كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بين العقوبات الأميركية والتحقيقات الأوروبية بدأت “المنظومة السياسية والمصرفية” تتحسس رقبتها، لتخرج من حالة الإنكار التي تمارسها منذ بداية الأزمة المالية المستمرة فصولاً درامية منذ أكثر من 3 سنوات، الى محاولات السيطرة على سيل منتظر من الادعاءات في القضية المتصلة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وما بدأ يتفرع منها من فضائح ترد فيها أسماء أطراف من المنظومة السياسية الحاكمة.
فادعاء القضاء الفرنسي على رئيس بنك الموارد والوزير السابق ومرشح كتلة “التنمية والتحرير” للانتخابات النيابية الماضية مروان خيرالدين، “ليس تفصيلاً قضائياً خارجياً منعزلاً عن الداخل اللبناني”، كما أكد مصدر مطلع على سير التحقيقات، مثلما أن قرب الادعاء رسمياً على “الحاكم”، كما أوضحت مصادر متابعة لـ “نداء الوطن”، ليس إلا “بداية إدانة صارخة لمنظومة رعت سلامة وحمته، وصرف هو على ديمومة حكمها وفسادها من اموال المودعين، حتى بدّد 100 مليار دولار منها على الفساد السياسي والمصرفي الذي بدأت قضاياه تنضح فضائح على المستوى الاوروبي“.
أما أميركياً، فسمع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من الخزانة الاميركية اثناء زيارته الاخيرة الى واشنطن ما يكفي عن الفساد المصرفي. ومعلوم أن لدى الخزانة ملفات كاملة عن تقاطع مصالح السياسيين والمصرفيين، وكيف انه أتى على حساب ودائع اللبنانيين، وفقاً للمصادر عينها، إلا أن الأميركيين يولون الجانب السياسي (الخاص بهم) أولوية، بانتظار ما ستؤول اليه التحقيقات الأوروبية.
ويشكل ورود اسم وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل (وزير الثنائي) سابقة في تاريخ لبنان، اذا تأكدت معلومات الادعاء عليه أيضاً بتهمة التستر على شبهات اختلاس وتبييض اموال وعرقلة العدالة، حمايةً لسلامة وآخرين.
وعلى صعيد متصل، فان التحقيقات الخاصة بكشوفات عمليات وحسابات وتحويلات سلامة تأتي على ذكر تحويل من شركة ميقاتي إلى شركة خاصة بآل سلامة، وليس معروفاً بعد سبب ذلك التحويل. وتدور حوله شبهات خاصة ببعض أثمان صفقات كان بنك عوده مسرحاً لمعظمها، حتى بات ذاك البنك يسمى “بنك المنظومة” لكثرة التقاطعات فيه بين مصرفيين وسياسيين في عمليات يجري كشفها تباعاً، من ناشطين حقوقيين وجمعيات مودعين، لاستكمال فضح دور هذا البنك في الداخل، ولا سيما في الخارج حيث يدير أموالاً لسياسيين من الصف الأول، بالإضافة الى شراكات مع أشخاص مثل نجل رياض سلامة ونجل مسؤول أمني كبير سابق. ولا ننسى ان في التحقيقات أيضاً أسماء مصارف اخرى متصلة بعائلات سياسية مثل بنك البحر المتوسط وآل الحريري.
إلى ذلك، أكدت المصادر المتابعة لـ”نداء الوطن” ان قضاء المنظومة أيضاً لم يعد بمنأى عن اجراءات خارجية ضده بعدما لمس المحققون الاوروبيون “كيف ان قضاة، يفترض بهم خدمة العدالة، ينذرون انفسهم لخدمة سلامة والمنظومة التي تحميه”. وتضيف المصادر أن “إدانة للقضاء اللبناني ظهرت أيضاً في الادعاء على خير الدين الذي اتضح ان علاقات تربطه بقاض كبير حاول حمايته بشكل او بآخر”، وفق مصادر قانونية في باريس! وستؤكد سبحة الادعاءات الاوروبية المنتظرة إدانة إضافية للقضاء اللبناني الذي يتحايل بعض قضاته كل يوم كي لا يحرجوا السياسيين والمصرفيين المتورطين بالأزمة التي أودت بودائع اللبنانيين ودمرت مدّخرات جيل كامل.
ويذكر ان المحققين الاوروبيين المنتظر قدومهم الى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري طلبوا الاستماع الى كل من رجا سلامة وماريان حويك ويوسف خليل ورجا بوعسلي ووليد نقفور من شركة “ارنست اند يونغ” وندى معلوف من شركة “ديلويت“. والشركتان معنيتان بالتدقيق الدائم في مصرف لبنان.
في ساحة النجمة، وعلى الرغم من معرفة رئيس مجلس النواب نبيه بري ان الذهاب الى عقد جلسة عامة للبرلمان دونه رفض نيابي واسع انطلاقاً من موقف مبدئي ينطلق من اولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما ينص الدستور، يسير الرئيس بري في الاتجاه المعاكس، كما دلّ على ذلك بدعوته اللجان النيابية الى جلسة مشتركة قبل ظهر اليوم، وعلى جدول اعمالها 8 اقتراحات يتصدرها “اقتراح القانون الرامي الى فتح اعتماد في موازنة عام 2022 بقيمة 1500 مليار ليرة (15 مليون دولار) لتغطية نفقات إجراء الانتخابات البلدية والإختيارية لعام 2023 المقدم من النائب علي حسن خليل”. والاخير هو المعاون السياسي لرئيس البرلمان.
أين حكومة تصريف الاعمال من اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية؟ أفادت امس معلومات رسمية ان الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في السراي، في حضور المدير العام للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات العميد الياس الخوري، تناول “بحث التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية”. وقد سبق للوزير مولوي ان صرّح بأن الوزارة مستعدة لإجراء هذه الانتخابات. أما بالنسبة لتكلفة الانتخابات، فقال مولوي: “تؤمنها الدولة وبعض المال أتى من الـUNDP والباقي يجب على الدولة تأمينه عبر حقوق السحب الخاصة SDR من صندوق النقد الدولي“.
مَن أنفق 5 مليارات دولار منذ ان تولى رئاسة الحكومة في مطلع أيلول عام 2021 لن يغصّ بـ 15 مليون دولار إذا ما اراد أن يوعز لـ”المركزي” بتمويل الاستحقاق البلدي والاختياري!