ساعات قليلة وقف فيها لبنان قبل يومين على مفترق جهنمي، بدا فيها وكأنّه يخطو خطوات سريعة نحو السقوط والهلاك النهائي. أي عاقل لا يستطيع أن يمرّر ما جرى من دون أن يسأل نفسه عمّا إذا كان ما حصل هو مجرّد سوق سوداء ولعبة عرض وطلب على الدولار، ام أنّ أمر عمليات ما، صدر من مكان ما لإشعال فتيل التفجير لفرض واقع جديد؟
في ظلّ الفلتان الحاصل على كل المستويات كل شيء وارد، وبالتالي قد تصحّ كل الفرضيات والاحتمالات السلبية؛ حيث ليس من عاقل يستطيع ان ينفي دور عصابات المال – المعروفة بهوياتها واوكارها، المتفلتة بصيارفتها ومصارفها وزعرانها المتظلّلين بحمايات سياسية، والمنتشرين في كل الشوارع لشفط الأموال من دون أن يجرؤ أحد على ردعهم – في إفقار اللبنانيين وإفلاسهم، وشراكتها الكاملة في ضرب البنية المالية للبلد ومحاولة نسف أمنه الاجتماعي وإسقاطه في فوضى عارمة. الّا انّ تلك العصابات، ومهما بلغ تفلّتها، فإنّها لا تستطيع ان تتمادى في هذه الجريمة، ما لم تكن محاطة برعاية وحماية شبح او اشباح أكبر وأقوى منها، تدير لعبة التدمير من غرفها السوداء، وتوظّف تلك العصابات بيادق في خدمتها لتنفّذ مخطّطها الجهنمي بإسقاط البلد في المهلكة التي لا نجاة منها. واما من هي تلك الاشباح، وما إذا كانت في الداخل او الخارج فلا أحد يجيب؟
ما يعزز الخشية من تلك الاشباح، هو انّ مشهد البلد في ثلثاء الدولار المجنون، بدا انّه محكوم بإرادة اقوى من الجميع:
فبكبسة زر طار الدولار لنحو أربعين الف ليرة ليلامس الـ150 الفاً، في قفزات صاروخية أوحت وكأنّ البلد يتعرّض لاجتياح مالي مدروس ومخطّط له، زرع في كل الإرجاء شعوراً بأنّ قراراً قد اتخذته «اشباح التدمير» لقلب الواقع اللبناني رأساً على عقب.
وبكبسة زر اخرى جرى إسقاطه بالنسبة نفسها، وانكفأت العصابات إلى الخلف، وأُعيد الدولار إلى ما دون 110 آلاف ليرة، دون انّ يعني ذلك إخراجه من حلبة التلاعب التي استمرت بالأمس ورفعته إلى ما فوق 112 الف ليرة. وبكبسة زر تدخّل مصرف لبنان، بإجراءات كان يمكن ان يتخذها وبشكل رادع حقيقة، قبل ان يستفحل العبث ويطير الدولار إلى الـ150 الف ليرة.
وبكبسة زر فرض على المصارف ان تعود عن اضرابها وكل اعتباراتها التي تذرّعت بها لتبرير إضرابها الخبيث..
كل ذلك زاد على اللبنانيين المنكوبين، إرباكا فوق ارباك، وعزّز مخاوفهم من أن يتجدّد الاجتياح المالي بكبسة زر في أي لحظة. فكما لم يعرفوا سبب كبسة زر طيران الدولار، لم يعرفوا ايضاً سر كبسة الزر العكسية، وما إذا كان هذا الفلتان هو المطلوب وانّه حقق المراد منه في حدوده المرسومة له حالياً، او انّه بداية تحضير المشهد اللبناني لاجتياح اكثر خطورة وفظاعة في قادم الايام؟
لا مبرّر لما حصل
مصادر اقتصادية مسؤولة ابلغت إلى «الجمهورية» قولها: «صحيح انّ الوضع الاقتصادي والمالي سيئ جداً، لكنه ما زال ضمن الحدود الممكن علاجها إذا ما تمّ تصويب المسار السياسي بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية. ما يعني انّ ما حصل يوم الثلاثاء من جنون للدولار، سواء لناحية صعوده بآلاف الليرات على نحو غير مسبوق، او لناحية انخفاضه، ليس له ما يبرّره على الإطلاق، حيث لم يبرز قبل الثلاثاء ايّ طارئ دراماتيكي مالي او اقتصادي يدفع إلى هذا الانهيار الذي لا شك انّه بفعل فاعل».
