كتبت صحيفة “الديار” تقول: لم يكن ينقص اللبنانيين سوى عودة “الهلع” من الهزات الارضية، التي وصلت اليهم عقب زلزالين جديدين ضربا جنوب تركيا ومناطق في سوريا مع الساعات الاولى من مساء امس. هذا الهلع يضاف الى القلق المشروع والمتزايد مع استمرار الاخبار السلبية على كافة الاصعدة.
فمطلع الاسبوع لم يشهد اي حللة على اي صعيد مالي او سياسي، وامام انسداد الافق كان الحل باعتماد استراتيجية التأجيل، التي تعبّر عن حقيقة المأزق الراهن، سواء على الصعيد التشريعي، او على صعيد ايجاد حلول “للكباش” القضائي -المصرفي، فيما انتهت مفاعيل التراجع الذي سجّله الدولار في اليومين الماضيين، وعاود الى الارتفاع في السوق السوداء ليتخطّى مجدّداً الـ 80 ألفاً.
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ارجا الاجتماع المالي بعد تعثر الاتصالات لايجاد مخرج “للحرد” المصرفي، حيث تعقدت الامور مجددا مع دعوة جديدة رفعتها مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون ضد مصرف “سوسييتيه جنرال” بتهمة تبييض الاموال.
بدوره، ارجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة مكتب المجلس بعد تعثر الاتصالات لتأمين “الميثاقية” وكذلك النصاب لجلسة تشريع الضرورة، بعدما فشلت الاتصالات مع “التيار الوطني الحر” الذي يحاول الرد بالسياسة على “الثنائي”، في ظل اتساع الشرخ مع حزب الله، حيث وصفت مصادر مطلعة اتفاق “مارمخايل” بانه في “موت سريري”، والمسألة هي مسألة وقت لنزع “الاوكسيجين” عنه، في ظل اصرار النائب جبران باسيل على “الطلاق” الصاخب على خلفية الخلاف حول الملف الرئاسي ولا شيء آخر، وفي ظل اصراره على خوض حرب الغاء سياسية واعلامية لتهشيم خصميه في بنشعي واليرزة.
ووفقا لمصادر مطلعة لا توجد اي علاقة لحزب الله بالحملة الشعواء على قائد الجيش العماد جوزاف عون، فالعلاقة بين الطرفين اكثر من جيدة كقائد للجيش، ولا يتعامل الحزب معه من خلفية الملف الرئاسي، فمرشحه غير المعلن رسميا يبقى رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ولا يخوض معركته باعتماد اسلوب البعض في فتح جبهات لا طائل منها.
وبينما لا شيء راهنا يمكن ان يحرك “المياه الراكدة” داخليا، لا يمكن الرهان على تقدم العلاقة السعودية – الايرانية، التي لاتزال عالقة عند عقدة اختبار النوايا التي لم تترجم على نحو ايجابي بعد.
اما الزيارة اللافتة للرئيس السوري بشار الاسد الى سلطنة عمان، فلا يمكن انتظار انعكاساتها على الساحة اللبنانية، لان اولوياتها مختلفة، ولعل ابرزها محاولة دول الخليج التقارب مع سوريا من “بوابة” ابعادها عن ايران، وهو طريق “شائك” ولن يكون معبدا، فيما تبقى فرنسا عاجزة عن احداث اي اختراق اقليمي ودولي يمكن ان يترجم ايجابيا في لبنان. فهل ثمة من يراهن على فوضى لفرض تسويات غير متاحة اليوم؟
“الموت السريري”
سياسيا، يبدو ان توصيف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتفاهم” مارمخايل ” بانه في وضع حرج، قد تجاوزته الاحداث بعد ان تجاوز رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل كل “الخطوط الحمراء”، وتقصّد زيادة الشرخ مع حليفه، واضعا التفاهم في “موت سريري” بانتظار الوقت المناسب لاتخاذ القرار بنزع اجهزة التنفس عنه.
