استحوذ موضوع الازمة السورية افتتاحيات الصحف البريطانية والاميركية حيث اتت المطالبات بضرورة تدخل دول أخرى للتوصل إلى هدنة أو تسوية في سوريا بعد تعثر الجهود الروسية والأمريكية، وتداعيات الهدنة كانت من أهم موضوعات الصحف البريطانية والعربية.
نبدأ من صحيفة الغارديان حيث نشرت مقالاً للكاتبة ماري ديفيجيسكي بعنوان ” سوريا ليست صراعاً كالحرب الباردة لذا لا يمكن للولايات المتحدة أو روسيا إصلاحها “.
وقالت كاتبة المقال إن القوى الكبرى لديها سيطرة جزئية على مجريات الأحداث في حلب، لذا يجب على أطراف أخرى التدخل لإحلال السلام “.
وأضافت “من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق نار في سوريا أو تسوية، فإنه يجب على أطراف أخرى التدخل لضمان ذلك أو أنه سيتوجب على سوريا وضع نهاية لهذه الازمة، ولن يتحقق ذلك، إلا إذا كان هناك طرفاً منتصراً “.
وأضافت ” يبدو أنه الحل الأمثل لسوريا، لأن الولايات المتحدة وروسيا وصلا إلى مرحلة لا يستطيعان فيها حل الصراع في سوريا، لأنه ببساطة، النموذج القديم للقوى العظيمة لم يعد كافياً، لذا على روسيا والولايات المتحدة فهم ذلك، عوضاً عن تبادل الاتهامات فيما بينهما “.
ننتقل لصحيفة الديلي تلغراف ونطالع مقالاً للكاتب كون كوغلين بعنوان ” يجب علينا إيقاف مذابح السوريين الأبرياء “.
وقال كاتب المقال إنه ” لا يمكن للغرب الوقوف ساكناً أمام ما يجري في سوريا، ويوفر للمتطرفين كامل الحرية لقتل من يريدون ومنحهم الحصانة للقيام بذلك كما فعلوا في البوسنة “.
وأضاف أن ” الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون فشل في التدخل في سراييفو حين عمدت الميليشيات الصربية إلى استهداف المدنيين بصورة يومية بالقذائف ورصاص القناصة “.
وأردف كاتب المقال أن ” الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليس لديه الرغبة في التدخل بشكل كبير في الحرب السورية المعقدة تماماً على غرار ما قام به كلينتون خلال الحرب في البوسنة “.
وتابع بالقول إن “غياب تدخل القيادات الغربية بشكل فعلي شجع المنظمات الارهابية وجبهات متطرفة لفعل ما يشاؤون في سوريا “.
وختم قائلاً إنه ” يجب علينا التطلع اليوم الى الابرياء في سوريا وضحايا هذه الازمة ويجب ان يحاسب كل من تسبب بالمعاناة الإنسانية الكبرى في سوريا وتقديمهم للعدالة”.
كما واهتمت صحف عربية بقرار الولايات المتحدة تعليق التعاون الثنائي مع روسيا بشأن الملف السوري. ورأى بعض الكتاب أن القرار يؤكد أن واشنطن لم تكن جادة في التصدي للجماعات “الإرهابية”.
وانتقدت البعث السورية القرار الأمريكي قائلة: “ما حدث كان متوقعًا، إذ حاولت الإدارة الأمريكية منذ إعلان الاتفاق يوم 9 أيلول / سبتمبر الماضي أن تستغل فترة سريانه لتعطي المجموعات الإرهابية فرصة لالتقاط الأنفاس وتجميع قواها لشن هجمات واسعة على حلب وحماة ودرعا، وليس تهيئة الظروف الملائمة لحل الأزمة”.
كما رأت الوطن السورية أن القرار الأمريكي يعكس “عدم الجدية من جانب واشنطن تجاه السعي عمليًا للفصل بين جبهة النصرة والمعارضة المعتدلة”.
