كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : على رغم من التوقعات المتشائمة إزاء الجلسة النيابية للانتخاب الرئاسي المقررة غداً فإن الكتل النيابية، او بعضها على الاقل، تحاول الايحاء من خلال حراكها واجتماعاتها انّ لحظة حسم المواقف والخيارات قد اقتربت، فيما المناخ السائد سياسياً ورئاسياً يكتنفه الغموض المشفوع بالانتظار على رصيف الاستحقاق الى ان تأتي «كلمة السر» التي يبدو انّ اصحابها يتريّثون في إمرارها، أو انّ الصفقة التي يعدونها ومن ضمنها لبنان لم تكتمل عناصرها بعد.
دخلت البلاد زمن الانتظار والمراوحة الفعلية ومن اليوم وصاعداً، وسينضم الافلاس السياسي الى الافلاس النقدي في انتظار قرارات لن تأتي في المدى المنظور.
وقال مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية» إن «التواصل والتشاور بين الكتل السياسية حتى الحليفة منها سيُصابان بالشح فكيف بين الكتل المختلفة بين بعضها البعض والشلل سيعمّ البلاد على كل الاصعدة؟». وأضاف «ان الحراك الدائر على ضفاف الاستحقاق الرئاسي لن يكون الا مضيعة للوقت وتفاصيل لا طعم لها لأن كل الطرق تؤدي الى الطاحون والطاحون هنا «لا رئيس».
ورأى المصدر نفسه «ان اضواء جلسات الانتخاب ستخفت لتبقى الاصطفافات على حالها مع فارق ان التغييريين هم اول من اصابهم سلاح التغيير في جسومهم وتحوّلوا «مجموعة شبيبة « لكل منهم ارتباطاته الطائفية والسياسية وحساباته الشخصية». واضاف: «إنتهينا من الاستعراضات التي سادت الجلسات السابقة والمواقف وعُدنا الى الارض حيث هناك حقيقة واحدة يمكن تلخيصها بعبارة «لا رئيس للبنان الآن».
وقلّل المصدر من جدية التهويل بتوترات امنية يمكن ان تملأ الفراغ السياسي قائلا: «الوضع الامني مستقر والبلد يعيش في كل ازمنته على هذه الحال ولن يتغير شيء الآن… وقد اعتدنا الدخول في ثلاجة الانتظار».
رسالة تحذيرية للنواب
ووسط المراوحة المستمرة في الملف الرئاسي والتي ستكرّسها جلسة الانتخاب المقررة غداً، واصَل الدولار مساره التصاعدي مُتخطياً مرة أخرى سقف الأربعين الف ليرة.
وأبلغت اوساط واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» ان هناك مؤشرات تفيد أن جهات دفعت في اتجاه صعود الدولار مجددا كنوع من «القصاص» أو الرسالة التحذيرية للنواب الذين اعترضوا على قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالتغيّب عن جلسة اللجان النيابية المشتركة التي كانت مخصصة لمناقشة قانون «الكابيتال كونترول» وتكليفه احد نوابه بتمثيله، الأمر الذي اعتبره بعض اعضاء اللجان إهانة لهم.
واشارت الاوساط الى ان سلامة سيغيب على الارجح عن جلسة الاثنين المقبل المقررة لاستكمال النقاش في القانون، ما يضع هيبة المجلس النيابي أمام اختبار جديد.
أولوية ماكرون
في هذه الاجواء برز موقف فرنسي يستعجل انتخاب رئيس جديد عبّر عنه الرئيس ايمانويل ماكرون خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش «مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27»، المنعقد في مركز المؤتمرات في مدينة شرم الشيخ المصرية، حيث تم البحث في المساعي الفرنسية لمعالجة الاوضاع اللبنانية. وشدد الرئيس الفرنسي على «أولوية اجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية لانتطام عمل المؤسسات».
والتقى ميقاتي ايضا الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، وجرى البحث في ما اذا كانت الامم المتحدة يمكنها القيام بمسعى لدفع عملية انتخاب رئيس جديد للبنان.