وحذّرت المصادر من «انّ ما حصل قد يتكرّر، طالما انّ روادع منع تكراره غير موجودة او مقصّرة في القيام بواجباتها على هذا الصعيد». وقالت: «ما جرى قد يكون «بروفا» لما قد يحصل لاحقاً، لا معلومات دقيقة لدينا تؤكّد او تنفي وجود طوابير خامسة او سادية تعبث باقتصاد البلد وتهدّد استقراره. ولكن امام هذا الواقع الذي نرى انّه مفتوح على كل الاحتمالات السلبية، نجد انفسنا مسرعين لأن ندق اجراس الخطر بقوة هذه المرة في وجه السياسيين، ونكرّر لهم ما تبلّغناه من المسؤولين الماليين الدوليين، سواء من البنك الدولي او من صندوق النقد الدولي، من أنّ لبنان على المفترق بين ان يسارع السياسيون فيه إلى توفير العلاجات الفورية لأزمته، دخولاً اليها من باب اعادة تكوين سلطاته الدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحات، أو بين ان يبقى في قعر أزمة سياسية واقتصادية ومالية، تهدّده بأن يزول من الوجود».
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الحل لا يزال ممكناً، قالت المصادر الاقتصادية: «لقد سبق وحدّدنا خريطة الحل في خطة تعافٍ وضعتها الهيئات الاقتصادية، وتشكّل الأساس لإعادة إنهاض البلد، وإنعاشه من جديد».
العلّة في السياسة
ما اكّدت عليه المصادر الاقتصادية حول مسؤولية السياسيين في المبادرة إلى العلاجات، يتقاطع مع ما اكّد عليه مصدر سياسي مسؤول لـ» الجمهورية»، بأنّ «العلّة الأساس هي في السياسة، التي تنتمي إلى الخارج اكثر مما تنتمي لبلدها، حيث تحوّلت مكوناتها إلى مجموعة مربعات متعادية مع بعضها البعض، ورافضة لأن تتلاقى على نقطة مشتركة لحرف مسار البلد عن الهاوية التي يُقاد اليها، والنقطة الأقرب لفرصة التلاقي والانقاذ هي انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن هناك من يصرّ على نسف هذه الفرصة».
وإذ كشف المصدر المسؤول «انّ كل حراكات الخارج لم تؤتِ بالثمار المرجوة حتى الآن، ليس في اتجاه فرض حلّ من الخارج، بل في اتجاه إقناع اللبنانيين بضرورة التوافق على إنقاذ بلدهم والمسارعة إلى انتخاب رئيسهم»، اعرب المصدر عن «خوف بالغ من السقوط في منزلق اللاقيامة»، وسأل: «من منا لم يعتقد مع الرفع الجنوني للدولار قبل يومين انّ البلد قد انتهى»؟ وقال: «من هنا فأنا ارى ان نتعظ مما جرى رحمة ببلدنا وبالناس، ونجعله فرصة لتصويب المسار وإعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، والّا فالمسار مكمّل نحو سقوط لبنان نهائياً، وهذا معناه سقوطنا ونهايتنا جميعاً».
على إيقاع الارتدادات
على أنّ المشهد الداخلي، بقي في الساعات الاخيرة مضبوطاً على ايقاع ارتدادات الاجتياح المالي، فيما استغربت مصادر نيابية وسطية عبر «الجمهورية»، إصرار حكومة تصريف الاعمال على التموضع في موقع المتفرج، منكفئة عن ممارسة دورها الأساس المطلوب منها في هذه الظروف، لناحية المسارعة، إلى ان تُقدم على أي اجراء علاجي ولو شكلي، بالتوازي مع العبث السياسي المتفشي على امتداد مكونات تعطيل الحياة في هذا البلد، والذي يعبّر عن نفسه في تسخير كلّ سخافاتها السياسية ومصالحها الذاتية لإقفال كل سبل انفراج الملف الرئاسي، برغم علمها الأكيد بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية من شأنه أن يفتح الأفق الداخلي على ما هو افضل لكل اللبنانيين، من واقع كارثي وصلوا فيه إلى حدّ أن يلفظوا انفاسهم».
