كتبت صحيفة “نداء الوطن”: كانت أمس أزمة نزوح نحو مليوني سوري الى لبنان على كل شفة ولسان. وبدا وكأن كل اللبنانيين باتوا يعتبرونها كارثة ديموغرافية واجتماعية وسياسية واقتصادية تتعلق بجوهر وجود لبنان، وبات يتوجب ايجاد حل سريع لها وفقاً للمصلحة الوطنية العليا لئلا تنفجر عنفاً عشوائياً وعصبيات غير محسوبة.
وبحسب الخبراء، فإن الضرر الاقتصادي المباشر الذي يتسبب به النزوح يمكن تلخيصه بثلاث نقاط. أولها خروج الدولار من لبنان عن طريق مئات آلاف النازحين، في وقت يحتاج لبنان الى بقاء العملة الخضراء في نظامه المالي ودورته الاقتصادية. وثانيها ان هذه الازمة تتجلى بعمالة عدد هائل من هؤلاء النازحين من دون التصريح عنهم، ما يفوّت على الخزينة العامة موارد ضريبية مهمة جداً. وثالثها، رزوح لبنان منذ العام 2011 تحت ضغط هائل يحدثه النازحون السوريون على بنيته التحتية من كهرباء ومياه وطرقات وشبكات صرف صحي وغيرها من دون القدرة على إعادة تأهيلها.
وكانت القشّة التي قصمت ظهر هذا الملف، الاجراءات التي إتخذها اخيراً الجيش اللبناني مستهدفاً ترحيل السوريين المخالفين، الذين دخلوا لبنان خلسة ولا يحملون أي أوراق رسمية وثبوتية وليسوا مسجّلين كنازحين. وحملة الجيش هذه ليست وليدة اللحظة، بل بدأت منذ نيسان 2019 بعد قرار للمجلس الأعلى للدفاع كلّف بموجبه الجيش بترحيل جميع السوريين الذين لا يحوزون الأوراق الرسمية اللازمة.
وكان مستغرباً دخول “منظمة العفو الدولية” على خط ترحيل النازحين السوريين، لكن من باب دعوتها السلطات اللبنانية إلى “وقف هذه العمليات” بعدما وصفتها بأنها “غير قانونية”. وأبدت المنظمة ما اسمته “مخاوف من أنّ هؤلاء الأفراد مُعرّضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الحكومة السورية لدى عودتهم”.
مقابل هذا التعميم الذي لجأت اليه المنظمة، وكأن هناك خطراً فعلياً يطال ما قدّرته المنظمة “بنحو 1.5 مليون لاجئ في البلاد”، فإن اجراءات الجيش طاولت العشرات فقط من المخالفين لشروط النزوح.
وفيما تتحضر “القوات اللبنانية” لعقد مؤتمر عن النزوح تطرح فيه خطة متكاملة لحل المعضلة، أشار رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميّل بعد لقائه امس منسقة الأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، الى ان لبنان “لن يجبر الناشطين في المعارضة السورية المطلوبين للعدالة في سوريا على العودة ولكن عددهم لا يتخطى الـ 20 ألفاً، أما المليون والـ 750 ألفاً فغير معرضين للخطر في حال عودتهم”.
وما يؤكد حقيقة الهواجس من ازمة النازحين السوريين وامتدادها على مجمل الخريطة، دعت بلدية بنت جبيل الحدودية الجنوبية التابعة لـ”حزب الله” في بيان، “الاخوة من الجنسية السورية المقيمين في مدينة بنت جبيل، للحضور إلى مبنى البلدية لتسجيل أسمائهم مع أفراد عائلاتهم لدى قلم البلدية، مع ضرورة إحضار جميع الأوراق الثبوتية المتعلقة بجميع أفراد العائلة، وكل من يتخلف عن الحضور يعتبر مقيماً غير شرعي وغير قانوني. وعليه، سيتم ترحيله مباشرة مع عائلته إلى الحدود اللبنانية على المصنع”.
حكومياً، أشار وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور الحجار، إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعلن عن لقاء اليوم لمناقشة موضوع النازحين السوريين. وتوقع “صدور قرارات حول الثغرات بالملف”.
وصدر أمس كتاب عن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي منع بموجبه تظاهرتين للنازحين والمطالبين برحيلهم كان مقرراً ان تجريا في مكان واحد في بيروت خشية حدوث إشكالات أمنية.
الى بيروت، يصل اليوم وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان في زيارة رسمية ليومين يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين، إضافة الى لقاءات غير رسمية مع الجهات الحزبية المقرّبة من طهران.
وتأتي هذه الزيارة لرئيس الديبلوماسية الايرانية بعد إبرام إتفاق بكين بين طهران والرياض في آذار الماضي، وسط توقعات مصادر سياسية أن يكون هدف زيارة الوزير الإيراني التمهيد لخروج “حزب الله” من دائرة الإصرار على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية خياراً وحيداً لرئاسة الجمهورية، والبحث عن خيار جديد وعدم المضي قدماً في ضرب العلاقة مع المسيحيين.