صلاحيات الحكومة
في هذه الاثناء بحث رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مع السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو المستجدّات، وأبلغ اليها أن «صلاحيات الحكومة الحالية لا تتعدى تصريف الأعمال، وأي محاولة لتوسيع هذه الصلاحيات تشكّل من جهة مخالفة للدستور ومن جهة ثانية إطالة متعمدة للفراغ في رئاسة الجمهورية».
الى ذلك شدد تكتل «لبنان القوي»، خلال اجتماعه الدوري برئاسة باسيل أمس، على «ضرورة ان تلتزم حكومة تصريف الأعمال التزاما تاما بالدستور لجهة حصر صلاحياتها بتصريف الأعمال بالمعنى الضيّق للكلمة، اي الامتناع عن عقد جلسة لمجلس الوزراء وعن اتخاذ اي اجراء آخر غير دستوري».
ولفت الى أن «مجلس النواب في جلسته التشريعية الأخيرة اكد ان حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وقد اعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التزامه بذلك خلال الجلسة المذكورة».
وأوضح أنه «يقوم بكل ما يلزم لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً للمعايير الميثاقية، واذا كان البحث عن اسم المرشح الأفضل لهذه المرحلة يتطلب حوارا وتواصلا ونقاشا جديا بين الكتل، فإنّ التكتل غير مستعد ان يشارك في اي محاولة لإضاعة الوقت خدمة لحسابات اي طرف لأهداف شعبوية».
وأكد أن «التصويت بالورقة البيضاء كان هدفه ولا يزال افساح المجال امام التوافق وليس تكريس العجز، كما ان التكتل ليس من هواة الدخول في بازار حرق الأسماء، وبالتالي فإن الكتل النيابية مدعوة لملاقاتنا في منتصف الطريق والاجابة على ورقة الأولويات الرئاسية التي حملناها اليها، وبالتالي تحديد اسماء المرشحين الذين يمكن أن يجسّدوا بشخصهم وسلوكهم وتاريخهم ما ننتظره ممّن نريدهم ان يتبّوأوا المركز الأوّل في الدولة».
رئيس يَجمع
وفي سياق الاستحقاق الرئاسي لفت امس اجتماع عقد في منزل النائب محمد سليمان في بيروت ضمّه الى النواب: فؤاد مخزومي، أشرف ريفي، وليد البعريني، بلال الحشيمي، أحمد الخير، عبد الرحمن البزري، عماد الحوت، عبد العزيز الصمد ورامي الفنج. ودعا المجتمعون الى «التمسك بالمسلمات الرئيسية بالحفاظ على الدستور والطائف لصَون المؤسسات والحفاظ على هوية لبنان العربية». وأكدوا «أهمية وحدة الصف لناحية مواجهة الاستحقاقات الدستورية وأولها انتخاب رئيس للجمهورية قادر على جمع اللبنانيين وانتشال البلد من أزماته».
إجتماع مغلق
من جهة ثانية أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية تمار زاندبرغ، شاركت في اجتماع مغلق في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، مع ممثلين عن عدة دول لا تعترف بإسرائيل، بما في ذلك لبنان والعراق».
ولفتت إلى أنّ «الاجتماع في شرم الشيخ هو جزء من قمة المناخ COP27 التي افتتحت يوم الأحد. والتقت زاندبرغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، بالإضافة إلى مسؤولين من العراق وعمان والأردن».
واعتبرت الصحيفة أنّ «اللقاء بين مسؤول في الحكومة الإسرائيلية ومسؤولين من لبنان وفلسطين نادر للغاية. وتم ترتيب الاجتماع من قبل المسؤولين القبارصة والمصريين»، وبحسب مصادر الصحيفة، فإن «هذا هو أول اجتماع إقليمي رفيع المستوى بمشاركة إسرائيلية بشأن تغير المناخ».