واعتبرت مصادر نقابية، انّ ما جرى بوقائعه المفجعة على كل الصعد، جريمة موصوفة. وقالت لـ»الجمهورية»: «الجريمة تتمادى جراء اطمئنان مرتكبيها إلى افلاتهم الدائم من العقاب، فما جرى بالأمس، فصل من هذه الجريمة المتمادية، يشكّل دافعاً لحراك شعبي واسع في مواجهة مجرمي الأزمة الذين أسقطوا اللبنانيين فيها، وكلّ المشاركين فيها من متلكئين في علاجها، وعاجزين حيالها، وساكتين عليها، ومستثمرين فيها. ولكن كيف لهؤلاء أن يرتدعوا طالما انّ الناس مستسلمون لقدرهم ومتخلّون عن حقهم وواجبهم في ان ينتصروا لأنفسهم ولحاضرهم ومستقبل ابنائهم، وينتفضوا في وجه هؤلاء جميعهم، وينزلوهم عن عروش تسلّقوا اليها على اكتاف الناس وآلامهم؟».
صندوق النقد
على انّ اللافت للانتباه في موازاة هذا الانهيار، هو الحراك المكثّف لصندوق النقد الدولي في بيروت، الذي برز فيه لقاء رئيس بعثته ارنستو ريغو راميريز مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وكذلك مع الهيئات الاقتصادية، ولقاء مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان ورئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان. وتركّز الحديث على مجمل المستجدات الحاصلة على الساحة اللبنانية الإقليمية وشروط التعافي التي يحتاجها لبنان ليخرج من الأزمة السياسية والاقتصادية.
كنعان وعدوان ووفد الصندوق
وعلم أنّ لقاء رئيسي لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان ولجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان مع وفد صندوق النقد الدولي، ركّز على فكرة إنتاج السلطة كمدخل أساس لاستكمال الإتفاق مع الصندوق.
وجرت مناقشة مستفيضة في شأن ضرورة الإستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية ليُستكمل بتشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات المطلوبة والسير باتجاه إبرام الإتفاق مع الصندوق.
وعبّر الوفد أمام رئيسي اللجنتين عن قلق المجتمع الدولي من تمدّد الفراغ، ليشمل سائر المؤسسات، لاسيما النقدية، في ظلّ قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان في تموز المقبل، وعجز حكومة تصريف الأعمال عن اتخاذ الإجراءات والاصلاحات المطلوبة في المصرف المركزي، كما وعدم قدرة الحكومة على إحالة مشاريع القوانين إلى المجلس النيابي، والذي لا يستطيع بدوره إقرارها لتعذّر تحويلها من حكومة أصيلة.
وفاتح الوفد رئيسي اللجنتين بمشهد التخبّط الذي تعيشه الإدارة بفعل الفراغ الرئاسي والحكومي، والدليل على ذلك حال الإنهيار الكبير المستمرّ في العملة الوطنية والأزمات المعيشية التي تتخبّط بها في كل القطاعات، والمسار الإنحداري الذي يسير لبنان فيه.
وتوافق الطرفان على أنّ انتخاب الرئيس هو المدخل الأساس لإعادة انتاج حكومة تسير بخريطة طريق الإصلاح.
حراكات ولجان مشتركة
وما حصل في اليومين الاخيرين حرّك حراكات احتجاجية على ما بلغه الوضع من اهتراء وانهيار، سواء عبر قطع طرقات في بعض المناطق، او عبر تجمعات شعبية تؤشر إلى حجم الغليان الكبير الذي يحتقن في نفوس اللبنانيين، كمثل التي نفّذها العسكريون المتقاعدون بالأمس بالقرب من مجلس النواب، وكذلك بالقرب من السراي الحكومي، حيث استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفداً منهم ووعدهم بإدراج مطالبهم على الجلسة الاولى التي يعقدها مجلس الوزراء الاسبوع المقبل.
وجاءت هذه التحركات، متزامنة مع انعقاد جلسة صاخبة للجان النيابية المشتركة، حُصر النقاش فيها بالشق المالي، في غياب مستغرب عنها لحاكم مصرف لبنان، وهو الامر الذي لاقى اعتراضاً لدى النواب على ما سمّاه البعض منهم «هذا التعالي والاستهتار بالمجلس النيابي».
