كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: في محاولة منهم لتشكيل «كتلة معارضة وازنة»، عقد عدد من النواب اللبنانيين المستقلين الذين اختار معظمهم الاقتراع لصالح النائب ميشال معوض، اجتماعاً أمس (الثلاثاء) في مجلس النواب، وذلك استكمالاً للقاء الذي عقد قبل أسبوعين في مقر حزب «الكتائب اللبنانية» أكدوا في نهايته على أن الأولوية تبقى لانتخاب رئيس للجمهورية.
الموقف نفسه أكد عليه النواب في اجتماع أمس، حيث كان تشديد «على ضرورة كسر جدار التعطيل والاتجاه فوراً لانتخاب رئيس ورفض الغوص في جلسات تشريعية لأنها تكريس للشغور الرئاسي»، كما تقرر تشكيل لجنة متابعة من النواب لرفع مستوى التنسيق والتحضير للمرحلة القادمة.
وشارك في الاجتماع 19 نائباً يمثلون 32 نائباً مستقلاً وتغييرياً ومنضوياً في كتل «الكتائب» و«تجدد» و«مشروع وطن» و«الائتلاف النيابي المستقل»، بحثوا خلاله آلية الخروج من الأزمة السياسية المستعصية التي أدخلت البلاد في أتون الشغور الرئاسي في ظل واقع اقتصادي ومعيشي مرير مترافق مع تعطيل شامل لمختلف مؤسسات الدولة وإداراتها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان».
وأعطى المشاركون في هذا اللقاء «الأولوية المطلقة لكسر جدار التعطيل والاتجاه فوراً لانتخاب رئيسٍ للجمهورية كمدخل لإعادة انتظام المؤسسات تطبيقاً للدستور وإنقاذاً للبنان»، محذرين «من خطورة الغوص في جلسات تشريعية تكون عاملاً في تكريس الشغور الرئاسي، كما تقرر تشكيل لجنة متابعة من النواب لرفع مستوى التنسيق والتحضير للمرحلة القادمة»، وفق مصادر المجتمعين.
وإذا كانت العناوين العريضة التي يطرحها هذا اللقاء تتقاطع في معظمها مع تلك التي ترفعها كتل معارضة أخرى، أبرزها حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» اللذان يدعمان بدورهما معوض، فإن عدم دعوتهما للاجتماع كان بسبب حساسية الوضع بالنسبة إلى عدد من النواب الذين يصنفونهما ضمن أحزاب السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى أن هدف الاجتماعات تأسيس كتلة معارضة ثالثة وازنة، يكون لقرارها دور أساسي في الاستحقاقات المقبلة بعيداً عن الكتل الأخرى وإن كانت تتقاطع معها في مقاربة بعض الملفات وسيتم التنسيق معها في مقاربة الاستحقاقات في هذه المرحلة، وفق ما تقول مصادر نيابية مشاركة في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط».
في المقابل، تؤكد مصادر في «القوات» انفتاحها الدائم للتنسيق والحوار مع كل أفرقاء المعارضة لكنها تشدد في الوقت عينه على أن الهدف ليس تأسيس جبهة سياسية إنما الأهم هي الأهداف التي تجمعهم، مع تذكيرها بأنه لا يمكن تغييب «القوات» أو «الاشتراكي» اللذين من دونهما لا يمكن للمعارضة أن تفعل شيئاً كما أنهما لا يمكنهما فعل شيء بمفردهما، وبالتالي تشدد بمعزل عن الشكليات على أن «الأهم هو الجوهر والمضمون والهدف الذي يتم العمل عليه والدفع باتجاه مواقف مشتركة».
في موازاة ذلك، جدد «الاشتراكي»، على لسان رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، التأكيد أنهم سيواصلون انتخاب معوض لرئاسة الجمهورية، وذلك بعد لقائه أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي، معلناً «الوقوف إلى جانبه في المطالبة بمؤتمر دولي».
وهذا الموقف عبّر عنه أيضاً النائب في «الاشتراكي» وائل أبو فاعور بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث قال إن «الهاجس الأساسي والأولوية التي لا تتقدم عليها أولوية أخرى هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأي منطق يستسيغ الفراغ أو يجافي فكرة التسوية التي يجب أن نصل إليها لانتخاب رئيس جديد، هو منطق غير مقبول وغير مسؤول، ولا يأخذ في عين الاعتبار حجم المعاناة التي يعيشها المواطن اللبناني».
وعن تعليقه عما أعلنه النائب محمد رعد بأن «حزب الله» عازم على إيصال من يريد إلى الرئاسة، قال أبو فاعور: «أي منطق سياسي يرفع من سقف مطالبه، ولا يأخذ في الاعتبار فكرة التسوية هو منطق لا يأخذ في الاعتبار حقيقة الأوضاع التي يعيشها اللبنانيون، كي لا أقول بأنه منطق غير مسؤول. المسؤولية تحتم علينا جميعاً البحث عن المشترك وعن التسوية لأن الإصلاح الجذري والفعلي لن يكون إلا عندما يتم ترميم هيكل الدولة، وهذا يعني رئيس جمهورية وحكومة جديدة وبرنامج إنقاذ اقتصادي واجتماعي للخروج من الأزمة التي نحن فيها، وليست فضيلة لأي طرف منا أن يقول هذه شروطي ولن أقبل إلا بها».
وعن التسوية، قال أبو فاعور: «نحن منفتحون على التسوية ولدينا مرشح ندعمه، ونعتقد بأنه مطابق للمواصفات التي نأمل أن تتوفر في رئيس الجمهورية. فليطرح الفريق الآخر خياراته بدلاً من التصعيد الإعلامي».
وأمس، جدد رعد التأكيد في حفل تأبيني على أن «حزب الله» «يريد رئيساً لا يطعن المقاومة في ظهرها ويعرف أهمية دور المقاومة في الدفاع عن لبنان وسيادته وأمن شعبه»، مشيراً إلى أن هناك «عدداً من المرشحين للرئاسة يعتبرون أن أمن لبنان واستقراره وحفظ كيانه مرهون برِضى الإدارة الأميركية أو بأن يكون لبنان مُنفتحاً بالعلاقات الدولية على كل الدول والأصدقاء».
وتوجه رعد إلى الحاضرين بالقول: «الصراع بالشكل حول مقعد رئيس الجمهورية لكن في المضمون هو صراع حول مصيركم بأن تبقوا في هذا البلد أو تُهجروه أو أن يستبيح عدوكم البلد أو أن تأمنون في بلدكم».