ملخص عن تفاصيل وشروط الهدنة في سوريا:
صدر بيان مشترك من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا، حول الهدنة – أو وقف الأعمال العدائية – في سوريا، والتي كانت من المفترض ان تبدأ السبت فبراير، وتستثني الهدنة تنظيم داعش وجبهة النصرة.
ولاقت حينها الهدنة قبولا لدى المعارضة السورية، إذ أعلن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، القبول لهدنة مؤقتة، بشرط أن يتم ذلك وفق وساطة دولية.
ووصف بوتين اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا بأنه خطوة حقيقية لوقف حمام الدم، في حين قال البيت الأبيض، إن تنفيذ الاتفاق بشأن سوريا سيكون صعبا، وأضاف أن وقف إطلاق النار هو الخطوة التالية في محاولة إحراز تقدم في المناقشات لإنجاز التغيير السياسي في سوريا.
وصرح بان كي مون حينها، إنه يرى في الإعلان عن وقف إطلاق النار في سوريا “بارقة أمل”.
وأبرز ما جاء في نص البيان المشترك :
ان الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا (ISSG )، وسعياً منهما لتحقيق تسوية سلمية للأزمة السورية، مع الاحترام الكامل للدور الأساسي، الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة، عازمتان تماماً على تقديم أقوى دعم لديهما لإنهاء النزاع السوري وتهيئة الظروف لعملية انتقال سياسي ناجحة يقودها السوريون، بتيسير من الأمم المتحدة، لأجل التنفيذ الكامل لبيان ميونيخ الصادر عن المجموعة الدولية لدعم سوريا في الـ11 من فبراير 2016، وقرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2254، وتصريحات فيينا لعام 2015 وبيان جنيف لعام 2012.
وإن الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية تدعوان معاً جميع الأطراف السورية، والدول الاقليمية والآخرين في المجتمع الدولي إلى دعم الوقف الفوري للعنف وإراقة الدماء في سوريا وللمساهمة بتنفيذ سريع وفعال وناجح لعملية الانتقال السياسي التي تيسرها الأمم المتحدة طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2254، وبيان المجموعة الدولية لدعم سوريا الصادر في الـ11 من فبراير، وتصريحات فيينا الصادرة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا في عام 2015، وبيان جنيف لعام 2012.
شروط الهدنة – وقف الأعمال العدائية في سوريا:
تسري الهدنة في عموم البلاد على أي طرف مشترك حالياً في عمليات قتالية، عسكرية أو شبه عسكرية، ضد أية أطراف أخرى باستثناء “تنظيم داعش” و”جبهة النصرة”، وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن الدولي .
مسؤوليات المعارضة السورية المسلحة مبينة في الفقرة 1 أدناه. ومسؤوليات القوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية، وجميع القوى الداعمة لـ أو المرتبطة بالقوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية مبينة في الفقرة 2 أدناه .
- للمشاركة في الهدنة/وقف الأعمال العدائية، ستؤكد مجموعات المعارضة المسلحة – للولايات المتحدة الأميركية أو لروسيا الاتحادية اللتين ستشهدان على هذه التأكيدات لبعضهما البعض بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا في موعد لا يتعدى الساعة 12:00 (بتوقيت دمشق) من يوم الـ26 من فبراير 2016 – التزامها وقبولها بالشروط التالية :
- التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، الذي تم اعتماده بالإجماع في الـ18 من ديسمبر 2015، بما في ذلك الاستعداد للمشاركة في عملية المفاوضات السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة .
- وقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، ومدافع الهاون، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، ضد القوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية، وأي قوات مرتبطة بها .
- التوقف عن كسب أو السعي إلى كسب أراض من الأطراف الأخرى المشاركة بوقف إطلاق النار .
- السماح للمنظمات الإنسانية بوصول سريع وآمن ودون عراقيل في جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت سيطرتها العملياتية والسماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاجها .
