كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: عنوان المرحلة الحالية، هو السباق مع الوقت، فإمّا أن يضيع وتضيع معه فرص النّجاة، وإمّا يُستثمر عليه لالتقاط هذه الفرص، أو بالأحرى، المقدور عليه من هذه الفرص، قبل أن تفلت من اليد وتعبر مُخلّفة خلفها تخبّطاً في الخيبة والندم.
عقارب الساعة الحكومية عالقة في لعبة “شدّ حبال”، محكومة لمزاجية عجيبة تؤجج هذا الملف وفق ما تشتهي، تارة تلبس ثوب الحمل الوديع المتعفّف، فيشدُّ هذا الملف الى الامام بما يوحي ان ولادة الحكومة قد حانت، ولكنها تارة اخرى، سرعان ما تخلع عنها هذا الثوب، وتبرز حقيقتها كولادة اشتراطات تعطيلية، فتقطع كل حبال التفاؤل وتشدّ هذا الملف من جديد الى الوراء وتعيده الى نقطة الصفر.
وعقارب الساعة الرئاسية، “مكرسحة” في مربع الانقسام، وتضييع الوقت بالمناكفات التي تضرب الاستحقاق الرئاسي في صميمه، وتسد كل الطرق المؤدية الى إتمامه بصورة طبيعية، وتشرّع الباب لرمي موقع رئاسة الجمهورية في مهب فراغ لا أفق له.
وعقارب الساعة المالية والاقتصادية، تبدو كأنها تجرّعت منشّطات تدفعها بتسارع لا مثيل له، نحو انهيارات اضافية، ونذرها الجديدة بدأت تتجلّى في المنحى الخبيث الذي بدأت تسلكه الغرف السوداء المتحكمة بلعبة الدولار، وتحضر في ما يبدو الى رفعه الى مستويات خيالية، وها هو قد بدأ اليوم يطرق باب الاربعين الف ليرة، بالتزامن مع ترويجات الى قفزات مخيفة تلوح في أفق هذه اللعبة، التي تواكبت مع تحليق مرعب لأسعار السلع والحياتية والاستهلاكية.
وعقارب ساعة المودعين، مصطدمة بمحميات المصارف، او بالاحرى العصابات الساطية على اموال اللبنانيين، الذين لم يعد أمامهم اي سبيل سوى استرداد ودائعهم او جزء منها بالقوة وارغام المصارف على ردّها، على غرار ما جرى في الفترة الاخيرة وآخرها أمس، ما يؤكد بما لا يقبل ادنى شك انه امام عصيان المصارف على اموال المودعين، فمثل هذه الحالات ستتكرر أيّاً كانت نتائجها وعواقبها، وفق ما تؤكده جمعية المودعين.
واما عقارب الساعة البحرية فتؤشّر الى اقتراب موعد توقيع الاتفاق النهائي على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، كتتويج للايجابيات التي اغرقت هذا الملف مع الطرح الاميركي، الذي قُدّم كأثمن فرصة لطَي هذا الملف، وانصراف الجانبين الى ما يكتنز بحر كل منهما من ثروات وغازية ونفطية.
أيام حاسمة حكومياً
بالنسبة الى ما خص الاستحقاق الحكومي، فالرئيس المكلف نجيب ميقاتي قال انه لن يألو جهداً في تشكيل الحكومة الجديدة، وعلى ما يؤكد معنيون بهذا الملف لـ”الجمهورية” انّ الطبخة الحكومية الجديدة نسفت في آخر لحظة، حيث انها كان يفترض ان تولد نهاية الاسبوع الماضي او مطلع الاسبوع الجاري على أبعد تقدير، خصوصاً ان كل الامور كانت منتهية ولم يبق سوى اعلان ولادة الحكومة، الا ان جملة شروط برتقالية عادت الى البروز في آخر لحظة، وأحبطت كل هذا المسار.
وكشف هؤلاء المعنيون انّ الصيغة الحكومية كانت سالكة بتغييرات طفيفة تطال ثلاثة او اربعة وزراء باتوا معروفين (وزراء الاقتصاد والمهجرين والمال)، الا ان الشروط الجديدة تفضي الى خلط التركيبة الحكومية من جديد، بما ينسف التشكيلة المقدمة من الرئيس المكلف، عبر استبدالات متعددة وإدخال وجوه جديدة تشكّل “محميات” للبعض داخل الحكومة، بما يحبط الهدف من تشكيلها كحكومة متجانسة، وكفريق عمل واحد، ويُفقدها عنصر القوة في التصدي للأزمة وتسيير شؤون البلد في اكثر مراحله صعوبة.
