كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: احتوت الحكومة اللبنانية الأزمة الناشئة عن اجتماعها الذي عقدته أمس، بحصر قراراتها بإقرار سلفة الكهرباء، وإرجاء الملفات الأخرى لجلسة أخرى تُعقد في وقت لاحق، في تدبير تجنبت فيه انسحاب بعض الوزراء الذين اشترطوا حصرية مشاركتهم بإقرار سلفة الكهرباء، فيما نفى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن يكون اجتماع مجلس الوزراء لأجل المناكفات أو لزيادة الشرخ في السياسة اللبنانية، مؤكداً حرصه على وحدة مجلس الوزراء.
ولم يحل رفض «التيار الوطني الحر» لاجتماع الحكومة واتهامها بأنها غير ميثاقية، دون اجتماعها أمس الذي شارك فيه 7 وزراء مسيحيين من أصل 12 وزيراً، إلى جانب 11 وزيراً يمثلون المذاهب الإسلامية، ما يعني «توفر الميثاقية في الجلسة» التي يُقصد بها تمثيل جميع المكونات، حسب ما قالت مصادر نيابية مواكبة، علماً بأن وزير السياحة وليد نصار شارك في الجلسة، وهو من المقربين من «التيار الوطني الحر»، رغم تأكيده أنه غير منتسب للتيار، و«لن يسبب حضوري أي خلاف مع رئيسه النائب جبران باسيل»، مؤكداً أنه عبّر عن رأيه خلال الجلسة.
وتجنبت الجلسة أي خلاف بين مكوناتها السياسية (التي وفرت انعقادها)، عبر حصر النقاش ببند سلفة الكهرباء، وذلك بعد تصريح لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، مساء الثلاثاء، قال فيه «إننا تمنينا أن تقتصر جلسة الحكومة على موضوع الكهرباء؛ لأنّه الأكثر إلحاحاً، ومن أجل تجنب التوتر السياسي»، في حين شارك المدير العام لمؤسسة «كهرباء لبنان» كمال حايك وعضو مجلس إدارة كهرباء لبنان طارق عبد الله.
وقال ميقاتي في ختام الجلسة: «ليفهم الجميع أنه عندما يجتمع مجلس الوزراء فهو لا يجتمع من أجل المناكفات، ولا لكي نزيد الشرخ في السياسة اللبنانية»، مضيفاً: «نحن نجتمع من أجل خدمة المواطن بكل ما للكلمة من معنى. نحن لسنا في صدد تأمين شيء لفريق ضد فريق آخر، بل من أجل أن نكون جميعاً مع بعضنا البعض، وأنا حريص على وحدة مجلس الوزراء الذي انعقد»، لافتاً إلى أن «الأجواء كانت مريحة جداً، وكان هناك تعاون فيما بيننا خلال الجلسة. ولأن تعاوننا جميعاً كان كاملاً، وكان أمامنا جدول أعمال موسع وجميع الوزراء كانوا متضامنين، وعبروا أن أي وزير يريد الانسحاب من الجلسة لأي سبب كان، كأننا جميعاً انسحبنا منها، من هنا بدأنا بجدول الأعمال والأهم فيه كان موضوع الكهرباء». وشدد ميقاتي على أنه «لا يجوز أن يحاول البعض استدراجنا إلى اصطفافات وسجالات أخرى، خاصة إذا كانت هذه السجالات طائفية أو ما شابه».
وفي ملف الكهرباء، قال ميقاتي: «إننا أنجزنا بداية الحل، وفي حال تمت معالجة هذا الملف نكون قد عالجنا أكثر من 50 في المائة من المشكلات التي يعاني منها اللبنانيون». وأعلن أن «ما توصلنا إليه هو الموافقة على سلفة 62 مليون دولار فيما يتعلق بالشحنة الأولى الموجودة»، كما أقر مبلغ 54 مليون دولار لموضوع الصيانة. أما الموضوعات الأخرى المطلوبة لحدود 300 مليون دولار «فبقيت معلقة، بناء لقرار لجنة وزارية مؤلفة برئاستي وتضم نائب رئيس الحكومة ووزراء الطاقة والتربية والأشغال العامة والداخلية والدفاع والعدل والثقافة»، مشيراً إلى أن «اللجنة ستجتمع دورياً للاطلاع من مؤسسة كهرباء لبنان على كل ما يلزم، لإبقاء هذا التشغيل قائماً».
