كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: نظرياً، لا شكّ في أنّ تعاميم حاكم المصرف المركزي تساهم في إعادة لجم سعر صرف الدولار كلما “جنّ جنونه”، فيبادر إلى فتح خزائن الخزينة لضخّ جرعة إضافية من دولارات المودعين في سوق “صيرفة” لكبح جماح سوق “الصيارفة“، فيتراجع السعر ويتخدّر الناس لبعض الوقت حتى ينتهي مفعول الجرعة تحت تأثيرات لعبة العرض والطلب ليعاود الدولار قفزاته التصاعدية مجدداً خارقاً سقوفاً جديدة ومسجلاً رقماً قياسياً جديداً على حساب الليرة.
وهنا عملياً، يكمن بيت القصيد وراء الغاية من “الشعوذات المالية” المتّبعة في عمليات منصة “صيرفة”، بحسب تعبير أحد الخبراء الماليين، مؤكداً أنّ هذه المنصة أوجدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في سبيل “لمّ الدولارات من السوق وليس لضخّها فيها”، بخلاف ما توحي تعاميمه، إذ إنّ ما يقوم به هو أشبه بـ”السحر الأسود الذي يستخدمه لتعذية السوق السوداء بالدولارات، بدايةً عبر إغراء المواطنين بشراء الدولار من المصارف على تسعيرة صيرفة لبيعه بتسعيرة الصرافين وتحقيق ربح من الفارق الضئيل بين التسعيرتين، فيسارع بعدها “المركزي” إلى جمع الدولارات بسعر الصرف المنخفض من السوق قبل أن يعود السعر إلى الارتفاع مجدداً… وهكذا دواليك منذ نشأة “صيرفة” على تسعيرة 12 ألف ليرة حتى بلغت اليوم مستوى 38 ألفاً“.
وخلال مخاض ضخ الدولار وسحبه من السوق، تخلق هذه الحركة المالية البهلوانية بلبلة في الأسواق سرعان ما ترتد سلباً على المواطن فيدفع أضعاف ما حصّله من ربحية “صيرفة” ثمناً لتغطية تكاليف حياته، معيشياً ومالياً واقتصادياً، كما يحصل في السوبرماركات وكما حصل أمس مع عودة الطوابير إلى محطات الوقود على خلفية إشكالية رفض المصارف تزويد أصحاب المحطات بدولار “صيرفة”، فحُرم اللبنانيون من التزوّد بالوقود على أساس جدول الأسعار الصادر عن المديرية العامة للنفط الذي سجّل تراجعاً في تسعيرة تنكة البنزين بعدما رفعت المحطات خراطيمها، على أن تعاود أعمالها اليوم بموجب جدول أسعار جديد يلحظ تسعير التنكة على أساس دولار السوق السوداء.
وفي الغضون، يواصل أصحاب الربط والحل في السلطة السياسة تفقير اللبنانيين وتجويعهم وهدم كل مقومات صمودهم في مواجهة تداعيات الأزمة، حتى أضحى “الوطن في خطر والشعب يتلقى الضربات” وفق ما حذر البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، في معرض تنديده باستمرار تعطيل الاستحقاق الرئاسي بما يشكله من مدخل ومعبر إلزامي لحلحلة سائر الأزمات التي تعصف بالبلد، مبدياً في هذا المجال رفض بكركي مواصلة “الأخذ والرد” و”الطريقة الخطأ” التي تنتهجها الكتل النيابية في عملية انتخاب الرئيس.
وتزامناً، سُجّل أمس أعنف هجوم من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على “محور الممانعة” المعرقل للانتخابات الرئاسية، واصفاً تعطيل هذا المحور لانتخاب رئيس الجمهورية بأنه “عمل في غاية الحقارة يضرب الديمقراطية والوطنية ولبنان”، لكنه شدد في الوقت عينه على أنّ ما يحصل اليوم في الاستحقاق الرئاسي “ليس بسبب جبروت محور الممانعة إنّما بسبب ضعف من كان يجب عليهم تحمّل مسؤولياتهم ويرفضون القيام بذلك”، وأضاف: “جلّ ما في الأمر أنّنا بحاجة الى أشخاص يتحمّلون مسؤوليتهم، وعلى المواطنين الذين يكتوون يومياً بنار الأزمة أن يطلبوا من النائب الذي اقترعوا له بصفته صاحب الوكالة النيابيّة، التصويت في الانتخابات الرئاسيّة لرئيس جدّي يعيد الحق الطبيعي الى موقع رئاسة الجمهوريّة”، مع الإشارة إلى أنّ “الفريق الآخر يقوم بشلّ انتخابات الرئاسة لأنه يريد رئيساً يكون في خدمته، رئيساً له وليس رئيساً للبنانيين، وهذا ما يقصده عندما يقول نريد رئيساً “منرتحلو“، في حين أنّ ما نريده هو إراحة البلاد وليس إراحة هذا الفريق“.
أما على مقلب الفريق الآخر، فبرزت مساءً إطلالة للرئيس السابق للجمهورية ميشال عون عبر شاشة “أو تي في” جدد خلالها التصويب على رئيس مجلس النواب نبيه بري بوصفه المسؤول الأول عن حماية الفساد في الجمهورية، فأكد أنّ “بري وأتباعه” عرقلوا عهده ومنعوه من الإصلاح، مستعرضاً قائمة من “18 بنداً” قال إن من عرقل إنجازها هو “رئيس المجلس النيابي الذي حكم محل القضاء واعتدى على أنظمة الحكم متجاوزاً صلاحياته التشريعية“.
وفي المقابل، حرص عون على التزام الصمت إزاء أي سؤال يتعلق بالعلاقة مع “حزب الله”، واكتفى بالإشارة إلى أنّ “جلسة المصارحة مع الحزب لازم تصير مع جبران” باسيل، كاشفاً على العلن للمرة الأولى أنّ تفاهم مار مخايل “جبران عملو” مع “حزب الله”، واليوم يريد تعديله وتطويره “وأنا أؤيده في ذلك“.