وبقدر ما وجدت اوساط الرئيس المكلف في هذه الشروط إصراراً على تعطيل مسار التأليف، بالقدر نفسه وربما اكثر كانت هذه الشروط المفاجئة صادمة للوسطاء الذين، وبحسب معلومات “الجمهورية”، عادوا الى التحرّك المكثف من جديد سعياً لرفع هذه الشروط من طريق الحكومة، خصوصاً ان الوقت، وكما تقول مصادر مسؤولة لـ”الجمهورية”، اصبح اكثر من ضيّق، والمدى المُتاح لتأليف حكومة جديدة كاملة المواصفات والصلاحيات لا يتعدّى اياماً معدودة سقفها الأبعد الاسبوع المقبل. فإن تألّفت خير للبلد، وإن لم تتألف فمعنى ذلك سقوط البلد في فراغين حكومي ورئاسي، مفتوحَين على شتى الاحتمالات السلبيّة، التي سترتد بآثارها الوخيمة على مجمل الملفات الداخلية.
واكدت المصادر انّ ما استجدّ في ملف الترسيم البحري، يفرض الاستعجال بتشكيل حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات تواكب تطوراته مع الحديث الذي يبدو جديا عن قرب توقيع الاتفاق النهائي حوله بين لبنان واسرائيل، حيث انه في ظل فراغ حكومي ورئاسي، قد لا يكون هذا الملف بمنأى عن التأثيرات السلبية التي سيدفع ثمنها لبنان. وتبعاً لذلك فإنّ وضعنا اليوم دقيق وحساس جدا، ما يوجب علينا ان نختار بين امرين، فإمّا ان نبدأ بالعد التنازلي الايجابي نحو تأليف حكومة تدير البلد بعناية ومسؤولية في هذه المرحلة، وامّا ان نبدأ العد التنازلي نحو السقوط في المحظور الذي ستكون كلفته باهظة على الجميع، وعلى البلد بالدرجة الاولى.
وعُلم أنّ ميقاتي سيزور بكركي اليوم للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
الرئاسة.. متاهة
امّا على الخط الرئاسي، فالباقي من عمر ولاية الرئيس ميشال عون هو 25 يوماً، ليس ما يؤشّر خلالها الى حدوث معجزة تنجي الاستحقاق الرئاسي من المصير الذي يبدو محتوما، بالسقوط في مهب فراغ رئاسي مديد اعتباراً من اول تشرين الثاني المقبل.
الاستحقاق الرئاسي بات اشبه بمتاهة بلا مخارج، كل طرف يُعلي سقفه، ويورّم نفسه، ويطرح مواصفات ملزمة للآخرين، على حلبةٍ قراره محدود جدا فيها، او بمعنى أدق لا قرار له فيها. وفي هذه المتاهة يُحضّر رئيس مجلس النواب نبيه بري نفسه للدخول ضمن ما تبقى من مهلة الستين يوما او بعدها، الى مسلسل طويل من الدعوات الى جلسات جديدة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، نتائجها معلومة سلفاً في هذا الجو الاتقسامي، عنوانها فشل اطراف الصراع الداخلي في انتخاب رئيس.
مصادر سياسية مسؤولة تؤكد لـ”الجمهورية” ان لا مجال لعبور الاسحقاق الرئاسي بصورة طبيعية وسلسة في حقل سياسي مزروع بالصراعات والتناقضات، كما لا قدرة لأي من الاطراف على فرض رئيس على الاطراف الاخرى، ومن هنا ليس امام المكونات السياسية والنيابية سوى سلوك واحد من طريقين، الاول سلوك طريق التصعيد كما هو الحال اليوم، وهذا يعني سَوق البلد الى الفراغ الرئاسي، وقد عشنا تجارب فراغ سابقة كانت نتائجها وخيمة على البلد، واما الظرف اليوم فمختلف، حيث ان العواقب قد تكون اكثر سلبية ليس فقط على موقع الرئاسة الاولى، بل ربما على شكل النظام ومستقبل البلد. واما الثاني، فسلوك طريق الواقعية والموضوعية، الذي يوصِل حتماً الى التوافق على شخصية ملائمة لرئاسة الجمهورية، تعبر الى الرئاسة الاولى على صهوة إجماع او شبه إجماع داخلي. والسبيل الوحيد الذي يحقق ذلك هو الجلوس على الطاولة، والخروج من خلف منصات الكيدية ومنابر المزايدات. وخلاف ذلك سيبقينا حيث نحن خلف المتاريس.
