كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: لم يكد يجفّ حبر الدراسة القانونية التي أعدّها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاستئناف مهامه وتحقيقاته في جريمة 4 آب، حتى فقدت “منظومة النيترات” أعصابها واتزانها النيابي والسياسي والقضائي والأمني، فانفجرت غضباً في وجهه ونسفته عن قيد الحياة القضائية، معتبرةً إياه “غير موجود عدلياً”، ليشكّل هذه المرة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات رأس الحربة القضائية في المعركة المفتوحة مع البيطار، بعدما أخذ بصدره وعلى عاتقه إبطال مفاعيل القرارات التي أصدرها بحق المخلى سبيلهم أو المدعى الجدد عليهم في القضية.
وإذ تبيّن أنّ عويدات ومعه القضاة غسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف، إلى جانب رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي وعضو المجلس غراسيا القزي، انضموا إلى اللواءين عباس وابراهيم وطوني صليبا في قائمة الادعاءات الجديدة، وبعدما حدّد المحقق العدلي تواريخ جلسات استجوابهم ومدعى عليهم سابقاً تباعاً بين 6 شباط و22 منه، استنفرت النيابة العامة التمييزية كامل طاقتها القضائية لإجهاض قراراته فخلصت إلى التعميم على الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ التبليغات وإخلاءات السبيل الصادرة عن القاضي البيطار باعتبارها “باطلة قانوناً”، وتولى النائب العام التمييزي نفسه مخاطبة البيطار بكتاب أعاد من خلاله التأكيد على “يده المكفوفة“.
وربطاً بتلويح عويدات علناً بأنه يعتزم المشاركة في اجتماعات مجلس القضاء الأعلى وتراجعه عن قرار التنحي عن متابعة قضية انفجار مرفأ بيروت وتجاوز صلة المصاهرة التي تجمعه بالمدعى عليه في القضية النائب غازي زعيتر، كشفت مصادر مواكبة لكواليس الفريق المناهض للبيطار أنّ هذا الفريق أعاد وضع مسألة تعيين “محقق عدلي رديف” على نار حامية خلال الساعات الأخيرة، موضحةً أنّ مجرد تأمين النائب العام التمييزي النصاب اللازم لانعقاد اجتماع مجلس القضاء للبحث في جدول أعمال لا ينحصر ببند التحقيق العدلي فإنّه سيصار إلى بتّ هذا البند بأكثرية بسيطة لسحب الملف من يد المحقق العدلي الأصيل لا سيما لناحية إطلاق جميع الموقوفين على ذمة التحقيق.
وعلى وقع تحذير المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من وجوب إنهاء “لعبة الابتزاز التي يقودها البيطار لأنّ البلد برميل بارود”، شنّ نواب “حزب الله” و”حركة أمل” هجوماً عنيفاً على المحقق العدلي في المجلس النيابي، ليعلو صراخ النواب حسين الحاج حسن وغازي زعيتر وعلي حسن خليل خلال اجتماع لجنة الإدارة والعدل إلى درجة وصل معها صدى صراخهم إلى “غرفة الصحافة” في المجلس، متهمين البيطار بأنه ينفذ “أجندة سياسية” وصولاً إلى وصفه على لسان زعيتر بـ”المريض”، ليخرج النائب مروان حمادة من الاجتماع بخلاصة وحيدة من مجريات الجلسة مفادها: “منيج اللي رحنا على المحكمة الدولية منذ 20 سنة“.
أما في مستجدات الملف الرئاسي، فاسترعى الانتباه أمس تأكيد المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي علي حسن خليل أنه “إذا جمع سليمان فرنجية 65 صوتاً من دون الكتلتين المسيحيتين فسنمضي به” لانتخابه رئيساً للجمهورية، وهو تصريح استفزّ الكنيسة المارونية فعلقت مصادرها عليه بالقول لـ”نداء الوطن”: “أن يعمد فريق معروف إلى تعطيل جلسات الانتخاب ويستعمل أسلوب الترغيب والترهيب من اجل ايصال مرشحه كائناً من كان، فهذه الوقاحة بعينها”، وأضافت: “هذا الفريق يستعمل فائض القوة لديه، ويفرض رئيس مجلس النواب من دون استشارة احد لكنه يقول للمسيحيين أنا من سأفرض رئيس الجمهورية، فلو كان هذا الفريق يحترم الدستور والديمقراطية ولا يفرط النصاب عندها لا مشكلة فليفز من يحصل على 65 صوتاً، لكن أن يعطّل كل فرص الانتخاب لإخضاع المسيحيين واللبنانيين فهذا أمر مرفوض وسنواجهه، إذ لا يمكن التعامل مع المكون المسيحي وسائر اللبنانيين وكأنّ زمن الاحتلال السوري قد عاد واستُبدلت عنجر بمن يملك فائض القوة والسلاح حالياً“.
مالياً، انعكست “عصفورية الفوضى” السائدة سياسياً واقتصادياً وقضائياً في البلد تسارعاً تصاعدياً في سعر صرف الدولار فأضحت عجلاته “بلا مكابح” وطار عالياً حتى بلغ مساء أمس حدود 55500 ليرة في السوق السوداء. وعلى الأثر عادت الاحتجاجات الى الشارع في بيروت والمناطق منذرةً بأنّ اللغم الاجتماعي بات على وشك الانفجار، وذلك في موازاة ارتفاع وتيرة التهديد بتسعير نار الإضرابات، لا سيما على صعيد الإدارة العامة والتعليم الرسمي وقطاعات أخرى مثل قطاع النقل البري المتأثر بارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى نحو مليون ليرة.
فبعد هدوء نسبي في الأشهر الماضية، بفعل زيادات الرواتب، عادت صرخات الموظفين في القطاعين العام والخاص لترتفع من جديد بعدما فقدت تلك الزيادات التي أقرت في موازنة 2022 أكثر من 50% من قيمتها مقابل الدولار في أقل من 4 أشهر. ويضاف إلى تلك الخسارة في قيمة الزيادة خسارة إضافية في القدرة الشرائية بالنظر إلى عاملين: الأول، ارتفاع اسعار السلع المستوردة من الخارج بفعل التضخم العالمي، وارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة للصناعة المحلية ما يرفع تالياً كلفة الانتاج المحلي وأسعاره. أما العامل الثاني فهو متعلق بالطريقة التي يمارسها التجار بزيادة الأسعار أعلى من ارتفاع الدولار، ويبررون ذلك بالتحوّط المسبق، لأن سعر صرف الليرة يتدهور باستمرار، وبات صعود الدولار على مدار الساعة، ما أفقد الليرة منذ بداية العام حتى الأمس نحو 30% من قيمتها.