كتبت صحيفة “الشرق”: “لبنان الجديد” المعتدل والمستقل لا يقوم بلا انتخاب رئيس، والرئاسة لا تُفرض على من لا يريدها، والتصويت لـ”العرب” لا ينم الا عن قلة مسؤولية تجاه الشعب والوطن… باختصار، أثبتت الجلسة الثانية عشرة الرئاسية، أن المسار التصاعدي لـعدّاد الشغور منذ 31 تشرين الاول 2022 لا يستفز كثرا من النواب الذين لم يصوتوا لمرشح فهدروا اصواتهم، إما لأوراق بيضاء او لشعارات لا تنتج رئيسا، والحصيلة فراغ متمادٍ ودفع للتطبيع مع الامر الواقع وحرمان اللبنانيين من فرصة انتخاب رئيس لجمهوريتهم.
لكن جلسة امس، ولئن انتهت من دون انتخاب، الا انها افضت الى خلاصات لا يمكن لأي كان تجاهلها. اولها، خسارة مشروع الدويلة لمصلحة الدولة. 77 “لا” لمرشح الممانعة اثبتتها لغة الارقام، فأكدت رفض اللبنانيين القاطع لمنطق الفرض والسلبطة وفائض القوة وتوقهم الى بناء دولة قانون ومؤسسات ما زال نواب “الثنائي” امل وحزب الله يحولون دون الشروع في اعادة بنائها بمنع انتخاب رئيس من خلال سلاح تطيير النصاب. وثانيها، انتصار مرشح المعارضة والتيار الوطني الحر وبعض التغييريين جهاد اعور على حساب مرشح 8 آذار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وثالثها استنفار الفريق الممانع بكامل عتاده حضورا للتصويت لفرنجية ثم مغادرةً لمنع انتخاب ازعور.
فرز وصوت ناقص؟
بنصاب كامل حيث حضر 128 نائبا للمرة الاولى، انعقدت الجلسة الانتخابية الرئاسية في ساحة النجمة امس برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، وأتت نتيجة فرز الأصوات على الشكل التالي: 59 للوزير السابق جهاد أزعور، 51 صوتا للوزير السابق سليمان فرنجية ، صوت لقائد الجيش جوزيف عون، 6 اصوات للوزير السابق زياد بارود، 8 اوراق تحمل عبارة “لبنان الجديد”ورقة ملغاة ورقة بيضاء وورقة ضائعة، الا ان بري اعلن انها ذهبت لبارود. وسجلت اشكالية على فرز الاوراق حيث بلغ عددها 127 لا 128 وطالب نواب باعادة الفرز، الا ان بري رفض ذلك، وحسم ان الورقة الضائعة هي لصالح بارود، قبل ان يعلن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن “هناك مغلفاً فارغاً بين مغلفات التصويت، ومن المؤكد أن نائباً وضع المغلف فارغاً ولم يصوّت”. وأضاف: أبلغت ممثلي الكتل النيابية باستعدادي لإعادة الفرز في مكتبي، لكنهم لم يرغبوا في ذلك، لثقتهم بأن الصوت الضائع يعود لوجود مغلف فارغ”. وبعدما انسحب نواب امل وحزب الله من الجلسة بعد الدورة الاولى، أعلن بري رفع الجلسة بفعل فقدان النصاب، من دون تعداد الحضور، ولا تحديد موعد لجلسة جديدة.
من صوّت لفرنجية؟!
واذ اثارت الاصوات المرتفعة التي نالها فرنجية، حيث لم يكن متوقعا ان يحصد اكثر من 48 صوتا، جدلا، نفى نواب الطاشناق ان يكونوا اقترعوا له، كما ان التيار الوطني الحر اعلن ان نوابه “الحزبيين” التزموا بالتصويت لازعور. من جانبه أكد أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن أن اللقاء كان في غاية الوضوح في موقفه الذي عاد وعبّر عنه بعد اجتماعه الأخير، “وكل نواب اللقاء هم على موقف واحد وقرار واحد وصوت واحد، وترجموا ذلك بالتصويت جميعهم للمرشح جهاد ازعور وفق الأسس التي تضمنها بيان اللقاء، ولم يحصل أي توزيع بالاصوات كما حاول البعض إيهام الرأي العام، وليوقف هذا البعض الادوار الملتبسة والمشبوهة الهادفة إلى خلق اشكاليات بغنى عنها”. واعلن النائب ايهاب مطر انه صوّت لقائد الجيش. من جهتهم، قال النواب المستقلون اسامة سعد والياس جراده وحليمه القعقور وسينتيا زرازير وشربل مسعد وعبد الرحمن البزري انهم صوتوا لبارود و”لن نساهم في إعادة تدوير هذا النظام الطائفي”.
وفي حين بقيت هوية النائب الذي صوت لمصلحة جهاد العرب مجهولة، افيد ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد يكون من صوت بورقة بيضاء.
المرشحان يشكران
اثر الجلسة، غرد رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عبر حسابه على “تويتر”: كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع”. بدوره، تقدّم الوزير السابق جهاد أزعور، عقب الجلسة، بـ”الشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم(امس). وأتمنى أن يكون المشهد الجديد حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، وعلى المضي في العملية الانتخابية من أجل مصلحة الشعب اللبناني”. اضاف في بيان “ألفت الانتباه إلى أنني حالياً في اجازة من صندوق النقد الدولي وتخليت موقتاً عن مهامي كمدير لدائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، والمواقف التي أدلي بها شخصية ولا تعبّر بالضرورة عن رأي صندوق النقد الدولي”.
لخطوات عاجلة
في المواقف الخارجية من الاستحقاق، وفي وقت تنتظر الساحة المحلية وصول المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الى لبنان، غردت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على “تويتر” كاتبة “جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة اليوم في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوض الممارسات الديموقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لاعادة البلاد إلى مسار التعافي”.