ورداً على سؤال عما اذا كان بعض المكونات الداخلية ينتظر “كلمة سر” خارجية لإطلاق سراح الاستحقاق الرئاسي، اكدت المصادر المسؤولة “انّ جملة اعتبارات تحكم الاستحقاق الرئاسي منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي تتجلّى في نصائح كثيرة تَرد من الفرنسيين والاميركيين بالتعجيل بالتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية. قد يكون في ذهن البعض انتظار “كلمة سر” من مكان ما، فإن صح ذلك، وهو صحيح، فكلمة السر هذه تُلزم من يتلقاها وحده، ولا تلزم الآخرين بها. الا اذا كان ثمة من ينتظر ان تستجد ظروف خارجية ضاغطة لفرض رئيس من لون سياسي معيّن، فلا احد يضمن في هذه الحالة الى اين يمكن ان يُقاد البلد.
وتخلص المصادر المسؤولة الى القول: لنكن موضوعيين وعاقلين، فلو كانت “كلمة السر” الخارجية هي مفتاح الاستحقاق الرئاسي وذات مفعول إلزامي لكل اطراف الداخل لما تأخّرت حتى الآن، ولأُوحِي بها منذ زمن وتم الاستحقاق الرئاسي استجابة لها. لذلك لنوفّر على أنفسنا عناء الانتظار، ونشرع في البحث عن كلة السر التي تجمعنا وتُمكننا من صياغة تسوية لمصلحة البلد، جوهرها الجلوس على الطاولة والتوافق على رئيس.
في سياق متصل، برز موقف لمجلس المطارنة الموارنة، حيث طالبَ في بيانه الشهري امس، بتشكيل حكومة، معتبراً انه “لا يجوز أن يبقى التكليف من دون تأليف ولو لفترة قصيرة باقية من عمر العهد. وتمنى على المعنيّين بموضوع الحكومة “تسهيل عملية التشكيل وعدم استغلال هذا الإجراء الدستوري لتسجيل نقاط في السياسية”، لافتاً الى “انّ أي تغيير ننتظره هو أن تأتي شخصيات قادرة على النجاح وكسب ثقة الرأي العام، من دون سيطرة أي حزب على الحكومة الجديدة”.
وحول الاستحقاق الرئاسي أشار المجلس الى انه تابع باهتمام عقد جلسة المجلس النيابي الخاصة بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، وما أسفرت عنه. معلناً انه وإذ ينظر بإيجابية إلى الجولة الانتخابية الأولى وما اتصَفت به من تقيّدٍ بالأصول الديمقراطية، دعا السادة النواب، ولا سيما رئيس المجلس النيابي، إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهوريّة ضمن المهلة الدستوريّة، يكون قادرًا على بناء وحدة الشعب اللبنانيّ وإحياء المؤسّسات الدستوريّة وأجهزة الدولة، وتعزيز عمليّة الإصلاحات المطلوبة”.
مجموعة الدعم
الى ذلك، أكدت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان “أهمية انتخاب رئيس جديد ضمن الإطار الزمني الذي نَصّ عليه الدستور. رئيس يكون بمقدوره توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الفاعلين الإقليميين والدوليين كافة على تجاوز الأزمة الاقتصادية والإنسانية بما يخدم المصلحة العامة من خلال البدء الفوري في تمهيد الطريق لتطبيق إصلاحات شاملة والتوصّل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
ورأت، في بيان، أنه “في إطار التركيز الراهن على الانتخابات الرئاسية، فمن المهم أيضاً تشكيل حكومة جديدة ذات صلاحيات تمكّنها من تنفيذ الإصلاحات الضرورية المطلوبة”. واعتبرت أنّ “الوقت حان للسياسيين اللبنانيين للتوصّل على نحو عاجل إلى توافق وطني واسع يُجنّب البلاد فراغاً متعدد المستويات في السلطة التنفيذية”.
ولاحظت مجموعة الدعم الدولية بقلق عدم إحراز تقدّم كاف في تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب اتفاق 7 نيسان على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي، ولا سيما التأخير في اعتماد التشريعات المناسبة بشأن الكابيتال كونترول والسرية المصرفية وإصلاح القطاع المصرفي، فضلاً عن التأخير في اتخاذ القرارات المتعلقة بتوحيد أسعار الصرف واستعادة عافية القطاع المالي. لذلك، دعت مجموعة الدعم الدولية السلطات إلى الإسراع في جهودها لاستكمال جميع تلك الخطوات التي لم تحسم بعد.