ووفقا لمصادر مقربة من الحزب، لا يبدو باسيل مهتما بالحفاظ على “خطوط الرجعة”، ويقطع “جسور” التواصل دون اسباب مفهومة. فاذا كان يسعى الى بيع المواقف للآخرين فلن يشتريه احد! فهو اتهم دون حق السيد حسن نصرالله بانه نكس بوعوده الحكومية، وهذا لم يحصل. وفي الاجتماع الاخير بين الرجلين نصحه السيد بالتروي في مسألة رفض ترشيح فرنجية وابقاء خطوط التواصل دون تصعيد، لكنه خرج من الاجتماع فاتحا حربا شعواء على فرنجية والحزب معا. وعندما زاره الحاج حسين خليل ووفيق صفا في ميرنا الشالوحي سألاه هل لديك مرشح او مرشحين فقال: “لا”. بعدها عاد الى التواصل طالبا اللقاء بالسيد نصرالله للتداول ببعض الاسماء، لكنه اصر على استبعاد فرنجية، فقيل له حينها لا يوجد اي داع للقاء الآن لان ظروفه غير ناضجة. ومرة جديدة نصح بعدم “احراق” “مراكبه” مع حارة حريك، والابقاء على الخلاف تحت سقف التمايز، كما حصل في الاستحقاق الرئاسي السابق عندما حصل الخلاف مع الرئيس نبيه بري، فحصر الخلاف بالملف الرئاسي ولم ينهار التحالف. فلماذا الاصرار على “كسر” كل المحرّمات؟ حزب الله قال له واعاد ابلاغه “اذا التفاهم متعبك، عليك اعلان الانفصال وارتاح”.
من وراء الحملة على عون؟
رئاسيا، لا يزال حزب الله عند موقفه الداعم لترشيح سليمان فرنجية حتى لو لم يعلن ذلك رسميا، ولا تراجع عن ذلك، بدليل عدم وجود خطة “باء”. ووفقا لاجواء الحزب، فان معركة الترشيح مستمرة وهي ليست مستحيلة، وهو ينطلق حتى الآن من 55 نائبا، وهو رقم ليس بسيطا، والعمل جار على اقناع القوى السياسية بهذا الترشيح والرهان على الوقت. طبعا الظروف ليست سهلة، ولكن على القوى السياسية اللبنانية ان تعود الى الحوار للوصول الى تفاهمات، خصوصا ان نتائج اللقاء الخماسي في باريس كانت واضحة لجهة دعوة اللبنانيين للتوصل الى تفاهم، اي ثمة اقرار بعدم امكانية فرض اي مرشح من الخارج. فماذا ينتظر البعض؟
اما الحملة الاعلامية والسياسية على قائد الجيش جوزاف عون فلا علاقة من قريب او بعيد لحزب الله بها، وتجزم مصادر مطلعة بان العلاقة الثنائية مع القيادة العسكرية والجيش جيدة للغاية ولا تشوبها اي شائبة، ولا يحتاج حزب الله لشن حملة على احد في الملف الرئاسي، مرشحه يبقى فرنجية ،والعلاقة مع العماد عون تبقى محصورة بدوره كقائد للجيش، اما الملف الرئاسي فشأن آخر. وما يحصل اعلاميا جزء من ماكينة يديرها “التيار الوطني الحر”. تبقى ان الاولوية لدى حزب الله تكريس معادلة اقتصادية جديدة على شاكلة توازن الردع مع “اسرائيل”، من خلال افهام واشنطن وحلفائها بان سياسة التجويع لن تبقى دون رد.
العلاقات الايرانية – السعودية “رواح مكانك”!