ميقاتي ينفي
لكن المكتب الإعلامي لميقاتي، قال «يتمّ التّداول الإعلامي بخبر مشاركة وزيرة إسرائيليّة في ورشة عمل متخصّصة في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، ضمّت ميقاتي إلى جانب وفدَي العراق وفلسطين». وأوضح أنّ «الاجتماع الموسّع تمّ بدعوة من رئيسَي مصر وقبرص وفي حضورهما، وبمشاركة دوليّة وعربيّة واسعة، على غرار سائر فاعليّات «مؤتمر المناخ»، ولم يتخلّله على الإطلاق أيّ تواصل مع أيّ مسؤول إسرائيلي»، مشيرًا إلى أنّ «الضجّة التي يفتعلها الإعلام الإسرائيلي في مؤتمرات كهذه باتت معروفة الأهداف».
قمة المناخ
وكان ميقاتي قد قال في كلمته امام قمة المناخ ان «لبنان يعدّ من البلدان الشديدة التأثر بتأثيرات تغير المناخ»، واكد انه «على الرغم من كل التحديات التي تواجهنا، خَطت الحكومة اللبنانية خطوات كبيرة في استجابتها لمكافحة التغير المناخي، كجزء من التزاماتنا الوطنية التعاون مع الدول الاخرى».
وقال: «لقد بات تأثير تغيّر المناخ على الموارد الطبيعية في لبنان جَلياً للجميع، فقد تسببت حرائق الغابات في البلاد في الاعوام الماضية في حرق مساحات شاسعة من للغابات. واننا على يقين ان لم نكسر دورة الاحتباس الحراري، فإننا نتوقع حرائق غابات أكثر وأسوأ في السنوات المقبلة». واضاف: «إن لبنان ملتزم اعطاء الأولوية لتدابير التكيف، مثل مكافحة التصحر وإدارة الموارد المائية ومساعدة المزارعين على زيادة قدرتهم على الصمود في وجه تأثيرات المناخ خلال العقد المقبل».
ولفت الى ان «لبنان كان من أوائل الدول العربية التي طوّرت خطة عمل لدعم الطاقة المتجددة عام 2010، وبات يمتلك آليات تنظيمية متطورة لهذه الغاية مقارنة بالعديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكن بسبب التحديات الهائلة التي واجهت البلاد مثل الأزمة الاقتصادية ووباء COVID-19 وانفجار مرفأ بيروت والكوارث البيئية، فإنّ استثمار ما قيمته 6.7 مليارات دولار في الطاقة المتجددة يمكن أن يُنهي نقص الكهرباء في لبنان. لذلك، عملنا على انشاء مرفق لبنان للاستثمار الأخضر وندعو الدول والجهات المانحة للمساهمة بدعمه وتمويله».
مسؤولة أميركية
من جهة ثانية قالت السفارة الأميركيّة في لبنان، في بيان، انّ المسؤولة الإدارية الاميركية سامانثا باور وصلت إلى لبنان امس في زيارة تستغرق ثلاثة أيام «ترتكز على تقديم الدعم للشعب اللبناني، لا سيما أولئك المتضررين من الأزمة الاقتصادية والإنسانية، حيث أن أكثر من نصف الأسَر اللبنانية في حاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الغذائية، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب حرب بوتين ضد أوكرانيا، كما لذلك تأثير سلبي على ملايين اللاجئين الذين يواصل لبنان استضافتهم».
واضاف البيان: «ستواصل باور، خلال زيارتها، الضغط مع الحكومة اللبنانية ورجال الأعمال الكبار في اتجاه تنفيذ إصلاحات وسياسات عاجلة، كما ستلتقي مع الذين يعملون على مكافحة الفساد وتعزيز القطاع الخاص. وستلتقي الطلاب اللبنانيين والسوريين واللاجئين والمقيمين السوريين من المجتمعات المضيفة اللبنانية لنقل دعم الولايات المتحدة الأميركية المستمر».
وذكر البيان انّ باور «ستزور المشاريع التي تقوم بها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID التي تهدف إلى بناء أنظمة غذائية مستدامة ومشاريع متعلة بالطاقة المتجددة لتوفير مياه الشرب للمجتمعات المحتاجة، وتسليط الضوء على جهود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمعالجة آثار تغيّر المناخ قبل سفرها إلى شرم الشيخ، مصر لحضور (COP27)»..