كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: في خضم المشهد السوداوي المهيمن على اللبنانيين، لاحت بارقة عدل من أروقة الأمم المتحدة خرقت ظلمة أهل السلطة وظلمهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت، مع تبني مجلس حقوق الإنسان في جنيف مبادرة أسترالية مدعومة فرنسياً لتشكل الخطوة الأولى باتجاه تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة 4 آب، تمهيداً للبت بهذا القرار خلال الدورة المقبلة للمجلس المقرر انعقادها في حزيران المقبل، انطلاقاً من تشديد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أمس على وجوب إجراء “تحقيق جاد” في انفجار المرفأ “من دون تدخل سياسي أو مزيد من التأخير“.
أما في المشهد الرئاسي، وبينما تواترت الأنباء حول امتعاض رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية من الأسلوب الذي اعتمده الثنائي الشيعي في إخراج وتظهير ترشيحه الرئاسي بشكل عكس صورته أمام الرأي العام الداخلي والخارجي كمرشح تابع للثنائي ولمحور الممانعة بقيادة إيران في مواجهة العرب والغرب، سرعان ما بدأت تجليات هذه الصورة تظهر على شريط المؤشرات الأولية النابذة لترشيحه داخلياً وخارجياً بمجرد إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله دعم ترشيحه، لا سيما في ضوء تقاطع كل من بكركي والمملكة العربية السعودية عند موقف رئاسي مشترك اجتمعا من خلاله على تحديد “المواصفات” نفسها المطلوبة في شخص الرئيس المقبل للجمهورية، والتي بدا من عنوانها العريض حتمية أن يكون رئيساً سيادياً لا فاسداً ولا تابعاً ولا ممانعاً ليحظى بثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي في قيادة دفة الإنقاذ والنهوض بالبلد.
في هذا السياق، وإذ نقلت مصادر الصرح البطريركي عن السفير السعودي وليد البخاري إثر زيارته بكركي تأكيده للبطريرك الماروني بشارة الراعي أن المملكة العربية السعودية ليس لديها شخصية معينة تدعمها للرئاسة لكن ما يعنيها هو أن يكون “رئيساً انقاذياً ليس منغمساً بالفساد السياسي والمالي”، أتت هذه المواصفات مطابقة في جوهرها لتلك التي ينشدها الراعي في شخص الرئيس المقبل، وعلمت “نداء الوطن” (ص 3) أنّ البطريرك الماروني كان واضحاً خلال استقباله السفير السعودي في التعبير عن حرص بكركي على “إعادة وصل ما انقطع” بين لبنان والسعودية في المرحلة الماضية، ورفضها “انتخاب رئيس لا يُعيد علاقات لبنان الخارجية إلى طبيعتها وعلى رأسها العلاقة مع الدول العربية والمملكة العربية السعودية” في المرحلة المقبلة.
وبدوره، آثر البخاري عدم الخوض في مسألة التسميات أو الترشيحات حيال الاستحقاق الرئاسي باعتباره استحقاقاً دستورياً لبنانياً داخلياً، لكنه أضاء على الأهمية التي توليها المملكة إزاء ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية اللبناني المقبل إصلاحياً وسيادياً، فلا يتنازل عن سيادة البلد ويحافظ على المؤسسات، ولا يضع لبنان في محور مُعادٍ لواقعه الطبيعي ويُشرّع استعماله كـ”منصة صواريخ” لاستهداف الدول العربية.
على صعيد منفصل، بدأت التحضيرات لإطلاق عمل شركة “توتال” في البلوك رقم 9، بحيث خصصت وزارة الأشغال العامة والنقل مساحة في مرفأ بيروت للخدمات اللوجستية للأنشطة البترولية الخاصة بـ”توتال” التي أصرت على “موقع مرفأ بيروت دون غيره من المرافئ لا سيما الجنوبية منها”، حسبما أكدت مصادر معنية، موضحةً أنّ “ضغوطات غير مباشرة كانت بدأت من جهات سياسية (وحزبية) راغبة في الإفادة من خدمة المنصات النفطية التي يجب أن تكون من البر، بهدف توظيف عمالة وتزكية شركات محلية تعمل بعدد من عقود الباطن في خدمة توتال، إلا أن الأخيرة تجنبت الضغوط وخصصت منصات الكترونية تعرض عليها ما تريده، على أن تتقدم الشركات بعروضها وفق شروط معينة“.
وأمام هذا الواقع، خصصت وزارة الأشغال أرضاً في مرفأ بيروت تبلغ مساحتها 34 ألف متر مربّع ستكون حصراً للخدمات اللوجستية للأنشطة البترولية للتنقيب عن النفط والغاز. كما كانت وزارة الاشغال تركت الباب مفتوحاً لتأجير أراضٍ في كل من مرافئ صيدا وصور وطرابلس وعلى كامل الشاطئ اللبناني، باعتبار انها هي المعنية بكل الأملاك العمومية البحرية، واعتبرت المصادر أنّ “المعايير الدولية للخدمات اللوجستية تشير الى أن كل بلوك بحاجة الى 50 ألف متر مربع، وهناك 10 بلوكات، لذلك فإن الحاجة هي إلى 500 ألف متر مربع.
وفي سياق آخر، أشارت المصادر عينها الى أنّ “توتال” أجرت اتصالات دولية لمعرفة ما كان يقصده أمين عام “حزب الله” عندما هدد في خطاب ألقاه في 17 شباط الماضي بحرب قد يشنها على اسرائيل، فأتت معظم الأجوبة متطابقة تقريباً في الإشارة إلى أن “ذلك الخطاب، كما الكثير من خطابات نصرالله، موجه للاستهلاك الداخلي فقط، ولا شيء يشي بأن حرباً ستندلع على الحدود اللبنانية الاسرائيلية. كما أن الكلام عن مماطلة لشركة “توتال” لا أساس له، فالشركة تحترم التزامها السابق والمعلن قبل أشهر طويلة البدء في حفر الاستكشاف بداية الربع الأخير من هذه السنة على أن يبدأ ظهور بعض النتائج أوائل 2024، ولم يتغير حرف من ذلك الالتزام“.