وتحوّلت الجلسة إلى جلسة مساءلة للسلطة حول الملف المالي، حيث طرح النواب اسئلة كثيرة حول سرّ التدهور المالي ومن يتلاعب بالدولار، وعن خطة التعافي الحكومية ومصيرها، وعن استمرار طباعة العملة اللبنانية، ودور المصارف ومصرف لبنان في مفاقمة الأزمة. الّا انّ هذه الاسئلة لم تلق اجوبة واضحة.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب: «في الشهرين الماضيين، تبين أنّ هناك عدداً كبيراً من النافذين في لبنان يرسلون أموالهم إلى الخارج، منهم سياسيون ورجال أعمال، وهناك البعض منهم ضباط وقضاة، وهذه المعطيات مؤكّدة»، مشيراً إلى أنّه «لحد الآن، لا أحد يعلم من المسؤول عن التلاعب بسعر الصرف، ولا يوجد جواب حتى من مصرف لبنان». وأشار إلى أنّ «الوضع لم يعد يطاق»، وسأل: «لماذا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا يأتي إلى مجلس النواب؟ كيف يذهب إلى السرايا والمحكمة، بحماية مين؟»، موضحاً أنّ «كان هناك اجماع خلال الجلسة على حضور سلامة، ولم نأخذ ما نريد من أجوبة عن اسئلة كثيرة تتعلق بالنقد والاقتصاد». وسأل: «من لديه جواب عن سبب اقفال المصارف ابوابها بوجه المواطنين؟»، مشيراً إلى أنّ «ما تقوم به المصارف لا يمكن أن يمرّ بلا محاسبة». وأكّد بو صعب، «اننا لن نقبل بشطب ودائع المودعين، وقد لمسنا من صندوق النقد تجاوباً ويمكن البناء عليه».
ووصف النائب عدوان الجلسة «بالمخيبة للآمال، ولم نحصل على أي جواب واضح من أي جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يحضر الجلسة وممثله لم يعطِ أي جواب شافٍ». وقال: «كذلك وزير المال يوسف خليل وممثل الحكومة، وتبين أنّ الحكومة ليس لديها أي إلمام بما يحصل». وتابع: «لم يعد بيدنا سوى التحرك قضائياً والحكومة «شاهد ما شاف شي ويمكن ما بدو يشوف شي».
اما النائب كنعان، فاعتبر انّه «لن تكون هناك فائدة من الاجتماع إلّا عند الاستماع إلى ما لدى المعنيين من أجوبة، والقصة ليست في إقرار قوانين بل في احترامها وتنفيذها».
جعجع يهاجم
من جهة ثانية، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في بيان، انّ «الرئيس نبيه بري وفريق الممانعة وبعض النوّاب والكتل الأخرى، يُحضّرون لمحاولة عقد جلسة تشريعيّة، هدفها الفعلي والأساسي تطيير الانتخابات البلديّة والاختياريّة والتّمديد للمجالس الحاليّة».
واضاف: «إنّ تعطيل الانتخابات الرئاسيّة حتّى الآن قد حرم اللبنانيين من فرص ذهبيّة لبدء عمليّة إنقاذٍ يتوق إليها كلّ لبناني، خصوصاً بعد تفاقم الأوضاع المعيشيّة. لم يكتفِ محور الممانعة بكلّ ذلك، بل يُحضّر الآن لمحاولة مكشوفة لتعطيل الانتخابات البلديّة والاختياريّة، فتعطيل هذا الاستحقاق طعنة أخرى في صدر كلّ مواطن بعد كلّ الجراح التي تسبّب بها محور الممانعة للبنانيين».
وقال: «موقفنا واضح وصريح، وسنتابع اتّصالاتنا وجهودنا حتّى اللحظة الأخيرة، أوّلاً للدّفع في اتّجاه حصول الانتخابات البلديّة والاختياريّة، نظراً لأهمّيّتها القصوى تحديداً في هذه المرحلة بالذات، وثانياً لمنع انعقاد جلسة تشريعيّة غير دستوريّة في ظلّ الفراغ الرئاسي».
خليل يردّ
وردّ المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل على جعجع وقال: «على عادته في توجيه الإتهامات للهروب من المسؤوليات تحت عناوين الحرص على المؤسسات وعملها ولتبرير تغطيته لتعطيل المجلس النيابي، يتحدث جعجع عن تطيير الانتخابات البلدية ويُحمّل المسؤوليات، فيما هو وأعضاء كتلته يعملون بوضوح لتعطيل تأمين تمويل إجرائها في مواعيدها. وبالمناسبة، لقد تقدّمت بالأمس باسم «كتلة التنمية والتحرير» باقتراح قانون لفتح اعتماد إضافي لتأمين تمويل إجراء الانتخابات في مواعيدها، والذي سيُحال إلى جلسة اللجان المشتركة لإقراره مع غيره من القوانين تمهيداً لعرضه في الجلسة التشريعية المقبلة».
