كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بعد طول بحث وتمحيص في سبل إخراج نفسه من الورطة التي أوقعه بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإثر الاستعانة برئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وبمعية مساعي رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، تلقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “تخريجة” مجلس الوزراء لحفظ ماء الوجه في شطب قراره الإبقاء على “التوقيت الشتوي” حتى نهاية نيسان المقبل، فأقرّ المجلس إعادة ضبط الساعة اللبنانية على التوقيت الصيفي العالمي… ولو بعد حين!
فبمزيد من الأسى والتحسّر، وبكثير من التلعثم والتأتأة، خرج ميقاتي من جلسة مجلس الوزراء ليؤكد بلسانه كسر “الفرمان” الموثّق بالصوت والصورة الذي كان بري قد أصدره وكلّفه تنفيذه، معلناً إقرار المجلس انطلاق التوقيت الصيفي الجديد ابتداءً من منتصف ليل الأربعاء- الخميس المقبل، على أساس الحاجة إلى فترة 48 ساعة إضافية “لمعالجة بعض الأمور التقنية” التي جرى تفعيلها بموجب المذكرة السابقة.
ورغم أنّ تداعيات ما حصل من تجاذب المكونات الوطنية عقارب الساعة اللبنانية أتت في سياق استكمال الصراع المرير والمتواصل بين المؤيدين لقيام ساعة “دولة الحق” والمستأثرين بساعة “دولة الباطل” وعقاربها المستحكمة والمتحكمة بمسار البلد ومصير أبنائه، غير أنّ ميقاتي أبى إلا أن يُلبس الموضوع لبوساً طائفياً ليداري خلفه الأبعاد السلطوية التسلطية الحقيقية خلف حقيقة النهج السائد في الحكم والقائم على سياسة “إيقاف الزمن” اللبناني ومنعه من التقدّم أي خطوة باتجاه استنهاض الدولة وإصلاح هيكلياتها البنيوية، فاعتبر أنّ “المشكلة ليست ساعة شتوية أو صيفية، إنما المشكلة هي الفراغ في الموقع الاول في الجمهورية، الذي تتحمله القيادات السياسية والروحية المعنية وبالدرجة الأولى الكتل النيابية كافة تلك التي فضّت النصاب خلال 11 جلسة انتخاب سابقًا، وتلك التي تعهدت بعدم تأمينه في جلسات لاحقة من دون ان تتفق على مرشح يواجه مرشح الفريق الآخر“.
تزامناً، لوحظ خلال الساعات الماضية إعادة تفعيل باريس قنوات اتصالها المباشر مع القيادة السعودية لاستعجال “أي حل” لبناني، بحسب تعبير أوساط متابعة للحراك الفرنسي، سيما في ضوء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والاتفاق معه على “العمل معاً” للمساعدة في إخراج لبنان من أزمته العميقة، مشيرةً إلى أنّ ماكرون يعتزم زيارة الرياض في وقت قريب لمحاولة التوصل مع القيادة السعودية إلى أرضية مشتركة حيال التصور المرتقب للحل اللبناني، خصوصاً في ضوء إعادة فتح قنوات التواصل المباشرة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
وفي بيروت، لفت تحرك السفيرة الفرنسية آن غريو باتجاه المسؤولين للدفع باتجاه إقامة طاولة حوار تفضي إلى “انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة”، حسبما أعلنت من السراي الحكومي بعد لقائها ميقاتي، باعتبار أنّ “الاحوال باتت طارئة وملحة ويجب استعادة زمام المبادرة على أسس تستند الى الحوار البناء“.
أما على مستوى الموقف السعودي، فقد أكدت جولات السفير وليد البخاري على القيادات اللبنانية إثر عودته من اجتماع باريس التشاوري على عدم وجود أي تبدّل في توجهات المملكة العربية السعودية ونظرتها للحل اللبناني على أسسس “سيادية إصلاحية خارجة عن أي اصطفافات حزبية وفئوية”، وهذا ما جدد البخاري التشديد عليه سواءً بقوله من معراب أنّ “موقف المملكة ثابتٌ تجاه لبنان ولن يتغيّر، ودورها في اللجنة الخماسية يصبُّ في مصلحة لبنان وسيادته”، أو بتأكيده من الصيفي أمس على ثقة السعودية “بتطلعات الشعب اللبناني وإرادته في الخروج من الأزمات، لا سيما أنّ لبنان عودنا على مناعته تجاه الأزمات وقدرته على النهوض منها“.