- الاستخدام المتناسب للقوة (أي ما لا يزيد عما هو مطلوب للتصدي لتهديد مباشر) إذا وعندما يكون الرد في حالة دفاع عن النفس .
2- سيتم مراعاة الالتزامات المذكورة أعلاه من قبل مجموعات المعارضة بعد أن تؤكد القوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية، وجميع القوات الداعمة أو المرتبطة بالقوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية، لروسيا الاتحادية بصفتها رئيس مشارك للمجموعة الدولية لدعم سوريا، في موعد لا يتعدى الساعة 12:00 ( بتوقيت دمشق) من يوم الـ26 من فبراير، 2016، التزامها وقبولها بالشروط التالية :
- التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، الذي تم اعتماده بالإجماع في الـ18 من ديسمبر 2015، بما في ذلك الاستعداد للمشاركة في عملية المفاوضات السياسة التي تيسرها الأمم المتحدة .
- وقف الهجمات بأي نوع من الأسلحة، من قبل القوة الجوية التابعة للجمهورية العربية السورية والقوات الجوية الفضائية الروسية، ضد مجموعات المعارضة المسلحة .
- التوقف عن كسب أو السعي إلى كسب أراض من الأطراف الأخرى المشاركة في وقف إطلاق النار .
- السماح للمنظمات الإنسانية بوصول سريع وآمن ودون عراقيل في جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت سيطرتها العملياتية والسماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاجها .
- الاستخدام المتناسب للقوة (أي ما لا يزيد عما هو مطلوب للتصدي لتهديد مباشر) إذا وعندما يكون الرد في حالة دفاع عن النفس .
إن روسيا الاتحادية والولايات المتحدة، بصفتهما رئيسين مشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا ولمجموعة عمل وقف إطلاق النار التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، مستعدتان للعمل معاً من أجل ضمان التواصل الفعال ووضع الإجراءات اللازمة لمنع تعرض الأطراف المشاركة في الهدنة إلى هجوم من قبل القوات المسلحة الروسية، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، والأطراف الأخرى المشاركة في الهدنة .
يمكن لأي طرف توجيه انتباه مجموعة العمل الى حدوث أو احتمال حدوث خرق للهدنة أما من خلال مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا (OSE ) أو عبر الرئيسين المشاركين. سيضع مكتب المبعوث الأممي (OSE) والرئيسان المشاركان ترتيبات للتواصل مع بعضهما البعض ومع الأطراف، وسيقومان بالإعلام بشكل عام عن الكيفية التي يمكن من خلالها لأي طرف توجيه انتباه مجموعة العمل الى الخروقات .
تؤكد الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية بصفتهما الرئيسين المشاركين بأن تتم مراقبة الهدنة/وقف الأعمال العدائية بطريقة حيادية وشفافة وتحت تغطية إعلامية واسعة.
اما نتائج الهدنة حسب ما ذكرته صحيفة “كوميرسانت” الروسية، أن السلطات السورية تجد نفسها في حل من الالتزام به. بعد انقضاء أسبوع على نظام وقف إطلاق النار، الذي كانت تخرقه المعارضة.
لم تُراعَ نتائج الاتفاق الروسي–الأمريكي بشأن الهدنة في سوريا سوى سبعة أيام فقط. فيوم الاثنين 19سبتمر/أيلول انتهى سريان مفعول نظام وقف الأعمال الحربية، الذي أعلنت عنه يوم الـ 12 منه القوات الحكومية السورية وقوى المعارضة، من دون أن يعلن أي من الأطراف المتصارعة عن رغبته بتمديد الاتفاق، الذي انتهك مرات عديدة، ولم تتحقق إحدى المهمات الرئيسة – فتح الطريق أمام قوافل المساعدات الإنسانية إلى سكان حلب المحاصرة .
واعتقد الخبراء، الذين استطلعت “كوميرسانت” آراءهم بشأن تمديد الهدنة، بالانخفاض الشديد لحظوظ تمديد الهدنة واستمرار الحوار الروسي–الأمريكي. وذلك بعد الغارات التي شنتها طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على مواقع القوات السورية التي تحارب “داعش” في منطقة دير الزور.
