة، عوضَ السهر على المصلحة العامة”. ولفتَ الى انّ “الكنيسة وَعَت منذ نشأتها أنّ الفاسد في الإيمان وأعمال المحبة مكانه خارجها إلى أن يظهر توبة حقيقية. إلا أن بعض الفاسدين، وهم الهراطقة، تَعنّتوا وتَشبّثوا بآرائهم الخاصة وفضّلوا جَمع أتباع لهم بدلاً من أن يرشدوا الناس إلى المسيح، فما كان من آباء المجامع المسكونية المقدسة سوى حرمانهم من الشركة مع الكنيسة الجامعة خوفاً من أن يستشري الفساد ويهلك القطيع”.
واشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في تصريح له، الى أنه “بالضرورة هناك كارثة وطنية تحيط بدور الدولة ووظيفتها وكيانها، والقطيعة السياسية بالضرورة هي السبب، والأصابع الأميركية التي تتلاعَب ببعض السواتر الوطنية لا تريد انتخاب رئيس، وتريد البلد ممزقاً وبلا أي قدرة أو فعالية، ومن يريد الحوار ليس كَمَن لا يريده، ومن لا ينام الليل لحماية هذا البلد وإنقاذه ليس كمَن ينام على صوت الطرب”. وقال: “يتعامَل الثنائي الوطني مع الإستحقاق الرئاسي على أنه أقدَس الأولويات الوطنية فيما تتعامل بعض القوى السياسية مع هذا الإستحقاق وكأنه آخر الأولويات، وما بين من يريد وطناً ومن لا يريد وطناً قطيعة حوار وعُسس دولي”. وأضاف: “كموقفٍ وطني أقول: الحل داخلي ويجب أن يبقى داخلياً، والمساعدة الدولية للداخل مَشكورة، أما لعبة القرابين الدولية فممنوعة ولبنان يملك سيادة القرار الوطني ويزيد، وكما الردع الذي أسّست له ثلاثية جيش شعب مقاومة، كذلك الردع السياسي الذي يقوده الثنائي الوطني ويمثّل نواة قوته الصلبة”.