يعيش لبنان ساعات حاسمة لجهة ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية. الرد اللبناني الذي أُرسل إلى الولايات المتحدة من خلال السفيرة دوروثي شيا يحمل بعض الملاحظات الشكلية التي لا تمس بالمضمون وفق ما أعلن المعنيون في وقت سابق، ومن المفترض ألا تنسف الاتفاق، بانتظار القرار الإسرائيلي الذي سيصدر بعد اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي الأمني السياسي المصغر يوم الخميس.
يستعجل الطرفان اللبناني والاسرائيلي إنجاز الملف بدفع أميركي غير مسبوق لجملة من الأسباب السياسية، الاقتصادية، وأخرى مرتبطة بالمهل الدستورية، خصوصاً وأن تل أبيب على موعد مع انتخابات غير مضمونة النتائج نهاية الشهر، ولبنان على موعد مع فراغ على مختلف الصعد مع توقّع غياب التوافق لإنجاز الاستحقاقات.
على عكس الموقف الموحّد الذي صدر عن لبنان في هذا الإطار، فإن الموقف الإسرائيلي كان منقسماً بين مؤيّد للاتفاق، وهذا الطرف مؤلّف من رئيس الحكومة يائير لابيد وفريقه، وبين معارض، ويرأس هذه الجبهة زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، المرشّح للعودة إلى منصب رئاسة الحكومة في حال فاز في الانتخابات المقبلة، وبالتالي يبقى الملف في مهب ريح الرفض الإسرائيلي. إلّا أن الضغط الأميركي سيلعب دوراً لضمان التوقيع والالتزام، خصوصاً بعد الجهد الذي بذله مبعوث واشنطن آموس هوكشتاين.
في الملف الداخلي اللبناني، يبقى الاستحقاقان الأساسيان ينتظران البت بهما بعد تحقيق التوافق بين الأطراف السياسية الفاعلة، وهما انتخابات رئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة. رئاسياً، لا توافق بعد بين المكونات على اسم مؤهّل للموقع، وفريق 8 آذار لم يحدّد مرشحّه بعد، كما أن المعارضة لم تجتمع بأكلمها خلف اسم ميشال معوّض، ما يعني أن الملف مؤجّل. أما حكومياً، فبعد التقدّم الذي حصل قبل أيام، عادت وتلبّدت الأجواء، ولم يعد التشكيل مضموناً قبل انتهاء العهد.
مصادر سياسية كشفت ان شروط رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تتعدّى تغيير بعض الوزراء، وهو يشترط فرض بندين أساسيين وهما مرسوم التجنيس الذي سبق ورفضه كل من ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي، بالاضافة الى ملف التعيينات في العديد من المراكز والادارات، معتبرة أن هذا هو جوهر المشكلة والكباش الحكومي.
في هذا السياق، أشار عضو تكتّل “لبنان القوي” النائب آلان عون إلى أن “لا تأكيدات على إجراء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي زيارةً إلى قصر بعبدا، والملف رهن تقارب وجهات نظر الطرفين، الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، للتشكيلة الحكومية، فالأول يريد تطوير التشكيلة الحالية، فيما الثاني يفضّل الإبقاء على الموجود، بانتظار بلورة نظرة متقاربة”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أمل عون تشكيل حكومة قبل نهاية العهد، لكنه في الوقت نفسه لفت إلى أن “لا توقعات، بانتظار الوصول إلى قاسم مشترك بين طرفي التأليف”.
أما عن ملف ترسيم الحدود، وفي حين صدر كلام إسرائيلي عن لابيد يُشير إلى منح بيروت تل أبيب تعويضات، فقد شدّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية على أن “هذا الكلام عار من الصحّة ولا أساس له، فلبنان أخذ كافة حقوقه، ولا تعويضات لأحد”.
بموازاة ذلك، كان لافتا اللقاء الذي جمع نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بالسفيرة الاميركية دوروثي شيا والذي من المفترض أنه بحث في نقاط الرد اللبناني وملاحظاته. وعليه فإن هذا الأسبوع سيكون حاسماً على مستوى الترسيم وتوقيع الاتفاق، وربما أيضاً على مستوى الحكومة، فالسلبيات رغم وجودها بقوة حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، إلا ان لبنان يبقى بلد المفاجآت والعجائب ومن الممكن أن يزور ميقاتي بعبدا في أي لحظة ويعلن ولادة الحكومة.