كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: لم يكن انفعال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في “شيطنة” ثورة اللبنانيين ضد النظام عام 2019 بعيداً عن امتدادات “شيطنته” لثورة الإيرانيين ضد نظامهم عام 2022.. بهذه الخلاصة لخّصت أوساط سياسية قراءتها للمسار التصعيدي الواضح الذي دشّنه نصرالله في إطلالته المتلفزة الأخيرة بانتظار اتضاح الصورة أكثر حيال ما سيؤول إليه مسار الضغوط المتصاعدة على طهران داخلياً وخارجياً في المرحلة المقبلة.
ومن هذا المنظار، اعتبرت الأوساط نفسها أنّ مقاربة “حزب الله” لملف الرئاسة لا يمكن أن تكون معزولة عن النظرة إلى مجريات التطورات في المنطقة “بعيون إيرانية” لا سيما بعدما بدأت ملامح تحريك دولي للمياه الراكدة في أزمة الاستحقاق الرئاسي، معتبرةً أنّ “شطحة” رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد التي شددّ فيها بشكل فجّ على أنّ “حزب الله” عازم على إيصال “من يريد” إلى قصر بعبدا “لم تكن رسالة للداخل بقدر ما كانت رسالة للخارج” في مقابل ما تواتر من معلومات عن سعي باريس لإنضاج توافق دولي – عربي حول سلةّ أسماء تضم بعض المرشحين الرئاسيين المحتملين الذين يتمتعون بالمواصفات السيادية والإصلاحية المطلوبة في سدة الرئاسة الأولى.
ورأت الأوساط السياسية أنّ تصعيد “حزب الله” مواقفه من الاستحقاق الرئاسي، انطلاقاً من رسم أمينه العام “خطوطاً حمراً” حول المرشح المقبول وغير المقبول من جانب “الحزب” وصولاً إلى تأكيد رئيس كتلته البرلمانية أنّه لن يكون هناك رئيس للجمهورية إلا الذي يريده “الحزب”، إنما هو تصعيد يختزن في خلفياته محاولة هادفة إلى رفع سقف التباينات في المواقف اللبنانية الداخلية لإطالة أمد الشغور ريثما يظهر “الخيط الأبيض من الأسود” في توجهات الإدارة الأميركية غداة الانتخابات النصفية وحسمها الموقف النهائي حيال مصير الاتفاق النووي ليُبنى تالياً على الشيء مقتضاه في عملية “شد الحبل الرئاسي أو إرخائه” في لبنان.
أما على مستوى الرسائل الداخلية لمواقف “حزب الله”، فممّا لا شك فيه أنها “توزعت بين الحلفاء والخصوم على حدّ سواء”، وفق تعبير الأوساط، فمن جهة رجحت كفة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية على كفة رئيس “تيار الوطني الحر” جبران باسيل في ميزان ترشيحات “حارة حريك”، ومن ناحية أخرى تعمّد نصرالله من خلال تعليبه مواصفات العهد الرئاسي المقبل ضمن إطار استنساخ مزايا “العهد اللحودي أو العوني” في الدفاع عن سلاح “حزب الله”، أن يردّ على الجهود المبذولة التي تبذلها قوى المعارضة لتوحيد صفوفها والتي بدأت تنتج ارتفاعاً ملحوظاً في حاصل الأصوات النيابية لصالح مرشحها النائب ميشال معوّض، برسالة مختصرة إلى الخصوم مفادها أنه “لن يكون هناك رئيس للجمهورية لا يغطي سلاح “حزب الله” ولو حاز على أكثرية الثلثين في المجلس“.
وفي الغضون، احتدم الكباش خلال الساعات الأخيرة بين جبهتي السلطة والمعارضة حول مسألة التشريع في زمن الشغور الرئاسي ربطاً بإصرار تكتلات نيابية وازنة على إبقاء الهيئة العامة في حالة انعقاد دائمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الخوض في أي جلسات تشريعية، وهو ما عبرت عنه مصادر نيابية لـ”نداء الوطن”، مؤكدةً أنّ الاجتماع الذي سيعقده عدد من النواب في ساحة النجمة اليوم سيقارب هذه المسألة من زاوية “رفض المحاولة المكشوفة لشقلبة الأولويات في عمل المجلس والتي يحب أن تتصدرها راهناً أولوية انتخاب رئيس للجمهورية“.
ومن المنطلق نفسه، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أمس أنّ كتلة “الجمهورية القوية” لن تشارك في أي جلسة تشريعية قبل إنجاز الاستحقاق الرئاسي “باعتبار أنّ أولوية المجلس الحالي فقط هي الاجتماع لانتخاب رئيس”، منتقداً في المقابل المواصفات التي وضعها “حزب الله” للإتيان برئيس جمهورية “يحمي ظهر المقاومة ووضعيتها الحالية ويترك الأوضاع على حالها”، وذكّر بأنّ “حزب الله” من موقعه الحالي “السبب الرئيسي بخراب البلد فهو تحالف مع كل الفاشلين والفاسدين للحفاظ على موقعه (…) فيما نحن نسعى إلى إيصال رئيس إنقاذي ينتشلنا من أتون الأزم“.