كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: بين امتصاص “بهدلة الأسد” بطيب خاطر واستقبال السفير السوري علي عبد الكريم “معزّزاً مكرّماً” والتوسط لديه السعي لدى قيادته في دمشق إعادة النظر بطلب استقبال وفد بعبدا، وبين “الاستئساد” على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وتعنيفه أمام الإعلاميين المعتمدين في القصر باعتباره يحرم “التيار الوطني” من حقوقه الوزارية المكتسبة… طوى رئيس الجمهورية ميشال عون صفحة جديدة من روزنامة أيامه الرئاسية الأخيرة، تميزت بإماطة اللثام أخيراً عن قناع “حصة الرئيس” التي لطالما توارى خلفها الوجه الحقيقي لعقدة التأليف على امتداد التشكيلات الحكومية، فبدا عون في موسم توزيع الأوسمة الرئاسية كمن يقلّد جبران باسيل “وسام التشكيل” عبر تشديده علناً على وجوب أن يمنحه ميقاتي ما يريده كشرط موجب لإصدار مراسيم التأليف، تحت طائل تجديد التهويل على حكومة تصريف الأعمال بافتقارها إلى الصلاحيات التي تخولها “ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية“.
وعلى موجة بعبدا نفسها، تعرضت السراي الحكومي لرشقات نارية معادية من مربض “ميرنا الشالوحي” تقصد من خلالها باسيل التصويب بالمباشر على رأس حكومة تصريف الأعمال ورئيسها، متهماً إياه بتنفيذ “عملية سطو” على رئاسة الجمهورية وتعمّد أخذ البلد عن سابق “إدراك ووعي” إلى الفتنة، وتوعد باسيل بالتصدي لميقاتي و”المجزرة الدستورية” التي سيرتكبها في حال عدم مسارعته إلى تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العهد. أما الرئيس المكلف، فتعامل ببرودة أعصاب فائقة مع هجمة العهد وتياره مستخفاً بحملة التهديد والتهويل المتجددة عليه، ومستحرماً “الضرب بالميّت” بعدما ألقى نظرة الوداع الأخيرة على الولاية العونية في القصر الجمهوري.
وكان الرئيس المكلف قد بدأ نهاره أمس بلقاء رئيس الجمهورية واكتفى لدى انتهاء اللقاء بردّ تهكّمي على استفسار الصحافيين عن وعده السابق بالمبيت في بعبدا حتى التأليف قائلاً: “نقلوا كل شي على الرابية ما بقى في محل نام”، ثم اختتم يومه بالاستخفاف بحدّة الهجوم الإعلامي الذي شنّه عليه رئيس “التيار الوطني”، فترفّع عن الردّ على “الكلام الانفعالي” الذي صدر عن باسيل وما تضمنه من “إطلاق الاتهامات والمواقف جزافاً، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز”، على اعتبار أنّ “الأنسب في هذا الظرف الصعب هو التعاون بين أعضاء مجلس النواب ومنهم السيد باسيل لانتخاب رئيس جديد للبلاد“.
وفي خضمّ هذه المشهدية، رفضت أوساط مواكبة للملف الحكومي التسليم بانتهاء “فرصة التأليف” مؤكدةً أنها لا تزال سانحة وستبقى متاحة “حتى آخر ساعة” من الولاية الرئاسية، موضحةً أنّ الوسطاء مستمرون بجهودهم بمعزل عن احتدام السجال الرئاسي والسياسي والإعلامي، لتعرب الأوساط في هذا السياق عن قناعتها بأنّ الأمور ليست مقفلة بالشكل الذي تبدو عليه، وأنّ حلحلة العقد المستعصية ممكنة في حال صفت النيات وصدقت الوعود المقطوعة باستعداد الجميع لتدوير الزوايا في سبيل تأمين ولادة حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على مواجهة التحديات وتحمّل المسؤوليات في مرحلة الشغور الرئاسي.
توازياً، وبينما الساعات المقبلة ستشهد طغيان عملية إبرام اتفاقية الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل على شريط الأحداث اللبنانية، تستعد السلطة لوصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت اليوم تمهيداً لتسليم المسؤولين اللبنانيين غداً نص مذكرة الترسيم الأميركية التي سيتم التوقيع عليها من قبل كل من الجانبين اللبناني والإسرائيلي في رأس الناقورة.
وعشية اجتماع الناقورة، استرعى الانتباه إعلان الحكومة الإسرائيلية منحها الإذن لشركة “إنيرجين” للبدء بعملية استخراج وإنتاج الغاز من حقل “كاريش“، حسبما نقلت وكالة “رويترز”، في وقت أنهت قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب استعداداتها اللوجستية والعسكرية والأمنية لاستضافة حفل التوقيع على اتفاقية الترسيم الحدودي البحري بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي غداً في الناقورة بحضور الوسيط الأميركي والقائد العام لقوات “اليونيفل” الجنرال الإسباني أرولدو لاثارو، وسط تأكيد معلومات موثوق بها أنّ “حزب الله” اشترط مسبقاً التعتيم الإعلامي على مراسم توقيع اتفاقية الترسيم مع إسرائيل، وطلب من السلطات اللبنانية التشديد على منع تواجد الإعلاميين في حفل الناقورة وحظر التقاط أي صورة فوتوغرافية خلاله.