وكانت قد اعلنت قيادة القوات السورية أن اتفاق الهدنة لم يعد ساريا. ومن جانب آخر، صرح عضو الهيئة العليا للمفاوضات جورج صبرا لوكالة أسوشيتد برس إن “مئات الألوف كانوا ينتظرون من الهدنة فتح الطريق لوصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة. لكن الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والمستحضرات الطبية بقيت واقفة على الحدود السورية–التركية. لذلك أعتقد أن الهدنة توجد في حالة موت سريري “.
وكان الجنرال سيرغي رودسكوي، رئيس ادارة العمليات في هيئة الأركان العامة، قد أعلن، يوم 19 سبتمبر/أيلول الجاري، أن القوات الحكومية السورية هي الجهة الوحيدة التي التزمت بنظام الهدنة في سوريا، وهذا بحسب رأي روسيا أصبح من دون معنى. وبحسب قوله، انتهكت أطراف المعارضة اتفاق الهدنة خلال أسبوع 302 مرة غالبها في حلب، ما تسبب بمقتل 63 شخصا وإصابة 252 آخرين. كما فقدت القوات الحكومية السورية 153 شخصا. وقد اتهم روتسكوي الجانب الأمريكي والمجموعات المعارضة الذي يدعمها، بعدم الالتزام بأي نقطة من النقاط التي تضمنها اتفاق جنيف للهدنة. وأضاف أن الجانب الروسي يلاحظ عدم فصل المعارضة المعتدلة عن “جبهة النصرة” بل على العكس يجري دمجهما، وإعدادهما للقيام بهجوم واسع.
ويذكر أنه يوم 9 سبتمبر/أيلول، توصل وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف إلى اتفاق بعد 14 ساعة من المناقشات يتضمن حزمة من خمس اتفاقيات بشأن وقف إطلاق النار في سوريا وفك ارتباط المعارضة المعتدلة، ورد الفعل على انتهاك الاتفاق ومسألة إيصال المساعدات الإنسانية .
وقد وافقت حكومة دمشق وعدد من أطراف المعارضة على هذا الاتفاق. ولكن مجموعات المعارضة الأخرى ومن ضمنها “أحرار الشام” التي تعدُّها الولايات المتحدة من ضمن “المعارضة المعتدلة” رفضت وقف إطلاق النار والالتزام بالهدنة. ومع ذلك، تؤكد العواصم الغربية أن دمشق هي التي انتهكت الاتفاق، وهذا ما صرح به وزير خارجية فرنسا جان-مارك إيرولت، الذي أكد أن قصف مواقع قوات الحكومة السورية في دير الزور كان نتيجة خطأ. ويذكر أن هذا القصف أدى إلى مقتل 62 وجرح حوالي الـ 100 من أفراد القوات السورية .
من جانبه، أشار مصدر في غرفة عمليات وزارة الدفاع الروسية إلى أن هذا الوضع “يثير عدم فهم في أوساط قوات الحكومة السورية” التي كانت تلتزم باتفاق الهدنة. وأضاف: “كيف يمكن اقناعهم بعدم الدفاع عن أنفسهم وهم في كل يوم يفقدون مقاتلين منهم”. وبحسب قوله، إن الولايات المتحدة “قررت الابتعاد نهائيا” عن الاتصال بالعسكريين الروس، حتى أنهم لا يردون على الاتصالات الهاتفية .
هذا، وقال مصدر عسكري آخر لـ “كوميرسانت” إنه حتى لو كان هناك لقاءات مرتقبة بين لافروف وكيري في نيويورك بشأن الاتفاقات السابقة، فإن “آفاق تنفيذها تبقى موضع شك بسبب موقف البنتاغون المتشدد”.
وزارة الاعلام اللبنانية
مديرية الدراسات والمنشورات
اعداد: زينب زهران