ودانت مجموعة الدعم الدولية عدم إحراز تقدّم حتى الآن في الإجراءات القضائية المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت. ودعت المجموعة السلطات اللبنانية إلى بذل كل ما في وسعها لإزالة أي عقبات أمام إتمام تحقيق نزيه وشامل وشفاف. وشددت على أن أهالي الضحايا والشعب اللبناني يستحقون معرفة الحقيقة وإرساء العدالة من دون مزيد من التأخير.
“صرخة المودعين”
إلى ذلك، نفذت جمعية “صرخة المودعين” إعتصاماً أمام مصرف لبنان، حيث قام المعتصمون بإشعال الإطارات أمام البوابة رقم 3 للمصرف، ورفعوا لافتات كُتب عليها “الآتي أعظم”، “كفى هيركات على الودائع” و”هي معركة بين أصحاب الحقوق ومغتصبيها” وغيرها. وطالب المعتصمون المصرف المركزي بـ”القيام بدوره وإجبار المصارف على تحسين سقف الدفعات الشهرية للمودعين”.
الترسيم.. متى الخواتيم؟
وفي موازاة الاستحقاقين الحكومي والرئاسي المعطّلين، يبرز الاستحقاق البحري المتمثّل بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. حيث انّ لبنان أكمل قسطه حيال هذا الطرح الاميركي وطرح ملاحظاته عليه من خلفية ايجابية قابلة بهذا الطرح وأودعها الجانب الاميركي بمضمون يؤكد الثوابت اللبنانية برفض اي شراكة مالية مع العدو الاسرائيلي وعدم اعتبار ما حصل معاهدة مشتركة بين دولتين، وعدم الربط بين الترسيم البري والبحري كما بالنسبة الى المنطقة الآمنة التي تجاهلها التفاهم الجديد وتركها الى مرحلة لاحقة”.
واللافت في هذا السياق ما تعكسه الديبلوماسية الاميركية حيال هذا الامر، حيث تؤكد أن اتفاق الترسيم بين لبنان واسرائيل ستكون له فوائد ايجابية على الصعيد الأمني في المنطقة”، معتبرة “أنّ الاتفاق سيقلّص التوترات بين لبنان وإسرائيل وبشكل مقدمة لمفاوضات جديدة في المستقبل من شأنها أن تشيع الاستقرار في المنطق”.
وتلفت الديبلوماسية الاميركية الى انّ واشنطن أدّت دورا كبيرا في التواصل بين الطرفين وساهمت جدياً للتوصّل الى ما تم التوصّل اليه من اتفاق يفترض ان لا يتم تضييعه من قبل الدولة في لبنان، فمن دون الوساطة الأميركية كان لبنان سيحرم من التنقيب واستخراج الغاز والنفط، علماً انه يمرّ بأزمة اقتصادية ومالية تستدعي أخذها بعين الاعتبار، لا سيما أن اتفاق الترسيم يصبّ في مصلحة لبنان كما في مصلحة إسرائيل”.
في هذا الوقت توالى الترحيب الخارجي بالتقدم في ملف الترسيم وآخره من وزارة الخارجية الاردنية التي اعتبرت “انّ التقدم الذي حققته “الجهود الاميركية لترسيم الحدود بين الجمهورية اللبنانية الشقيقة واسرائيل، سيتيح للبنان الاستفادة من حقول الغاز في البحر الابيض المتوسط، ومواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق الامن والاستقرار، بحسب ما أوردت وكالة الانباء الاردنية.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير هيثم أبو الفول، “دعم الأردن لكل الخطوات التي تصب في مصلحة لبنان الشقيق وتخدم أمنه واستقراره، ووقوف الأردن الكامل مع لبنان الشقيق للتصدي للتحديات التي يواجهها”.
الموقف الاسرائيلي
على انّ تبلور الخيط الابيض من الخيط الاسود في هذا الملف، ينتظر جلاء الصورة الاسرائيلية في ظل الاجواء الانقسامية حيال هذا الملف بين المستويات السياسية الاسرائيلية، والسجالات المحتدمة بين الحكومة الاسرائيلية والمعارضة.
