كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: المسار السياسي الآيل إلى انتخاب رئيس الجمهورية رسمه بوضوح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في إطلالته التلفزيونية ليلة أمس واضعاً الإصبع على مكامن التعطيل، مجدداً الموقف الموحّد له ولرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط الرافض لمرشّح التحدي، داعياً إلى تسوية على مرشح يتمتع بصفات أساسية لديه رؤية اجتماعية اقتصادية ليضع البلد على خط جديد.
وإذ انتقد جنبلاط كلاً من الثنائي الشيعي والثنائي الماروني، محملاً كل طرف مسؤوليته في ما هي البلاد فيه من شغور رئاسي، اعتبر أن طرح المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة مخالفة دستورية، ودعا الجميع إلى التخلي عن “الالغاء” والاتفاق على شخصية قادرة أن تخرج لبنان من الأزمة، تاركاً للبحث مع اللقاء الديمقراطي كيفية التصويت في حال تم التوافق على شخصية محددة.
وكان جنبلاط تلقّى اتصالاً هاتفياً من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، حيث جرى عرض مختلف المستجدات والبحث في الأوضاع اللبنانية، وقد أكد بوغدانوف لجنبلاط حرص روسيا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتثبيت الاستقرار في لبنان.
في غضون ذلك نقلت مصادر سياسية متابعة لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إصرار النائب ميشال معوض على التمسك بترشيحه مقابل ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، الى حين اتفاق المعارضة على مرشح آخر، لأنه من غير المنطقي عدم وجود منافس لفرنجية في هذه المرحلة، وفق هذه المصادر التي أشارت إلى تكثيف المعارضة اجتماعاتها لاختيار مرشحها الذي سيكون من بين الأسماء التي تحظى بموافقة بكركي وهم قائد الجيش جوزف عون والوزيران السابقان جهاد ازعور وزياد بارود والنائب نعمة افرام والنائب السابق صلاح حنين. وبحسب المصادر فإن إسمَي ازعور وافرام يتقدمان على المرشحين الآخرين.
المصادر عزت التأخير بإعلان اسم المرشح الذي يحظى بموافقة الكتل المسيحية المعارضة إلى الاتصالات القائمة بعيدا عن الإعلام مع النائب جبران باسيل بعد ابلاغهم القبول بخيار تبني دعم افرام، لكنه في المقابل يرهن موقفه هذا بمعرفة نوايا حزب الله اذا كان مستعدا لسحب فرنجية أم سيبقى متمسكا به. وفي ضوء ذلك يتحدد موقف باسيل وتكتل لبنان القوي، ما يعني تأخر الإعلان عن مرشح المعارضة الى الاسبوع المقبل على عكس ما جرى التلميح إليه في الساعات الماضية.
توازيا أكد النائب السابق جوزف اسحق في حديث إلى جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن “القوى المعارضة تعمل على توحيد صفوفها والإعلان عن مرشحها بمواجهة مرشح فريق الممانعة سليمان فرنجية بعد التأكد من رفض الثنائي الشيعي سحبه من التداول، لما قد يؤثر ذلك على سمعتهم كفريق سياسي يمسك بمفاصل الدولة منذ أكثر من عشر سنوات، وذلك بغياب الضغوط الدولية والاقليمية التي تفرض عليهم الدخول في التسويات التي تشهدها المنطقة“.
إسحق أثنى على الموقف السعودي الداعم للبنان وعدم تدخل السعودية في شؤونه الداخلية بعكس القوى الخارجية الأخرى. وقال: السعودية تريد مصلحة لبنان ولا تتدخل بالتسويات، معتبرا في موازاة ذلك أن “انتخاب رئيس الجمهورية ليس بالأمر السهل حتى في حال تمكنت المعارضة من تسمية مرشحها وتأمين فوزه بالأكثرية المطلقة 65 صوتاً، متسائلاً: هل سيدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب الرئيس أم سيعود هذا الفريق الى لعبة تعطيل النصاب واستخدام الورقة البيضاء؟ فهذه المعطيات كفيلة بتحديد مسار المرحلة المقبلة“.
اسحق استبعد أي تأثير للقاء الخماسي على الملف الرئاسي رغم اقتناع العديد من السياسيين بأن موضوع انتخاب رئيس الجمهورية يطبخ في الخارج، بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماما. وقال اذا لم يكن هناك نية صافية للتوافق داخليا على انتخاب الرئيس فلا اللقاء الخماسي ولا السداسي قادر على حل الأزمة طالما ان حزب الله يمسك بمفاصل الدولة ومصادرة قرارها بقوة السلاح، والحل يبقى بيد ايران، مستبعداً بسبب ذلك حل الأزمة اللبنانية من دون ضغط دولي على إيران.
واذا كانت حال المراوحة التي تقتل البلاد وتشل مؤسساتها لا تزال هي السائدة، فإن تحذيرات عديدة أطلقها جنبلاط أمس لمنع استمرار هذا الانهيار، إذ إلى دعوته المتكررة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، شدد جنبلاط على حماية القطاع العام وإعادة تفعيل الضمان الاجتماعي، وعلى منع اندثار المؤسسات، منبّهاً ما وصفها ب”الهيئة العليا للحكم” من السياسات والقرارات التي تأخذ البلاد إلى مزيد من الأزمات. وإلى أن يستمع المعنيون إلى رسائل جنبلاط، فإن الوقت الضائع يجعل لبنان واللبنانيين في مهب المزيد من المخاطر.