دريان: إنتخاب او فوضى
إلى ذلك، شدّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على إتمام الاستحقاق الرئاسي، وقال في رسالته إلى اللبنانيين لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك: «إما انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة، أو الفوضى التي بدأت معالمها تظهر شيئاً فشيئاً في الوطن، ويدفع الثمن المواطن».
اضاف: «المطلوب الاحتكام إلى الدستور، وانتخاب رئيس للبلاد، اليوم قبل الغد، لا نستطيع الانتظار أكثر من ذلك، والاستجابة لمطالب الناس وحاجاتهم، الذين بدأوا يفقدون الحدّ الأدنى من مقومات الحياة، ومن المؤسف أنّ الطبقة السياسية في مكان، والشعب في مكان آخر». وتوجّه إلى السياسيين قائلاً: «يا ساسة لبنان، كفى بالله عليكم تضييع الوقت، أصبحنا في المراحل الأخيرة من الانهيار، وحّدوا رؤيتكم في مصير بلدكم، اتقوا الله في هذا الشعب الصابر الصبور المتألم. نريد حلاً للخروج من النفق المظلم، إلى متى الانتظار لانتخاب رئيس للجمهورية؟ هل المطلوب الانهيار الشامل ليُبنى على الشيء مقتضاه؟».
نصرالله لخطة شاملة
وقال الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمة له في ذكرى القيادي في الحزب حسين الشامي: «بالوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب وحركة الدولار، الدولة لا تستطيع القول انّها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، هناك تدابير يجب أن تُتخذ وتستطيع أن تخفف».
واعتبر نصرالله أنّ «مصير البلد متروك»، ورأى انّ «إنقاذ الوضع والليرة بحاجة لخطة شاملة حقيقية متعددة الأبعاد، ولا مبرّر على الإطلاق لعدم الدعوة إلى طاولة حوار لإنقاذ الوضع الاقتصادي».
وقال: «لطالما دعونا في البلد إلى وضع الخلاف السياسي جانباً وإقامة طاولة حوار اقتصادية، لأجل سلاح المقاومة كلهم جاهزون لطاولة، ولكن طاولة حوار لإنقاذ الوضع المعيشي والاقتصادي فهذا كلام لا أحد يقف عنده أصلاً».
ولفت إلى «انّ منطقة الخليج اليوم تتجّه شرقاً، وها هي السعودية قد دعت الرئيس الصيني للرياض، وأقامت ثلاث قمم لأجله، وتتحدث الأرقام عن استثمارات بمئات ملايين الدولارات». وسأل: «لماذا في لبنان إلى هذه الدرجة هناك خوف وبطء؟ هذا الموضوع ليس فقط عند رئيس الحكومة بل عنده وعند القوى السياسية، فهناك دولة اقتصادية ضخمة كبيرة (الصين) جاهزة للاستثمار في لبنان، لماذا الأبواب موصدة؟ هذا لا يحتاج سنوات من الجدل البيزنطي بل إلى قرار وشجاعة سياسية».
وفي موضوع رئاسة الجمهورية قال السيد نصر الله: «المساعي مستمرة، ونأمل أن ينعكس الهدوء الاقليمي والاتفاق الايراني- السعودي بالمساعدة في انجاز هذا الاستحقاق، ولكن هذا الامر يعتمد بالمقام الأول على الداخل، أما الخارج فهو فقط يخلق مناخاً لذلك».
وحول عملية «مجيدو» قرب الحدود جنوباً، قال: «تهديدات العدو بأنّه إذا ثبتت مسؤولية الحزب عن «عملية مجيدو» سيفعلون كذا وكذا، وأنا أقول له «روح بلّط البحر». اضاف: «المقاومة في لبنان عند عهدها وقرارها، بأنّ أي اعتداء على أي إنسان موجود على الأراضي اللبنانية سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو من جنسية أخرى أو الاعتداء على منطقة لبنانية، سنردّ عليه رداً قاطعاً وسريعاً، وهذا يجب أن يكون مفهوماً».