واعتبرت صحيفة “يديعوت” انّ الاتفاق “حل وسط معقول بين مواقف الطرفين التي كان بعضها على ما يبدو لأغراض المفاوضات فقط”، مشيرة الى انه “وفقاً للتسوية المتوقعة، ستنتج إسرائيل الغاز من حقل كاريش، بينما لبنان من حقل صيدا المجاور، الذي يقع معظمه بالفعل في أراضيها وفقاً للحدود المعرّفة في الاتفاق (“خط 23”). شركة “انيرجيان” ستبدأ قريباً باستخراج النفط من كاريش؛ وبعد بضع سنوات ستكون على مسافة 5 كيلومترات من الطوافة التي نصبتها هناك طوافة أخرى للشركة إيّاها، تنتج الغاز من حقل صيدا.
واشارت الصحيفة الى وجود سلوك إسرائيلي رافض وعديم الرؤيا، يشبه موقف حكومات إسرائيل المختلفة في مواضيع أخرى أيضاً. فالمسألة ليست متشابهة في أهميتها للطرفين. قيمة الغاز في الحقل “اللبناني” تقدّر بنحو 20 مليار دولار. هذا ليس مبلغاً لا شأن له، لكن في إسرائيل، التي يزيد الناتج المحلي الخام لديها عن 400 مليار دولار، فإنّ المداخيل من مردودات الغاز في هذا الحقل – أقل من نصف المبلغ على مدى سنوات غير قليلة – لن تغيّر كثيراً الواقع الاقتصادي. في المقابل، وبالنسبة للبنان المنكوب الذي انخفض ناتجه المحلي الخام بنحو النصف في السنوات الأخيرة ويبلغ نحو 35 مليار دولار في السنة، وأكثر من نصف سكانه يعرفون بأنهم يقفون على شفا الجوع، فإنّ هذه المليارات تعدّ بشرى كبرى حتى وإن كانت ستصل بالتدريج بعد بضع سنوات فقط”.
الى ذلك، كتب موقع “ريسبونسيبل ستايتكرافت” انّ “رد فعل كل من لبنان وإسرائيل كان إيجابياً على الاقتراح الأميركي لحل النزاع الحدودي البحري بين الخصمين اللدودين، ممّا يشير إلى أنه يمكن التوصل إلى اتفاق أخير. وإذا نجحت الاتفاقية، فستكون أول انتصار كبير لسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط. ومع اقتراب موعد الانتخابات في لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة، لا يمكن أن يأتي نجاحها في وقت أفضل لجميع الأطراف المعنية.
وبحسب تقرير نشره موقع “المونيتور” فإنه في إطار جهوده للفوز في انتخابات الأول من تشرين الثاني المقبل، فإنّ زعيم المعارضة في إسرائيل بنيامين نتنياهو، مستعدٌ لنسف إتفاق بين إسرائيل ولبنان، حيث انه قبل أقل من شهر من الانتخابات الأكثر أهمية في حياته، يبدو كأنه قد فقد عقله. فسلوكه أصبح غريباً، وهو يحاول جاهداً أن يظهر بمظهر طبيعي لكنه في الحقيقة يوغِل عميقاً في النهاية التي وضع نفسه فيها.
ونقل الموقع عن مصدر أمني إسرائيلي أن رئيس الوزراء السابق يُسبب ضرراً استراتيجياً صريحاً لإسرائيل “إنه يعلم أن الإتفاق الإسرائيلي اللبناني مهم جداً. وهو يعلم أيضاً أن جميع الخبراء الأمنيين من دون استثناء يدعمون هذا الإتفاق. ويعلم أن إسرائيل لم تتنازل إلا عن القليل مقابل الإستقرار والأمن الإقليميين”.
واشار الموقع الى انه من الواضح أنّ محاولات نتنياهو لتشويه سُمعة لابيد بأنه “خائن يبيع موارد إسرائيل الطبيعية لأمين عام “حزب الله” حسن نصرالله” لا أساس لها من الصحة. وقد أوضح العديد من الخبراء الأمنيين مؤخراً أن إسرائيل وافقت بالفعل على خط ترسيم أقرب إلى تفسير لبنان لمدى مياهه الإقليمية منه إلى حدودها الخاصة، لكنها فعلت ذلك من منطلق اعتبارات أمنية واقتصادية واضحة تتعلق بفعالية التكلفة. ويقول الخبراء إن تنازل إسرائيل للبنان عن “خزان غاز صغير” لم يتم اكتشافه رسمياً بعد، هو تنازل بسيط مقارنة بالمزايا التي يوفّرها مثل هذا الإتفاق.