كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : يعيش رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أحلى أيامه” متنقّلاً بين العواصم العربية حاكماً منفرداً بأمر الدولة بعدما ووري العهد العوني تحت ثرى الشغور، فيعقد اللقاءات الرئاسية ويتصدّر صورة المشهد الرسمي اللبناني في الخارج إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تاركاً وراءه حسرة في قلب جبران باسيل وهو يشكو للسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو عسر هضمه للوضع الحكومي القائم في جلسة “نميمة” موصوفة ضد حكومة ميقاتي لن تقدّم ولن تؤخّر في الحسابات الفرنسية.
إذ وبينما كان باسيل يصبّ كلّ تركيزه على التحريض على حكومة تصريف الأعمال سواءً أمام السفيرة الفرنسية أو خلال اجتماع تكتله النيابي مقابل التعمية على دوره المحوري في عملية عرقلة الاستحقاق الرئاسي وإطالة أمد الشغور في سدة الرئاسة الأولى عبر تأكيده المضيّ قدماً في لعبة “التصويت بالورقة البيضاء” في صندوق الاقتراع غداً، كان الرئيس الفرنسي يستعرض مع ميقاتي على هامش مؤتمر “كوب 27” المساعي الفرنسية لمعالجة الأوضاع اللبنانية، مؤكداً “أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية لانتظام عمل المؤسسات”.
وكشفت مصادر مواكبة للمساعي الفرنسية في هذا المجال أنّ باريس “لا تقبل أن تقف متفرجة أمام انسداد الأفق الرئاسي، وقد بدأت تكثيف اتصالاتها مع القوى اللبنانية الرئيسية والفاعلة في سبيل جوجلة بعض الأفكار والطروحات التي من شأنها أن تصبّ في مصلحة تسريع إنجاز الاستحقاق الرئاسي”.
وأوضحت المصادر لـ”نداء الوطن” أنه لا توجد حتى الساعة “مبادرة فرنسية محددة المعالم تجاه الأزمة الرئاسية إنما تحركات ضاغطة على مختلف الأطراف المعنية للحؤول دون إدخال لبنان في متاهات خطرة تقوده إلى المجهول في حال استمر الفراغ الرئاسي لمدة طويلة”، مشيرةً إلى أنّ “الفرنسيين يواكبون عن كثب التطورات اللبنانية، وهم إن كانوا حريصين على أن تبقى عملية انتخاب رئيس الجمهورية لبنانية بحتة باعتبارها استحقاقاً لبنانياً داخلياً يقع على عاتق المجلس النيابي إنجازه، لكنهم في الوقت عينه يعملون عبر قنوات اتصالاتهم المفتوحة مع مختلف المكونات السياسية اللبنانية على استمزاج الآراء حيال سلّة أسماء من المرشحين الرئاسيين التي تراعي المواصفات الإنقاذية المطلوبة بشكل يؤمن التوافق اللبناني الداخلي ولا يتعارض مع تطلعات المجتمع العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية تحديداً ونظرتها لمتطلبات الإصلاح ومكافحة الفساد في لبنان”.
وكشفت المصادر في هذا السياق أنه “في أعقاب اللقاء الفرنسي – السعودي – الأميركي الأخير في باريس، وبالاستناد إلى فحوى النقاش الذي تخلل اللقاءات الثنائية الفرنسية – السعودية خلال المرحلة الماضية حيال الملف اللبناني، بدأت باريس طرح سلة أسماء قابلة لتأمين تقاطعات لبنانية – دولية – عربية لتولي سدة رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة، وفي مقدمها قائد الجيش العماد جوزيف عون والوزير السابق زياد بارود، فضلاً عن طرح اسم وزير شمالي سابق يعتبر على مسافة واحدة من الجميع ويصنّف في خانة الشخصيات الفاعلة في مجموعات الثورة”، غير أنّ المصادر أكدت أنّ الأمور في هذا السياق لم تتعدّ بعد مرحلة “جسّ النبض” بانتظار تبلور صورة الاتصالات والمشاورات أكثر على خط باريس – بيروت.
في الغضون، استرعى الانتباه أمس الهجوم الإعلامي الذي شنّه “حزب الله” على رئيس حكومة تصريف الأعمال هرباً من “عقدة التطبيع” التي تلازم “الحزب” نتيجة إبرام اتفاقية الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل في الجنوب، فوجد في مشاركة ميقاتي في اجتماع حضرته وزيرة إسرائيلية في مؤتمر المناخ المنعقد في شرم الشيخ، مناسبةً لتحميل رئيس الحكومة مسؤولية منح الإسرائيليين فرصة “الاستثمار بهذه السقطة” من خلال دفع “إعلامهم وسياسييهم للحديث عن صورة تطبيعية مع لبنان من خلال صورة للاجتماع داخل قاعة واحدة”، حسبما جاء في نشرة “المنار” معتبرةً أنّ الدولة اللبنانية كانت بغنى عن هذه “المواقف الارتجالية بتداعيات تشويشية” التي “تسببَ بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لنفسه ووطنه”.
وكان ميقاتي قد سارع عبر مكتبه الإعلامي إلى التنصّل من شبهة التطبيع مشدداً في مقابل ما “يتم التداول الاعلامي” به عن خبر مشاركة وزيرة إسرائيلية في “ورشة عمل متخصصة في مؤتمر المناخ في شرم الشيخ” ضمت إلى ميقاتي “وفدي العراق وفلسطين”، على كون هذا الاجتماع أتى بناءً على دعوة “من رئيسي مصر وقبرص وبحضورهما وبمشاركة دولية وعربية واسعة، على غرار سائر فاعليات “مؤتمر المناخ”، موضحاً أنه لم يتخلل الاجتماع “على الاطلاق أي تواصل مع أي مسؤول إسرائيلي”، مع التذكير بالأهداف المعروفة لـ”الضجة التي يفتعلها الإعلام الإسرائيلي في هكذا مؤتمرات”.