وتابع ميقاتي: «لقد وافقنا اليوم على مبلغ 62 مليون دولار، وهو الاعتماد الأساسي المطلوب، ولو لم نوافق على هذا البند لكنا سنصل في نهاية الأسبوع من دون أن يكون لدينا نفط أبداً، خاصة مع تأخير وصول النفط من العراق».
ولفت ميقاتي إلى أنه «في بداية الجلسة احتج بعض الوزراء وطالبوا بدرس أمور حيوية تتعلق بالمواطن منها أمور تربوية وصحية ومسائل تتعلق بالنفايات واستيراد القمح والطحين، فاتفقنا على عقد جلسة قريباً، في الأسبوع المقبل أو ما بعده للبحث في كل هذه الملفات الطارئة التي يحتاج إليها المواطن».
وأكد: «إننا متفقون على وضع كل الأمور الطارئة والمستعجلة للنقاش والبت في مجلس الوزراء. فنحن لسنا هواة مشكلات ومناكفات، بل نتابع هذا الموضوع بكل مسؤولية».
وكان ميقاتي استهل الجلسة بمداخلة قال فيها إن «جلسة مجلس الوزراء تنعقد في سياقها الطبيعي؛ لأن ثمة قضايا أساسية تحتاج إلى عقد جلسة مجلس الوزراء لبتها، وهو أمر متعذر خارج الأطر الدستورية المعروفة، أو ببدع جرى اعتمادها في مرحلة الحرب لتسيير أمور الدولة في ظل الانقسام الذي كان سائداً».
وأكد «أن الحكومة الحالية، من موقعها الدستوري كحكومة تصريف أعمال، ليست في وارد الحلول مكان رئيس الجمهورية أو اعتبار أن البلد يمكن أن يستمر من دون رئيس. ومن المعيب تصوير الأمور بما يوحي وكأن الحكومة مسؤولة عن إطالة أمد الفراغ الرئاسي والتأخير بإنجاز هذا الاستحقاق الذي نعود ونكرر وجوب إنجازه في أقصى سرعة ممكنة، باعتباره مدخلاً إلزامياً لانتظام عمل المؤسسات الدستورية، ومدخلاً أيضاً لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وفقاً لقواعد الدستور».
وأكد ميقاتي: «إنني لستُ في وارد الدخول في سجالات لا طائل منها، أو الانزلاق للرد على ما قيل من كلام طائفي واستحضار لهواجس وعناوين لا وجود لها على الإطلاق إلا في أوهام البعض، والوزراء يمثلون جميع اللبنانيين، ومن المعيب أن يشكك أحد بوطنية وانتماء أي وزير وموقعه وكيانيته، فكل وزير له موقعه ضمن طائفته ورصيده ضمن الوطن». وقال: إن «قمة الميثاقية والشراكة واحترام الدستور هي أن يتحمل الجميع المسؤولية الوطنية. من هنا دعوتنا الدائمة هي للإسراع نحو التلاقي والتوافق من أجل انتخاب رئيس للجمهورية قادر على جمع اللبنانيين قبل فوات الأوان».
وكان الوزير نصار قال في مداخلته إن «حضوري الجلسة ليس مسايرة لجهة أو تحدٍّ لأي جهة أخرى، إنما لإصراري على الإدلاء رسمياً بموقفي اتجاه الجلسات وآلية صدور المراسيم»، مضيفاً أن «حضوري محصور فقط ببنود الكهرباء والسير بخطة الطوارئ ومناقشة الخطة مع مؤسسة كهرباء لبنان، واعتذاري بعد الانتهاء من البنود المذكورة ومغادرة الجلسة على الفور».
ولفت إلى أن «عدم حضور وزراء لا يعني أنّ معاناة المواطنين لا تعنيهم أكثر من الوزراء الحاضرين»، مشيراً إلى أن «إبداء اعتراضي وتحفظي على التعميم الذي تبلّغناه خلال الجلسة الخاص بآلية إصدار المراسيم وقناعتي وإصراري على الآلية الدستورية؛ حيث إنه خلال الفراغ الرئاسي الصلاحية مناطة بمجلس الوزراء مجتمعاً بالوكالة، والوكالة لا تُجزأ».