كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: تنعقد الجولة الانتخابية الثانية بعد الشغور والسابعة على مضمار السباق الرئاسي اليوم في ساحة النجمة من دون أي تبديل في خارطة المواقف النيابية بين جبهة التصويت للنائب ميشال معوض وجبهة “الأوراق البيض” و”حرق الأصوات“، لتكون النتيجة تكراراً لمشهدية عرقلة الانتخاب في الدورة الأولى وتطيير النصاب في الدورة الثانية، إنفاذاً لأجندة قوى 8 آذار الهادفة إلى تعطيل إنجاز الاستحقاق حتى يطمئن “حزب الله” إلى وصول مرشح على شاكلة “ميشال عون أو إميل لحود” إلى قصر بعبدا.
ولا شك أنّ “متلازمة العرقلة والتعطيل” ستكون السمة الأبرز لحيثية استقبال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في باريس، حيث كشفت مصادر مواكبة لأجواء الزيارة أنّ المسؤولين الفرنسيين يسعون لإنضاج “تسوية رئاسية عاجلة قبل نهاية العام وكان لا بد بالتالي من محاولة إقناع باسيل بالسير بها بوصفه يجسد العقبة الأكبر أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، نظراً لكونه يمنع حتى حلفاءه من ترشيح سليمان فرنجية علناً للرئاسة”، موضحةً أنّه بحسب تقدير المسؤولين في باريس “نتيجة مشاوراتهم الدائمة مع كل الأطراف اللبنانية بما يشمل “الثنائي الشيعي” فإنّ تقصير عمر الشغور مرتبط عضوياً بتذليل هذه العقبة الأساسية“.
وبعيد وصوله إلى باريس، نقلت المصادر معلومات تفيد بأنّ رئيس “التيار الوطني الحر” حمل معه إلى العاصمة الفرنسية “طرحاً يقوم على إنتاج سلة متكاملة لإنهاء الشغور الرئاسي، تشمل الاتفاق المسبق على اسم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتشكيلتها وأجندة عملها في المرحلة المقبلة”، غير أنّ المصادر أكدت في المقابل على كون المسؤولين الفرنسيين ليسوا في وارد الخوض في أي “مقايضة” على رئاسة الجمهورية مع باسيل أو سواه “فالمطلوب اليوم إنهاء الشغور أولاً عبر انتخاب رئيس جديد من ضمن سلة أسماء مطروحة قادرة على إحداث التوافق اللبناني – اللبناني وإعادة التواصل العربي والدولي مع لبنان، ثم تشكيل حكومة جديدة تستطيع الشروع فوراً في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإنقاذ البلد“.
وفي هذا الإطار، كشفت المصادر المواكبة أن “الفرنسيين أبلغوا باسيل منذ لحظة وصوله أنّ إطالة أمد الشغور قد يؤدي الى تفاقم الأزمات وتدهور الأمن الاجتماعي في لبنان ما سيرتد عليه عكسياً من خلال تعزيز حظوظ وصول مرشحين يرفض وصولهم إلى رئاسة الجمهورية، وبالتالي كانت النصيحة الفرنسية له أنّ يقبل بأن يكون ناخباً فاعلاً في الاستحقاق الرئاسي بدل أن يفوته قطار التسوية الرئاسية الذي يجري التحضير جدياً لانطلاقه في وقت قريب”، مشيرةً إلى أنّ “قنوات التواصل الديبلوماسية مستمرة بين باريس و”حزب الله” في هذا الصدد والأمور تسير في الاتجاه الصحيح لإنهاء الشغور في أسرع وقت ممكن“.
وعن الظروف المحيطة بالزيارة، أفادت المصادر أنّ تحديد موعدها أتى “بوساطة قطرية” نتيجة المحادثات التي كان قد أجراها باسيل مع المسؤولين في الدوحة، بحيث استفاد من عنصر دخول قطر الفاعل في ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل وعملية التنقيب عن النفط والغاز “لشبك الملفات ببعضها عبر طلبه من المسؤولين القطريين لعب دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بينه وبين الفرنسيين في الملف الرئاسي“.
لكن وبخلاف ما كان يطمح إليه أتى جدول لقاءاته في باريس “تحت سقف هذه الطموحات” خصوصاً بعدما لم يتمكن من الاجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والاكتفاء بتحديد مواعيد له مع عدد من النواب الفرنسيين بالإضافة إلى المستشار الرئاسي باتريك دوريل ومسؤولين آخرين في “خلية الأزمة اللبنانية“.
وكان باسيل قد التقى في يوم زيارته الأول أمس مجموعة من الصحافيين اللبنانيين والفرنسيين والأجانب، ونقل إعلاميون شاركوا في اللقاء أنه كان شديد الحرص على “رفض تسجيل حديثه ورفض الخوض في أي أسماء مرشحة للرئاسة“، بينما لفت انتباههم أنه عندما سئل من أحد الصحافيين عن احتمال وصول قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى رئاسة الجمهورية، آثر عدم الإجابة مباشرةً على السؤال مكتفياً بـ”حركة إيمائية برأسه” تدل على “تهميش هذا الاحتمال والاستهزاء به“.