في هذا الوقت، تبدو الاجواء في الاقليم متعثرة ايضا، فالعلاقات السعودية – الايرانية لم تشهد اي تقدم يمكن ان ينعكس ايجابيا على الساحة اللبنانية. وفي هذا السياق، شكك المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بجدية السعوديين، وقال امس إن طهران أعلنت عدة مرات أنه إذا كانت السعودية جادة بشأن المضي قدماً في محادثات المصالحة، فإنها ستكون مستعدة لمواصلة المفاوضات أيضاً والارتقاء بالمحادثات إلى المستوى السياسي من العلاقات بين وزارتَي خارجية البلدين. موضحاً أنه إذا كان التركيز الأساسي على تحقيق مصالح البلدين، فلن يكون هناك ما يعيق تطبيع العلاقات بين طهران والرياض، مشيراً إلى أن التقارب يعتمد على الإرادة السياسية. وشدد المتحدث على أن إيران مستعدة لإعادة العلاقات مع السعودية على “المسار الصحيح”، لأنها مستعدة لمصافحة أي أحد “يمد يد الصداقة”
“العجز” والتخبط الفرنسي”
في هذ الوقت، كشفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عن عجز الرئيس ايمانويل ماكرون عن احداث اي خرق في الشرق الاوسط، وقالت ان براغماتيته في مواجهة القضايا الساخنة في المنطقة، لم تسمح له دائما بلعب دور الوسيط الذي يطمح إليه. وفي سياق تسليط الضوء على “التخبط” في الديبلوماسية الفرنسية، لفتت الصحيفة الى ان ماكرون، خلال استقباله رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، اكد إنه يريد العمل مع “اسرائيل” ضد أنشطة إيران “المزعزعة للاستقرار” في الشرق الأوسط، و”هذا يعني المزيد من التعاون مع الموساد”، بحسب مصدر في الاستخبارات الفرنسية، مُشيرا إلى “لعبة خطيرة” بالنسبة لفرنسا.
وكشفت “لوفيغارو” عن معارضة باريس الضغط في أوروبا لإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، نتيجة قلقها على نحو 600 جندي يعملون ضمن قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان… وتساءلت الصحيفة، هل يمكن لماكرون إخراج لبنان من المستنقع؟ وقالت ان الرئيس الفرنسي لم ييأس حتى الآن من أجل تحقيق نجاح ديبلوماسي في لبنان . وتؤيد باريس بشكل طفيف، ترشيح العماد جوزاف عون للرئاسة الاولى، لكنها “تأسف” لانسحاب السعودية من الملف اللبناني، وتعتمد على قطر في مساعدة الجيش، وهي المؤسسة الأخيرة التي تضمن الحد الأدنى من الاستقرار في بلد غارق في أزمة اقتصادية ومالية عميقة. وتحافظ باريس على اتصالها بحزب الله. لكن يبقى السؤال كيف يمكن للمرء أن يكون لطيفا مع الحزب، بينما يكون متشدداً للغاية حيال طهران؟
تشريع الضرورة “طار”؟
في هذا الوقت، بدأ البحث عن صيغ اخرى للتمديد لمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، بعدما وصل “البازار” مع “التيار الوطني الحر” الى “طريق مسدود”، وقد أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس، أنّه تمّ إرجاء جلسة مكتب مجلس النواب إلى موعد يُقرّر فيما بعد، مع تأكيد حق المجلس في التشريع كما حصل سابقًا، لكنه اضاف بان صيغة “الكابيتال كونترول” وفق ما صدر عن اللجان المشتركة يجب أن تُقرن بخطة شاملة، وبالتالي تقرّر إرجاء موعد مكتب المجلس إلى وقت لاحق. ووفقا للمعلومات، سأل الرئيس بري كافة اعضاء المكتب حول شرعية انعقاد الجلسة، فكان اجماع على قانونيتها، وهو امر اكد عليه ممثل “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان، وكذلك النائب الآن عون الذي كرر موقف تكتله السياسي بمقاطعة الجلسة. عندها وافق بري على اقتراح بوصعب تعليق الاجتماع الى موعد لاحق، رغبة منه في عدم تصعيد الموقف وتأزيم الاوضاع السياسية المعقدة اصلا. وقد اعتبر المكتب السياسي لحركة “امل”أن محاولات البعض القفز فوق الأزمات وقلق الناس لتعطيل دور المجلس النيابي التشريعي تحت عناوين ومسميات غير دستورية، لا تخدم المصلحة الوطنية واحتياجات الناس..
التمديد للواء ابراهيم؟
وقبل نحو اسبوعين على تقاعده، يتم التدقيق بالخيارات القانونية لتأجيل تسريح المدير العام للامن العام اللواء عباس اباهيم،كونه تابعاً لملاك الأمن العام عملاً بأحكام المادة 55 من قانون الدفاع الوطني، بعد استدعائه من الاحتياط إلى الخدمة الفعلية في الأمن العام. واذا كان ثمة ضرورة لصدور تشريع يسمح بالتمديد، وبما ان هذا المخرج متعثر، ثمة اتجاه إلى اصدار مرسوم عن الحكومة يوقعه الوزراء خلال جلسة استثنائية، أو بقرار من رئيس حكومة تصريف الاعمال يوقعه الوزراء المختصون، كما حصل حين تم تمديد ولاية قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي.
“الكباش” المصرفي -القضائي
وفي ظل حالة الاستعصاء القائمة بين المصارف وبعض القضاء، تم تأجيل الاجتماع في السراي الحكومي، الذي كان سيضم ميقاتي وحاكم مصرف لبنان ووزيرَي المال والاقتصاد إلى تاريخ يُحدّد لاحقًا، لإيجاد حلّ للملف القضائي الخاص بالمصارف والدعاوى بحقها، فيما اعلنت “جمعية المصارف” انها ما زالت مستمرة بالإضراب، وتجري مشاورات في “جمعية المصارف” لبحث كيفية التعاطي مع قرارات النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، التي قررت الادّعاء على بنك “سوسيتيه جنرال” ورئيس مجلس إدارته أنطوان الصحناوي، وكلّ من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال سنداً للمادة (8) فقرة ب (بند 1) من قانون رفع السرّية المصرفية، معطوفة على المادة الثالثة بند 1 من قانون تبييض الأموال رقم 2015/44 ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة سنداً للمادة (13) من قانون تبييض الأموال، وأحالت عون الملف إلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور طالبةً إجراء التحقيق وإصدار مذكرات التوقيف اللازمة.
بدوره ، اصدر بنك “سوسيته جنرال” بيانا قال فيه انه علم من خلال وسائل الاعلام أنّ القاضية غادة عون أصدرت قراراً قضى بالادعاء على كلٍّ من المصرف ورئيس مجلس ادارته بجرائم تبييض أموال ، وشدد على رفضه “رفضاً قاطعاً الاتهامات كافة الواردة في الشكوى والقرار الباطل المذكور، لعدم ارتكابه أيّة أعمال مخالفة للقانون، مؤكدا “تقيده التام والمطلق بكافة القوانين والأنظمة المرعيّة الاجراء في لبنان وفي العالم، لا سيمّا في اطار مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.
ميقاتي مصر على “التسوية”!
هذا التطور جاء بعد فشل المساعي التي يشرف عليها شخصيا رئيس حكومة تصريف الأعمال، والهادفة إلى ايجاد تسوية تحفظ “ماء وجه” الجميع، لكن تكليف ميقاتي رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات، مهمة احتواء”الكباش” لم يصل الى اي نتيجة، بعد رفض القاضية عون الاتهامات بانها تخالف الأصول والإجراءات المتبعة في الملاحقات القضائية، لكن ميقاتي لن يوقف مساعيه. ووفقا لمصادر بارزة فهو مصر على التسوية وسيعمل مع عويدات على ايجاد مخرج ملائم خلال اليومين المقبلين بما يسمح بعودة المصارف عن اضرابها.
وقد طالبت “جمعية المصارف” وقف التعقبات بجرم تبييض الاموال، لانها تضر بالعلاقة مع البنوك المراسلة، وطالبت ايضا بضرورة الحد من تأجيج عوامل الإثارة الإعلامية والشعبوية في مقاربة الملفات المطروحة، لانها تشكل ادانة مسبقة للمصارف بارتكاب جرائم مالية، لكن كل الجهود ذهبت “ادراج الرياح” مع الدعوى الجديدة للقاضية عون. واكدت الجمعية انها لن تفك الاضراب المعلن، وعبّرت عن اسفها لعدم معالجة الأسباب التي حملتها إلى إعلان إضرابها المفتوح، وأهمّها الملاحقات القضائية الخارجة كلياً عن الضوابط القانونية الإلزامية.
الرئيسية / صحف ومقالات / الديار: الهزات الإرتداديّة تزيد هلع اللبنانيين… والتسويات القضائيّة والتشريعيّة الى «نقطة الصفر».. تصعيد جديد في «الكباش» القضائي – المصرفي… وميقاتي يسعى الى تسوية خلال ساعات ؟.. باسيل يُدخل «تفاهم مارمخايل» في «موت سريري»… ولا حملة من حزب الله على اليرزة
الوسومالديار